كيف ينتصف المظلوم من الظالم إن لم يستجب الدعاء!

منذ 2023-06-25
السؤال:

لو دعا المظلوم على ظالمه ثم اراد العفو بعد ذلك هل له ذلك ام ان حقه يسقط ويفوته اجر العفو؟ لانه حسب ما اعلم انه ورد عن الامام احمد بن حنبل رحمه الله انه قال (ليس بصابر من دعا على ظالمه) وايضا ورد حديث ضعيف (من دعا على من ظلمه فقد انتصر) فاي الاقوال هو الارجح والاقرب للصواب في هذه المسألة؟ وماذا لو لم يستجب الدعاء ولم تصب الظالم اي عقوبة فكيف يكون انتصار؟

الإجابة:

الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، أما بعدُ

فقد سبق بيان حكم الدعاء على الظالم في فتوى:" هل آثم إذا دعوت على من ظلمني؟".

وقد بين الإمام أحمد أن دعاء المظلوم على الظالم ينبغي أن يكون بقدر مظلمته؛ لأن الدعاء قصاص، والقصاص لا يجوز الاعتداء فيه.

قال القرافي في كتابه "الفروق" (4/ 292): "وحيث قلنا بجواز الدعاء على الظالم، فلا تدعو عليه بمؤلمة من أنكاد الدنيا لم تقتضها جنايته عليك، بأن يجني عليك جناية فتدعو عليه بأعظم منها، فتكون جانيًا عليه بالمقدار الزائد، والله تعالى يقول: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: 194]، بل تدعو عليه بمؤلمة من أنكاد الدنيا تقتضيها جنايته، ولا ينبغي أن تدعو عليه بملابسة معصية من معاصي الله تعالى، ولا بالكفر صريحًا أو ضمنًا، بأن تقول اللهم ارزقه سوء الخاتمة، أو غير ذلك من العبارات الدالة على طلب الكفر". اهـ.

وجاء في فتح الباري"(2/241) –في معرض شرحه لحديث جابر بن سمرة لما شكا أهل الكوفة سعد بن أبي وقاص إلى أمير المؤمنين عمر رضي الله عنها، وفيه أن سعدًا دعا على من ظلمه -: " وفيه جواز الدعاء على الظالم المعين بما يستلزم النقص في دينه، وليس هو من طلب وقوع المعصية، ولكن من حيث إنه يؤدي إلى نكاية الظالم وعقوبته". اهـ.

أما حديث "من دعا على من ظلمه؛ فقد انتصر"؛ فرواه الترمذي بإسناده ضعيف كما في "سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة" (10/ 107) للألباني.

وعليه؛ فالذي يظهر أن حق المظلوم لا يسقط بالدعاء على الظالم، ومن ثم فيجوز له العفو بعد دعائه عليه.

أما إنتصاف المظلوم من ظالمه فإن لم يكن في الدنيا ففي الآخرة؛ كما روى أحمد عن عبد الله بن أنيس سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "يحشر الناس يوم القيامة - أو قال: العباد - عُرَاةً غُرْلًا بُهْمًا، قال: قلنا: وما بهما؟ قال: ليس معهم شيء، ثم يناديهم بصوت يسمعه مَنْ بَعُدَ كَمَا يَسْمَعُهُ مَنْ قَرُبَ: أنا الملك، أنا الديان، ولا ينبغي لأحد من أهل النار، أن يدخل النار، وله عند أحد من أهل الجنة حق، حتى أَقُصَّهُ منه، ولا ينبغي لأحد من أهل الجنة أن يدخل الجنة، ولأحد من أهل النار عنده حق، حتى أَقُصَّهُ منه، حتى اللطمة، قال: قلنا: كيف وإنا إنما نأتي الله عز وجل عراة غرلا بهما؟! قال: بالحسنات والسيئات"،، والله أعلم.

خالد عبد المنعم الرفاعي

يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام

  • 4
  • 0
  • 665

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً