المصدر: الاستقامة للإنتاج و التوزيع - بالرياض
- السعودية
- العنوان: الرياض - الملز -شارع الأربعين . عنيزة هاتف 063645880/063653330 ناسوخ 063653332 ص.ب 1502
- www.alestqmh.com
- 4762945
- 12062565
محمد بن صالح العثيمين
التعليق على نونية ابن القيم
منذ 2001-08-29
مناقشة المبتدعة حول صفات الرب عز وجل
زفت إليك فان يكن لك ناظر ***** أبصرت ذات الحسن والإحسان
فاعطف على الجهمية المغل الالى ***** خرقوا سياج العقل والقرآن
شرد بهم من خلفهم واكسرهم ***** بل ناد في ناديهم بإذان
أفسدتم المنقول والمعقول والمسموع ***** من لغة بكل لسان
أيصح وصف الشيء بالمشتق للمسلوب ***** معناه لذي الاذهان
أيصح صبار ولا صبر له ***** ويصح شكار بلا شكران
ويصح علام ولا علم له ***** ويصح غفار بلا غفران
ويقال هذا سامع أو مبصر ***** والسمع والابصار مفقودان
هذا محال في العقول وفي النقول ***** وفي اللغات وغير ذي إمكان
فلئن زعمتم انه متكلم ***** لكن بقول قام بالانسان
او غيره فيقال هذا باطل ***** وعليكم في ذاك محذوران
نفي اشتقاق اللفظ للموجود ***** معناه به وثبوته للثاني
أعني الذي ما قام معناه به ***** قلب الحقائق أقبح البهتان
ونظير ذا اخوان هذا مبصر ***** وأخوه معدود من العميان
سميتم الأعمى بصيرا إذ أخو ***** ه مبصر وبعكسه في الثاني
فلئن زعمتم أن ذلك ثابت ***** في فعله كالخلق للأكوان
والفعل ليس بقائم بإلهنا ***** إذ لا يكون محل ذي حدثان
ويصح أن يشتق منه خالق ***** فكذلك المتكلم الوحدان
هو فاعل لكلامه وكتابه ***** ليس الكلام له بوصف معان
ومخالف المعقول والمنقول ***** والفطرات والمسموع للانسان
من قال إن كلامه سبحانه ***** وصف قديم أحرف ومعان
والسين عند الباء ليست بعدها ***** لكن هما حرفان مقترنان
أو قال إن كلامه سبحانه ***** معنى قديم قام بالرحمن
ما إن له كل ولا بعض ولا العربي حقيقته ولا العبراني
والامر عين النهي واستفهامه ***** هو عين إخبار بلا فرقان
وكلامه كحياته ما ذاك مقدورا ***** له بل لازم الرحمن
هذا الذي قد خالف المعقول ***** والمنقول والفطرات للانسان
أما الذي قد قال إن كلامه ***** ذو أحرف قد رتبت ببيان
وكلامه بمشيئة وإدارة ***** كالفعل منه كلاهما سيان
فهو الذي قد قال قولا يعلم العقلاء ***** صحته بلا نكران
فلأي شيء كان ما قد قلتم ***** أولى وأقرب منه للبرهان
ولأي شيء دائما كفرتم ***** أصحاب هذا القول بالعدوان
فدعوا الدعاوي وابحثوا معنا ***** بتحقيق وإنصاف بلا عدوان
وارفوا مذاهبكم ومدو خرقها ***** أن كان ذاك الرفو في الامكان
فاحكم هداك الله بينهم فقد ***** أدلوا إليك بحجة وبيان
لا تنصرن سوى الحديث وأهله ***** هم عسكر القرآن والأيمان
وتحيزن اليهم لا غيرهم ***** لتكون منصورا لدى الرحمن
فنقول هذا القدر قد اعيى على ***** أهل الكلام وقاده أصلان
إحداهما هل فعله مفعوله ***** أو غيره فهما لهم قولان
والقائلون بأنه هو عينه ***** فروا من الأوصاف بالحدثان
لكن حقيقة قولهم وصريحه ***** تعطيل خالق هذه الأكوان
عن فعله إذ فعله مفعوله ***** لكنه ما قام بالرحمن
فعلى الحقيقة ما له فعل اذ المفعول ***** منفصل عن الديان
والقائلون بأنه غير له ***** متنازعون وهم فطائفتان
إحداهما قالت قديم قائم ***** بالذات وهو كقدرة المنان
سموه تكوينا قديما قاله ***** أتباع شيخ العالم النعمان
وخصومهم لم ينصفوا في رده ***** بل كابروهم ما أتوا ببيان
والآخرون رأوه أمرا حادثا ***** بالذات قام وأنهم نوعان
إحداهما جعلته مفتتحا به ***** حذر التسلسل ليس ذا إمكان
هذا الذي قالته كرامية ***** ففعإله وكلامه سيان
والآخرون أولو الحديث كأحمد ***** ذاك ابن حنبل الرضى الشيباني
قد قال إن الله حقا لم يزل ***** متكلما ان شاء ذو إحسان
جعل الكلام صفات فعل قائم ***** بالذات لم يفقد من الرحمن
وكذاك نص على دوام الفعل بال ***** إحسان أيضا في مكان ثان
وكذا ابن عباس فراجع قوله ***** لما أجاب مسائل القرآن
وكذاك جعفر الامام الصادق المقبول ***** عند الخلق ذي العرفان
قد قال لم يزل المهيمن محسنا ***** برا جوادا عند كل اوان
وكذا الامام الدارمي فانه ***** قد قال ما فيه هدى الحيران
قال الحياة مع الفعال كلاهما ***** متلازمان فليس يفترقان
صدق الامام فكل حي فهو فعا ***** ل وذا في غاية التبيان
الا إذا ما كان ثم موانع ***** من آفة أو قاسر الحيوان
والرب ليس لفعله من مانع ***** ما شاء كان بقدرة الديان
ومشيئة الرحمن لازمه له ***** وكذاك قدرة ربنا الرحمن
هذا وقد فطر الإله عباده ***** ان المهيمن دائم الإحسان
أولست تسمع قول كل موحد ***** يا دائم المعروف والسلطان
فاعطف على الجهمية المغل الالى ***** خرقوا سياج العقل والقرآن
شرد بهم من خلفهم واكسرهم ***** بل ناد في ناديهم بإذان
أفسدتم المنقول والمعقول والمسموع ***** من لغة بكل لسان
أيصح وصف الشيء بالمشتق للمسلوب ***** معناه لذي الاذهان
أيصح صبار ولا صبر له ***** ويصح شكار بلا شكران
ويصح علام ولا علم له ***** ويصح غفار بلا غفران
ويقال هذا سامع أو مبصر ***** والسمع والابصار مفقودان
هذا محال في العقول وفي النقول ***** وفي اللغات وغير ذي إمكان
فلئن زعمتم انه متكلم ***** لكن بقول قام بالانسان
او غيره فيقال هذا باطل ***** وعليكم في ذاك محذوران
نفي اشتقاق اللفظ للموجود ***** معناه به وثبوته للثاني
أعني الذي ما قام معناه به ***** قلب الحقائق أقبح البهتان
ونظير ذا اخوان هذا مبصر ***** وأخوه معدود من العميان
سميتم الأعمى بصيرا إذ أخو ***** ه مبصر وبعكسه في الثاني
فلئن زعمتم أن ذلك ثابت ***** في فعله كالخلق للأكوان
والفعل ليس بقائم بإلهنا ***** إذ لا يكون محل ذي حدثان
ويصح أن يشتق منه خالق ***** فكذلك المتكلم الوحدان
هو فاعل لكلامه وكتابه ***** ليس الكلام له بوصف معان
ومخالف المعقول والمنقول ***** والفطرات والمسموع للانسان
من قال إن كلامه سبحانه ***** وصف قديم أحرف ومعان
والسين عند الباء ليست بعدها ***** لكن هما حرفان مقترنان
أو قال إن كلامه سبحانه ***** معنى قديم قام بالرحمن
ما إن له كل ولا بعض ولا العربي حقيقته ولا العبراني
والامر عين النهي واستفهامه ***** هو عين إخبار بلا فرقان
وكلامه كحياته ما ذاك مقدورا ***** له بل لازم الرحمن
هذا الذي قد خالف المعقول ***** والمنقول والفطرات للانسان
أما الذي قد قال إن كلامه ***** ذو أحرف قد رتبت ببيان
وكلامه بمشيئة وإدارة ***** كالفعل منه كلاهما سيان
فهو الذي قد قال قولا يعلم العقلاء ***** صحته بلا نكران
فلأي شيء كان ما قد قلتم ***** أولى وأقرب منه للبرهان
ولأي شيء دائما كفرتم ***** أصحاب هذا القول بالعدوان
فدعوا الدعاوي وابحثوا معنا ***** بتحقيق وإنصاف بلا عدوان
وارفوا مذاهبكم ومدو خرقها ***** أن كان ذاك الرفو في الامكان
فاحكم هداك الله بينهم فقد ***** أدلوا إليك بحجة وبيان
لا تنصرن سوى الحديث وأهله ***** هم عسكر القرآن والأيمان
وتحيزن اليهم لا غيرهم ***** لتكون منصورا لدى الرحمن
فنقول هذا القدر قد اعيى على ***** أهل الكلام وقاده أصلان
إحداهما هل فعله مفعوله ***** أو غيره فهما لهم قولان
والقائلون بأنه هو عينه ***** فروا من الأوصاف بالحدثان
لكن حقيقة قولهم وصريحه ***** تعطيل خالق هذه الأكوان
عن فعله إذ فعله مفعوله ***** لكنه ما قام بالرحمن
فعلى الحقيقة ما له فعل اذ المفعول ***** منفصل عن الديان
والقائلون بأنه غير له ***** متنازعون وهم فطائفتان
إحداهما قالت قديم قائم ***** بالذات وهو كقدرة المنان
سموه تكوينا قديما قاله ***** أتباع شيخ العالم النعمان
وخصومهم لم ينصفوا في رده ***** بل كابروهم ما أتوا ببيان
والآخرون رأوه أمرا حادثا ***** بالذات قام وأنهم نوعان
إحداهما جعلته مفتتحا به ***** حذر التسلسل ليس ذا إمكان
هذا الذي قالته كرامية ***** ففعإله وكلامه سيان
والآخرون أولو الحديث كأحمد ***** ذاك ابن حنبل الرضى الشيباني
قد قال إن الله حقا لم يزل ***** متكلما ان شاء ذو إحسان
جعل الكلام صفات فعل قائم ***** بالذات لم يفقد من الرحمن
وكذاك نص على دوام الفعل بال ***** إحسان أيضا في مكان ثان
وكذا ابن عباس فراجع قوله ***** لما أجاب مسائل القرآن
وكذاك جعفر الامام الصادق المقبول ***** عند الخلق ذي العرفان
قد قال لم يزل المهيمن محسنا ***** برا جوادا عند كل اوان
وكذا الامام الدارمي فانه ***** قد قال ما فيه هدى الحيران
قال الحياة مع الفعال كلاهما ***** متلازمان فليس يفترقان
صدق الامام فكل حي فهو فعا ***** ل وذا في غاية التبيان
الا إذا ما كان ثم موانع ***** من آفة أو قاسر الحيوان
والرب ليس لفعله من مانع ***** ما شاء كان بقدرة الديان
ومشيئة الرحمن لازمه له ***** وكذاك قدرة ربنا الرحمن
هذا وقد فطر الإله عباده ***** ان المهيمن دائم الإحسان
أولست تسمع قول كل موحد ***** يا دائم المعروف والسلطان
محمد بن صالح العثيمين
التعليق على نونية ابن القيم
منذ 2001-08-29
تابع مبحث كلام الرب عز وجل
والوصف بالمجرور قام لانه ***** أولى به في عرف كل لسان
ونظير ذا أيضا سواء ما يضا ***** ف اليه من صفة ومن أعيان
فاضافة الأوصاف ثابتة لمن ***** قامت به كارادة الرحمن
وإضافة الأعيان ثابتة له ***** ملكا وخلقا ما هما سيان
فانظر إلى بيت الإله وعلمه ***** لما أضيف كيف يفترقان
وكلامه كحياته وكعلمه ***** في ذي الاضافة اذ هما وصفان
لكن ناقته وبيت إلهنا ***** فكعبده أيضا هما ذاتان
فانظر إلى الجهمي لما فاته الحق ***** المبين واضح البرهان
كان الجميع لديه بابا واحدا ***** والصبح لاح لمن له عينان
فصل
وأتى ابن حزم بعد ذاك فقال ما ***** للناس قرآن ولا اثنان
بل أربع كل يسمى بالقرآ ***** ن وذاك قول بين البطلان
هذا الذي يتلى وآخر ثابت ***** في الرسم يدعى المصحف العثماني
والثالث المحفوظ بين صدورنا ***** هذي الثلاث خليقة الرحمن
والرابع المعنى القديم كعلمه ***** كل يعبر عنه بالقرآن
وأظنه قد رام شيئا لم يجد ***** عنه عبارة ناطق ببيان
إن المعين ذو مراتب أربع ***** عقلت فلا تخفى على إنسان
في العين ثم الذهن ثم اللفظ ثم ***** الرسم حين تخطه ببنان
وعلى الجميع الاسم يطلق لكن ال ***** أولى به الموجود في الأعيان
بخلاف قول ابن الخطيب فانه ***** قد قال ان الوضع للاذهان
فالشيء شيء واحد لا أربع ***** فدهى ابن حزم قلة العرفان
والله أخبر أنه سبحانه ***** متكلم بالوحي والفرقان
وكذاك أخبرنا بأن كلامه ***** بصدور أهل العلم والأيمان
وكذاك أخبر أنه المكتوب في ***** صحف المطهرة من الرحمن
وكذاك أخبر أنه المتلو وال ***** مقروء عند تلاوة الانسان
والكل شيء واحد لا انه ***** هو أربع وثلاثة واثنان
وتلاوة القرآن أفعال لنا ***** وكذا الكتابة فهي خط بنان
لكنما المتلو والمكتوب وال ***** محفوظ قول الواحد المنان
والعبد يقرؤه بصوت طيب ***** وبضده فهما له صوتان
وكذاك يكتبه بخط جيد ***** وبضده فهما له خطان
أصواتنا ومدادنا وأداتنا ***** والرق ثم كتابة القرآن
فصل
في مقالات الفلاسفة والقرامطة في كلام الرب جل جلاله
وأتى ابن سينا القرمطي مصانعا ***** للمسلمين بافك ذي بهتان
فرآه فيضا فاض من عقـ ***** ـل هو الفعال علة هذه الأكوان
حتى تلقاه زكي فاضل ***** حسن التخيل جيد التبيان
فأتى به للعالمين خطابة ***** مواعظا عريت عن البرهان
ما صرحت أخباره بالحق بل ***** رمزت إليه إشارة لمعان
وخطاب هذا الحق والجمهور بالـ ***** ـحق الصريح فغير ذي إمكان
لا يقبلون حقائق المعقول إلـ ***** ـا في مثال الحس والأعيان
ومشارب العقلاء لا يردونها ***** إلا إذا وضعت لهم بأوان
من جنس ما ألفت طباعهم من المحـ ***** سوس في ذا العالم الجثمان
فأتوا بتشبيه وتمثيل وتجـ ***** ـسيم وتخييل إلى الأذهان
ولذاك يحرم عندهم تأويله ***** لكنه حل لذي العرفان
فإذا تأولناه كان جناية ***** منا وخرق سياج ذا البستان
لكن حقيقة قولهم أن قد أتوا ***** بالكذب عند مصالح الإنسان
والفيلسوف وذا الرسول لديهم ***** متفاوتان وما هما عدلان
أما الرسول ففيلسوف عوامهم ***** والفيلسوف نبي ذي البرهان
والحق عندهم ففيما قاله ***** وأتباع صاحب منطق اليونان
ومضى على هدي المقالة أمة ***** خلف ابن سينا فاغتذروا بلبان
منهم نصير الكفر في أصحابه ***** الناصرين لملة الشيطان
فاسأل بهم ذا خبرة تلقاهم ***** أعداء كل موحد رباني
واسأل بهم ذا خبرة تلقاهم ***** أعداء رسل الله والقرآن
صوفيهم عبد الوجود المطلق الـ ***** معدوم عند العقل في الأعيان
أو ملحد بالاتحاد يدين لا التـ ***** ـوحيد منسلخ من الأديان
معبوده موطوؤه فيه يرى ***** وصف الجمال ومظهر الإحسان
الله أكبر كم على ذا المذ ***** هب الملعون بين الناس من شيخان
يبغون منهم دعوة ويقبلو ***** ن أياديا منهم رجا الغفران
لو أنهم عرفوا حقيقة أمرهم ***** رجموهم لا شك بالصوان
فابذر لهم إن كنت تبغي كشفهم ***** وافرش لهم كفا من الأتبان
وأظهر بمظهر قابل منهم ولا ***** تظهر بمظهر صاحب النكران
وانظر إلى أنهار كفر فجرت ***** وتهم لولا السيف بالجريان
فصل
في مقالات طوائف الاتحادية في كلام الرب جل جلاله
وأتت طوائف الاتحاد بملة ***** طمت على ما قال كل لسان
قالوا كلام الله كل كلام هذا ***** الخلق من جن ومن إنسان
نظما ونثرا زوره وصحيحه ***** صدقا وكذبا واضح البطلان
فالسب والشتم القبيح وقذفهم ***** للمحصنات وكل نوع أغان
والنوح والتعزيم والسحر المبين ***** وسائر البهتان وإلهذيان
هو عين قول الله جل جلاله ***** وكلامه حقا بلا نكران
هذا الذي أدى إليه أصلهم ***** وعليه قام مكسح البنيان
إذ أصلهم أن الإله حقيقة ***** عين الوجود وعين ذي الأكوان
فكلامها وصفاتها هو قوله ***** وصفاته ما ها هنا قولان
وكذاك قالوا إنه الموصوف بالضدين ***** من قبح ومن إحسان
وكذاك قد وصفوه أيضا بالكما ***** ل وضده من سائر النقصان
هذي مقالات الطوائف كلها ***** حملت إليك رخيصة الاثمان
وأظن لو فتشت كتب الناس ما ***** ألفيتها أبدا بذا التبيان
ونظير ذا أيضا سواء ما يضا ***** ف اليه من صفة ومن أعيان
فاضافة الأوصاف ثابتة لمن ***** قامت به كارادة الرحمن
وإضافة الأعيان ثابتة له ***** ملكا وخلقا ما هما سيان
فانظر إلى بيت الإله وعلمه ***** لما أضيف كيف يفترقان
وكلامه كحياته وكعلمه ***** في ذي الاضافة اذ هما وصفان
لكن ناقته وبيت إلهنا ***** فكعبده أيضا هما ذاتان
فانظر إلى الجهمي لما فاته الحق ***** المبين واضح البرهان
كان الجميع لديه بابا واحدا ***** والصبح لاح لمن له عينان
فصل
وأتى ابن حزم بعد ذاك فقال ما ***** للناس قرآن ولا اثنان
بل أربع كل يسمى بالقرآ ***** ن وذاك قول بين البطلان
هذا الذي يتلى وآخر ثابت ***** في الرسم يدعى المصحف العثماني
والثالث المحفوظ بين صدورنا ***** هذي الثلاث خليقة الرحمن
والرابع المعنى القديم كعلمه ***** كل يعبر عنه بالقرآن
وأظنه قد رام شيئا لم يجد ***** عنه عبارة ناطق ببيان
إن المعين ذو مراتب أربع ***** عقلت فلا تخفى على إنسان
في العين ثم الذهن ثم اللفظ ثم ***** الرسم حين تخطه ببنان
وعلى الجميع الاسم يطلق لكن ال ***** أولى به الموجود في الأعيان
بخلاف قول ابن الخطيب فانه ***** قد قال ان الوضع للاذهان
فالشيء شيء واحد لا أربع ***** فدهى ابن حزم قلة العرفان
والله أخبر أنه سبحانه ***** متكلم بالوحي والفرقان
وكذاك أخبرنا بأن كلامه ***** بصدور أهل العلم والأيمان
وكذاك أخبر أنه المكتوب في ***** صحف المطهرة من الرحمن
وكذاك أخبر أنه المتلو وال ***** مقروء عند تلاوة الانسان
والكل شيء واحد لا انه ***** هو أربع وثلاثة واثنان
وتلاوة القرآن أفعال لنا ***** وكذا الكتابة فهي خط بنان
لكنما المتلو والمكتوب وال ***** محفوظ قول الواحد المنان
والعبد يقرؤه بصوت طيب ***** وبضده فهما له صوتان
وكذاك يكتبه بخط جيد ***** وبضده فهما له خطان
أصواتنا ومدادنا وأداتنا ***** والرق ثم كتابة القرآن
فصل
في مقالات الفلاسفة والقرامطة في كلام الرب جل جلاله
وأتى ابن سينا القرمطي مصانعا ***** للمسلمين بافك ذي بهتان
فرآه فيضا فاض من عقـ ***** ـل هو الفعال علة هذه الأكوان
حتى تلقاه زكي فاضل ***** حسن التخيل جيد التبيان
فأتى به للعالمين خطابة ***** مواعظا عريت عن البرهان
ما صرحت أخباره بالحق بل ***** رمزت إليه إشارة لمعان
وخطاب هذا الحق والجمهور بالـ ***** ـحق الصريح فغير ذي إمكان
لا يقبلون حقائق المعقول إلـ ***** ـا في مثال الحس والأعيان
ومشارب العقلاء لا يردونها ***** إلا إذا وضعت لهم بأوان
من جنس ما ألفت طباعهم من المحـ ***** سوس في ذا العالم الجثمان
فأتوا بتشبيه وتمثيل وتجـ ***** ـسيم وتخييل إلى الأذهان
ولذاك يحرم عندهم تأويله ***** لكنه حل لذي العرفان
فإذا تأولناه كان جناية ***** منا وخرق سياج ذا البستان
لكن حقيقة قولهم أن قد أتوا ***** بالكذب عند مصالح الإنسان
والفيلسوف وذا الرسول لديهم ***** متفاوتان وما هما عدلان
أما الرسول ففيلسوف عوامهم ***** والفيلسوف نبي ذي البرهان
والحق عندهم ففيما قاله ***** وأتباع صاحب منطق اليونان
ومضى على هدي المقالة أمة ***** خلف ابن سينا فاغتذروا بلبان
منهم نصير الكفر في أصحابه ***** الناصرين لملة الشيطان
فاسأل بهم ذا خبرة تلقاهم ***** أعداء كل موحد رباني
واسأل بهم ذا خبرة تلقاهم ***** أعداء رسل الله والقرآن
صوفيهم عبد الوجود المطلق الـ ***** معدوم عند العقل في الأعيان
أو ملحد بالاتحاد يدين لا التـ ***** ـوحيد منسلخ من الأديان
معبوده موطوؤه فيه يرى ***** وصف الجمال ومظهر الإحسان
الله أكبر كم على ذا المذ ***** هب الملعون بين الناس من شيخان
يبغون منهم دعوة ويقبلو ***** ن أياديا منهم رجا الغفران
لو أنهم عرفوا حقيقة أمرهم ***** رجموهم لا شك بالصوان
فابذر لهم إن كنت تبغي كشفهم ***** وافرش لهم كفا من الأتبان
وأظهر بمظهر قابل منهم ولا ***** تظهر بمظهر صاحب النكران
وانظر إلى أنهار كفر فجرت ***** وتهم لولا السيف بالجريان
فصل
في مقالات طوائف الاتحادية في كلام الرب جل جلاله
وأتت طوائف الاتحاد بملة ***** طمت على ما قال كل لسان
قالوا كلام الله كل كلام هذا ***** الخلق من جن ومن إنسان
نظما ونثرا زوره وصحيحه ***** صدقا وكذبا واضح البطلان
فالسب والشتم القبيح وقذفهم ***** للمحصنات وكل نوع أغان
والنوح والتعزيم والسحر المبين ***** وسائر البهتان وإلهذيان
هو عين قول الله جل جلاله ***** وكلامه حقا بلا نكران
هذا الذي أدى إليه أصلهم ***** وعليه قام مكسح البنيان
إذ أصلهم أن الإله حقيقة ***** عين الوجود وعين ذي الأكوان
فكلامها وصفاتها هو قوله ***** وصفاته ما ها هنا قولان
وكذاك قالوا إنه الموصوف بالضدين ***** من قبح ومن إحسان
وكذاك قد وصفوه أيضا بالكما ***** ل وضده من سائر النقصان
هذي مقالات الطوائف كلها ***** حملت إليك رخيصة الاثمان
وأظن لو فتشت كتب الناس ما ***** ألفيتها أبدا بذا التبيان
محمد بن صالح العثيمين
التعليق على نونية ابن القيم
منذ 2001-08-29
إثبات صفة الكلام لله تعالى
هذا هو المعقول أما الاقترا ***** ن فليس معقولا لذي الاذهان
وكذا كلام من سوى متكلم ***** أيضا محال ليس في الامكان
الا لمن قام الكلام به فذا ***** ك كلامه المعقول في الاذهان
أيكون حيا سامعا او مبصرا ***** من غير ما سمع وغير عيان
والسمع والابصار قام بغيره ***** هذا المحال وواضح البهتان
وكذا مريدوا الارادة لم تكن ***** وصفا له هذا من إلهذيان
وكذا قدير مإله من قدرة ***** قامت به من أوضح البطلان
والله جل جلاله متكلم ***** بالنقل والمعقول والبرهان
قد أجمعت رسل الإله عليه لم ***** ينكره من أتباعهم رجلان
فكلامه حقا يقوم به والا ***** لم يكن متكلما بقران
والله قال وقائل وكذا ***** يقول الحق ليس كلامه بالفاني
ويكلم الثقلين يوم معادهم ***** حقا فيسمع قوله الثقلان
وكذا يكلم حزبه في جنة الـ ***** حيوان بالتسليم والرضوان
وكذا يكلم رسله يوم اللقا ***** حقا فيسإلهم عن التبيان
ويراجع التكليم جل جلاله ***** وقت الجدال له من الانسان
ويكلم الكفار في العرصات تو ***** بيخا وتقريعا بلا غفران
ويكلم الكفار أيضا في الجحيم ***** أن اخسئوا فيها بكل هوان
والله قد نادى الكليم وقبله ***** سمع الندا في الجنة الابوان
وأتى الندا في تسع آيات له ***** وصفا فراجعها من القرآن
وكذا يكلم جبرائيل بأمره ***** حتى ينفذه بكل مكان
واذكر حديثا ( في صحيح محمد ) ***** ذاك البخاري العظيم الشان
فيه ندا الله يوم معادنا ***** بالصوت يبلغ قاصيا والداني
هب أن هذا اللفظ ليس بثابت ***** بل ذكره مع حذفه سيان
ورواه عندكم البخاري المجسم ***** بل رواه مجسم فوقان
أيصبح في عقل وفي نقل ندا ***** ء ليس مسموعا لنا بإذان
أم أجمح العلماء والعقلاء من ***** أهل اللسان وأهل كل لسان
أن الندا الصوت الرفيع وضده ***** فهو النجاء كلاهما صوتان
والله موصوف بذاك حقيقة ***** هذا الحديث ومحكم القرآن
واذكر حديثا لابن مسعود صريحا ***** انه ذو أحرف ببيان
للحرف منه في الجزا عشر من ال ***** حسنات ما فيهن من نقصان
وانظر إلى السور التي افتتحت بأحرفها ***** ترى سرا عظيم الشان
لم يأت قط بسورة الا أتى ***** في إثرها خبر عن القرآن
اذ كان إخبارا به عنها وفي ***** هذا الشفاء لطالب الأيمان
ويدل أن كلامه هو نفسها ***** لا غيرها والحق ذو تبيان
فانظر إلى مبدا الكتاب وبعدها ***** ( الاعراف ) ثم كذا إلى ( لقمان )
مع تلوها ايضا ومع ( حم ) مع ***** ( يس ) وافهم مقتضى القرآن
فصل
في الزامهم القول بنفي الرسالة إذا انتفت صفة الكلام
والله عز وجل موص أمر ***** ناه مثيب مرسل لبيان
ومخاطب ومحاسب ومنبئ ***** ومحدث ومخبر بالشان
ومكلم متكلم بل قائل ***** ومحذر ومبشر بأمان
هاد يقول الحق يرشد خلقه ***** بكلامه للحق والأيمان
فإذا انتفت صفة الكلام فكل ه ***** ذا منتف متحقق البطلان
وإذا انتفت صفة الكلام كذلك ال ***** إرسال منفي بلا فرقان
فرسالة المبعوث تبليغ كلا ***** م المرسل الداعي بلا نقصان
وحقيقة الارسال نفس خطابه ***** للمرسلين وانه نوعان
نوع بغير وساطة ككلامه ***** موسى وجبريل القريب الداني
منه اليه من وراء حجابه ***** اذ لا تراه هاهنا العينان
والاخر التكليم منه بالوسا ***** طة وهو أيضا عنده ضربان
وحي وإرسال اليه وذاك في الشورى ***** أتى في أحسن التبيان
فصل
في إلزامهم التشبيه للرب بالجماد الناقص إذا انتفت صفة الكلام
فإذا انتفت صفة الكلام فضدها ***** خرس وذلك غاية النقصان
فلئن زعمتم أن ذلك في الذي ***** هو قابل من أمة الحيوان
والرب ليس بقابل صفة الكلا ***** م فنفيها ما فيه من نقصان
فيقال سلب كلامه وقبوله ***** صفة الكلام أتم للنقصان
اذ أخرس الانسان أكمل حالة ***** من ذا الجماد بأوضح البرهان
فجحدت أوصاف الكمال مخافة ***** التجسيم والتشبيه بالانسان
ووقعت في تشبيه بالجمادا ***** ت الناقصات وذا من الخذلان
الله أكبر هتكت أستاركم ***** حتى غدوتم ضحكة الصبيان
فصل
في الزامهم بالقول بأن كلام الخلق حقه وباطله عين كلام الله سبحانه
أو ليس قد قام الدليل بأن أفعال ***** العباد خليقة الرحمن
من ألف وجه أو قريب الالف يحصيها ***** الذي يعنى بهذا الشان
فيكون كل كلام هذا الخلق عين ***** كلامه سبحان ذي السلطان
اذ كان منسوبا اليه كلامه ***** خلقا كبيت الله ذي الاركان
هذا ولازم قولكم قد قاله ***** ذو الاتحاد مصرحا ببيان
حذر التناقض إذ تناقضتم ***** ولكن طرده في غاية الكفران
فلئن زعمتم أن تخصيص القرا ***** ن كبيته وكلاهما خلقان
فيقال ذا التخصيص لا ينفي العمو ***** م ( ولا الخصوص ) كرب ذي الأكوان
ويقال رب العرش أيضا هكذا ***** تخصيصه لاضافة القرآن
لا يمنع التعميم في الباقي وذا ***** في غاية الأيضاح والتبيان
فصل
في التفريق بين الخلق والامر
ولقد أتى الفرقان بين الخلق وال ***** أمر الصريح وذاك في الفرقان
وكلاهما عند المنازع واحد ***** والكل خلق ما هنا شيئان
والعطف عندهم كعطف الفرد من ***** نوع عليه وذاك في القرآن
فيقال هذا ذو امتناع ظاهر ***** في آية التفريق ذو تبيان
فالله بعد الخلق أخبر أنها ***** قد سخرت والأمر للجريان
وأبان عن تسخيرها سبحانه ***** بالامر بعد الخلق والتبيان
والامر إما مصدر او كان مفعولا ***** هما في ذاك مستويان
مأموره هو قابل للامر ***** كالمصنوع قابل صنعة الرحمن
فإذا انتفى الأمر انتفى المأمور ***** كالمخلوق ينفى لانتفاء الحدثان
وانظر إلى نظم السياق تجد به ***** سرا عجيبا واضح البرهان
ذكر الخصوص وبعده متقدما ***** والوصف والتعميم في ذا الثاني
فأتى بنوعي خلقه وبأمره ***** فعلا ووصفا موجزا ببيان
فتدبر القرآن إن رمت الهدى ***** فالعلم تحت تدبر القرآن
فصل
في التفريق بين ما يضاف إلى الرب تعالى من الأوصاف والأعيان
والله أخبر في الكتاب بأنه ***** منه ومجرور بمن نوعان
عين ووصف قائم بالعين فال ***** أعيان خلق الخالق الرحمن
وكذا كلام من سوى متكلم ***** أيضا محال ليس في الامكان
الا لمن قام الكلام به فذا ***** ك كلامه المعقول في الاذهان
أيكون حيا سامعا او مبصرا ***** من غير ما سمع وغير عيان
والسمع والابصار قام بغيره ***** هذا المحال وواضح البهتان
وكذا مريدوا الارادة لم تكن ***** وصفا له هذا من إلهذيان
وكذا قدير مإله من قدرة ***** قامت به من أوضح البطلان
والله جل جلاله متكلم ***** بالنقل والمعقول والبرهان
قد أجمعت رسل الإله عليه لم ***** ينكره من أتباعهم رجلان
فكلامه حقا يقوم به والا ***** لم يكن متكلما بقران
والله قال وقائل وكذا ***** يقول الحق ليس كلامه بالفاني
ويكلم الثقلين يوم معادهم ***** حقا فيسمع قوله الثقلان
وكذا يكلم حزبه في جنة الـ ***** حيوان بالتسليم والرضوان
وكذا يكلم رسله يوم اللقا ***** حقا فيسإلهم عن التبيان
ويراجع التكليم جل جلاله ***** وقت الجدال له من الانسان
ويكلم الكفار في العرصات تو ***** بيخا وتقريعا بلا غفران
ويكلم الكفار أيضا في الجحيم ***** أن اخسئوا فيها بكل هوان
والله قد نادى الكليم وقبله ***** سمع الندا في الجنة الابوان
وأتى الندا في تسع آيات له ***** وصفا فراجعها من القرآن
وكذا يكلم جبرائيل بأمره ***** حتى ينفذه بكل مكان
واذكر حديثا ( في صحيح محمد ) ***** ذاك البخاري العظيم الشان
فيه ندا الله يوم معادنا ***** بالصوت يبلغ قاصيا والداني
هب أن هذا اللفظ ليس بثابت ***** بل ذكره مع حذفه سيان
ورواه عندكم البخاري المجسم ***** بل رواه مجسم فوقان
أيصبح في عقل وفي نقل ندا ***** ء ليس مسموعا لنا بإذان
أم أجمح العلماء والعقلاء من ***** أهل اللسان وأهل كل لسان
أن الندا الصوت الرفيع وضده ***** فهو النجاء كلاهما صوتان
والله موصوف بذاك حقيقة ***** هذا الحديث ومحكم القرآن
واذكر حديثا لابن مسعود صريحا ***** انه ذو أحرف ببيان
للحرف منه في الجزا عشر من ال ***** حسنات ما فيهن من نقصان
وانظر إلى السور التي افتتحت بأحرفها ***** ترى سرا عظيم الشان
لم يأت قط بسورة الا أتى ***** في إثرها خبر عن القرآن
اذ كان إخبارا به عنها وفي ***** هذا الشفاء لطالب الأيمان
ويدل أن كلامه هو نفسها ***** لا غيرها والحق ذو تبيان
فانظر إلى مبدا الكتاب وبعدها ***** ( الاعراف ) ثم كذا إلى ( لقمان )
مع تلوها ايضا ومع ( حم ) مع ***** ( يس ) وافهم مقتضى القرآن
فصل
في الزامهم القول بنفي الرسالة إذا انتفت صفة الكلام
والله عز وجل موص أمر ***** ناه مثيب مرسل لبيان
ومخاطب ومحاسب ومنبئ ***** ومحدث ومخبر بالشان
ومكلم متكلم بل قائل ***** ومحذر ومبشر بأمان
هاد يقول الحق يرشد خلقه ***** بكلامه للحق والأيمان
فإذا انتفت صفة الكلام فكل ه ***** ذا منتف متحقق البطلان
وإذا انتفت صفة الكلام كذلك ال ***** إرسال منفي بلا فرقان
فرسالة المبعوث تبليغ كلا ***** م المرسل الداعي بلا نقصان
وحقيقة الارسال نفس خطابه ***** للمرسلين وانه نوعان
نوع بغير وساطة ككلامه ***** موسى وجبريل القريب الداني
منه اليه من وراء حجابه ***** اذ لا تراه هاهنا العينان
والاخر التكليم منه بالوسا ***** طة وهو أيضا عنده ضربان
وحي وإرسال اليه وذاك في الشورى ***** أتى في أحسن التبيان
فصل
في إلزامهم التشبيه للرب بالجماد الناقص إذا انتفت صفة الكلام
فإذا انتفت صفة الكلام فضدها ***** خرس وذلك غاية النقصان
فلئن زعمتم أن ذلك في الذي ***** هو قابل من أمة الحيوان
والرب ليس بقابل صفة الكلا ***** م فنفيها ما فيه من نقصان
فيقال سلب كلامه وقبوله ***** صفة الكلام أتم للنقصان
اذ أخرس الانسان أكمل حالة ***** من ذا الجماد بأوضح البرهان
فجحدت أوصاف الكمال مخافة ***** التجسيم والتشبيه بالانسان
ووقعت في تشبيه بالجمادا ***** ت الناقصات وذا من الخذلان
الله أكبر هتكت أستاركم ***** حتى غدوتم ضحكة الصبيان
فصل
في الزامهم بالقول بأن كلام الخلق حقه وباطله عين كلام الله سبحانه
أو ليس قد قام الدليل بأن أفعال ***** العباد خليقة الرحمن
من ألف وجه أو قريب الالف يحصيها ***** الذي يعنى بهذا الشان
فيكون كل كلام هذا الخلق عين ***** كلامه سبحان ذي السلطان
اذ كان منسوبا اليه كلامه ***** خلقا كبيت الله ذي الاركان
هذا ولازم قولكم قد قاله ***** ذو الاتحاد مصرحا ببيان
حذر التناقض إذ تناقضتم ***** ولكن طرده في غاية الكفران
فلئن زعمتم أن تخصيص القرا ***** ن كبيته وكلاهما خلقان
فيقال ذا التخصيص لا ينفي العمو ***** م ( ولا الخصوص ) كرب ذي الأكوان
ويقال رب العرش أيضا هكذا ***** تخصيصه لاضافة القرآن
لا يمنع التعميم في الباقي وذا ***** في غاية الأيضاح والتبيان
فصل
في التفريق بين الخلق والامر
ولقد أتى الفرقان بين الخلق وال ***** أمر الصريح وذاك في الفرقان
وكلاهما عند المنازع واحد ***** والكل خلق ما هنا شيئان
والعطف عندهم كعطف الفرد من ***** نوع عليه وذاك في القرآن
فيقال هذا ذو امتناع ظاهر ***** في آية التفريق ذو تبيان
فالله بعد الخلق أخبر أنها ***** قد سخرت والأمر للجريان
وأبان عن تسخيرها سبحانه ***** بالامر بعد الخلق والتبيان
والامر إما مصدر او كان مفعولا ***** هما في ذاك مستويان
مأموره هو قابل للامر ***** كالمصنوع قابل صنعة الرحمن
فإذا انتفى الأمر انتفى المأمور ***** كالمخلوق ينفى لانتفاء الحدثان
وانظر إلى نظم السياق تجد به ***** سرا عجيبا واضح البرهان
ذكر الخصوص وبعده متقدما ***** والوصف والتعميم في ذا الثاني
فأتى بنوعي خلقه وبأمره ***** فعلا ووصفا موجزا ببيان
فتدبر القرآن إن رمت الهدى ***** فالعلم تحت تدبر القرآن
فصل
في التفريق بين ما يضاف إلى الرب تعالى من الأوصاف والأعيان
والله أخبر في الكتاب بأنه ***** منه ومجرور بمن نوعان
عين ووصف قائم بالعين فال ***** أعيان خلق الخالق الرحمن
محمد بن صالح العثيمين
التعليق على نونية ابن القيم
منذ 2001-08-29
مذاهب الناس في كلام الله عز وجل
وتكايست أخرى وقالت إن ذا ***** قول محال وهو خمس معان
تلك التي ذكرت ومعنى جامع ***** لجميعها كالأس للبنيان
فيكون أنواعا وعند نظيرهم ***** أوصافه وهما فمتفقان
إن الذي جاء الرسول به لمخ ***** لوق ولم يسمع من الديان
والخلف بينهم فقيل محمد ***** أنشاه تعبيرا عن القرآن
والآخرون أبوا وقالوا إنما ***** جبريل أنشاه عن المنان
وتكايست أخرى وقالت إنه ***** نقل من اللوح الرفيع الشان
فاللوح مبدؤه ورب اللوح قد ***** أنشاه خلقا فيه ذا حدثان
هذي مقالات لهم فانظر ترى ***** في كتبهم يا من له عينان
لكن أهل الحق قالوا إنما ***** جبريل بلغه عن الرحمن
ألقاه مسموعا له من ربه ***** للصادق المصدوق بالبرهان
فصل
في مجامع طرق أهل الأرض واختلافهم في القرآن
وإذا أردت مجامع الطرق التي ***** فيها افتراق الناس في القرآن
فمدارها أصلان قام عليهما ***** هذا الخلاف هما له ركنان
هل قوله بمشيئة أم لا وهل ***** في ذاته أم خارج هذان
أصل اختلاف جميع أهل الأرض في ال ***** قرآن فاطلب مقتضى البرهان
ثم الالى قالوا بغير مشيئة ***** وإرادة منه فطائفتان
احداهما جعلته معنى قائما ***** بالنفس او قالوا بخمس معان
والله أحدث هذه الالفاظ كي ***** تبديه معقولا إلى الاذهان
وكذاك قالوا انها ليست هي القرآن ***** بل مخلوقة دلت على القرآن
ولربما سمي بها القرآن تسمية ال ***** مجاز وذاك وضع ثان
وكذلك اختلفوا فقيل حكاية ***** عنه وقيل عبارة لبيان
اذ كان ما يحكى كمحكي ***** وهذا اللفظ والمعنى فمختلفان
ولذا يقال حكى الحديث بعينه ***** اذ كان أوله نظير الثاني
فلذاك قالوا لا نقول حكاية ***** ونقول ذاك عبارة الفرقان
والاخرون يرون هذا البحث ***** لفظيا وما فيه كبير معان
فصل
في مذهب الاقترانية
والفرقة الاخرى فقالت انه ***** لفظ ومعنى ليس ينفصلان
واللفظ كالمعنى قديم قائم ***** بالنفس ليس بقابل الحدثان
فالسين عند الباء لا مسبوقة ***** لكن هما حرفان مقترنان
والقائلون بذا يقولوا انما ***** ترتيبها في السمع بالإذان
ولها اقتران ثابت لذواتها ***** فاعجب لذا التخليط وإلهذيان
لكن زاغونيهم قد قال ان ***** ذواتها ووجودها غيران
فترتبت بوجودها لا ذاتها ***** يا للعقول وزيغة الاذهان
ليس الوجود سوى حقيقتها لذي ال ***** أذهان بل في هذه الأعيان
لكن إذا أخذ الحقيقة خارجا ***** ووجودها ذهنا فمختلفان
والعكس أيضا مثل ذا فإذا هما ***** اتحدا اعتبارا لم يكن شيئان
وبذا تزول جميع اشكالاتهم ***** في ذاته ووجوده الرحمن
فصل
في مذاهب القائلين بأنه متعلق بالمشيئة والارادة
والقائلون بأنه بمشيئة ***** واردة أيضا فهم صنفان
احدهما جعلته خارج ذاته ***** كمشيئة للخلق والأكوان
قالوا وصار كلامه باضافة التشريف ***** مثل البيت ذي الاركان
ما قال عندهم ولا هو قائل ***** والقول لم يسمع من الديان
فالقول مفعول لديهم قائم ***** بالغير كالاعراض والأكوان
هذي مقالة كل جهمي وهم ***** فيها الشيوخ معلمو الصبيان
لكن أهل الاعتزال قديمهم ***** لم يذهبوا ذا المذهب الشيطاني
وهم الالى اعتزلوا عن الحسن الرضى ***** البصري ذاك العالم الرباني
وكذاك أتباع على منهاجهم ***** من قبل جهم صاحب الحدثان
لكنما متأخروهم بعد ذا ***** لك وافقوا جهما على الكفران
فهم بذا جهمية أهل اعتزال ***** ثوبهم أضحى له علمان
ولقد تقلد كفرهم خمسون في ***** عشر من العلماء في البلدان
واللالكائي الامام حكاه عن ***** هم بل حكاه قبله الطبراني
فصل
في مذاهب الكرامية
والقائلون بأنه بمشيئة ***** في ذاته أيضا فهم نوعان
إحداهما جعلته مبدوءا به ***** نوعا حذار تسلسل الأعيان
فيسد ذاك عليهم في زعمهم ***** إثبات خالق هذه الأكوان
فلذاك قالوا إنه ذو أول ***** ما للفناء عليه من سلطان
وكلامه كفعإله وكلاهما ***** ذو مبدء بل ليس ينتهيان
قالوا ولم ينصف خصوم جعجعوا ***** وأتوا بتشنيع بلا برهان
قلنا كما قالوه في أفعإله ***** بل بيننا بون من الفرقان
بل نحن أسعد منهم بالحق إذ ***** قلنا هما بالله قائمتان
وهم فقالوا لم يقم بالله لا ***** فعل ولا قول فتعطيلان
لفعاله ومقاله شر وأبطل ***** من حلول حوادث ببيان
تعطيله عن فعله وكلامه ***** شر من التشنيع بإلهذيان
هذي مقالات ابن كرام وما ***** ردوا عليه قط بالبرهان
أنى وما قد قال أقرب منهم ***** للعقل والآثار والقرآن
لكنهم جاءوا له بجعاجع ***** وفراقع وقعاقع بشنان
فصل
في ذكر مذهب أهل الحديث
والاخرون أُولُوا الحديث كأحمد ***** ومحمد وأئمة الأيمان
قالوا بأن الله حقا لم يزل ***** متكلما بمشيئة وبيان
إن الكلام هو الكمال فكيف يخلو ***** عنه في أزل بلا امكان
ويصير فيما لم يزل متكلما ***** ماذا اقتضاه له من الامكان
وتعاقب الكلمات أمر ثابت ***** للذات مثل تعاقب الازمان
والله رب العرش قال حقيقة ***** ( حم ) مع ( طه ) بغير قِران
بل أحرف مترتبات مثلما ***** قد رتبت في مسمع الانسان
وقتان في وقت محال هكذا ***** حرفان أيضا يوجدا في آن
من واحد متكلم بل يوجدا ***** بالرسم أو بتكلم الرجلان
تلك التي ذكرت ومعنى جامع ***** لجميعها كالأس للبنيان
فيكون أنواعا وعند نظيرهم ***** أوصافه وهما فمتفقان
إن الذي جاء الرسول به لمخ ***** لوق ولم يسمع من الديان
والخلف بينهم فقيل محمد ***** أنشاه تعبيرا عن القرآن
والآخرون أبوا وقالوا إنما ***** جبريل أنشاه عن المنان
وتكايست أخرى وقالت إنه ***** نقل من اللوح الرفيع الشان
فاللوح مبدؤه ورب اللوح قد ***** أنشاه خلقا فيه ذا حدثان
هذي مقالات لهم فانظر ترى ***** في كتبهم يا من له عينان
لكن أهل الحق قالوا إنما ***** جبريل بلغه عن الرحمن
ألقاه مسموعا له من ربه ***** للصادق المصدوق بالبرهان
فصل
في مجامع طرق أهل الأرض واختلافهم في القرآن
وإذا أردت مجامع الطرق التي ***** فيها افتراق الناس في القرآن
فمدارها أصلان قام عليهما ***** هذا الخلاف هما له ركنان
هل قوله بمشيئة أم لا وهل ***** في ذاته أم خارج هذان
أصل اختلاف جميع أهل الأرض في ال ***** قرآن فاطلب مقتضى البرهان
ثم الالى قالوا بغير مشيئة ***** وإرادة منه فطائفتان
احداهما جعلته معنى قائما ***** بالنفس او قالوا بخمس معان
والله أحدث هذه الالفاظ كي ***** تبديه معقولا إلى الاذهان
وكذاك قالوا انها ليست هي القرآن ***** بل مخلوقة دلت على القرآن
ولربما سمي بها القرآن تسمية ال ***** مجاز وذاك وضع ثان
وكذلك اختلفوا فقيل حكاية ***** عنه وقيل عبارة لبيان
اذ كان ما يحكى كمحكي ***** وهذا اللفظ والمعنى فمختلفان
ولذا يقال حكى الحديث بعينه ***** اذ كان أوله نظير الثاني
فلذاك قالوا لا نقول حكاية ***** ونقول ذاك عبارة الفرقان
والاخرون يرون هذا البحث ***** لفظيا وما فيه كبير معان
فصل
في مذهب الاقترانية
والفرقة الاخرى فقالت انه ***** لفظ ومعنى ليس ينفصلان
واللفظ كالمعنى قديم قائم ***** بالنفس ليس بقابل الحدثان
فالسين عند الباء لا مسبوقة ***** لكن هما حرفان مقترنان
والقائلون بذا يقولوا انما ***** ترتيبها في السمع بالإذان
ولها اقتران ثابت لذواتها ***** فاعجب لذا التخليط وإلهذيان
لكن زاغونيهم قد قال ان ***** ذواتها ووجودها غيران
فترتبت بوجودها لا ذاتها ***** يا للعقول وزيغة الاذهان
ليس الوجود سوى حقيقتها لذي ال ***** أذهان بل في هذه الأعيان
لكن إذا أخذ الحقيقة خارجا ***** ووجودها ذهنا فمختلفان
والعكس أيضا مثل ذا فإذا هما ***** اتحدا اعتبارا لم يكن شيئان
وبذا تزول جميع اشكالاتهم ***** في ذاته ووجوده الرحمن
فصل
في مذاهب القائلين بأنه متعلق بالمشيئة والارادة
والقائلون بأنه بمشيئة ***** واردة أيضا فهم صنفان
احدهما جعلته خارج ذاته ***** كمشيئة للخلق والأكوان
قالوا وصار كلامه باضافة التشريف ***** مثل البيت ذي الاركان
ما قال عندهم ولا هو قائل ***** والقول لم يسمع من الديان
فالقول مفعول لديهم قائم ***** بالغير كالاعراض والأكوان
هذي مقالة كل جهمي وهم ***** فيها الشيوخ معلمو الصبيان
لكن أهل الاعتزال قديمهم ***** لم يذهبوا ذا المذهب الشيطاني
وهم الالى اعتزلوا عن الحسن الرضى ***** البصري ذاك العالم الرباني
وكذاك أتباع على منهاجهم ***** من قبل جهم صاحب الحدثان
لكنما متأخروهم بعد ذا ***** لك وافقوا جهما على الكفران
فهم بذا جهمية أهل اعتزال ***** ثوبهم أضحى له علمان
ولقد تقلد كفرهم خمسون في ***** عشر من العلماء في البلدان
واللالكائي الامام حكاه عن ***** هم بل حكاه قبله الطبراني
فصل
في مذاهب الكرامية
والقائلون بأنه بمشيئة ***** في ذاته أيضا فهم نوعان
إحداهما جعلته مبدوءا به ***** نوعا حذار تسلسل الأعيان
فيسد ذاك عليهم في زعمهم ***** إثبات خالق هذه الأكوان
فلذاك قالوا إنه ذو أول ***** ما للفناء عليه من سلطان
وكلامه كفعإله وكلاهما ***** ذو مبدء بل ليس ينتهيان
قالوا ولم ينصف خصوم جعجعوا ***** وأتوا بتشنيع بلا برهان
قلنا كما قالوه في أفعإله ***** بل بيننا بون من الفرقان
بل نحن أسعد منهم بالحق إذ ***** قلنا هما بالله قائمتان
وهم فقالوا لم يقم بالله لا ***** فعل ولا قول فتعطيلان
لفعاله ومقاله شر وأبطل ***** من حلول حوادث ببيان
تعطيله عن فعله وكلامه ***** شر من التشنيع بإلهذيان
هذي مقالات ابن كرام وما ***** ردوا عليه قط بالبرهان
أنى وما قد قال أقرب منهم ***** للعقل والآثار والقرآن
لكنهم جاءوا له بجعاجع ***** وفراقع وقعاقع بشنان
فصل
في ذكر مذهب أهل الحديث
والاخرون أُولُوا الحديث كأحمد ***** ومحمد وأئمة الأيمان
قالوا بأن الله حقا لم يزل ***** متكلما بمشيئة وبيان
إن الكلام هو الكمال فكيف يخلو ***** عنه في أزل بلا امكان
ويصير فيما لم يزل متكلما ***** ماذا اقتضاه له من الامكان
وتعاقب الكلمات أمر ثابت ***** للذات مثل تعاقب الازمان
والله رب العرش قال حقيقة ***** ( حم ) مع ( طه ) بغير قِران
بل أحرف مترتبات مثلما ***** قد رتبت في مسمع الانسان
وقتان في وقت محال هكذا ***** حرفان أيضا يوجدا في آن
من واحد متكلم بل يوجدا ***** بالرسم أو بتكلم الرجلان
محمد بن صالح العثيمين
التعليق على نونية ابن القيم
منذ 2001-08-29
إظهار أن مذهب أهل السنة هو الحق مقارنة بغيره
ولذا خلعنا ربقة الاديان من ***** أعناقنا في سالف الازمان
ولنا ملوك قاوموا الرسل الالى ***** جاءوا باثبات الصفات كمان
في آل فرعون وقارون وها ***** مان ونمروذ وجنكيز خان
ولنا الأئمة كالفلاسفة الألى ***** لم يعبؤوا أصلا بذي الأديان
منهم أرسطو ثم شيعته إلى ***** هذا الأوان وعند كل أوان
ما فيهم من قال إن الله فو ***** ق العرش خارج هذه الأكوان
كلا ولا قالوا بأن إلهنا ***** متكلم بالوحي والقرآن
ولأجل هذا رد فرعون على ***** موسى ولم يقدر على الأيمان
إذ قال موسى ربنا متكلم ***** فوق السماء وأنه ناداني
وكذا ابن سينا لم يكن منكم ولا ***** أتباعه بل صانعوا بدهان
وكذلك الطوسي لما أن غدا ***** ذا قدرة لم يخش من سلطان
قتل الخليفة والقضاة وحاملي ***** القرآن والفقهاء في البلدان
إذ هم مشبهة مجسمة وما ***** دانو أبدين أكابر اليونان
ولنا الملاحدة الفحول أئمة التـ ***** عطيل والتشبيه آل سنان
ولنا تصانيف بها غاليتم ***** مثل ( الشفا ) و ( رسائل الاخوان )
وكذا الاشارات التي هي عندكم ***** قد ضمنت لقواطع البرهان
قد صرحت بالضد مما جا ***** ء في التوراة والإنجيل والفرقان
هي عندكم مثل النصوص وفوقها ***** في حجة قطيعة وبيان
وإذا تحاكمنا فإن إليهم ***** يقع التحاكم لا إلى القرآن
إذ قد تساعدنا بأن نصوصه ***** لفظية عزلت عن الأيقان
فلذلك حكمنا عليه وأنتم ***** قول المعلم أولا والثاني
يا ويح جهم وابن درهم والألى ***** قالوا بقولهما من الخوران
بقيت من التشبيه فيه بقية ***** نقصت قواعده من الأركان
ينفي الصفات مخافة التجسيم لا ***** يلوي على خبر ولا قرآن
ويقول إن الله يسمع أو يرى ***** وكذاك يعلم سر كل جنان
ويقول إن الله قد شاء الذي ***** هو كائن من هذه الأكوان
ويقول إن الفعل مقدور له ***** والكون ينسبه إلى الحدثان
وبنفيه التجسيم يصرخ في الورى ***** والله ما هذان متفقان
لكننا قلنا محال كل ذا ***** حذرا من التشبيه والامكان
فصل
في قدوم ركب الأيمان وعسكر القران
وأتى فريق ثم قال ألا اسمعوا ***** قد جئتكم من مطلع الأيمان
من أرض طيبة من مهاجر أحمد ***** بالحق والبرهان والتبيان
سافرت في طلب الإله فدلني إلهادي ***** عليه ومحكم القرآن
مع فطرة الرحمن جل جلاله ***** وصريح عقلي فاعتلى ببيان
فتوافق الوحي الصريح وفطرة الرحمن ***** والمعقول في إيمان
شهدوا بأن الله جل جلاله ***** متفرد بالملك والسلطان
وهو الإله الحق لا معبود الا ***** وجهه الاعلى العظيم الشان
بل كل معبود سواه فباطل ***** من عرشه حتى الحضيض الداني
وعبادة الرحمن غاية حبه ***** مع ذل عابده هما قطبان
وعليهما فلك العبادة دائر ***** ما دار حتى قامت القطبان
ومداره بالامر أمر رسوله ***** لا بإلهوى والنفس والشيطان
فقيام دين الله بالاخلاص ***** والإحسان إنهما له أصلان
لم ينج من غضب الإله وناره ***** الا الذي قامت به الاصلان
والناس بعد فمشرك بإلهه ***** أو ذو ابتداع أوله الوصفان
والله لا يرضى بكثرة فعلنا ***** لكن بأحسنه مع الأيمان
فالعارفون مرادهم إحسانه ***** والجاهلون عموا عن الإحسان
وكذاك قد شهدوا بأن الله ذو ***** سمع وذو بصر هما صفتان
وهو العلي يرى ويسمع خلقه ***** من فوق عرش فوق ست ثمان
فيرى دبيب النمل في غسق الدجى ***** ويرى كذاك تقلب الاجفان
وضجيج أصوات العباد بسمعه ***** ولديه لا تتشابه الصوتان
وهو العليم بما يوسوس عبده ***** في نفسه من غير نطق لسان
بل يستوي في علمه الداني مع ***** القاصي وذو الاسرار والاعلان
وهو العليم بما يكون غدا وما ***** قد كان والمعلوم في ذا الآن
وبكل شيء لم يكن لو كان كيـ ***** ف يكون موجودا لذي الأعيان
وهو القدير فكل شيء فهو ***** مقدور له طوعا بلا عصيان
وعموم قدرته تدل بأنه ***** هو خالق الافعال للحيوان
هي خلقه حقا وأفعال لهم ***** حقا ولا يتناقض الامران
لكن أهل الجبر والتكذيب بال ***** أقدار ما انفتحت لهم عينان
نظروا بعيني أعور إذ فاتهم ***** نظر البصير وغارت العينان
فحقيقة القدر الذي حار الورى ***** في شأنه هو قدرة الرحمن
واستحسن ابن عقيل ذا من أحمد ***** لما حكاه عن الرضى الرباني
قال الامام شفا القلوب بلفظه ***** ذات اختصار وهي ذات بيان
وله الحياة كما لها فلأجل ذا ***** ما للممات عليه من سلطان
وكذلك القيوم من أوصافه ***** ما للمنام لديه من غشيان
وكذاك أوصاف الكمال جميعها ***** ثبتت له ومدارها الوصفان
فمصحح الأوصاف والافعال وال ***** أسماء حقا ذانك الوصفان
ولاجل ذا جاء الحديث بأنه ***** في آية الكرسي وذي عمران
اسم الإله الاعظم اشتملا على اسم ***** الحي والقيوم مقترنان
فالكل مرجعها إلى الاسمين يد ***** ري ذاك ذو بصر بهذا الشان
وله الارادة والكراهة والرضى ***** وله المحبة وهو ذو الإحسان
وله الكمال المطلق العاري عن ***** التشبيه والتمثيل بالانسان
وكمال من أعطى الكمال بنفسه ***** أولى وأقدم وهو أعظم شان
أيكون قد أعطى الكمال ومإله ***** ذاك الكمال إذاك ذو إمكان
أيكون إنسان سميعا مبصرا ***** متكلما بمشيئة وبيان
وله الحياة وقدرة وإرادة ***** والعلم بالكلي والأعيان
والله قد أعطاه ذاك وليس هذا ***** وصفه فاعجب من البهتان
بخلاف نوم العبد ثم جماعه ***** والاكل منه وحاجة الابدان
إذ تلك ملزومات كون العبد مح ***** تاجا وتلك لوازم النقصان
وكذا لوازم كونه جسدا نعم ***** ولوازم الاحداث والامكان
يتقدس الرحمن جل جلاله ***** عنها وعن أعضاء ذي جثمان
والله ربي لم يزل متكلماً ***** وكلامه المسموع بالإذان
صدقاً وعدلاً أحكمت كلماته ***** طلباً وإخباراً بلا نقصان
ورسوله قد عاذ بالكلمات من ***** لدغ ومن عين ومن شيطان
أيعاذ بالمخلوق حاشاه من ال ***** إشراك وهو معلم الأيمان
بل عاذ بالكلمات وهي صفاته ***** سبحانه ليست من الأكوان
وكذلك القرآن عين كلامه ال ***** مسموع منه حقيقة ببيان
هو قول ربي كله لا بعضه ***** لفظا ومعنى ما هما خلقان
تنزيل رب العالمين وقوله ***** اللفظ والمعنى بلا روغان
لكن أصوات العباد وفعلهم ***** كمدادهم والرق مخلوقات
فالصوت للقاري ولكن الكلا ***** م كلام رب العرش ذي الإحسان
هذا إذا ما كان ثم وساطة ***** كقراءة المخلوق للقرآن
فإذا انتفت تلك الوساطة مثلما ***** قد كلم المولود من عمران
فهنالك المخلوق نفس السمع لا ***** شيء من المسموع فافهم ذان
هذي مقالة أحمد ومحمد ***** وخصومهم من بعد طائفتان
إحداهما زعمت بأن كلامه ***** خلق له ألفاظه ومعان
والآخرون أبوا وقالوا شطره ***** خلق وشطر قام بالرحمن
زعموا القران عبارة وحكاية ***** قلنا كما زعموه قرآنان
هذا الذي نتلوه مخلوق كما ***** قال الوليد وبعده الفئتان
والآخر المعنى القديم فقائم ***** بالنفس لم يسمع من الديان
والامر عين النهي واستفهامه ***** هو عين اخبار وذو وحدان
وهو الزبور وعين توارة وان ***** جيل وعين الذكر والفرقان
الكل شيء واحد في نفسه ***** لأيقبل التبعيض في الاذهان
ما إن له كل ولا بعض ولا ***** حرف ولاعربي ولا عبراني
ودليلهم في ذاك بيت قاله ***** فيما يقال الاخطل النصراني
يا قوم قد غلط النصارى قبل في ***** معنى الكلام وما اهتدوا لبيان
ولاجل ذا جعلوا المسيح إلههم ***** اذ قيل كلمه خالق رحمان
ولأجل ذا جعلوه ناسوتا ولا ***** هوتا قديما بعد متحدان
ونظير هذا من يقول كلامه ***** معنى قديم غير ذي حدثان
والشطر مخلوق وتلك حروفه ***** ناسوته لكن هما غيران
فانظر إلى ذا الإتقان فانه ***** عجب وطالع سنة الرحمن
ولنا ملوك قاوموا الرسل الالى ***** جاءوا باثبات الصفات كمان
في آل فرعون وقارون وها ***** مان ونمروذ وجنكيز خان
ولنا الأئمة كالفلاسفة الألى ***** لم يعبؤوا أصلا بذي الأديان
منهم أرسطو ثم شيعته إلى ***** هذا الأوان وعند كل أوان
ما فيهم من قال إن الله فو ***** ق العرش خارج هذه الأكوان
كلا ولا قالوا بأن إلهنا ***** متكلم بالوحي والقرآن
ولأجل هذا رد فرعون على ***** موسى ولم يقدر على الأيمان
إذ قال موسى ربنا متكلم ***** فوق السماء وأنه ناداني
وكذا ابن سينا لم يكن منكم ولا ***** أتباعه بل صانعوا بدهان
وكذلك الطوسي لما أن غدا ***** ذا قدرة لم يخش من سلطان
قتل الخليفة والقضاة وحاملي ***** القرآن والفقهاء في البلدان
إذ هم مشبهة مجسمة وما ***** دانو أبدين أكابر اليونان
ولنا الملاحدة الفحول أئمة التـ ***** عطيل والتشبيه آل سنان
ولنا تصانيف بها غاليتم ***** مثل ( الشفا ) و ( رسائل الاخوان )
وكذا الاشارات التي هي عندكم ***** قد ضمنت لقواطع البرهان
قد صرحت بالضد مما جا ***** ء في التوراة والإنجيل والفرقان
هي عندكم مثل النصوص وفوقها ***** في حجة قطيعة وبيان
وإذا تحاكمنا فإن إليهم ***** يقع التحاكم لا إلى القرآن
إذ قد تساعدنا بأن نصوصه ***** لفظية عزلت عن الأيقان
فلذلك حكمنا عليه وأنتم ***** قول المعلم أولا والثاني
يا ويح جهم وابن درهم والألى ***** قالوا بقولهما من الخوران
بقيت من التشبيه فيه بقية ***** نقصت قواعده من الأركان
ينفي الصفات مخافة التجسيم لا ***** يلوي على خبر ولا قرآن
ويقول إن الله يسمع أو يرى ***** وكذاك يعلم سر كل جنان
ويقول إن الله قد شاء الذي ***** هو كائن من هذه الأكوان
ويقول إن الفعل مقدور له ***** والكون ينسبه إلى الحدثان
وبنفيه التجسيم يصرخ في الورى ***** والله ما هذان متفقان
لكننا قلنا محال كل ذا ***** حذرا من التشبيه والامكان
فصل
في قدوم ركب الأيمان وعسكر القران
وأتى فريق ثم قال ألا اسمعوا ***** قد جئتكم من مطلع الأيمان
من أرض طيبة من مهاجر أحمد ***** بالحق والبرهان والتبيان
سافرت في طلب الإله فدلني إلهادي ***** عليه ومحكم القرآن
مع فطرة الرحمن جل جلاله ***** وصريح عقلي فاعتلى ببيان
فتوافق الوحي الصريح وفطرة الرحمن ***** والمعقول في إيمان
شهدوا بأن الله جل جلاله ***** متفرد بالملك والسلطان
وهو الإله الحق لا معبود الا ***** وجهه الاعلى العظيم الشان
بل كل معبود سواه فباطل ***** من عرشه حتى الحضيض الداني
وعبادة الرحمن غاية حبه ***** مع ذل عابده هما قطبان
وعليهما فلك العبادة دائر ***** ما دار حتى قامت القطبان
ومداره بالامر أمر رسوله ***** لا بإلهوى والنفس والشيطان
فقيام دين الله بالاخلاص ***** والإحسان إنهما له أصلان
لم ينج من غضب الإله وناره ***** الا الذي قامت به الاصلان
والناس بعد فمشرك بإلهه ***** أو ذو ابتداع أوله الوصفان
والله لا يرضى بكثرة فعلنا ***** لكن بأحسنه مع الأيمان
فالعارفون مرادهم إحسانه ***** والجاهلون عموا عن الإحسان
وكذاك قد شهدوا بأن الله ذو ***** سمع وذو بصر هما صفتان
وهو العلي يرى ويسمع خلقه ***** من فوق عرش فوق ست ثمان
فيرى دبيب النمل في غسق الدجى ***** ويرى كذاك تقلب الاجفان
وضجيج أصوات العباد بسمعه ***** ولديه لا تتشابه الصوتان
وهو العليم بما يوسوس عبده ***** في نفسه من غير نطق لسان
بل يستوي في علمه الداني مع ***** القاصي وذو الاسرار والاعلان
وهو العليم بما يكون غدا وما ***** قد كان والمعلوم في ذا الآن
وبكل شيء لم يكن لو كان كيـ ***** ف يكون موجودا لذي الأعيان
وهو القدير فكل شيء فهو ***** مقدور له طوعا بلا عصيان
وعموم قدرته تدل بأنه ***** هو خالق الافعال للحيوان
هي خلقه حقا وأفعال لهم ***** حقا ولا يتناقض الامران
لكن أهل الجبر والتكذيب بال ***** أقدار ما انفتحت لهم عينان
نظروا بعيني أعور إذ فاتهم ***** نظر البصير وغارت العينان
فحقيقة القدر الذي حار الورى ***** في شأنه هو قدرة الرحمن
واستحسن ابن عقيل ذا من أحمد ***** لما حكاه عن الرضى الرباني
قال الامام شفا القلوب بلفظه ***** ذات اختصار وهي ذات بيان
وله الحياة كما لها فلأجل ذا ***** ما للممات عليه من سلطان
وكذلك القيوم من أوصافه ***** ما للمنام لديه من غشيان
وكذاك أوصاف الكمال جميعها ***** ثبتت له ومدارها الوصفان
فمصحح الأوصاف والافعال وال ***** أسماء حقا ذانك الوصفان
ولاجل ذا جاء الحديث بأنه ***** في آية الكرسي وذي عمران
اسم الإله الاعظم اشتملا على اسم ***** الحي والقيوم مقترنان
فالكل مرجعها إلى الاسمين يد ***** ري ذاك ذو بصر بهذا الشان
وله الارادة والكراهة والرضى ***** وله المحبة وهو ذو الإحسان
وله الكمال المطلق العاري عن ***** التشبيه والتمثيل بالانسان
وكمال من أعطى الكمال بنفسه ***** أولى وأقدم وهو أعظم شان
أيكون قد أعطى الكمال ومإله ***** ذاك الكمال إذاك ذو إمكان
أيكون إنسان سميعا مبصرا ***** متكلما بمشيئة وبيان
وله الحياة وقدرة وإرادة ***** والعلم بالكلي والأعيان
والله قد أعطاه ذاك وليس هذا ***** وصفه فاعجب من البهتان
بخلاف نوم العبد ثم جماعه ***** والاكل منه وحاجة الابدان
إذ تلك ملزومات كون العبد مح ***** تاجا وتلك لوازم النقصان
وكذا لوازم كونه جسدا نعم ***** ولوازم الاحداث والامكان
يتقدس الرحمن جل جلاله ***** عنها وعن أعضاء ذي جثمان
والله ربي لم يزل متكلماً ***** وكلامه المسموع بالإذان
صدقاً وعدلاً أحكمت كلماته ***** طلباً وإخباراً بلا نقصان
ورسوله قد عاذ بالكلمات من ***** لدغ ومن عين ومن شيطان
أيعاذ بالمخلوق حاشاه من ال ***** إشراك وهو معلم الأيمان
بل عاذ بالكلمات وهي صفاته ***** سبحانه ليست من الأكوان
وكذلك القرآن عين كلامه ال ***** مسموع منه حقيقة ببيان
هو قول ربي كله لا بعضه ***** لفظا ومعنى ما هما خلقان
تنزيل رب العالمين وقوله ***** اللفظ والمعنى بلا روغان
لكن أصوات العباد وفعلهم ***** كمدادهم والرق مخلوقات
فالصوت للقاري ولكن الكلا ***** م كلام رب العرش ذي الإحسان
هذا إذا ما كان ثم وساطة ***** كقراءة المخلوق للقرآن
فإذا انتفت تلك الوساطة مثلما ***** قد كلم المولود من عمران
فهنالك المخلوق نفس السمع لا ***** شيء من المسموع فافهم ذان
هذي مقالة أحمد ومحمد ***** وخصومهم من بعد طائفتان
إحداهما زعمت بأن كلامه ***** خلق له ألفاظه ومعان
والآخرون أبوا وقالوا شطره ***** خلق وشطر قام بالرحمن
زعموا القران عبارة وحكاية ***** قلنا كما زعموه قرآنان
هذا الذي نتلوه مخلوق كما ***** قال الوليد وبعده الفئتان
والآخر المعنى القديم فقائم ***** بالنفس لم يسمع من الديان
والامر عين النهي واستفهامه ***** هو عين اخبار وذو وحدان
وهو الزبور وعين توارة وان ***** جيل وعين الذكر والفرقان
الكل شيء واحد في نفسه ***** لأيقبل التبعيض في الاذهان
ما إن له كل ولا بعض ولا ***** حرف ولاعربي ولا عبراني
ودليلهم في ذاك بيت قاله ***** فيما يقال الاخطل النصراني
يا قوم قد غلط النصارى قبل في ***** معنى الكلام وما اهتدوا لبيان
ولاجل ذا جعلوا المسيح إلههم ***** اذ قيل كلمه خالق رحمان
ولأجل ذا جعلوه ناسوتا ولا ***** هوتا قديما بعد متحدان
ونظير هذا من يقول كلامه ***** معنى قديم غير ذي حدثان
والشطر مخلوق وتلك حروفه ***** ناسوته لكن هما غيران
فانظر إلى ذا الإتقان فانه ***** عجب وطالع سنة الرحمن
محمد بن صالح العثيمين
التعليق على نونية ابن القيم
منذ 2001-08-29
إثبات العلو ، الرد على الفلاسفة
وزعمت أن الله يعلم كل ما ***** في الكون من سر ومن إعلان
والعلم وصف زائد عن ذاته ***** عرض يقوم بغير ذي جثمان
وزعمت أن الله كلم عبده ***** موسى فأسمعه ندا الرحمن
أفتسمع الإذان غير الحرف وال ***** صوت الذي خصت به الاذنان
وكذا النداء فانه صوت بإجـ ***** ماع النحاة واهل كل لسان
لكنه صوت رفيع وهو ضد ***** للنجاء كلاهما صوتان
فزعمت ان الله ناداه ونا ***** جاه وفي ذا الزعم محذوران
قرب المكان وبعده والصوت بل ***** نوعاه محذوران ممتنعان
وزعمت أن محمدا أسري به ***** ليلا أليه فهو منه دان
وزعمت أن محمد يوم اللقا ***** يدنيه رب العرش بالرضوان
حتى يرى المختار حقا قاعدا ***** معه على العرش الرفيع الشان
وزعمت أن لعرشه أطا به ***** كلارحل أط براكب عجلان
وزعمت أن الله أبدى بعضه ***** للطور حتى عاد كالكثبان
لما تجلى يوم تكليم الرضى ***** موسى الكليم مكلم الرحمن
وزعمت للمعبود وجها باقيا ***** وله يمين بل زعمت يدان
وزعمت ان يديه للسبع العلى ***** والارض يوم الحشر قابضتان
وزعمت ان يمينه ملأى من ***** الخيرات ما غاضت على الازمان
وزعمت ان العدل في الاخرى بها ***** رفع وخفض وهو بالميزان
وزعمت أن الخلق طرا عنده ***** يهتز فوق اصابع الرحمن
وزعمت ايضا ان قلب العبد ما ***** بين اثنتين من الاصابع عان
وزعمت ان الله يضحك عندما ***** يتقابل الصفان يقتتلان
من عبده يأتي فيبدي نحره ***** لعدوه طلبا لنيل جنان
وكذاك يضحك عندما يثب الفتى ***** من فرشه لتلاوة القرآن
وكذاك يضحك من قنوط عباده ***** إذ أجدبوا والغيث منهم دان
وزعمت ان الله يرضى عن أولي الحسنى ***** ويغضب من أولي العصياني
وزعمت ان الله يسمع صوته ***** يوم المعاد بعيدهم والداني
لما يناديهم أنا الديان لا ***** ظلم لدي فيسمع الثقلان
وزعمت ان الله يشرق نوره ***** في الأرض يوم الفصل والميزان
وزعمت ان الله يكشف ساقه ***** فيخر ذاك الجمع للاذقان
وزعمت أن الله يبسط كفه ***** لمسيئنا ليتوب من عصيان
وزعمت ان يمينه تطوى السما ***** طي السجل على كتاب بيان
وزعمت ان الله ينزل في الدجى ***** في ثلث ليل آخر أو ثان
فيقول هل من سائل فأجيبه ***** فأنا القريب أجيب من ناداني
وزعمت أن له نزولا ثاني ***** يوم القيامة للقضاء الثاني
وزعمت أن الله يبدو جهرة ***** لعباده حتى يرى بعيان
بل يسمعون كلامه ويرونه ***** فالمقلتان اليه ناظرتان
وزعمت أن لربنا قدما وأن ***** الله واضعها على النيران
فهناك يدنو بعضها من بعضها ***** وتقول قط قط حاجتي وكفاني
وزعمت أن الناس يوم مزيدهم ***** كل يحاضر ربه ويداني
بالحاء مع ضاد وجامع صادها ***** وجهان في ذا اللفظ محفوظان
في الترمذي ومسند وسواهما ***** من كتب تجسيم بلا كتمان
ووصفته بصفات حي فاعل ***** بالاختيار وذانك الاصلان
أصل التفريق بين هذا الخلق في الباري ***** فكن في النفي غير جبان
أولا فلا تلعب بدينك ناقضا ***** نفيا باثبات بلا فرقان
فالناس بين معطل أو مثبت ***** او ثالث متناقض صنعان
والله لست برابع لهم بلى ***** إما حمارا أو من الثيران
فاسمح بانكار الجميع ولا تكن ***** متناقضا رجل له وجهان
أولا ففرق بين ما أثبتَّه ***** ونفيته بالنص والبرهان
فالباب باب واحد في النفي و ال ***** إثبات في عقل وفي ميزان
فمتى أقر ببعض ذلك مثبت ***** لزم الجميع أو أئت بالفرقان
ومتى نفى شيئا وأثبت مثله ***** فمجسم متناقض ديصان
فذروا المراء وصرحوا بمذاهب ***** القدماء وانسلخوا من الأيمان
اوقاتلوا مع أمة التجسيم والتشبيه ***** تحت لواء ذي القرآن
أولا فلا تتلاعبوا بعقولكم ***** وكتابكم وبسائر الاديان
فجميعها قد صرحت بصفاته ***** وكلامه وعلوه ببيان
والناس بين مصدق أو جاحد ***** او بين ذلك أو شبيه أتان
فاصنع من التنزيه ترسا محكما ***** وانف الجميع بصنعة وبيان
وكذاك لقب مذهب الاثبات ***** بالتجسيم ثم احمل على الاقران
فمتى سمحت لهم بوصف واحد ***** حملوا عليك بحملة الفرسان
فصرعت صرعة من غدا متلبطا ***** وسط العرين ممزق اللحمان
فلذاك انكرنا الجميع مخافة ***** التجسيم ان صرنا إلى القرآن
والعلم وصف زائد عن ذاته ***** عرض يقوم بغير ذي جثمان
وزعمت أن الله كلم عبده ***** موسى فأسمعه ندا الرحمن
أفتسمع الإذان غير الحرف وال ***** صوت الذي خصت به الاذنان
وكذا النداء فانه صوت بإجـ ***** ماع النحاة واهل كل لسان
لكنه صوت رفيع وهو ضد ***** للنجاء كلاهما صوتان
فزعمت ان الله ناداه ونا ***** جاه وفي ذا الزعم محذوران
قرب المكان وبعده والصوت بل ***** نوعاه محذوران ممتنعان
وزعمت أن محمدا أسري به ***** ليلا أليه فهو منه دان
وزعمت أن محمد يوم اللقا ***** يدنيه رب العرش بالرضوان
حتى يرى المختار حقا قاعدا ***** معه على العرش الرفيع الشان
وزعمت أن لعرشه أطا به ***** كلارحل أط براكب عجلان
وزعمت أن الله أبدى بعضه ***** للطور حتى عاد كالكثبان
لما تجلى يوم تكليم الرضى ***** موسى الكليم مكلم الرحمن
وزعمت للمعبود وجها باقيا ***** وله يمين بل زعمت يدان
وزعمت ان يديه للسبع العلى ***** والارض يوم الحشر قابضتان
وزعمت ان يمينه ملأى من ***** الخيرات ما غاضت على الازمان
وزعمت ان العدل في الاخرى بها ***** رفع وخفض وهو بالميزان
وزعمت أن الخلق طرا عنده ***** يهتز فوق اصابع الرحمن
وزعمت ايضا ان قلب العبد ما ***** بين اثنتين من الاصابع عان
وزعمت ان الله يضحك عندما ***** يتقابل الصفان يقتتلان
من عبده يأتي فيبدي نحره ***** لعدوه طلبا لنيل جنان
وكذاك يضحك عندما يثب الفتى ***** من فرشه لتلاوة القرآن
وكذاك يضحك من قنوط عباده ***** إذ أجدبوا والغيث منهم دان
وزعمت ان الله يرضى عن أولي الحسنى ***** ويغضب من أولي العصياني
وزعمت ان الله يسمع صوته ***** يوم المعاد بعيدهم والداني
لما يناديهم أنا الديان لا ***** ظلم لدي فيسمع الثقلان
وزعمت ان الله يشرق نوره ***** في الأرض يوم الفصل والميزان
وزعمت ان الله يكشف ساقه ***** فيخر ذاك الجمع للاذقان
وزعمت أن الله يبسط كفه ***** لمسيئنا ليتوب من عصيان
وزعمت ان يمينه تطوى السما ***** طي السجل على كتاب بيان
وزعمت ان الله ينزل في الدجى ***** في ثلث ليل آخر أو ثان
فيقول هل من سائل فأجيبه ***** فأنا القريب أجيب من ناداني
وزعمت أن له نزولا ثاني ***** يوم القيامة للقضاء الثاني
وزعمت أن الله يبدو جهرة ***** لعباده حتى يرى بعيان
بل يسمعون كلامه ويرونه ***** فالمقلتان اليه ناظرتان
وزعمت أن لربنا قدما وأن ***** الله واضعها على النيران
فهناك يدنو بعضها من بعضها ***** وتقول قط قط حاجتي وكفاني
وزعمت أن الناس يوم مزيدهم ***** كل يحاضر ربه ويداني
بالحاء مع ضاد وجامع صادها ***** وجهان في ذا اللفظ محفوظان
في الترمذي ومسند وسواهما ***** من كتب تجسيم بلا كتمان
ووصفته بصفات حي فاعل ***** بالاختيار وذانك الاصلان
أصل التفريق بين هذا الخلق في الباري ***** فكن في النفي غير جبان
أولا فلا تلعب بدينك ناقضا ***** نفيا باثبات بلا فرقان
فالناس بين معطل أو مثبت ***** او ثالث متناقض صنعان
والله لست برابع لهم بلى ***** إما حمارا أو من الثيران
فاسمح بانكار الجميع ولا تكن ***** متناقضا رجل له وجهان
أولا ففرق بين ما أثبتَّه ***** ونفيته بالنص والبرهان
فالباب باب واحد في النفي و ال ***** إثبات في عقل وفي ميزان
فمتى أقر ببعض ذلك مثبت ***** لزم الجميع أو أئت بالفرقان
ومتى نفى شيئا وأثبت مثله ***** فمجسم متناقض ديصان
فذروا المراء وصرحوا بمذاهب ***** القدماء وانسلخوا من الأيمان
اوقاتلوا مع أمة التجسيم والتشبيه ***** تحت لواء ذي القرآن
أولا فلا تتلاعبوا بعقولكم ***** وكتابكم وبسائر الاديان
فجميعها قد صرحت بصفاته ***** وكلامه وعلوه ببيان
والناس بين مصدق أو جاحد ***** او بين ذلك أو شبيه أتان
فاصنع من التنزيه ترسا محكما ***** وانف الجميع بصنعة وبيان
وكذاك لقب مذهب الاثبات ***** بالتجسيم ثم احمل على الاقران
فمتى سمحت لهم بوصف واحد ***** حملوا عليك بحملة الفرسان
فصرعت صرعة من غدا متلبطا ***** وسط العرين ممزق اللحمان
فلذاك انكرنا الجميع مخافة ***** التجسيم ان صرنا إلى القرآن
محمد بن صالح العثيمين
التعليق على نونية ابن القيم
منذ 2001-08-29
الرد على الحلولية وإثبات علو الله عز وجل
فهو السماء بعينها ونجومها ***** وكذلك الأفلاك والقمران
وهو الغمام بعينه والثلج وال ***** أمطار مع برد ومع حسبان
وهو إلهواء بعينه والماء والت ***** ترب الثقيل ونفس ذي النيران
هذي بسائطه ومنه تركبت ***** هذي المظاهر ما هنا شيئان
وهو الفقير لها لأجل ظهوره ***** فيها كفقر الروح للأبدان
وهي التي افتقرت إليه لأنه ***** هو ذاتها ووجودها الحقان
تظل تلبسه وتخلعه وذا في ال ***** إيجاد والإعدام كل أوان
ويظل يلبسها ويخلعها وذا ***** حكم المظاهر كي يرى بعيان
وتكثر الموجود كالأعضاء في ال ***** محسوس من بشر ومن حيوان
أو كالقوى في النفس ذلك واحد ***** متكثر قامت به الأمران
فيكون كلا هذه أجزاؤه ***** هذي مقالة مدعي العرفان
أو أنها تكثر الأنواع في ***** جنس كما قال الفريق الثان
فيكون كليا وجزئياته ***** هذا الوجود فهذه قولان
إحداهما نص ( الفصوص) وبعده ***** قول ابن سبعين وما القولان
عند العفيف التلمساني الذي ***** هو غاية في الكفر والبهتان
إلا من الأغلاط في حس وفي ***** وهم وتلك طبيعة الأنسان
والكل شيء واحد في نفسه ***** ما للتعدد فيه من سلطان
فالضيف والمأكول شيء واحد ***** والوهم يحسب ها هنا شيئان
وكذلك الموطوء عين الوطء وال ***** وهم البعيد يقول ذان اثنان
ولربما قال مقالته كما ***** قد قال قولهما بلا فرقان
وأبى سواهم ذا وقال مظاهر ***** تجلوه ذات توحد ومثان
فالظاهر المجلو شيء واحد ***** لكن مظاهره بلا حسبان
هذي عبارات لهم مضمونها ***** ما ثم غير قط في الأعيان
فالقوم ما صانوه عن إنس ولا ***** جن ولا شجر ولا حيوان
كلا ولا علو ولا سفل ولا ***** واد ولا جبل ولا كثبان
كلا ولا طعم ولا ريح ولا ***** صوت ولا لون من الألوان
لكنه المطعوم والملبوس وال ***** مشموم والمسموع بالإذان
وكذاك قالوا أنه المنكوح وال ***** مذبوح بل عين الغوي الزاني
والكفر عندهم هدى ولو أنه ***** دين المجوس وعابدي الأوثان
قالوا وما عبدوا سواه وإنما ***** ضلوا بما خصوا من الأعيان
ولو أنهم عموا وقالوا كلها ***** معبودة ما كان من كفران
فالكفر ستر حقيقة المعبود ***** بالتخصيص عند محقق رباني
قالوا ولم يك كافرا في قوله ***** أنا ربكم فرعون ذو الطغيان
بل كان حقا قوله إذ كان عي ***** ن الحق مضطلعا بهذا الشان
ولذا غدا تطهيره في البحر تط ***** هيرا من الأوهام والحسبان
قالوا ولم يك منكرا موسى لما ***** عبدوه من عجل لذي الخوران
الاعلى من كان ليس بعابد ***** معهم وأصبح ضيق الأعطان
ولذاك جر بلحية الأخ حيث لم ***** يك واسعا في قومه لبطان
بل فرق الانكار منه بينهم ***** لما سرى في وهمه غيران
ولقد رأى إبليس عارفهم فأه ***** وى بالسجود هو ذي خضعان
قالوا له ماذا صنعت فقال هل ***** غير الإله وأنتما عميان
ما ثم غير فاسجدوا إن شئتم ***** للشمس والأصنام والشيطان
فالكل عين الله عند محقق ***** والكل معبود لذي العرفان
هذا هو المعبود عندهم فقل ***** سبحانك اللهم ذا السبحان
يا أمة معبودها موطوؤها ***** أين الإله وثغرة الطعان
يا أمة قد صار من كفرانها ***** جزء يسير جملة الكفران
فصل
في قدوم ركب آخر
وأتى فريق ثم قال وجدته ***** بالذات موجودا بكل مكان
هو كالهواء بعينه لا عينه ***** ملأ الخلو ولا يرى بعيان
والقوم ما صانوه عن بئر ولا ***** قبر ولا حش ولا أعطان
بل منهم من قد رأى تشبيهه ***** بالروح داخل هذه الأبدان
ما فيهم من قال ليس بداخل ***** أو خارج عن جملة الأكوان
لكنهم حاموا على هذا ولم ***** يتجاسروا من عسكر الأيمان
وعليهم رد الأئمة أحمد ***** وصحابه من كل ذي عرفان
فهم الخصوم لكل صاحب سنة ***** وهم الخصوم لمنزل القرآن
ولهم مقالات ذكرت أصولها ***** لما ذكرت الجهم في الاوزان
فصل
في قدوم ركب آخر
وأتى فريق ثم قارب وصفه ***** هذا ولكن جد في الكفران
فأسر قول معطل ومكذ ب ***** في قالب التنزيه للرحمن
إذ قال ليس بداخل فينا ولا ***** هو خارج عن جملة الأكوان
بل قال ليس ببائن عنها ولا ***** فيها ولا هو عينها ببيان
كلا ولا فوق السموات العلى ***** والعرش من رب ولا رحمن
والعرش ليس عليه معبود سوى ***** العدم الذي لا شيئ في الأعيان
بل حظه من ربه حظ الثرى ***** منه وحظ قواعد البنيان
لو كان فوق العرش كان كهذه ال ***** أجسام سبحان العظيم الشان
ولقد وجدت لفاضل منهم مقا ***** ما قامه في الناس منذ زمان
قال اسمعوا يا قوم إن نبيكم ***** قد قال قولا واضح البرهان
لا تحكموا بالفضل لي اصلا على ***** ذي النون يونس ذلك الغضبان
هذا يرد على المجسم على قوله ***** الله فوق العرش والأكوان
ويدل أن إلهنا سبحانه ***** وبحمده يلقى بكل مكان
قالوا له بين لنا هذا فلم ***** يفعل فأعطوه من الأثمان
ألفا من الذهب العتيق فقال في ***** تبيانه فاسمع لذا التبيان
قد كان يونس في قرار البحر تحت ***** الماء في قبر من الحيتان
ومحمد صعد في السماء وجاوز ال ***** سبع الطباق وجاز كل عنان
وكلاهما في قربه من ربه ***** سبحانه إذ ذاك مستويان
فالعلو والسفل اللذان كلاهما ***** في بعده من ضده طرفان
إن ينسبا لله نزه عنهما ***** بالإختصاص بلى هما سيان
في قرب من أضحى مقيما فيهما ***** من ربه فكلاهما مثلان
فلأجل هذا خص يونس دونهم ***** بالذكر تحقيقا لهذا الشان
فأتى الثناء عليه من أصحابه ***** من كل ناحية بلا حسبان
فأحمد إلهك أيها السني إذ ***** عافاك من تحريف ذي بهتان
والله ما يرضى بهذا خائف ***** من ربه أمسى على الأيمان
هذا هو الإلحاد حقا بل هو الت ***** حريف محضا أبرد إلهذيان
والله ما بلي المجسم قط ذي ال ***** بلوى ولا أمسى بذي الخذلان
أمثال ذا التأويل أفسد هذه ال ***** أديان حين سرى إلى الأديان
والله لولا الله حافظ دينه ***** لتهدمت منه قوى الأركان
فصل
في قدوم ركب آخر
وأتى فريق ثم قارب وصفه ***** هذا وزاد عليه في الميزان
قال اسمعوا ياقوم لا تلهيكم ***** هذي الأماني هن شر أماني
اتعبت راحلتي وكلت مهجتي ***** وبذلت مجهودي وقد أعياني
فتشت فوق وتحت ثم أمامنا ***** ووراء ثم يسار مع إيمان
ما دلني احد عليه هناكم ***** كلا ولا بشر إليه هداني
الا طوائف بالحديث تمسكت ***** تعزى مذاهبها إلى القرآن
قالوا الذي نبغيه فوق عباده ***** فوق السماء وفوق كل مكان
وهو الذي حقا على العرش استوى ***** لكنه استولى على الأكوان
وإليه يصعد كل قول طيب ***** وإليه يرفع سعي ذي الشكران
والروح والأملاك منه تنزلت ***** وإليه تعرج عند كل أوان
وإليه أيدي السائلين توجهت ***** نحو العلو بفطرة الرحمن
وإليه قد عرج الرسول فقدرت ***** من قربه من ربه قوسان
وإليه قد رفع المسيح حقيقة ***** ولسوف ينزل كي يرى بعيان
وإليه تصعد روح كل مصدق ***** عند الممات فتنثني بأمان
وإليه آمال العباد توجهت ***** نحو العلو بلا تواص ثان
بل فطرة الله التي لم يفطروا ***** الاعليها الخلق والثقلان
ونظير هذا أنهم فطروا على ***** إقرارهم لا شك بالديان
لكن أولو التعطيل منهم أصبحوا ***** مرضى بداء الجهل والخذلان
فسألت عنهم رفقتي وأحبتي ***** أصحاب جهم حزب جنكسخان
من هؤلاء ومن يقال لهم فقد ***** جاءوا بأمر ما لىء الإذان
ولهم علينا صولة ما صإلها ***** ذو باطل بل صاحب البرهان
أو ما سمعتم قولهم وكلامهم ***** مثل الصواغر ليس ذا لجبان
جاءوكم من فوقكم وأتيتم ***** من تحتهم ما أنتم نسيان
جاءوكم بالوحي لكن جئتم ***** بنحاة الافكار والاذهان
قالوا مشبهة مجسمة فلا ***** تسمع مقال مجسم حيوان
والعنهم لعنا كبيرا واغزهم ***** بعساكر التعطيل غير جبان
واحكم بسفك دمائهم وبحبسهم ***** أولا فشردهم عن الاوطان
حذر صحابك منهم فهم أضل ***** من اليهود وعابدي الصلبان
واحذر تجادلهم بقال الله أو ***** قال الرسول فتنثني بهوان
أتى وهم أولى به قد أنفذوا ***** فيه قوى الاذهان وألابدان
فإذا ابتليت بهم فغالطهم على الت ***** أويل للاخبار والقرآن
وكذاك غالطهم على التكذيب لل ***** آحاد ذا لصاحبنا أصلان
أوصى به أشياخنا أشياخهم ***** فاحفظهما بيديك والاسنان
وإذا اجتمعت وهم بمشهد مجلس ***** فابدر بايراد وشغل زمان
لا يملكوه عليك بالآثار وال ***** أخبار والتفسير للفرقان
فتصير إن وافقت مثلهم وان ***** عارضت زنديقا أخا كفران
وإذا سكت يقال هذا جاهل ***** فابدر ولو بالفشر وإلهذيان
هذا الذي والله أوصانا به أشياخنا ***** في سالف و الأزمان
فرجعت من سفري وقلت لصاحبي ***** ومطيتي قد آذنت بحران
عطل ركابك واسترح من سيرها ***** ما ثم شيء غير ذي الأكوان
لو كان للأكوان رب خالق ***** كان المجسم صاحب البرهان
أو كان رب بائن عن ذي الورى ***** كان المجسم صاحب الأيمان
ولكان عند الناس أولى الخلق بال ***** إسلام والأيمان والإحسان
ولكان هذا الحزب فوق رؤوسهم ***** لم يختلف منهم عليه اثنان
فدع التكاليف التي حملتها ***** واخلع عذارك وارم بالأرسان
ما ثم فوق العرش من رب ولم ***** يتكلم الرحمن بالقرآن
لو كان فوق العرش رب ناظر ***** لزم التحيز وافتقار مكان
لو كان ذا القرآن عين كلامه ***** حرفا وصوتا كان ذا جثمان
فإذا انتفى هذا وهذا ما الذي ***** يبقى على ذا النفي من إيمان
فدع الحلال مع الحرام لأهله ***** فهما السياج لهم على البستان
فاخرقه ثم ادخل ترى في ضمنه ***** قد هيئت لك سائر الألوان
وترى بها ما لا يراه محجب ***** من كل ما تهوى به زوجان
واقطع علائقك التي قد قيدت ***** هذا الورى من سالف الازمان
لتصير حرا لست تحت أوامر ***** كلا ولا نهي ولا فرقان
لكن جعلت حجاب نفسك اذ ترى ***** فوق السما للناس من ديان
لو قلت ما فوق السماء مدبر ***** والعرش تخليه من الرحمن
والله ليس مكلما لعباده ***** كلا ولا متكلما بقرآن
ما قال قط ولا يقول ولا له ***** قول بدا منه إلى انسان
لحللت طلسمه وفزت بكنزه ***** وعلمت أن الناس في هذيان
لكن زعمت بان ربك بائن ***** من خلقه إذ قلت موجودان
وزعمت أن الله فوق العرش وال ***** كرسي حقا فوقه القدمان
وزعمت أن الله يسمع خلقه ***** ويراهم من فوق ست ثمان
وزعمت أن كلامه منه بدا ***** وإليه يرجع آخر الازمان
ووصفته بارادة وبقدرة ***** وكراهة و محبة وحنان
ووصفته بالسمع والبصر الذي ***** لا ينبغي إلا لذي الجثمان
وهو الغمام بعينه والثلج وال ***** أمطار مع برد ومع حسبان
وهو إلهواء بعينه والماء والت ***** ترب الثقيل ونفس ذي النيران
هذي بسائطه ومنه تركبت ***** هذي المظاهر ما هنا شيئان
وهو الفقير لها لأجل ظهوره ***** فيها كفقر الروح للأبدان
وهي التي افتقرت إليه لأنه ***** هو ذاتها ووجودها الحقان
تظل تلبسه وتخلعه وذا في ال ***** إيجاد والإعدام كل أوان
ويظل يلبسها ويخلعها وذا ***** حكم المظاهر كي يرى بعيان
وتكثر الموجود كالأعضاء في ال ***** محسوس من بشر ومن حيوان
أو كالقوى في النفس ذلك واحد ***** متكثر قامت به الأمران
فيكون كلا هذه أجزاؤه ***** هذي مقالة مدعي العرفان
أو أنها تكثر الأنواع في ***** جنس كما قال الفريق الثان
فيكون كليا وجزئياته ***** هذا الوجود فهذه قولان
إحداهما نص ( الفصوص) وبعده ***** قول ابن سبعين وما القولان
عند العفيف التلمساني الذي ***** هو غاية في الكفر والبهتان
إلا من الأغلاط في حس وفي ***** وهم وتلك طبيعة الأنسان
والكل شيء واحد في نفسه ***** ما للتعدد فيه من سلطان
فالضيف والمأكول شيء واحد ***** والوهم يحسب ها هنا شيئان
وكذلك الموطوء عين الوطء وال ***** وهم البعيد يقول ذان اثنان
ولربما قال مقالته كما ***** قد قال قولهما بلا فرقان
وأبى سواهم ذا وقال مظاهر ***** تجلوه ذات توحد ومثان
فالظاهر المجلو شيء واحد ***** لكن مظاهره بلا حسبان
هذي عبارات لهم مضمونها ***** ما ثم غير قط في الأعيان
فالقوم ما صانوه عن إنس ولا ***** جن ولا شجر ولا حيوان
كلا ولا علو ولا سفل ولا ***** واد ولا جبل ولا كثبان
كلا ولا طعم ولا ريح ولا ***** صوت ولا لون من الألوان
لكنه المطعوم والملبوس وال ***** مشموم والمسموع بالإذان
وكذاك قالوا أنه المنكوح وال ***** مذبوح بل عين الغوي الزاني
والكفر عندهم هدى ولو أنه ***** دين المجوس وعابدي الأوثان
قالوا وما عبدوا سواه وإنما ***** ضلوا بما خصوا من الأعيان
ولو أنهم عموا وقالوا كلها ***** معبودة ما كان من كفران
فالكفر ستر حقيقة المعبود ***** بالتخصيص عند محقق رباني
قالوا ولم يك كافرا في قوله ***** أنا ربكم فرعون ذو الطغيان
بل كان حقا قوله إذ كان عي ***** ن الحق مضطلعا بهذا الشان
ولذا غدا تطهيره في البحر تط ***** هيرا من الأوهام والحسبان
قالوا ولم يك منكرا موسى لما ***** عبدوه من عجل لذي الخوران
الاعلى من كان ليس بعابد ***** معهم وأصبح ضيق الأعطان
ولذاك جر بلحية الأخ حيث لم ***** يك واسعا في قومه لبطان
بل فرق الانكار منه بينهم ***** لما سرى في وهمه غيران
ولقد رأى إبليس عارفهم فأه ***** وى بالسجود هو ذي خضعان
قالوا له ماذا صنعت فقال هل ***** غير الإله وأنتما عميان
ما ثم غير فاسجدوا إن شئتم ***** للشمس والأصنام والشيطان
فالكل عين الله عند محقق ***** والكل معبود لذي العرفان
هذا هو المعبود عندهم فقل ***** سبحانك اللهم ذا السبحان
يا أمة معبودها موطوؤها ***** أين الإله وثغرة الطعان
يا أمة قد صار من كفرانها ***** جزء يسير جملة الكفران
فصل
في قدوم ركب آخر
وأتى فريق ثم قال وجدته ***** بالذات موجودا بكل مكان
هو كالهواء بعينه لا عينه ***** ملأ الخلو ولا يرى بعيان
والقوم ما صانوه عن بئر ولا ***** قبر ولا حش ولا أعطان
بل منهم من قد رأى تشبيهه ***** بالروح داخل هذه الأبدان
ما فيهم من قال ليس بداخل ***** أو خارج عن جملة الأكوان
لكنهم حاموا على هذا ولم ***** يتجاسروا من عسكر الأيمان
وعليهم رد الأئمة أحمد ***** وصحابه من كل ذي عرفان
فهم الخصوم لكل صاحب سنة ***** وهم الخصوم لمنزل القرآن
ولهم مقالات ذكرت أصولها ***** لما ذكرت الجهم في الاوزان
فصل
في قدوم ركب آخر
وأتى فريق ثم قارب وصفه ***** هذا ولكن جد في الكفران
فأسر قول معطل ومكذ ب ***** في قالب التنزيه للرحمن
إذ قال ليس بداخل فينا ولا ***** هو خارج عن جملة الأكوان
بل قال ليس ببائن عنها ولا ***** فيها ولا هو عينها ببيان
كلا ولا فوق السموات العلى ***** والعرش من رب ولا رحمن
والعرش ليس عليه معبود سوى ***** العدم الذي لا شيئ في الأعيان
بل حظه من ربه حظ الثرى ***** منه وحظ قواعد البنيان
لو كان فوق العرش كان كهذه ال ***** أجسام سبحان العظيم الشان
ولقد وجدت لفاضل منهم مقا ***** ما قامه في الناس منذ زمان
قال اسمعوا يا قوم إن نبيكم ***** قد قال قولا واضح البرهان
لا تحكموا بالفضل لي اصلا على ***** ذي النون يونس ذلك الغضبان
هذا يرد على المجسم على قوله ***** الله فوق العرش والأكوان
ويدل أن إلهنا سبحانه ***** وبحمده يلقى بكل مكان
قالوا له بين لنا هذا فلم ***** يفعل فأعطوه من الأثمان
ألفا من الذهب العتيق فقال في ***** تبيانه فاسمع لذا التبيان
قد كان يونس في قرار البحر تحت ***** الماء في قبر من الحيتان
ومحمد صعد في السماء وجاوز ال ***** سبع الطباق وجاز كل عنان
وكلاهما في قربه من ربه ***** سبحانه إذ ذاك مستويان
فالعلو والسفل اللذان كلاهما ***** في بعده من ضده طرفان
إن ينسبا لله نزه عنهما ***** بالإختصاص بلى هما سيان
في قرب من أضحى مقيما فيهما ***** من ربه فكلاهما مثلان
فلأجل هذا خص يونس دونهم ***** بالذكر تحقيقا لهذا الشان
فأتى الثناء عليه من أصحابه ***** من كل ناحية بلا حسبان
فأحمد إلهك أيها السني إذ ***** عافاك من تحريف ذي بهتان
والله ما يرضى بهذا خائف ***** من ربه أمسى على الأيمان
هذا هو الإلحاد حقا بل هو الت ***** حريف محضا أبرد إلهذيان
والله ما بلي المجسم قط ذي ال ***** بلوى ولا أمسى بذي الخذلان
أمثال ذا التأويل أفسد هذه ال ***** أديان حين سرى إلى الأديان
والله لولا الله حافظ دينه ***** لتهدمت منه قوى الأركان
فصل
في قدوم ركب آخر
وأتى فريق ثم قارب وصفه ***** هذا وزاد عليه في الميزان
قال اسمعوا ياقوم لا تلهيكم ***** هذي الأماني هن شر أماني
اتعبت راحلتي وكلت مهجتي ***** وبذلت مجهودي وقد أعياني
فتشت فوق وتحت ثم أمامنا ***** ووراء ثم يسار مع إيمان
ما دلني احد عليه هناكم ***** كلا ولا بشر إليه هداني
الا طوائف بالحديث تمسكت ***** تعزى مذاهبها إلى القرآن
قالوا الذي نبغيه فوق عباده ***** فوق السماء وفوق كل مكان
وهو الذي حقا على العرش استوى ***** لكنه استولى على الأكوان
وإليه يصعد كل قول طيب ***** وإليه يرفع سعي ذي الشكران
والروح والأملاك منه تنزلت ***** وإليه تعرج عند كل أوان
وإليه أيدي السائلين توجهت ***** نحو العلو بفطرة الرحمن
وإليه قد عرج الرسول فقدرت ***** من قربه من ربه قوسان
وإليه قد رفع المسيح حقيقة ***** ولسوف ينزل كي يرى بعيان
وإليه تصعد روح كل مصدق ***** عند الممات فتنثني بأمان
وإليه آمال العباد توجهت ***** نحو العلو بلا تواص ثان
بل فطرة الله التي لم يفطروا ***** الاعليها الخلق والثقلان
ونظير هذا أنهم فطروا على ***** إقرارهم لا شك بالديان
لكن أولو التعطيل منهم أصبحوا ***** مرضى بداء الجهل والخذلان
فسألت عنهم رفقتي وأحبتي ***** أصحاب جهم حزب جنكسخان
من هؤلاء ومن يقال لهم فقد ***** جاءوا بأمر ما لىء الإذان
ولهم علينا صولة ما صإلها ***** ذو باطل بل صاحب البرهان
أو ما سمعتم قولهم وكلامهم ***** مثل الصواغر ليس ذا لجبان
جاءوكم من فوقكم وأتيتم ***** من تحتهم ما أنتم نسيان
جاءوكم بالوحي لكن جئتم ***** بنحاة الافكار والاذهان
قالوا مشبهة مجسمة فلا ***** تسمع مقال مجسم حيوان
والعنهم لعنا كبيرا واغزهم ***** بعساكر التعطيل غير جبان
واحكم بسفك دمائهم وبحبسهم ***** أولا فشردهم عن الاوطان
حذر صحابك منهم فهم أضل ***** من اليهود وعابدي الصلبان
واحذر تجادلهم بقال الله أو ***** قال الرسول فتنثني بهوان
أتى وهم أولى به قد أنفذوا ***** فيه قوى الاذهان وألابدان
فإذا ابتليت بهم فغالطهم على الت ***** أويل للاخبار والقرآن
وكذاك غالطهم على التكذيب لل ***** آحاد ذا لصاحبنا أصلان
أوصى به أشياخنا أشياخهم ***** فاحفظهما بيديك والاسنان
وإذا اجتمعت وهم بمشهد مجلس ***** فابدر بايراد وشغل زمان
لا يملكوه عليك بالآثار وال ***** أخبار والتفسير للفرقان
فتصير إن وافقت مثلهم وان ***** عارضت زنديقا أخا كفران
وإذا سكت يقال هذا جاهل ***** فابدر ولو بالفشر وإلهذيان
هذا الذي والله أوصانا به أشياخنا ***** في سالف و الأزمان
فرجعت من سفري وقلت لصاحبي ***** ومطيتي قد آذنت بحران
عطل ركابك واسترح من سيرها ***** ما ثم شيء غير ذي الأكوان
لو كان للأكوان رب خالق ***** كان المجسم صاحب البرهان
أو كان رب بائن عن ذي الورى ***** كان المجسم صاحب الأيمان
ولكان عند الناس أولى الخلق بال ***** إسلام والأيمان والإحسان
ولكان هذا الحزب فوق رؤوسهم ***** لم يختلف منهم عليه اثنان
فدع التكاليف التي حملتها ***** واخلع عذارك وارم بالأرسان
ما ثم فوق العرش من رب ولم ***** يتكلم الرحمن بالقرآن
لو كان فوق العرش رب ناظر ***** لزم التحيز وافتقار مكان
لو كان ذا القرآن عين كلامه ***** حرفا وصوتا كان ذا جثمان
فإذا انتفى هذا وهذا ما الذي ***** يبقى على ذا النفي من إيمان
فدع الحلال مع الحرام لأهله ***** فهما السياج لهم على البستان
فاخرقه ثم ادخل ترى في ضمنه ***** قد هيئت لك سائر الألوان
وترى بها ما لا يراه محجب ***** من كل ما تهوى به زوجان
واقطع علائقك التي قد قيدت ***** هذا الورى من سالف الازمان
لتصير حرا لست تحت أوامر ***** كلا ولا نهي ولا فرقان
لكن جعلت حجاب نفسك اذ ترى ***** فوق السما للناس من ديان
لو قلت ما فوق السماء مدبر ***** والعرش تخليه من الرحمن
والله ليس مكلما لعباده ***** كلا ولا متكلما بقرآن
ما قال قط ولا يقول ولا له ***** قول بدا منه إلى انسان
لحللت طلسمه وفزت بكنزه ***** وعلمت أن الناس في هذيان
لكن زعمت بان ربك بائن ***** من خلقه إذ قلت موجودان
وزعمت أن الله فوق العرش وال ***** كرسي حقا فوقه القدمان
وزعمت أن الله يسمع خلقه ***** ويراهم من فوق ست ثمان
وزعمت أن كلامه منه بدا ***** وإليه يرجع آخر الازمان
ووصفته بارادة وبقدرة ***** وكراهة و محبة وحنان
ووصفته بالسمع والبصر الذي ***** لا ينبغي إلا لذي الجثمان
محمد بن صالح العثيمين
التعليق على نونية ابن القيم
منذ 2001-08-29
عقد مجالس للتحكيم مع الجهمية
فصل
وقضى بأن الله ليس بفاعل ***** فعلا يقوم به بلا برهان
بل فعله المفعول خارج ذاته ***** كالوصف غير الذات في الحسبان
والجبر مذهبه الذي قرت به ***** عين العصاة وشيعة الشيطان
كانوا على وجل من العصيان إذ ***** هو فعلهم والذنب للانسان
واللوم لا يعدوه إذ هو فاعل ***** بإرادة وبقدرة الحيوان
فأراحهم جهم وشيعته من الل ***** وم العنيف وما قضوا بأمان
لكنهم حملوا ذنوبهم على ***** رب العباد بعزة وأمان
وتبرؤوا منها وقالوا إنها ***** أفعإله ما حيلة الانسان
ما كلف الجبار نفسا وسعها ***** أنى وقد جبرت على العصيان
وكذا على الطاعات أيضا قد غدت ***** مجبورة فلها إذا جبران
والعبد في التحقيق شبه نعامة ***** قد كلفت بالحمل والطيران
إذ كان صورتها تدل عليهما ***** هذا وليس لها بذاك يدان
فلذاك قال بأن طاعات الورى ***** وكذاك ما فعلوه من عصيان
هي عين فعل الرب لا أفعإلهم ***** فيصيح عنهم عند ذا نفيان
نفي لقدرتهم عليها أو لا ***** وصدورها منهم بنفي ثان
فيقال ما صاموا ولا صلوا ولا ***** زكوا ولا ذبحوا من القربان
وكذلك ما شربوا وما قتلوا وما *** سرقوا ولا فيهم غوي زان
وكذاك لم يأتوا اختيارا منهم ***** بالكفر والإسلام والأيمان
الا على وجه المجاز لأنها ***** قامت بهم كالطعم والالوان
جبروا على ما شاءه خلاقهم ***** ما ثم ذو عون وغير معان
والكل مجبور وغير ميسر ***** كالميت أدرج داخل الأكفان
وكذاك أفعال المهيمن لم تقم ***** أيضا به خوفا من الحدثان
فإذا جمعت مقالتيه أنتجا ***** كذبا وزورا واضح البهتان
إذ ليست الافعال فعل إلهنا ***** والرب ليس بفاعل العصيان
فإذا انتفت صفة الإله وفعله ***** وكلامه وفعائل الانسان
فهناك لا خلق ولا أمر ولا ***** وحي ولا تكليف عبد فان
وقضى على أسمائه بحدوثها ***** وبخلقها من جملة الأكوان
فانظر إلى تعطيله الأوصاف وال ***** أفعال والاسماء للرحمن
ماذا الذي في ضمن ذا التعطيل من ***** نفي ومن جحد ومن كفران
لكنه أبدى المقالة هكذا ***** في قالب التنزيه للرحمن
وأتى إلى الكفر العظيم فصاغه ***** عجلا ليفتن أمة الثيران
وكساه أنواع الجواهر والحلي ***** من لؤلؤ صاف ومن عقيان
فرآه ثيران الورى فأصابهم ***** كمصاب إخوتهم قديم زمان
عجلان قد فتن العباد بصوته **** إحداهما وبحرفه ذا الثان
والناس أكثرهم فأهل ظواهر **** تبدو لهم ليسوا بأهل معان
فهم القشور وبالقشور قوامهم ***** واللب حظ خلاصة الانسان
ولذا تقسمت الطوائف قوله ***** وتوارثوه إرث ذي السهمان
لم ينج من أقوإله طرا سوى ***** أهل الحديث وشيعة القرآن
فتبرؤوا منها براءة حيدر ***** وبراءة المولود من عمران
من كل شيعي خبيبث وصفه ***** وصف اليهود محللي الحيتان
فصل
في مقدمة نافعة قبل التحكيم
يا أيها الرجل المريد نجاته ***** إسمع مقالة ناصح معوان
كن في أمورك كلها متمسكا ***** بالوحي لا بزخارف إلهذيان
وانصر كتاب الله والسنن التي ***** جاءت عن المبعوث بالفرقان
واضرب بسيف الوحي كل معطل ***** ضرب المجاهد فوق كل بنان
واحمل بعزم الصدق حملة مخلص ***** متجرد لله غير جبان
واثبت بصبرك تحت ألوية الهدى ***** فإذا أصبت ففي رضى الرحمن
واجعل كتاب الله والسنن التي ***** ثبتت سلاحك ثم صح بجنان
من ذا يبارز فليقدم نفسه ***** أومن يسابق يبد في الميدان
واصدع بما قال الرسول ولا تخف ***** من قلة الانصار والاعوان
فالله ناصر دينه وكتابه ***** والله كاف عبده بأمان
لا تخش من كيد العدو ومكرهم ***** فقتإلهم بالكذب والبهتان
فجنود اتباع الرسول ملائك ***** وجنودهم فعساكر الشيطان
شتان بين العسكرين فمن يكن ***** متحيزا فلينظر الفئتان
واثبت وقاتل تحت رايات الهدى ***** واصبر فنصر الله ربك دان
واذكر مقاتلهم لفرسان الهدى ***** لله در مقاتل الفرسان
وادرأ بلفظ النص في نحر العدى ***** وارجمهم بثواقب الشهبان
لا تخش كثرتهم فهم همج الورى ***** وذبابه أتخاف من ذبان
واشغلهم عند الجدال ببعضهم ***** بعضا فذاك الحزم للفرسان
وإذا هم حملو عليك فلا تكن ***** فزعا لحملتهم ولا بجبان
واثبت ولا تحمل بلا جند فما ***** هذا بمحمود لدى الشجعان
فإذا رأيت عصابة الاسلام قد ***** وافت عساكرها مع السلطان
فهناك فاخترق الصفوف ولا تكن ***** بالعاجز الواني ولا الفزعان
وتعر من ثوبين من يلبسهما ***** يلقى الردى بمذمة وهوان
ثوب من الجهل المركب فوقه ***** ثوب التعصب بئست الثوبان
وتحل بالانصاف أفخر حلة ***** زينت بها الاعطاف والكتفان
واجعل شعارك خشية الرحمن مع ***** نصح الرسول فحبذ الامران
وتمسكن بحبله وبوحه ***** وتوكلن حقيقة التكلان
فالحق وصف الرب وهو صراطه ال ***** هادي اليه لصاحب الأيمان
وهو الصراط عليه رب العرش أي ***** ضا ذا وذا قد جاء في القرآن
والحق منصور وممتحن فلا ***** تعجب فهذي سنة الرحمن
وبذاك يظهر حزبه من حزبه ***** ولا جل ذاك الناس طائفتان
ولأجل ذاك الحرب بين الرسل و ال ***** كفار مذ قام الورى سجلان
لكنما العقبى لأهل الحق إن ***** فاتت هنا كانت لدى الديان
واجعل لقلبك هجرتين ولا تنم ***** فهما على كل امرئ فرضان
فإلهجرة الاولى إلى الرحمن بال ***** إخلاص في سرو وفي إعلان
فالقصد وجه الله بالاقوال وال ***** أعمال والطاعات والشكران
فبذاك ينجو العبد من إشراكه ***** ويصير حقا عابد الرحمن
وإلهجرة الاخرى إلى المبعوث بال ***** حق المبين وواضح البرهان
فيدور مع قول الرسول وفعله ***** نفيا واثباتا بلا روغان
ويحكم الوحي المبين على الذي ***** قال الشيوخ فعنده حكمان
لا يحكمان بباطل أبدا وكل ***** العدل قد جاءت به الحكمان
وهما كتاب الله أعدل حاكم ***** فيه الشفا وهداية الحيران
والحاكم الثاني كلام رسوله ***** ما ثم غيرهما لذي إيمان
فإذا دعوك لغير حكمهما فلا ***** سمعا لداعي الكفر والعصيان
قل لا كرامة لا ولا نعما ولا ***** طوعا لمن يدعو إلى طغيان
وإذا دعيت إلى الرسول فقل لهم ***** سمعا وطوعا لست ذا عصيان
وإذا تكاثرت الخصوم وصيحوا ***** فاثبت فصيحتهم كمثل دخان
يرقى إلى الاوج الرفيع وبعده ***** يهوي إلى قعر الحضيض الداني
هذا وان قتال حزب الله بال ***** أعمال لا بكتائب الشجعان
والله ما فتحوا البلاد بكثرة ***** أنى وأعداهم بلا حسبان
وكذاك ما فتحو القلوب بهذه ال ***** آراء بل بالعلم والأيمان
وشجاعة الفرسان نفس الزهد في ***** نفس وذا محذور كل جبان
وشجاعة الحكام والعلماء زه ***** د في الثنامن كل ذي بطلان
فإذا هما اجتمعا لقلب صادق ***** شدت ركائبه إلى الرحمن
واقصد إلى الأقران لا أطرافها ***** فالعز تحت مقاتل الاقران
واسمع نصيحة من له خبر بما ***** عند الورى من كثرة الجولان
ما عندهم والله خير غير ما ***** أخذوه عمن جاء بالقرآن
والكل بعد فبدعة أو فرية ***** او بحث تشكيك ورأي فلان
فاصدع بأمر الله لا تخش الورى ***** في الله اخشاه تفز بأمان
واهجر ولو كل الورى في ذاته ***** لا في هواك ونخوة الشيطان
واصبر بغير تسخط وشكاية ***** واسفح بغير عتاب من هو جان
واهجرهم إلهجر الجميل بلا أذى ***** ان لم يكن بد من إلهجران
وانظر إلى الأقدار جارية بما ***** قد شاء من غي ومن إيمان
واجعل لقلبك مقلتين كلاهما ***** بالحق في ذا الخلق ناظرتان
فانظر بعين الحكم وارحمهم بها ***** اذ لا ترد مشيئة الديان
وانظر بعين الأمر واحملهم على ***** احكامه فهما إذا نظران
واجعل لوجهك مقلتين كلاهما ***** من خشية الرحمن باكيتان
لو شاء ربك كنت أيضا مثله ***** فالقلب بين أصابع الرحمن
واحذر كمائن نفسك اللاتي متى ***** خرجت عليك كسرت كسر مهان
وإذا انتصرت لها فأنت كمن بغى ***** طفي الدخان بموقد النيران
والله أخبر وهو أصدق قائل ***** أن سوف ينصر عبده بأمان
من يعمل السوأى سيجزى مثلها ***** او يعمل الحسنى يفز بجنان
هذي وصية ناصح ولنفسه ***** وصى وبعد لسائر الاخوان
فصل
وهذا أول عقد مجلس التحكيم
فاجلس إذا في مجلس الحكمين لل ***** رحمن لا للنفس والشيطان
الأول النقل الصحيح وبعده ال ***** عقل الصريح وفطرة الرحمن
واحكم إذا في رفقة قد سافروا ***** يبغون فاطر هذه الأكوان
فترافقوا في سيرهم وتفارقوا ***** عند افتراق الطرق بالحيران
فأتى فريق ثم قال وجدته ***** هذا الوجود بعينه وعيان
ما ثم موجود سواه وإنما ***** غلط اللسان فقال موجودان
وقضى بأن الله ليس بفاعل ***** فعلا يقوم به بلا برهان
بل فعله المفعول خارج ذاته ***** كالوصف غير الذات في الحسبان
والجبر مذهبه الذي قرت به ***** عين العصاة وشيعة الشيطان
كانوا على وجل من العصيان إذ ***** هو فعلهم والذنب للانسان
واللوم لا يعدوه إذ هو فاعل ***** بإرادة وبقدرة الحيوان
فأراحهم جهم وشيعته من الل ***** وم العنيف وما قضوا بأمان
لكنهم حملوا ذنوبهم على ***** رب العباد بعزة وأمان
وتبرؤوا منها وقالوا إنها ***** أفعإله ما حيلة الانسان
ما كلف الجبار نفسا وسعها ***** أنى وقد جبرت على العصيان
وكذا على الطاعات أيضا قد غدت ***** مجبورة فلها إذا جبران
والعبد في التحقيق شبه نعامة ***** قد كلفت بالحمل والطيران
إذ كان صورتها تدل عليهما ***** هذا وليس لها بذاك يدان
فلذاك قال بأن طاعات الورى ***** وكذاك ما فعلوه من عصيان
هي عين فعل الرب لا أفعإلهم ***** فيصيح عنهم عند ذا نفيان
نفي لقدرتهم عليها أو لا ***** وصدورها منهم بنفي ثان
فيقال ما صاموا ولا صلوا ولا ***** زكوا ولا ذبحوا من القربان
وكذلك ما شربوا وما قتلوا وما *** سرقوا ولا فيهم غوي زان
وكذاك لم يأتوا اختيارا منهم ***** بالكفر والإسلام والأيمان
الا على وجه المجاز لأنها ***** قامت بهم كالطعم والالوان
جبروا على ما شاءه خلاقهم ***** ما ثم ذو عون وغير معان
والكل مجبور وغير ميسر ***** كالميت أدرج داخل الأكفان
وكذاك أفعال المهيمن لم تقم ***** أيضا به خوفا من الحدثان
فإذا جمعت مقالتيه أنتجا ***** كذبا وزورا واضح البهتان
إذ ليست الافعال فعل إلهنا ***** والرب ليس بفاعل العصيان
فإذا انتفت صفة الإله وفعله ***** وكلامه وفعائل الانسان
فهناك لا خلق ولا أمر ولا ***** وحي ولا تكليف عبد فان
وقضى على أسمائه بحدوثها ***** وبخلقها من جملة الأكوان
فانظر إلى تعطيله الأوصاف وال ***** أفعال والاسماء للرحمن
ماذا الذي في ضمن ذا التعطيل من ***** نفي ومن جحد ومن كفران
لكنه أبدى المقالة هكذا ***** في قالب التنزيه للرحمن
وأتى إلى الكفر العظيم فصاغه ***** عجلا ليفتن أمة الثيران
وكساه أنواع الجواهر والحلي ***** من لؤلؤ صاف ومن عقيان
فرآه ثيران الورى فأصابهم ***** كمصاب إخوتهم قديم زمان
عجلان قد فتن العباد بصوته **** إحداهما وبحرفه ذا الثان
والناس أكثرهم فأهل ظواهر **** تبدو لهم ليسوا بأهل معان
فهم القشور وبالقشور قوامهم ***** واللب حظ خلاصة الانسان
ولذا تقسمت الطوائف قوله ***** وتوارثوه إرث ذي السهمان
لم ينج من أقوإله طرا سوى ***** أهل الحديث وشيعة القرآن
فتبرؤوا منها براءة حيدر ***** وبراءة المولود من عمران
من كل شيعي خبيبث وصفه ***** وصف اليهود محللي الحيتان
فصل
في مقدمة نافعة قبل التحكيم
يا أيها الرجل المريد نجاته ***** إسمع مقالة ناصح معوان
كن في أمورك كلها متمسكا ***** بالوحي لا بزخارف إلهذيان
وانصر كتاب الله والسنن التي ***** جاءت عن المبعوث بالفرقان
واضرب بسيف الوحي كل معطل ***** ضرب المجاهد فوق كل بنان
واحمل بعزم الصدق حملة مخلص ***** متجرد لله غير جبان
واثبت بصبرك تحت ألوية الهدى ***** فإذا أصبت ففي رضى الرحمن
واجعل كتاب الله والسنن التي ***** ثبتت سلاحك ثم صح بجنان
من ذا يبارز فليقدم نفسه ***** أومن يسابق يبد في الميدان
واصدع بما قال الرسول ولا تخف ***** من قلة الانصار والاعوان
فالله ناصر دينه وكتابه ***** والله كاف عبده بأمان
لا تخش من كيد العدو ومكرهم ***** فقتإلهم بالكذب والبهتان
فجنود اتباع الرسول ملائك ***** وجنودهم فعساكر الشيطان
شتان بين العسكرين فمن يكن ***** متحيزا فلينظر الفئتان
واثبت وقاتل تحت رايات الهدى ***** واصبر فنصر الله ربك دان
واذكر مقاتلهم لفرسان الهدى ***** لله در مقاتل الفرسان
وادرأ بلفظ النص في نحر العدى ***** وارجمهم بثواقب الشهبان
لا تخش كثرتهم فهم همج الورى ***** وذبابه أتخاف من ذبان
واشغلهم عند الجدال ببعضهم ***** بعضا فذاك الحزم للفرسان
وإذا هم حملو عليك فلا تكن ***** فزعا لحملتهم ولا بجبان
واثبت ولا تحمل بلا جند فما ***** هذا بمحمود لدى الشجعان
فإذا رأيت عصابة الاسلام قد ***** وافت عساكرها مع السلطان
فهناك فاخترق الصفوف ولا تكن ***** بالعاجز الواني ولا الفزعان
وتعر من ثوبين من يلبسهما ***** يلقى الردى بمذمة وهوان
ثوب من الجهل المركب فوقه ***** ثوب التعصب بئست الثوبان
وتحل بالانصاف أفخر حلة ***** زينت بها الاعطاف والكتفان
واجعل شعارك خشية الرحمن مع ***** نصح الرسول فحبذ الامران
وتمسكن بحبله وبوحه ***** وتوكلن حقيقة التكلان
فالحق وصف الرب وهو صراطه ال ***** هادي اليه لصاحب الأيمان
وهو الصراط عليه رب العرش أي ***** ضا ذا وذا قد جاء في القرآن
والحق منصور وممتحن فلا ***** تعجب فهذي سنة الرحمن
وبذاك يظهر حزبه من حزبه ***** ولا جل ذاك الناس طائفتان
ولأجل ذاك الحرب بين الرسل و ال ***** كفار مذ قام الورى سجلان
لكنما العقبى لأهل الحق إن ***** فاتت هنا كانت لدى الديان
واجعل لقلبك هجرتين ولا تنم ***** فهما على كل امرئ فرضان
فإلهجرة الاولى إلى الرحمن بال ***** إخلاص في سرو وفي إعلان
فالقصد وجه الله بالاقوال وال ***** أعمال والطاعات والشكران
فبذاك ينجو العبد من إشراكه ***** ويصير حقا عابد الرحمن
وإلهجرة الاخرى إلى المبعوث بال ***** حق المبين وواضح البرهان
فيدور مع قول الرسول وفعله ***** نفيا واثباتا بلا روغان
ويحكم الوحي المبين على الذي ***** قال الشيوخ فعنده حكمان
لا يحكمان بباطل أبدا وكل ***** العدل قد جاءت به الحكمان
وهما كتاب الله أعدل حاكم ***** فيه الشفا وهداية الحيران
والحاكم الثاني كلام رسوله ***** ما ثم غيرهما لذي إيمان
فإذا دعوك لغير حكمهما فلا ***** سمعا لداعي الكفر والعصيان
قل لا كرامة لا ولا نعما ولا ***** طوعا لمن يدعو إلى طغيان
وإذا دعيت إلى الرسول فقل لهم ***** سمعا وطوعا لست ذا عصيان
وإذا تكاثرت الخصوم وصيحوا ***** فاثبت فصيحتهم كمثل دخان
يرقى إلى الاوج الرفيع وبعده ***** يهوي إلى قعر الحضيض الداني
هذا وان قتال حزب الله بال ***** أعمال لا بكتائب الشجعان
والله ما فتحوا البلاد بكثرة ***** أنى وأعداهم بلا حسبان
وكذاك ما فتحو القلوب بهذه ال ***** آراء بل بالعلم والأيمان
وشجاعة الفرسان نفس الزهد في ***** نفس وذا محذور كل جبان
وشجاعة الحكام والعلماء زه ***** د في الثنامن كل ذي بطلان
فإذا هما اجتمعا لقلب صادق ***** شدت ركائبه إلى الرحمن
واقصد إلى الأقران لا أطرافها ***** فالعز تحت مقاتل الاقران
واسمع نصيحة من له خبر بما ***** عند الورى من كثرة الجولان
ما عندهم والله خير غير ما ***** أخذوه عمن جاء بالقرآن
والكل بعد فبدعة أو فرية ***** او بحث تشكيك ورأي فلان
فاصدع بأمر الله لا تخش الورى ***** في الله اخشاه تفز بأمان
واهجر ولو كل الورى في ذاته ***** لا في هواك ونخوة الشيطان
واصبر بغير تسخط وشكاية ***** واسفح بغير عتاب من هو جان
واهجرهم إلهجر الجميل بلا أذى ***** ان لم يكن بد من إلهجران
وانظر إلى الأقدار جارية بما ***** قد شاء من غي ومن إيمان
واجعل لقلبك مقلتين كلاهما ***** بالحق في ذا الخلق ناظرتان
فانظر بعين الحكم وارحمهم بها ***** اذ لا ترد مشيئة الديان
وانظر بعين الأمر واحملهم على ***** احكامه فهما إذا نظران
واجعل لوجهك مقلتين كلاهما ***** من خشية الرحمن باكيتان
لو شاء ربك كنت أيضا مثله ***** فالقلب بين أصابع الرحمن
واحذر كمائن نفسك اللاتي متى ***** خرجت عليك كسرت كسر مهان
وإذا انتصرت لها فأنت كمن بغى ***** طفي الدخان بموقد النيران
والله أخبر وهو أصدق قائل ***** أن سوف ينصر عبده بأمان
من يعمل السوأى سيجزى مثلها ***** او يعمل الحسنى يفز بجنان
هذي وصية ناصح ولنفسه ***** وصى وبعد لسائر الاخوان
فصل
وهذا أول عقد مجلس التحكيم
فاجلس إذا في مجلس الحكمين لل ***** رحمن لا للنفس والشيطان
الأول النقل الصحيح وبعده ال ***** عقل الصريح وفطرة الرحمن
واحكم إذا في رفقة قد سافروا ***** يبغون فاطر هذه الأكوان
فترافقوا في سيرهم وتفارقوا ***** عند افتراق الطرق بالحيران
فأتى فريق ثم قال وجدته ***** هذا الوجود بعينه وعيان
ما ثم موجود سواه وإنما ***** غلط اللسان فقال موجودان
محمد بن صالح العثيمين
التعليق على نونية ابن القيم
منذ 2001-08-29
ذكر جملة من معتقد الجهمية والرد عليها
حكم المحبة ثابت الأركان ***** ما للصدود بفسح ذاك يدان
إني وقاضي الحس نفذ حكمها ***** فلذا أقر بذلك الخصمان
وأتت شهود الوصل تشهد أنه ***** حقا جرى في مجلس الإحسان
فتأكد الحكم العزيز فلم تجد ***** فسخ الوشاة إليه من سلطان
ولأجل ذا حكم العذول تداعت ال ***** أركان منه فخر للأذقان
وأتى الوشاة فصادفوا الحكم الذي ***** حكموا به متيقن البطلان
ما صادف الحكم المحل ولا هواس ***** توفي الشروط فصار ذا بطلان
فلذاك قاضي الحسن أثبت محضرا ***** بفساد حكم إلهجر والسلوان
وحكى لك الحكم المحال ونقضه ***** فأسمع إذا يا من له إذان
حكم الوشاة بغير ما برهان ***** إن المحبة والصدود لدان
والله ما هذا بحكم مقسط ***** أين الغرام وصد ذي هجران
شتان بين الحالتين فإن ترد ***** جمعا فما الضدان يجتمعان
يا والها هانت عليه نفسه ***** إذ باعها غبنا بكل هوان
أتبيع من تهواه نفسك طائعا ***** بالصد والتعذيب وإلهجران
أجهلت أوصاف المبيع وقدرة ***** أن كنت ذا جهل بذي الأثمان
واها لقلب لا يفارق طيره ال ***** أغصان قائمة على الكثبان
ويظل يسجع فوقها ولغيره ***** منها الثمار وكل قطف دان
ويبيت يبكي والمواصل ضاحك ***** ويظل يشكو وهو ذو هجران
هذا ولو أن الجمال معلق ***** بالنجم هم إليه بالطيران
لله زائرة بالليل لم تخف ***** عسس الأمير ومرصد السجان
قطعت بلاد الشام ثم تيممت ***** من أرض طيبة مطلع الأيمان
وأتت على وادي العقيق فجاوزت ***** ميقاته حلا بلا نكران
وأتت على وادي الأراك ولم يكن ***** قصدا لها فألا بأن ستراني
وأتت على عرفات ثم محسر ***** ومنى فكم نحرته من قربان
وأتت على الجمرات ثم تيممت ***** ذات الستور وربة الاركان
هذا وما طافت ولا استلمت ولا ***** رمت الجمار ولا سعت لقران
ورقت على أعلى الصفا فتيممت ***** دارا هنالك للمحب العاني
أترى الدليل أعارها أثوابه ***** والريح أعطتها من الخفقان
والله لو أن الدليل مكانها ***** ما كان ذلك منه في إمكان
هذا ولو سارت مسير الريح ما ***** وصلت به ليلا إلى نعمان
سارت وكان دليلها في سيرها ***** سعد السعود وليس بالدبران
وردت جفار الدمع وهي غزيرة ***** فلذاك ما احتاجت ورود الضان
وعلت على متن إلهوى وتزودت ***** ذكرى الحبيب ووصله المتدان
وعدت بزورتها فأوفت بالذي ***** وعدت وكان بملتقى الاجفان
لم يفجأ المشتاق إلا وهي دا ***** خلة الستور بغير ما استئذان
قالت وقد كشفت نقاب الحسن ما ***** بالصبر لي عن ان أراك يدان
فتحدثت عندي حديثا خلته ***** صدقا وقد كذبت به العينان
فعجبت منه وقلت من فرحي به ***** طمعا ولكن المنام دهاني
ان كنت كاذبة الذي حدثتني ***** فعليك إثم الكاذب الفتان
جهم بن صفوان وشيعته الالى ***** جحد واصفات الخالق الديان
بل عطلوا منه السموات العلى ***** والعرش أخلوه من الرحمن
ونفوا كلام الرب جل جلاله ***** وقضوا له بالخلق والحدثان
قالوا وليس لربنا سمع ولا ***** بصر ولا وجه فكيف يدان
وكذاك ليس لربنا من قدرة ***** وإرادة أو رحمة وحنان
كلا ولا وصف يقوم به سوى ***** ذات مجردة بغير معان
وحياته هي نفسه وكلامه ***** هو غيره فاعجب لذا البهتان
وكذاك قالوا مإله من خلقه ***** أحد يكون خليله النفسان
وخليله المحتاج عندهم وفي ***** ذا الوصف يدخل عابدو الاوثان
فالكل مفتقر إليه لذاته ***** في أسر قبضته ذليل عان
ولأجل ذا ضحى بجعد خالد القسري ***** يوم ذبائح القربان
إذ قال إبراهيم ليس خليله ***** كلا ولا موسى الكليم الدان
شكر الضحية كل صاحب سنة ***** لله درك من أخي قربان
فصل
والعبد عندهم فليس بفاعل ***** بل فعله كتحرك الرجفان
وهبوب ريح أو تحرك نائم ***** وتحرك الأشجار للميلان
والله يصليه على ما ليس من ***** أفعإله حر الحميم الآن
لكن يعاقبه على أفعإله ***** فيه تعالى الله ذو الإحسان
والظلم عندهم المحال لذاته ***** أنى ينزه عنه ذو السلطان
ويكون مدحا ذلك التنزيه ما ***** هذا بمعقول لذي الأذهان
فصل
وكذاك قالوا مإله من حكمة ***** هي غاية للأمر والإتقان
ما ثم غير مشيئة قد رجحت ***** مثلا على مثل بلا رجحان
هذا وما تلك المشيئة وصفه ***** بل ذاته أو فعله قولان
وكلامه مذ كان غيرا كان مخ ***** لوقا له من جملة الأكوان
قالوا وإقرار العباد بأنه ***** خلاقهم هو منتهى الأيمان
والناس في الأيمان شيء واحد ***** كالمشط عند تماثل الاسنان
فاسأل أبا جهل وشيعته ومن ***** ولاهم من عابدي الاوثان
وسل اليهود وكل أقلف مشرك ***** عبد المسيح مقبل الصلبان
واسأل ثمود وعاد بل سل قبلهم ***** أعداء نوح أمة الطوفان
واسأل أبا الجن اللعين أتعرف ال ***** خلاق أم أصبحت ذا نكران
واسأل شرار الخلق أعني أمة ***** لوطية هم ناكحو الذكران
واسأل كذاك إمام كل معطل ***** فرعون مع قارون مع هامان
هل كان فيهم منكر للخالق الرب ***** العظيم مكون الا كوان
فليبشروا ما فيهم من كافر ***** هم عند جهم كاملو الأيمان
فصل
وقضى بأن الله كان معطلا ***** والفعل ممتنع بلا إمكان
ثم استحال وصار مقدورا له ***** من غير أمر قام بالديان
بل حإله سبحانه في ذاته ***** قبل الحدوث وبعده سيان
وقضى بأن النار لم تخلق ولا ***** جنات عدن بل هما عدمان
فإذا هما خلقا ليوم معادنا ***** فهما على الاوقات فانيتان
وتلطف العلاف من أتباعه ***** فأتى بضحكة جاهل مجان
قال الفناء يكون في الحركات لا ***** في الذات واعجبا لذا إلهذيان
أيصير أهل الخلد في جناتهم ***** وجحيمهم كحجارة البنيان
ما حال من قد كان يغشى أهله ***** عند انقضاء تحرك الحيوان
وكذاك ما حال الذي رفعت يدا ***** ه أكلة من صحفة وخوان
فتناهت الحركات قبل وصولها ***** للفم عند تفتح الاسنان
وكذاك ما حال الذي امتدت يد ***** منه إلى قنو من القنوان
فتناهت الحركات قبل الأخذ هل ***** يبقى كذلك سائر الازمان
تبا لهاتيك العقول فانها ***** والله قد مسخت على الابدان
تبا لمن أضحي بقدمها على ال ***** آثار والاخبار والقرآن
فصل
وقضى بأن الله يجعل خلقه ***** عدما ويقلبه وجودا ثان
العرش والكرسي والأرواح وال ***** أملاك والقمران
والأرض والبحر المحيط وسائر ال ***** أكوان من عرض ومن جثمان
كل سيفنيه الفناء المحض لا ***** يبقى له أثر كظل فان
ويعيد ذا المعدوم أيضا ثانيا ***** محض الوجود إعادة بزمان
هذا المعاد وذلك المبدا الذي ***** جهم وقد نسبوه للقرآن
هذا الذي قاد ابن سينا والالى ***** قالوا مقالته إلى الكفران
لم تقبل الأذهان ذا وتوهموا ***** أن الرسول عناه بالأيمان
هذا كتاب الله أنى قال ذا ***** أو عبدة المبعوث بالبرهان
او صحبه من بعده أو تابع ***** لهم على الأيمان والإحسان
بل صرح الوحي المبين بأنه ***** حقا مغير هذه الأكوان
فيبدل الله السماوات العلى ***** والارض ايضا ذات تبديلان
وهما كتبديل الجلود لساكني النيران ***** عند النضج من نيران
وكذاك يقبض أرضه وسماءه ***** بيديه ما العدمان مقبوضان
وتحدث الأرض التي كنا بها ***** أخبارها في الحشر للرحمن
وتظل تشهد وهي عدل بالذي ***** من فوقها قد أحدث الثقلان
أفيشهد العدم الذي هو كاسمه ***** لا شيء هذا ليس في الامكان
لكن تسوى ثم تبسط ثم تسهد ***** ثم تبدل وهي ذات كيان
وتمد ايضا مثل مد أديمنا ***** من غير أودية ولا كثبان
وتقيء يوم العرض من أكبادها ***** كالاسطوان نفائس الاثمان
كل يراه بعينه وعيانه ***** ما لامرىء بالأخذ منه يدان
وكذا الجبال تفت فتا محكما ***** فتعود مثل الرمل ذي الكثبان
وتكون كالعهن الذي ألوانه ***** وصباغة من سائر الالوان
وتبس بسا مثل ذاك فتنثني ***** مثل إلهباء لناظر الانسان
وكذا البحار فإنها مسجورة ***** قد فجرت تفجير ذي سلطان
وكذلك القمران يأذن ربنا ***** لهما فيجتمعان يلتقيان
هذي مكورة وهذا خاسف ***** وكلاهما في النار مطروحان
وكواكب الافلاك تنثر كلها ***** كلآلىء نثرت على ميدان
وكذا السماء تشق شقا ظاهرا ***** وتمور ايضا أيما موران
وتصير بعد الانشقاق كمثل هـ ***** ذا المهل او تك وردة كدهان
والعرش والكرسي لا يفنيهما ***** أيضا وإنهما لمخلوقان
والحور لا تفنى كذلك جنة ال ***** مأوى وما فيها من الولدان
ولاجل هذا قال جهم إنها ***** عدم ولم تخلق إلى ذا الآن
والانبياء فإنهم تحت الثرى ***** أجسامهم حفظت من الديدان
ما للبلى بلحومهم وجسومهم ***** أبدا وهم تحت التراب يدان
وكذاك عجب الظهر لا يبلى بلى ***** منه تركب خلقة الانسان
وكذلك الأرواح لا تبلى كما ***** تبلى الجسوم ولا بلى اللحمان
ولاجل ذلك لم يقر الجهم بال ***** أرواح خارجة عن الابدان
لكنها من بعض أعراض بها ***** قامت وذا في غاية البطلان
فالشأن للارواح بعد فراقها ***** أبدانها والله أعظم شان
إما عذاب أو نعيم دائم ***** قد نعمت بالروح والريحان
وتصير طيرا سارحا مع شكلها ***** تجني الثمار بجنة الحيوان
وتظل واردة لأنهار بها ***** حتى تعود لذلك الجثمان
لكن أرواح الذين استشهدوا ***** في جوف طير أخضر ريان
فلهم بذاك مزية في عيشهم ***** ونعيمهم بالروح والابدان
بذلوا الجسوم لربهم فأعاضهم ***** أجسام تلك الطير بالإحسان
ولها قناديل إليها تنتهي ***** مأوى لها كمساكن الانسان
فالروح بعد الموت أكمل حالة ***** منها بهذي الدار في جثمان
وعذاب أشقاها اشد من الذي ***** قد عاينت أبصارها بعيان
والقائلون بأنها عرض أبوا ***** ذا كله تبا لذي نكران
وإذا أراد الله اخراج الورى ***** بعد الممات إلى المعاد الثاني
ألقى على الاض التي هم تحتها ***** والله مقتدر وذو سلطان
مطرا غليظا أبيضا متتابعا ***** عشرا وعشرا بعدها عشران
فتظل تنبت منه أجسام الورى ***** ولحومهم كمنابت الريحان
حتى إذا ما الأم حان ولادها ***** وتمخضت فنفاسها متدان
أوحى لها رب السما فتشققت ***** فبدا الجنين كأكمل الشبان
وتخلت الأم الولود فأخرجت ***** أثقالها انثى ومن ذكران
والله ينشئ خلقه في نشأة ***** اخرى كما قد قال في القرآن
هذا الذي جاء الكتاب وسنة إله ***** ادي به فاحرص على الأيمان
ما قال إن الله يعدم خلقه ***** طرا كقول الجاهل الحيران
إني وقاضي الحس نفذ حكمها ***** فلذا أقر بذلك الخصمان
وأتت شهود الوصل تشهد أنه ***** حقا جرى في مجلس الإحسان
فتأكد الحكم العزيز فلم تجد ***** فسخ الوشاة إليه من سلطان
ولأجل ذا حكم العذول تداعت ال ***** أركان منه فخر للأذقان
وأتى الوشاة فصادفوا الحكم الذي ***** حكموا به متيقن البطلان
ما صادف الحكم المحل ولا هواس ***** توفي الشروط فصار ذا بطلان
فلذاك قاضي الحسن أثبت محضرا ***** بفساد حكم إلهجر والسلوان
وحكى لك الحكم المحال ونقضه ***** فأسمع إذا يا من له إذان
حكم الوشاة بغير ما برهان ***** إن المحبة والصدود لدان
والله ما هذا بحكم مقسط ***** أين الغرام وصد ذي هجران
شتان بين الحالتين فإن ترد ***** جمعا فما الضدان يجتمعان
يا والها هانت عليه نفسه ***** إذ باعها غبنا بكل هوان
أتبيع من تهواه نفسك طائعا ***** بالصد والتعذيب وإلهجران
أجهلت أوصاف المبيع وقدرة ***** أن كنت ذا جهل بذي الأثمان
واها لقلب لا يفارق طيره ال ***** أغصان قائمة على الكثبان
ويظل يسجع فوقها ولغيره ***** منها الثمار وكل قطف دان
ويبيت يبكي والمواصل ضاحك ***** ويظل يشكو وهو ذو هجران
هذا ولو أن الجمال معلق ***** بالنجم هم إليه بالطيران
لله زائرة بالليل لم تخف ***** عسس الأمير ومرصد السجان
قطعت بلاد الشام ثم تيممت ***** من أرض طيبة مطلع الأيمان
وأتت على وادي العقيق فجاوزت ***** ميقاته حلا بلا نكران
وأتت على وادي الأراك ولم يكن ***** قصدا لها فألا بأن ستراني
وأتت على عرفات ثم محسر ***** ومنى فكم نحرته من قربان
وأتت على الجمرات ثم تيممت ***** ذات الستور وربة الاركان
هذا وما طافت ولا استلمت ولا ***** رمت الجمار ولا سعت لقران
ورقت على أعلى الصفا فتيممت ***** دارا هنالك للمحب العاني
أترى الدليل أعارها أثوابه ***** والريح أعطتها من الخفقان
والله لو أن الدليل مكانها ***** ما كان ذلك منه في إمكان
هذا ولو سارت مسير الريح ما ***** وصلت به ليلا إلى نعمان
سارت وكان دليلها في سيرها ***** سعد السعود وليس بالدبران
وردت جفار الدمع وهي غزيرة ***** فلذاك ما احتاجت ورود الضان
وعلت على متن إلهوى وتزودت ***** ذكرى الحبيب ووصله المتدان
وعدت بزورتها فأوفت بالذي ***** وعدت وكان بملتقى الاجفان
لم يفجأ المشتاق إلا وهي دا ***** خلة الستور بغير ما استئذان
قالت وقد كشفت نقاب الحسن ما ***** بالصبر لي عن ان أراك يدان
فتحدثت عندي حديثا خلته ***** صدقا وقد كذبت به العينان
فعجبت منه وقلت من فرحي به ***** طمعا ولكن المنام دهاني
ان كنت كاذبة الذي حدثتني ***** فعليك إثم الكاذب الفتان
جهم بن صفوان وشيعته الالى ***** جحد واصفات الخالق الديان
بل عطلوا منه السموات العلى ***** والعرش أخلوه من الرحمن
ونفوا كلام الرب جل جلاله ***** وقضوا له بالخلق والحدثان
قالوا وليس لربنا سمع ولا ***** بصر ولا وجه فكيف يدان
وكذاك ليس لربنا من قدرة ***** وإرادة أو رحمة وحنان
كلا ولا وصف يقوم به سوى ***** ذات مجردة بغير معان
وحياته هي نفسه وكلامه ***** هو غيره فاعجب لذا البهتان
وكذاك قالوا مإله من خلقه ***** أحد يكون خليله النفسان
وخليله المحتاج عندهم وفي ***** ذا الوصف يدخل عابدو الاوثان
فالكل مفتقر إليه لذاته ***** في أسر قبضته ذليل عان
ولأجل ذا ضحى بجعد خالد القسري ***** يوم ذبائح القربان
إذ قال إبراهيم ليس خليله ***** كلا ولا موسى الكليم الدان
شكر الضحية كل صاحب سنة ***** لله درك من أخي قربان
فصل
والعبد عندهم فليس بفاعل ***** بل فعله كتحرك الرجفان
وهبوب ريح أو تحرك نائم ***** وتحرك الأشجار للميلان
والله يصليه على ما ليس من ***** أفعإله حر الحميم الآن
لكن يعاقبه على أفعإله ***** فيه تعالى الله ذو الإحسان
والظلم عندهم المحال لذاته ***** أنى ينزه عنه ذو السلطان
ويكون مدحا ذلك التنزيه ما ***** هذا بمعقول لذي الأذهان
فصل
وكذاك قالوا مإله من حكمة ***** هي غاية للأمر والإتقان
ما ثم غير مشيئة قد رجحت ***** مثلا على مثل بلا رجحان
هذا وما تلك المشيئة وصفه ***** بل ذاته أو فعله قولان
وكلامه مذ كان غيرا كان مخ ***** لوقا له من جملة الأكوان
قالوا وإقرار العباد بأنه ***** خلاقهم هو منتهى الأيمان
والناس في الأيمان شيء واحد ***** كالمشط عند تماثل الاسنان
فاسأل أبا جهل وشيعته ومن ***** ولاهم من عابدي الاوثان
وسل اليهود وكل أقلف مشرك ***** عبد المسيح مقبل الصلبان
واسأل ثمود وعاد بل سل قبلهم ***** أعداء نوح أمة الطوفان
واسأل أبا الجن اللعين أتعرف ال ***** خلاق أم أصبحت ذا نكران
واسأل شرار الخلق أعني أمة ***** لوطية هم ناكحو الذكران
واسأل كذاك إمام كل معطل ***** فرعون مع قارون مع هامان
هل كان فيهم منكر للخالق الرب ***** العظيم مكون الا كوان
فليبشروا ما فيهم من كافر ***** هم عند جهم كاملو الأيمان
فصل
وقضى بأن الله كان معطلا ***** والفعل ممتنع بلا إمكان
ثم استحال وصار مقدورا له ***** من غير أمر قام بالديان
بل حإله سبحانه في ذاته ***** قبل الحدوث وبعده سيان
وقضى بأن النار لم تخلق ولا ***** جنات عدن بل هما عدمان
فإذا هما خلقا ليوم معادنا ***** فهما على الاوقات فانيتان
وتلطف العلاف من أتباعه ***** فأتى بضحكة جاهل مجان
قال الفناء يكون في الحركات لا ***** في الذات واعجبا لذا إلهذيان
أيصير أهل الخلد في جناتهم ***** وجحيمهم كحجارة البنيان
ما حال من قد كان يغشى أهله ***** عند انقضاء تحرك الحيوان
وكذاك ما حال الذي رفعت يدا ***** ه أكلة من صحفة وخوان
فتناهت الحركات قبل وصولها ***** للفم عند تفتح الاسنان
وكذاك ما حال الذي امتدت يد ***** منه إلى قنو من القنوان
فتناهت الحركات قبل الأخذ هل ***** يبقى كذلك سائر الازمان
تبا لهاتيك العقول فانها ***** والله قد مسخت على الابدان
تبا لمن أضحي بقدمها على ال ***** آثار والاخبار والقرآن
فصل
وقضى بأن الله يجعل خلقه ***** عدما ويقلبه وجودا ثان
العرش والكرسي والأرواح وال ***** أملاك والقمران
والأرض والبحر المحيط وسائر ال ***** أكوان من عرض ومن جثمان
كل سيفنيه الفناء المحض لا ***** يبقى له أثر كظل فان
ويعيد ذا المعدوم أيضا ثانيا ***** محض الوجود إعادة بزمان
هذا المعاد وذلك المبدا الذي ***** جهم وقد نسبوه للقرآن
هذا الذي قاد ابن سينا والالى ***** قالوا مقالته إلى الكفران
لم تقبل الأذهان ذا وتوهموا ***** أن الرسول عناه بالأيمان
هذا كتاب الله أنى قال ذا ***** أو عبدة المبعوث بالبرهان
او صحبه من بعده أو تابع ***** لهم على الأيمان والإحسان
بل صرح الوحي المبين بأنه ***** حقا مغير هذه الأكوان
فيبدل الله السماوات العلى ***** والارض ايضا ذات تبديلان
وهما كتبديل الجلود لساكني النيران ***** عند النضج من نيران
وكذاك يقبض أرضه وسماءه ***** بيديه ما العدمان مقبوضان
وتحدث الأرض التي كنا بها ***** أخبارها في الحشر للرحمن
وتظل تشهد وهي عدل بالذي ***** من فوقها قد أحدث الثقلان
أفيشهد العدم الذي هو كاسمه ***** لا شيء هذا ليس في الامكان
لكن تسوى ثم تبسط ثم تسهد ***** ثم تبدل وهي ذات كيان
وتمد ايضا مثل مد أديمنا ***** من غير أودية ولا كثبان
وتقيء يوم العرض من أكبادها ***** كالاسطوان نفائس الاثمان
كل يراه بعينه وعيانه ***** ما لامرىء بالأخذ منه يدان
وكذا الجبال تفت فتا محكما ***** فتعود مثل الرمل ذي الكثبان
وتكون كالعهن الذي ألوانه ***** وصباغة من سائر الالوان
وتبس بسا مثل ذاك فتنثني ***** مثل إلهباء لناظر الانسان
وكذا البحار فإنها مسجورة ***** قد فجرت تفجير ذي سلطان
وكذلك القمران يأذن ربنا ***** لهما فيجتمعان يلتقيان
هذي مكورة وهذا خاسف ***** وكلاهما في النار مطروحان
وكواكب الافلاك تنثر كلها ***** كلآلىء نثرت على ميدان
وكذا السماء تشق شقا ظاهرا ***** وتمور ايضا أيما موران
وتصير بعد الانشقاق كمثل هـ ***** ذا المهل او تك وردة كدهان
والعرش والكرسي لا يفنيهما ***** أيضا وإنهما لمخلوقان
والحور لا تفنى كذلك جنة ال ***** مأوى وما فيها من الولدان
ولاجل هذا قال جهم إنها ***** عدم ولم تخلق إلى ذا الآن
والانبياء فإنهم تحت الثرى ***** أجسامهم حفظت من الديدان
ما للبلى بلحومهم وجسومهم ***** أبدا وهم تحت التراب يدان
وكذاك عجب الظهر لا يبلى بلى ***** منه تركب خلقة الانسان
وكذلك الأرواح لا تبلى كما ***** تبلى الجسوم ولا بلى اللحمان
ولاجل ذلك لم يقر الجهم بال ***** أرواح خارجة عن الابدان
لكنها من بعض أعراض بها ***** قامت وذا في غاية البطلان
فالشأن للارواح بعد فراقها ***** أبدانها والله أعظم شان
إما عذاب أو نعيم دائم ***** قد نعمت بالروح والريحان
وتصير طيرا سارحا مع شكلها ***** تجني الثمار بجنة الحيوان
وتظل واردة لأنهار بها ***** حتى تعود لذلك الجثمان
لكن أرواح الذين استشهدوا ***** في جوف طير أخضر ريان
فلهم بذاك مزية في عيشهم ***** ونعيمهم بالروح والابدان
بذلوا الجسوم لربهم فأعاضهم ***** أجسام تلك الطير بالإحسان
ولها قناديل إليها تنتهي ***** مأوى لها كمساكن الانسان
فالروح بعد الموت أكمل حالة ***** منها بهذي الدار في جثمان
وعذاب أشقاها اشد من الذي ***** قد عاينت أبصارها بعيان
والقائلون بأنها عرض أبوا ***** ذا كله تبا لذي نكران
وإذا أراد الله اخراج الورى ***** بعد الممات إلى المعاد الثاني
ألقى على الاض التي هم تحتها ***** والله مقتدر وذو سلطان
مطرا غليظا أبيضا متتابعا ***** عشرا وعشرا بعدها عشران
فتظل تنبت منه أجسام الورى ***** ولحومهم كمنابت الريحان
حتى إذا ما الأم حان ولادها ***** وتمخضت فنفاسها متدان
أوحى لها رب السما فتشققت ***** فبدا الجنين كأكمل الشبان
وتخلت الأم الولود فأخرجت ***** أثقالها انثى ومن ذكران
والله ينشئ خلقه في نشأة ***** اخرى كما قد قال في القرآن
هذا الذي جاء الكتاب وسنة إله ***** ادي به فاحرص على الأيمان
ما قال إن الله يعدم خلقه ***** طرا كقول الجاهل الحيران
محمد بن صالح العثيمين
التعليق على نونية ابن القيم
منذ 2001-08-29
محمد بن صالح العثيمين
الشرح المختصر لبلوغ المرام
منذ 2001-07-24
بعض أحكام الزكاة والصيام - نهاية الشرح المختصر
- باب قسم الصدقات :
- بيان قوله تعالى {إنما الصدقات للفقراء والمساكين ...}.
- بيان قوله صلى الله عليه وسلم (إنها لا تحل لمحمد ولا لآل محمد...)
- بيان قوله : خذه فتموله أو تصدق به..
- كتاب الصيام لغة وشرعا...
- قاعدة : أن تأسي الناس بالفعل أقوى من تأسيهم بالقول...
- بيان : حكم الفطر في الجهاد . إذا كان الفطر أقوى له لمقاومة العدو...
محمد بن صالح العثيمين
الشرح المختصر لبلوغ المرام
منذ 2001-07-24
بداية كتاب الزكاة
- بيان قوله صلى الله عليه وسلم(استغفروا لأخيكم واسألوا له ...).
- شرح قوله : وينهى عن دفن الميت ليلا...
- بيان حكم السلام على أهل القبور...
- كتاب الزكاة : هي ركن ...
- بيان أحام الزكاة ، تعريفها لغة ، متى فرضت ، وأين فرضت ؟
- قوله: ما لا يكال ولا يدخر فلا زكاة فيه...
- قوله: باب صدقة التطوع .
- شرح قوله : خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى..