أدركت أن تلك السويعات قليلة لتسع أهدافي، فطالما تمنيت أن يطول اليوم فلا فيه نوم ولا طعام.. فقط أنا ...

منذ 2020-04-29
أدركت أن تلك السويعات قليلة لتسع أهدافي، فطالما تمنيت أن يطول اليوم فلا فيه نوم ولا طعام.. فقط أنا وما أريد أن أفعل.
ها هو رمضان.. يدرب النفوس -بل قل يؤدب النفوس- لتدرك أن العيش ممكن بلا طعام لفترات تتجاوز نصف اليوم.
وها هو يرشدني لأملأ يومي بأهدافي الكثيرة التي كثيرا ما اشتكت من طول هجري، ونسياني إياها، فإذا بي أسارع للوصول إليها، فلا شاغلَ عنها ولا مصروف إليه سواها.
حينها أدركت كم أن النوم ثقيل على النفس، فكأني حينما أُساق إليه كأنني أُساق إلى موت يقص من شريط عمري بلا فائدة، فلا سعي إلى هدف، ولا تحقيق مراد، ولا تحصيل علم، ولا قراءة تثمر.
وأدرك أنه يمكنني العيش لأيام دون رؤية إخوتي.. نعم أشتاق، لكنني ما زلت حيّاً، أسعى إلى تحقيق مرادي، ذلك الذي أخذني من الكل.
أدرك أنه يمكنني الحياة بسويعات بل دقائق فقط من اليوم مع أمي، نعم أشعر بالتقصير خائفًا من الندم على التفريط في كل لحظة تمر دون الظفر بحديثها ودعائها.. لكني ما زلت أسير ولا أبرح حتى أبلغ.
وإذا كان ما مضى يمر على القلب فيصرفه المحبوب، فليس من العجيب أن أرى مشاهدة المسلسل خسران، وإن كان تاريخيا إسلاميا حتى حدثت نفسي أن القراءة أفضل منه وهي أقرب للقلب من زخرف المشاهد وتكلف المشاعر والتفاعل المزيف الذي يستهوي النفس لا تفيق إلا على واقع مغاير لما عاشته لدقائق معدودة.
وها أنا أنسى ما على هاتفي من ألعاب لم أكن أتركها، ومواقع تواصل يضيق صدري بها بعد أن كانت تشغل جُل وقتي.
أراقب الساعة فأخشى مرور الوقت دون إنجاز، وأعود ليلا لائما تلك النفس الضائعة الطائشة التي تركت سويعات تمر دون خطوة للأمام.
كأني أسارع الزمن والعُمر، وأخاف أن يسبقني، فأريد أن أظفر بأكثر الأمور فائدة وأعظمها أجرا، فأُفاضل بين هذا وذاك.
لكنها الصلاة.. تعيد ترتيب يومي بشكل مختلف، فكأن ما مضى زَبَدٌ يذهب جفاء، فتنبهني إلى ما ينفع ليمكث في الميزان.
رغم تلك العَجلة وسباق النفس والزمن، تأتي الصلاة بخشوعها لتخبرني أن: اهدأ، هنا لا وقت ولا عقارب ساعة تلاحق بعضها بعضا كأنما تتسابق فتحاول اللحاق بها، وأنى لك يا مسكين!.. هنا يتوقف الزمن ليبدأ زمن آخر مع رب الوقت والأزمان، فلا ما فعلت بنافع إذا قصرت، ولا آتٍ يمكث إذا استعجلت.. خشوع يتلاشى فيه الزمان فكأنك نسيت ما تركت ملذاتي إليه.
أتت الصلاة لتقلب موازين اليوم رأساً على عقب.. لتسري بخشوعها روح إلى روحي، تقود إلى السكينة والرضا بما قل من العمل أو كثر.. وكأنها تخبرني أن: ماذا فعلت؟ ءأنجزت ما أردت؟ ءأنهيت ما نويت؟... قف هنا وانسهم جميعا.
فكأن الصلاة تنقل الساعي من سباق الإنجاز مع نسيان الغاية فالتسارع والخوف من الإخفاق واللوم الشديد بأقل العثرات، إلى سباق من نوعٍ آخر، سباقٍ محوط بالرضا والنية الكافية للوصول للغاية.
ولا تنشغل حينها بقدر إنجازك كما تنشغل برضا من تسعى إليه (الله) والله يكفيه من العبد نيته، ولا يحمله ما لا طاقة له به.
اللهم نسألك أناة العجائز، وحرص الصبية على التعلم، وقوة الشباب، والبركة في الوقت، والتوفيق في السعي.

5ea71d2f3e98c

  • 4
  • 0
  • 301

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً