الحمد لله وبعد: فإن من سنة الله في عباده المؤمنين أن ينزل عليهم البلاءات والمحن ليميز الخبيث من ...

منذ 2020-07-22
الحمد لله وبعد:

فإن من سنة الله في عباده المؤمنين أن ينزل عليهم البلاءات والمحن ليميز الخبيث من الطيب والصادق من الكاذب، قال عز وجل:" ألم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون، ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين" وقال تعالى:" ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به، وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين" وكذلك ليكفر عنهم الذنوب والآثام ويرفع لهم الدرجات ويكتب لهم المنازل في الجنان، فقال صلى الله عليه وسلم:" إن الرجل ليكون له عند الله المنزلة فما يبلغها بعمل، فما يزال الله يبتليه بما يكره، حتى يبلغه إياها" وقال :" عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قوما ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا ومن سخط فعليه السخط"، ولكن هذا الجزاء وهذه الدرجات المترتبة على هذه البلاءات، متعلقة بالصبر والرضا، وقد أمر الله أنبياءه وعباده بالصبر وجعله من أعظم القربات التي رتب الله عليها أجورا عظيمة وجعله سبيلا للنجاة والفلاح، فقال عز وجل:" والعصر إن الإنسان لفي خسر، إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات، وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر" قال الشافعي رحمه الله لو ما أنزل الله على عباده إلا هذه السورة لكفتهم، أي أنها تكفيهم للمسارعة بالإيمان والمبادرة إلى العمل الصالح والدعوة إلى الله والصبر على الأذى فيه، لأن الله عز وجل أقسم على أن الإنسان في خسارة وضياع وضلال هلاك، إلا من قام على هذه الأربع، ففي هذه السورة الكريمة الأمر من الله لعباده بالإيمان والعمل به والدعوة إليه والصبر عليه، ودلالة لهم إلى أن هذا هو سبيل نجاتهم ولا نجاة لهم في سواه، وقد أمر نبيه الكريم بعد أن آتاه النبوة ونزل عليه الكتاب بالصبر، لعلمه تعالى بما يترتب على ذلك من الأذى والبلاء الشديدين فقال:" إنا نحن نزلنا عليك القرآن تنزيلا، فاصبر لحكم ربك ولا تطع منهم آثما أو كفورا" وأمر بذلك عباده المؤمنين فقال:" وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم، واصبروا إن الله مع الصابرين" وقد رتب تعالى على الصبر أجرا
عظيما فقال :" إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب" وقال :" ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين، الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون، أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة، وأولئك هم المهتدون" وقد مدحهم الله في قوله تعالى:" ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة الكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة وآتى الزكاة والموفون بعدهم إذا عاهدوا، والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس، أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون" فكانت هذه الصفات ومنها الصبر على البأساء والضراء دلالة على البر والصدق والتقوى، والآيات في الأمر بالصبر والدعوة إليه وترتيب الأجر والجزاء عليه كثيرة وكثيرة جدا، والله نسأل الإعانة على الصبر والرضا على أقداره تعالى وسبحانك اللهم وبحمدك أشهد ألا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.

- أبوعبدالله عبدالحفيظ مهدي-

5f177200e20b8

  • 0
  • 0
  • 77

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً