حكم أثار الطغاة يقول سبحانه {{ إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ ...

منذ 2020-10-07
حكم أثار الطغاة
يقول سبحانه {{ إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنتُمْ لَهَا وَارِدُونَ (98) لَوْ كَانَ هَؤُلاء آلِهَةً مَّا وَرَدُوهَا وَكُلٌّ فِيهَا خَالِدُونَ }} " الأنبياء , 98-99 "
الآية نزلت لتبين الحكم على المشركين وأصنامهم يوم القيامة وهو جعلهم حصب جهنم أي وقودها فإذا كان الحكم على الأصنام يوم القيامة جعلها وقودا للنار وهي جماد لا ذنب لها في عبادة وتعظيم المشركين لها فهذا يستفاد منه الحكم عليها بالتحطيم والحرق أبدا مثل ما فعل إبراهيم خليل الله مع أصنام المشركين في بابل
{{ فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا إِلاَّ كَبِيرًا لَّهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ }} " الأنبياء , 58 "
جُذَاذًا : أي حطاما
ومثل ما فعل موسى عليه السلام بالعجل الذي عبده بنوا إسرائيل في غيابه ذلك أن موسى عليه السلام ذهب لمناجاة ربه عند جبل الطُّور وترك بني إسرائيل في عهد أخيه النبيء هارون عليه السلام ولم يكن هارون رجلا شديدا ومهابا عند بني إسرائيل مثل موسى عليه السلام فلم يستطع منع بني إسرائيل من عبادة العجل وهو عجل صنعه لهم نحات دجال اسمه السامري من الذهب الذي كان عندهم من كنوز الفراعنة فلما رجع موسى عليه السلام غضب غضبا شديدا مما فعل بنوا إسرائيل وأحرق العجل الذهبي ورماه في البحر وقال وهو يخاطب السامري {{ قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيُّ (95) قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِّنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي (96) قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَن تَقُولَ لا مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَّنْ تُخْلَفَهُ وَانظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَّنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا (97) إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا (98) " طه "
فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِّنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي : أي أنه رأى جبريل عليه السلام فأخذ قبضة من أثره فألقاها على العجل الذي نحته لهم من الذهب وكان


له خوار أي يصدر صوتا مثل صوت العجل بسبب هندسته التي صممها له وليس بسبب قبضة التراب التي أخذها من أثر الرسول ( جبريل عليه السلام ) كما اعتقده بعض المفسرين لأنهم لم يفهموا قصد السامري ب (فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِّنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي) فما قصده السامري بذلك هو إقناع بني إسرائيل بعبادة العجل وذكر ذلك لموسى ظنا منه أن ذكره يسقط العقوبة عنه أما ما رواه بعض المفسرين عن مجاهد قوله أن السامري قبضة قبضة من أثر حافر فرس جبريل عليه السلام فألقاها على حلي بني إسرايئل فأنسبك منها عجلا جسدا له خوار فهو قول لا يطابق سنن الله في خلقه فليس من سنن الله أن يجعل أثر رسوله جبريل عليه السلام ملك الوحي فتنة للدجاجلة يفتنون بها عباده فيشركون به .

أَن تَقُولَ لا مِسَاسَ : هو تعبير عن العذاب الذي وعد به موسى عليه السلام السامري والراجح في تفسيره أنه تعبير يقوله من ذاق العذاب في زمانهم مثل الدعوى بالويل والثبور في اللغة العربية .
وعلى دأب إبراهيم وموسى عليهما السلام في تحطيم الأصنام وحرقها دأب رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحبه رضي الله عنهم فلم يفتحوا بلدا فيه أصنام إلا وحطموها أو أحرقوها كما في فتح مكة ٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ -رضي الله عنه- قَالَ: {{ دَخَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَكَّةَ وَحَوْلَ البيتِ ثَلاَثُمِائَةٍ وَسِتُّونَ نُصُبًا، فَجَعَلَ يَطْعَنُهَا بِعُودٍ فِي يَدِهِ وَجَعَلَ يَقُولُ : " جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِل ". الآية }}
" الصحيحين"
نُصُبًا : أي أصناما
هذا هو حكم الله وفعل أنبيائه في أصنام المشركين أما ما يدعيه بعض الضالين اليوم من ترك هذه الأصنام وعدم تحطيمها للاستفادة منها في السياحة فهو باطل ينافي ملة إبراهيم عليه السلام في التبرء من المشركين و معبوداتهم {{قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ }} " الممتحنة , 4 "
وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَدًا: لقد كان نبي الله إبراهيم عليه السلام عدو للمشركين وأصنامهم فتبرأ منهم وحطم الأصنام وهذا ينافي ما عليه أهل الأثار والسياحة اليوم من الاهتمام بها والاستفادة منها .
وكذلك قولهم أنه لم يعد لهذه الآثار سبب في تحطيمها لعدم وجود أشخاص يعبدونها أو يعظمونها فهو باطل ينافي ما جاء في الكتاب والسنة من استمرار الشرك إلى يوم القيامة فيقول سبحانه {{ حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُم مِّن كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ (96) وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي



غَفْلَةٍ مِّنْ هَذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ (97) إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنتُمْ لَهَا وَارِدُونَ (98) }}
" الأنبياء "

يستفاد من الآيات أن عبادة الأصنام ستستمر حتى فتح يأجوج ومأجوج واقتراب الوعد الحق : أي اقتراب يوم القيامة فإذا حصل ذلك أدرك المشركين أنهم كانوا في غفلة وأنهم ظالمين لأنهم أشركوا بالله وقالوا {{ يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِين }} .
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: {{ لا تقوم الساعة حتى تضطرب أَلْيَاتُ نساء دوس على ذي الخَلَصة)) وذو الخلصة طاغية دوس التي كانوا يعبدون في الجاهلية }} " الصحيحين "
معنى الحديث أنه لن تقوم الساعة حتى يرجع الشرك في جزيرة العرب فتطوف قبيلة دوس وهم قبيلة أبي هريرة بصنمهم (ذي الخلصة) فتتحرك ألْيات أي أعجاز نساء دوس من الطواف حوله .
وكذلك قولهم أن الصحابة رضي الله عنهم لم يهدموا آثار الطغاة في مصر والحقيقة غير هذا فالصحابة لما فتحوا مصر لم يبحثوا عن هذه الآثار ولا رأوها فمصر كانت حينئذ دولة للأقباط الدين السائد فيها المسيحية وكان ملكها المقوقس قبل ذلك على صلة طيبة بالرسول صلى الله عليه وسلم أهدى له هدايا منها جارية اسمها مارية القبطية أنجبت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولده إبراهيم فلما فتح الصحابة بلدهم تعاملوا معهم بالمودة وأحكام الإسلام التي تخص أهل الكتاب فما هدموا كنائسهم ولا بحثوا في أرضهم عن الأصنام لأنها ليست من معبوداتهم ولا رأوها فقد كانت مغمورة بالرمال أو ليست على مرأى الناس حتى تم اكتشافها من قبل علماء الآثار والمهتمين بها في العصور الحديثة كتمثال أبي الهول تم اكتشافه عام 1798م ثم أزيلت عنه الرمال عام 1905م بعد أن كان مغطى تماما بها ومعبد سنمبل الذي تم اكتشافه عام 1813م عندما عثر عليه المستشرق السويسري جي أل بورخاردت
.

5f5a37544c79c

  • 0
  • 0
  • 77

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً