صفات المنافقين يقول سبحانه {{ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُواْ بِمَا ...

منذ 2020-10-08
صفات المنافقين
يقول سبحانه {{ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُواْ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيدًا (60) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُودًا (61) }} " النساء "
الآيات تتضمن الحكم بإبطال التحاكم إلى الطاغوت وهو شرعة المشركين التي يتحاكمون إليها وأن من يتحاكم إليه فإيمانه من المزاعم : أي أنه باطل وأن علامة المنافقين الكبرى هي رفضهم للتحاكم إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه

وسلم {{ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُودًا }}
ويقول سبحانه {{ وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيرًا }} " النساء , 115 "
يُشَاقِقِ الرَّسُولَ : أي يعاديه ويتكبر على سنته
وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ : أي يعتقد عقيدة غير المسلمين ويسلك طريقا غير طريقهم (اتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم ) كما فعلت بعض الجماعات الضالة مثل المعتزلة والروافض فيحكم عليه بحكم من تولى من الكافرين وإن ادعى الإسلام لقوله سبحانه {{ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى }} ولقوله سبحانه في أية أخرى {{بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (138) الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ العِزَّةَ لِلّهِ جَمِيعًا }} " النساء ,139 "
ويقول سبحانه {{ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُواْ اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ }}
" التوبة ,67 "
يستفاد من الآية أن من علامات المنافقين الكبرى أنهم يأمرون بالمنكر أي أنهم يأمرون بما نهى الله عنه وينهون عن المعرف أي أنهم ينهون عن ما أمر الله به أو رغب فيه ومن علاماتهم أنهم يقبضون أيديهم {{ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ }} : كناية عن بخلهم الشديد عن الإنفاق في سبيل الله ثم إنهم {{ نَسُواْ اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ }} :أي نسوا ذكره وعبادته لقوله سبحانه عنهم في آية أخرى {{ وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَآؤُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلاَّ قَلِيلاً }} " النساء , 142" فجازاهم بحكم المنسي وهو الحرمان من قرب الله ورعايته وحفظه وليس المقصود به أن الله نسيهم بمعنى النسيان الذي هو صفة في بني آدم فهو مستحيل في حق الله وأن علاماتهم الكبرى أنهم فاسقون {{ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ }} .
ويقول سبحانه {{ يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَن تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِم قُلِ اسْتَهْزِؤُواْ إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَّا تَحْذَرُونَ (64) وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُونَ (65) لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِن نَّعْفُ عَن طَآئِفَةٍ مِّنكُمْ نُعَذِّبْ طَآئِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُواْ مُجْرِمِينَ (66)}} " التوبة "
نزلت الآيات كما هو ظاهر في أناس كانوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستهزءوا بآيات الله وبرسوله وقالوا إنما كنا نخوض ونلعب {{ وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُونَ }} : الاستهزاء هو الطعن والتنقص ولانتقاد فمن أصاب شيئا من ذلك في حق الله أو كتبه أو رسله فقد كفر حتى وإن كان مؤمنا قبل ذلك لقوله سبحانه عن هذه المجموعة {{ لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ }} ثم ذكر الله عنها أنه عفى عن بعضها وعذب بعضها أي عفى عن الذين تابوا قريبا وصدقوا في توبتهم وعذب الذين لم يتوبوا قريبا ولم يصدقوا في توبتهم لقوله سبحانه {{إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ

لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوَءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُوْلَـئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً (17) وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا
حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ وَلاَ الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُوْلَـئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (18) }} " النساء "
ولعل من أبلغ علامات النفاق التي نراها اليوم هي الإسراع في موالاة الكافرين من اليهود والنصارى والمشركين ومظاهرتهم على المؤمنين كما جاء في الآيات {{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (51) فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُواْ عَلَى مَا أَسَرُّواْ فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ (52)}}[المائدة]
الآيات تتضمن الحكم على من يوالي اليهود والنصارى أنه منهم وأن حكمه في القتال حكمهم وأن موالاتهم ومظاهرتهم على المؤمنين يسرع فيه المنافقون فهو من علاماتهم الكبرى أما من والاهم خشية على بلاده وعلى المسلمين ولم ينصرهم على المسلمين ويساعدهم على قتلهم فهذا لا يحكم عليه بالنفاق لقوله سبحانه {{لاَّ يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُوْنِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلاَّ أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ}} " آل عمران , 28 "
أذا تأملنا الآيات نستنبط ثلاثة أحكام كبرى :
أولا : النهي عن اتخاذ الكافرين أٌولياء من دون المؤمنين {{ لاَّ يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُوْنِ الْمُؤْمِنِينَ }} .
ثانيا: أن الله برئ ممن فعل ذلك {{ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ }}.
ثالثا : أن مجرد موالاة الكافرين أي الدخول في حلفهم قد لا يحكم على صاحبه بالنفاق إذا فعله خوفا من بطشهم ولم يساعدهم على قتل المسلمين لقوله سبحانه
{{ إِلاَّ أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَاةً }} : تُقَاةً : أي خشية
ومن علامات النفاق الكبرى عدم الاستماع لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم لقوله سبحانه {{ وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِندِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفًا أُوْلَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءهُمْ (16) وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْواهُمْ (17) }} " محمد "
مَاذَا قَالَ آنِفًا : أي ماذا كان يقول رسول الله صلى الله قبل قليل مما يدل على أنهم لم يكونوا ينصتون ويستمعون يقول سبحانه {{ وَإِذَا قُرِىءَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ }} " الأعراف , 204 "
عَنْ أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَمَا هُوَ جَالِسٌ فِي المَسْجِدِ وَالنَّاسُ مَعَهُ إِذْ أَقْبَلَ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ، فَأَقْبَلَ اثْنَانِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَهَبَ وَاحِدٌ، فَوَقَفَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَرَأَى

فُرْجَةً فِي الحَلْقَةِ فَجَلَسَ فِيهَا، وَأَمَّا الآخَرُ فَجَلَسَ خَلْفَهُمْ، وَأَمَّا الثالث ُ فَأَدْبَرَ ذَاهِبًا، فَلَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَلَا أُخْبِرُكُمْ عَنِ النَّفَرِ الثَّلَاثَةِ أَمَّا أَحَدُهُمْ فَأَوَى إِلَى اللَّهِ فَأَوَاهُ اللَّهُ، وَأَمَّا الآخَرُ فَاسْتَحْيَا فَاسْتَحْيَا اللَّهُ مِنْهُ، وَأَمَّا الآخَرُ فَأَعْرَضَ فَأَعْرَضَ اللَّهُ عَنْهُ» " الصحيحين "
ومن علامات المنافقين الكبرى عدم الوفاء بما عاهدوا الله عليه يقول سبحانه عنهم {{ وَمِنْهُم مَّنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِن فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ (75) فَلَمَّا آتَاهُم مِّن فَضْلِهِ بَخِلُواْ بِهِ وَتَوَلَّواْ وَّهُم مُّعْرِضُونَ (76) فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُواْ اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُواْ يَكْذِبُونَ (77) }} " التوبة " ويقول سبحانه {{ وَلَقَدْ كَانُوا عَاهَدُوا اللَّهَ مِن قَبْلُ لا يُوَلُّونَ الأَدْبَارَ وَكَانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْؤُولاً (15) قُل لَّن يَنفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِن فَرَرْتُم مِّنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذًا لاَّ تُمَتَّعُونَ إِلاَّ قَلِيلاً (16) }} "الأحزاب"
عن عبد الله بن عمرو ابن العاص رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : {{ أربعُ من كُنَّ فيه كان منافقاً خالصاً، من كان فيه خصْلَةُ منهن كان فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا أؤتمن خان ، وإذا حدث كذب ، وإذا عاهد غدر وإذا خاصم فجر }} " متفق عليه "
وللمنافقين أحكام نذكر منها :
أولا : يقول سبحانه {{ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُل لَّهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغًا }}
" النساء ,63 "
يستفاد من الآية الأمر بالإعراض عن المنافقين الذين ثبت نفاقهم وهو الحذر منهم واعتبارهم أعداء لقوله سبحانه {{ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ }}
" المنافقين ,4 " , ثم الأمر بوعظهم وتذكيرهم بالله والدار الآخرة ومن أحسن وعظهم أن تدعوهم لتدبر كتاب الله وتبين لهم إعجازه فيقول سبحانه {{أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا }} "النساء ,82 "
وأن تقول لهم في أنفسهم قولا بليغا{{ وَعِظْهُمْ وَقُل لَّهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغًا {{
ومن أبلغ ذلك أن تبين لهم نفاقهم وآثامهم كقوله سبحانه {{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّواْ أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُواْ رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ


قَرِيبٍ قُلْ مَتَاعُ الدَّنْيَا قَلِيلٌ وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِّمَنِ اتَّقَى وَلاَ تُظْلَمُونَ فَتِيلاً (77) أَيْنَمَا تَكُونُواْ يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ وَإِن تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُواْ هَـذِهِ مِنْ عِندِ اللَّهِ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُواْ هَـذِهِ مِنْ عِندِكَ قُلْ كُلٌّ مِّنْ عِندِ اللَّهِ فَمَا لِهَـؤُلاء الْقَوْمِ لاَ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا (78) }} " النساء " .
ثانيا يقول سبحانه {{ فَإِن رَّجَعَكَ اللَّهُ إِلَى طَآئِفَةٍ مِّنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُل لَّن تَخْرُجُواْ مَعِيَ أَبَدًا وَلَن تُقَاتِلُواْ مَعِيَ عَدُوًّا إِنَّكُمْ رَضِيتُم بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَاقْعُدُواْ مَعَ الْخَالِفِينَ }} " التوبة , 83 " : يستفاد من الآية أنه إذا ثبت النفاق على قوم لا يسمح لهم بالخروج مع المسلمين للجهاد والحكمة من ذلك يبينها الله في آية أخرى فيقول سبحانه {{ لَوْ خَرَجُواْ فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً ولأَوْضَعُواْ خِلاَلَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ }} " التوبة 47 "
مَّا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً : الخبال في اللغة العربية فساد العقل والهلاك والنقصان والمقصود ب { مَّا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً } : أن خروج المنافقين معنا لن يزيدنا قوة ولن يجلب لنا النصر بل سيضعفنا ويثبط همتنا ويفسدنا بالنميمة والشائعات التي يطلقونها
يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ : أي أنهم يسعون لكم بالفتنة كالقتال بينكم وانشقاقكم وإرجافكم بالشائعات التي يطلقونها
وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ : للأسف من المسلمين من يصدق الشائعات التي يطلقها المنافقون كما حصل مع بعض الصحابة في حديث الإفك حين رددوا الشائعة التي أطلقها رأس المنافقين عبد الله ابن أبي عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها يقول سبحانه وتعالى عنهم {{ إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ}} " النور , 15 " .
وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ : تقتضي أيضا استماع أرائهم الآثمة : أي أن من المسلمين من يفعل ذلك .
أما إذا تابوا وأصلحوا واعتصموا بالله وآمنوا إيمانا خالصا لله فلهم حكم المؤمنين لقوله سبحانه {{ إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَاعْتَصَمُواْ بِاللَّهِ وَأَخْلَصُواْ دِينَهُمْ لِلّهِ فَأُوْلَـئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا }} " النساء , 146 " .


ثالثا يقول سبحانه {{ وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَدًا وَلاَ تَقُمْ عَلَىَ قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُواْ وَهُمْ فَاسِقُونَ }} " التوبة 84 " : إذا ثبت على أحد أنه من المنافقين كعبد الله ابن أبي فلا يصلى عليه .
رابعا : يقول سبحانه {{ لَئِن لَّمْ يَنتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلاَّ قَلِيلاً (60) مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً (61) }} " الأحزاب "
يستفاد من الآيات أحكام تخص المنافقين الذين يقيمون في بلاد المسلمين وتحت سلطانهم لقوله {{ فِي الْمَدِينَةِ }} : أي الذين كانوا يقيمون في مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم وتحت سلطانه إذا صدر منه شيء من النفاق أو الخيانة وإرجاف المؤمنين وهو تخويفهم وبث الشائعات المفتنة بينهم ثم لم يتوبوا ولم ينتهوا أن الحكم فيهم هو إغراء رسول الله صلى الله عليه وسلم بهم أي تسليطه عليهم بأن ينفيهم من بلاد المسلمين وهذا يكون لإمام المسلمين بعده لأنه المكلف بتنفيذ أحكام الشرع وأن المنافقين ملعونين {{ مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً }} : ثُقِفُوا : أي أبصروا ووجدوا " أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً "فهذا يدل على جواز قتلهم إذا لم ينتهوا .
أما إذا كان المنافقون مجموعة لهم سلطان خارج سلطان المسلمين فيجب دعوتهم وقتالهم حتى يتوبوا إلى الله ويكونوا تحت سلطان الإسلام لقوله سبحانه {{ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ }}"التوبة , 73 " نزلت هذه الآية في آخر غزوات رسول الله صلى الله عليه وسلم (غزوة تبوك) وكانت من آخر ما نزل من القرءان في جهاد الكفار والمنافقين .
قد بينا بعض ما يخص المنافقين من العلامات والأحكام ومما لاشك فيه أنه بقي بعض لم نبينه لأنا لم نأتي بكل ما جاء في شأن المنافقين من الآيات والأحاديث والقصص في الكتاب والسنة والسيرة والتاريخ فذلك يحتاج إلى كتاب خاص به وما ذكرنا هنا هو ما يدور حوله الجدل اليوم ويلتبس على الناس فهمه .

5f5a37544c79c

  • 1
  • 0
  • 552

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً