الحكم في الدماء والجراحات يقول سبحانه {{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ ...

منذ 2020-11-01
الحكم في الدماء والجراحات
يقول سبحانه {{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاء إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ (178) وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (179) }} " البقرة , 179 " : الحكمة من القصاص أنه حماية للمسلمين من تعمد القتل والقتال فيما بينهم وهذا يتجلى في قوله سبحانه {{ وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }} وفي قوله سبحانه {{وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ }}" البقرة , 192 " : من الفتنة قتال المسلمين بينهم والقصاص يدرؤها فإذا عفى أولياء الدم كان لهم الأجر على الله ولهم الدية إن لم يعفوا عنها ولذا يقول سبحانه {{ فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاء إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ }} : فيجب على القاتل معاملة أولياء المقتول بالمعروف و أداء الدية إليهم بإحسان .
الأصل في الدية أنها مائة من الإبل والكن في حالة القتل العمد يجوز أن تتعدى ذلك إن طلب أولياء الدم الصلح على ذلك .
ويقول سبحانه {{ وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ }} " المائدة , 45 "
نزلت الآية جامعة لأحكام العمد في الدماء والجراحات ومعناها واضح لكل مسلم أن الجاني المتعمد يعاقب بمثل جنايته إن كانت قتلا قتل وإن كانت فقئا للعين فقئت عينه وإن كانت قطعا للأذن قطعت أذنه ... إلخ
{{ فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ }} : أي أن من تصدق بالعفو على الجاني فذلك كفارة له من الذنوب ثم إن طالب بالدية كانت له عن أنس رضي الله عنه قال كسرت الربيع وهي عمة أنس بن مالك ثنية جارية من الأنصار فطلب القوم القصاص فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم فأمر النبي بالقصاص فقال أنس ابن النضر عم أنس ابن مالك لا والله لا تُكسر سِنُّها يا رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم {{ يَأَنَسْ كِتَابُ الله الْقِصَاصُ }} فرضي القوم وقبلوا الإرش فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم {{ إَنَّ مِنْ عِبَادِ الله مَنْ لَوْ أقْسَمَ عَلَى الله لَأَبَرَّهُ }}" صحيح البخاري"
وقبلوا الإرش : يعني العوض ( الدية ) .
وتختلف الدية باختلاف نوع الجناية جاء في الموطإ
حدثني يحيى عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه أن في الكتاب الذي كتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم في العقول أن في النفس مائة من الإبل وفي الأنف إذا أوعي جدعا مائة من الإبل وفي المأمومة ثلث الدية وفي الجائفة مثلها وفي العين خمسون وفي اليد خمسون وفي الرجل خمسون وفي كل أصبع مما هنالك عشر من الإبل وفي السن خمس وفي الموضحة خمس

الشرح
في العقول : يعني الديات
وفي الأنف إذا أُعِيَ جدْعاً : إذا أوعي : أي أخذ كله , جدعا : أي قطعا
وفي المأمومة ثلث الدية : المأمومة هي التي تصل إلى الدماغ ولا يموت بسببها المجني عليه
وفي الجائفة مثلها : الجائفة : هي الجرح الذي يصل إلى الجوف ولا يموت بسببها المجني عليه
وفي الموضحة خمس من الإبل : الموضحة هي الجرح الذي يكشف العظم
أما إذا كان القتل والجراحات عن طريق الخطإ فليس فيهما قصاص وإنما الكفارة بالعتق و الدية أو العفو يقول سبحانه {{ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلاَّ خَطَئًا وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَئًا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُواْ فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهُوَ مْؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةً فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا }} " النساء , 92 "
الآية تهدينا وترشدنا إلى أحكام عظيمة منها أن القتل الخطأ يجب على فاعله تحرير رقبة مؤمنة إن وجدت فإن لم توجد كان عليه صيام شهرين متتابعين {{ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ }} , ويجب تسليم الدية إلى أهل المقتول وقدرها مائة من الإبل على عاقلة الجاني وهم عصبته أو قبيلته ولا يجوز أن تزيد على المائة ولكن يجوز أن يعفو أهل المقتول عنها أو عن بعضها لقوله سبحانه {{ إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُواْ }}
أي يتصدقوا بالعفو عنها أو عن بعضها
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال اقتتلت إمرأتان من هُذيل فرمت إحداهما الأخرى بحجر فقتلتها وما في بطنها فاختصموا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن دية جنينها قُرَّة عبد أو وليدة وقضى بدية المرأة على عاقلتها ... " الصحيحين "
ثانيا : إن كان المقتول خطئا مؤمنا وأهله كافرون يحاربون الإسلام وجب على القاتل تحرير رقبة مؤمنة لقوله سبحانه {{ فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهُوَ مْؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ }} , فإن لم يجد صام شهرين متتابعين توبة إلى الله لتكون كفارة له ولا تجب عليه الدية لأن أولياء المقتول كفار يحاربون الإسلام .
ثالثا :إن كان المقتول مسلما ولكن قومه كفار لا يحاربون الإسلام وبينهم وبين المسلمين ميثاق أي معاهدة سلام أو صلح أو كانوا ذميين في هذه الحالة يجب تحرير رقبة مؤمنة على القاتل ودفع الدية إلى أهل المقتول لقوله سبحانه {{ وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةً }} .
أما الجراحات ففيها الدية كما جاء في حديث عمرو بن حزم السابق ويجوز للمجني عليه العفو عنها أو عن بعضها .

5f5a37544c79c

  • 2
  • 0
  • 13

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً