تغريدات مجموعة: سبب قد يخفى على كثير من الناس وهو داؤهم الدوي الذي منعوا به إجابة كثير من دعواتهم، ...

منذ 2020-11-19
تغريدات مجموعة: سبب قد يخفى على كثير من الناس وهو داؤهم الدوي الذي منعوا به إجابة كثير من دعواتهم، وحرموا به خيراً عظيماً وفضلاً كبيراً

عبد العزيز بن داخل المطيري
‏@aibndakhil


بسم الله الرحمن الرحيم



سأتحدّث إليكم - بعون الله - عن سبب قد يخفى على كثير من الناس وهو داؤهم الدوي الذي منعوا به إجابة كثير من دعواتهم، وحرموا به خيراً عظيماً وفضلاً كبيراً، فعاشوا في نكد يتقلبون فيه بين التسخّط والحرمان، والعياذ بالله.

هذا السبب ذكره الله عزّ وجلّ وبيّن أثره العظيم في مواضع من القرآن الكريم، وبيّن أنه لم يسلم منه إلا قليل، وما يزال بعض الناس لا يميّز بين الدعاء الصادق والأمنيات الباطلة؛ فيتمنَّى على الله الأماني ويتسخّط من عدم تحققها.

ذلكم السبب الخطير هو التفريط في شكر سوابق النعم بل ربما مقابلتها بالتسخّط والتبرّم ونسيان حقّ الله تعالى فيها، أو نسبة العبد ما هو فيه من النعمة لنفسه بذكائه أو مكانته {إنما أوتيته على علم عندي}
وربّما لو فتّش إنسان في نفسه وتفحَّص قلبه وجد فيه شيئا من هذا البلاء وآثاره.

كم من إنسان كانت نفسه تتوق إلى نعمة يتشوَّق لها ويتلهَّف عليها فلما آتاه الله إياها زهد فيها وفرّط في شكرها، ونظرها إليها نظر المستحقّ لها ولما هو أفضل منها، وربما سخطها وقارنها بما أوتي غيره وغفل عن قوله تعالى: {فخذ ما آتيتك وكن من الشاكرين}
ولا يزال يدعو الله ثم يقابل نعمه بما لا يليق بها من الغفلة والجحود ورؤية النفس والتسخط ثم إذا عرضت له حاجة ودعا فيه ولم يُجب تعجّب وتسخّط وكيف يجاب لفلان وفلان وأنا أفضل منهم
وغفل عن الجواب العظيم: {أليس الله بأعلم بالشاكرين}

يا من يتحسر على ما يرى من عدم إجابة دعوته تعاهد نفسك فيما مضى عليك من نعم الله ؛ كيف كان موقفك منها؟
- كيف تلقيتها؟ وكيف رعيت أمانتها؟
- هل أديت شكرها؟
- هل عملت فيها لله بما يحب؟
- هل أثنيت بها على الله؟
- هل شهدت فيها فقرك إلى الله وأنك لولا فضله ورحمته لم يكن لك أن تنالها؟

هذه الآية لو تدبرناها لاستغنينا بها وفقهنا سرّ الامتنان ومفتاحه: {وكذلك فتنا بعضهم ببعض ليقولوا أهؤلاء منَّ الله عليهم من بيننا أليس الله بأعلم بالشاكرين}
هذا إيماء جليّ يدل دلالة بيّنة على أنّ الشكر سبب المنّة من الله تعالى، والمنّة أوسع من إجابة الدعاء فما بالكم بإجابة الدعاء؟!

من أخطر ما يُعاقب به أهل الغفلة عن الشكر سلب النعم من حيث لا يشعرون.
فالجزاء من جنس العمل، غفل عن الشكر غفلةَ تجاهل وتناسي فاستحق أن يكون العقاب على غفلة منه.
فينظر إلى نفسه بعد مدّة فإذا به قد خسر وحُرم خيراً عظيماً.
وللتائب فرج...

من قصَّر فيما مضى فلا ييأس؛ فإنه لا يشقى مع الله أحد ينيب إليه ويتّبع رضوانه
وقد بيّن الله الفرج والمخرج ببيان بديع يتضمن إرشاداً ووعداً : {إن يعلم الله في قلوبكم خيراً يؤتكم خيراً مما أخذ منكم}
والعبرة بعموم لفظ الآية لا بخصوص سببها.
{إن يعلم الله في قلوبكم خيراً}
الخير الذي في القلوب هو ما يحبّه الله ويُعطي عليه من الإيمان به وشكر نعمته؛ فمن فقه ذلك عرف ميدان تنافس الصالحين ومتعلَّق إيتاء الخير والفضل، وأنه كلما كان نصيب قلبه من الخير أكبر كان رجاؤه لعطاء الله أعظم.
وأدرك أن صلاح الشأن من صلاح القلب.

من دلائل صحة القلب وصلاحه أن يكون طيباً تُثمر فيه النعمة؛ فيظهر أثرها، ويورق عودها، ويبهج منظرها وتؤتي أكلها كلَّ حين، حياة طيبةً، ورضاً وطمأنية، فيكون نعم المحلّ القابل للنعم الجديدة
لأنه متى أنعم عليه حفظ النعمة وشكر عليها فازداد خيراً إلى خير.
{وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء}
من أدرك هذه الحقيقة أبصر المثل الذي ضربه الله عزّ وجلّ في كتابه الكريم لقلوب عباده بالبلدان {والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه والذي خبث لا يخرج إلا نكداً كذلك نصرّف الآيات لقوم يشكرون}
إنه مثَل لا يفقهه إلا الشاكرون، ولا يعقله إلا العالمون، جعلني الله وإياكم منهم.
في هذه الآية ميزان بيّن يعلمه المؤمن من نفسه من حيث لا يعلم به غيره؛ إذ قد تشتبه الأحداث الظاهرة وتختلف الحقائق.

فأقيم النكد علامة على الخبث؛ وكلاهما متفاضل بل ربما وجد في بعض القلوب الصالحة شيء يسير منه.
فمن وجد نكداً فليبادر إلى إصلاح قلبه وتطهيره من سوء الظن بالله وقصد السوء.
بقي التنبيه إلى أمر مهم فيه مواساة للتائبين وإيناس للصالحين في
قول الله تعالى: {فخذ ما آتيتك وكن من الشاكرين}
فمن أُنعم عليه بنعم، ونفسه تتوق إلى غيرها مما يراه أعظم وأفضل وهو لا يدرك الحقائق ولا العواقب فليعالج قلبه بالتوكّل على الله والرضا بما آتاه، والثقة به.
وقوله تعالى: {وكن من الشاكرين} ليس كما قد يظنّه بعضهم من أن المراد:واقتصر عليه
لكنّه إرشاد إلى السبيل الصحيح للزيادة والبركة؛ فما تريده من النعم فسبيله الشكر
وفي الحديث الصحيح: (الله يبتلي عبده بما أعطاه، فمن رضي بما قسم الله له، بارك الله له فيه، ووسَّعه، ومن لم يرض لم يبارك له)

وقد دلت النصوص على أن شكر نعمة الله تعالى يتحقق بأربعة أمور:
1- الاعتراف لله تعالى بها ونسبتها إليه
2- الرضا بها وتعظيم قدرها والثناء على الله بها
3- أداء حقّ الله تعالى في تلك النعمة، ومن أسوأ ما يقع من العبد أن يستعمل نعمة الله في معصية الله
4- أن يقابل إحسان الله إليه بإحسان العمل

تمت هذه التغريدات، وأسأل الله تعالى لي ولكم التوفيق لشكر نعمته وحسن عبادته وأن يمنّ علينا بعفوه ورضوانه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

5daedce80819f

  • 0
  • 0
  • 33

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً