حكم الاحتفال برأس السنة الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد فإنه مع اقتراب انصرام العام ...

منذ 2020-12-26
حكم الاحتفال برأس السنة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد فإنه مع اقتراب انصرام العام ودخول العام الجديد، فقد أصبحنا نشاهد ظاهرة من أخطر الظواهر والجرائم التي تهدد دين المسلم وتضعف عقيدة الولاء والبراء، ألا وهي ظاهرة:" الاحتفال برأس السنة الميلادية"، فإن هذا الفعل من صنيع أهل الكفر والإلحاد، ولقد تبعهم في ذلك ثلة من المسلمين من شتى طبقات المجتمع، وذلك لضعف دينهم وعدم أخذهم للدين الصحيح من أصوله، وإنه لا شك ولا ريب أنه لا يجوز الاحتفال بهذه المناسبة في أي حال وبأي صورة، لأن ذلك يقدح في كمال عقيدة المسلم، ويجعله ضعيف الشخصية، يتبع كل ما يأتي من هنا وهناك، ولقد تواترت النصوص والأدلة في التحذير من هذه الأفعال المشابهة لأعداء الإسلام، والأدلة في ذلك أقسام:
من القرآن الكريم:
يقول الله سبحانه وتعالى:" يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إنَّ الله لا يهدي القوم الظالمين". المائدة 53.
ويقول أيضا:" يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزؤا ولعبا من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم والكفار أولياء واتقوا الله إن كنتم مؤمنين". المائدة 59.
وقال أيضا:" يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا ودوا ما عنتم قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر قد بينا لكم الآيات إن كنتم تعقلون". آل عمران118.
وقال أيضا:" المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف ويقبضون أيديهم نسوا الله فنسيهم إنَّ المنافقين هم الفاسقون". التوبة 67.
وقال أيضا:" والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إنَّ الله عزيز حكيم". التوبة 72.
وقال أيضا:" ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون" البقرة 215
وقال أيضا:" ودَّ كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق". البقرة 108.
وقال أيضا:" ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم قل إنَّ هدى الله هو الهدى ولئن اتبعت أهوائهم بعد الذي جاءك من العلم ما لك من الله من ولي ولا نصير". البقرة 119.
وقال أيضا:" قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون". التوبة 29.
وقال أيضا:" إذا لأذقنك ضعف الحياة وضعف الممات ثم لا تجد لك علينا نصيرا". الإسراء 75.
من السنة النبوية:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" من تشبه بقوم فهو منهم".
عن عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنهما، قال: رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم عَلَيَّ ثَوْبَيْنِ مُعَصْفَرَيْنِ، فَقَالَ:" إِنَّ هَذِهِ مِنْ ثِيَابِ الْكُفَّارِ فَلَا تَلْبَسْهَا".
عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" خَالِفُوا الْمُشْرِكِينَ، أَحْفُوا الشَّوَارِبَ، وَأَوْفُوا اللِّحَى".
ويقول أيضا:" صلوا في نعالكم، خالفوا اليهود".
وقال أيضا:" إن اليهود والنصارى لا يصبغون فخالفوهم".
وقال أيضا:" فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب: أكلة السحر".
وقال أيضا:" لا تزال أمتي على مسكة ما لم ينتظروا بالمغرب اشتباك النجوم، مضاهاة لليهودية، ولم ينتظروا بالفجر محاق النجوم، مضاهاة للنصرانية، ولم يكلوا الجنائز إلى أهلها".
وقال أيضا:" لا يزال الدين ظاهراً ما عجل الناس الفطر، لأن اليهود والنصارى يؤخرون".
وقال أيضا:" صوموا يوم عاشوراء، وخالفوا اليهود، وصوموا يوماً قبله أو يوماً بعده".
وقال أيضا:" لا تشددوا على أنفسكم فيشدد الله عليكم، فإن قوماً شددوا على أنفسهم فشدد الله عليهم، فتلك بقاياهم في الصوامع، رهبانية ابتدعوها، ما كتبناها عليهم".
وقال أيضا:" يا أسامة أتشفع في حد من حدود الله ؟!. إنما هلك بنو إسرائيل أنهم كانوا: إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق الضعيف أقاموا عليه الحد، والذي نفسي بيده لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها".
من آثار السلف وأقوال العلماء:
عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: لا تدخلوا على المشركين في كنائسهم يوم عيدهم فإن السخطة تنزل عليهم.
وقال أيضاً: اجتنبوا أعداء الله في عيدهم.
وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: من بنى ببلاد الأعاجم فصنع نيروزهم ومهرجانهم وتشبه بهم حتى يموت وهو كذلك حشر معهم يوم القيامة.
يقول العلامة ابن القيم رحمه الله: وأما التهنئة بشعائر الكفر المختصة به فحرام بالاتفاق، مثل أن يهنئهم بأعيادهم وصومهم، فيقول: عيد مبارك عليك، أو تهنأ بهذا العيد ونحوه، فهذا إن سلم قائله من الكفر فهو من المحرمات. وهو بمنـزلة أن تهنئه بسجوده للصليب، بل ذلك أعظم إثماً عند الله، وأشد مقتاً من التهنئة بشرب الخمر وقتل النفس، وارتكاب الفرج الحرام ونحوه. وكثير ممن لا قدر للدين عنده يقع في ذلك، ولا يدري قبح ما فعل، فمن هنأ عبداً بمعصية، أو بدعة، أو كفر فقد تعرض لمقت الله وسخطه.
ويقول العلامة محمد بن إبراهيم آل الشيخ: لا يجوز للمسلم ولا للمسلمة مشاركة النصارى، أو اليهود، أو غيرهم من الكفرة في أعيادهم، بل يجب ترك ذلك؛ لأن من تشبه بقومٍ فهو منهم، والرسول صلى الله عليه وسلم حذرنا من مشابهتهم والتخلق بأخلاقهم.
فعلى المؤمن وعلى المؤمنة الحذر من ذلك، وألا يساعد في إقامة هذه الأعياد بأي شيء؛ لأنها أعياد مخالفة لشرع الله، ويقيمها أعداء الله فلا يجوز الاشتراك فيها، ولا التعاون مع أهلها، ولا مساعدتهم بأي شيء، لا بالشاي، ولا بالقهوة، ولا بأي شيء من الأمور كالأواني ونحوها، فالمشاركة مع الكفرة في أعيادهم نوع من التعاون على الإثم والعدوان، فالواجب على كل مسلم وعلى كل مسلمة ترك ذلك.
وقال العلامة محمد بن صالح بن عثيمين: تهنئة الكفار بعيد الكريسمس أو غيره من أعيادهم الدينية حرام بالاتفاق، وإذا هنئونا بأعيادهم فإننا لا نجيبهم على ذلك؛ لأنها ليست بأعياد لنا، ولأنها أعياد لا يرضاها الله لأنها إما مبتدعة في دينهم، وإما مشروعة، لكن نسخت بدين الإسلام الذي بعث الله به محمداً صلى الله عليه وسلم إلى جميع الخلق، وإجابة المسلم دعوتهم بهذه المناسبة حرام؛ لأن هذا أعظم من تهنئتهم بها لما في ذلك من مشاركتهم فيها وكذلك يحرم على المسلمين التشبه بالكفار بإقامة الحفلات بهذه المناسبة، أو تبادل الهدايا أو توزيع الحلوى، أو أطباق الطعام، أو تعطيل الأعمال ونحو ذلك، ومن فعل شيئاً من ذلك فهو آثم، سواء فعله مجاملة، أو تودداً، أو حياءً، أو لغير ذلك من الأسباب؛ لأنه من المداهنة في دين الله، ومن أسباب تقوية نفوس الكفار وفخرهم بدينهم.
قال الشيخ العلامة أبو عبد الله محمد بن محمد بن محمد العبدري الفاسي المالكي الشهير بابن الحاج (المتوفى 737ه): ... الْكَلَامُ عَلَى الْمَوَاسِمِ الَّتِي اعْتَادَهَا أَكْثَرُهُمْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ أَنَّهَا مَوَاسِمُ مُخْتَصَّةٌ بِأَهْلِ الْكِتَابِ، فَتَشَبَّهَ بَعْضُ أَهْلِ الْوَقْتِ بِهِمْ فِيهَا، وَشَارَكُوهُمْ فِي تَعْظِيمِهَا، يَا لَيْتَ ذَلِكَ لَوْ كَانَ فِي الْعَامَّةِ خُصُوصًا، وَلَكِنَّك تَرَى بَعْضَ مَنْ يَنْتَسِبُ إلَى الْعِلْم ِيَفْعَلُ ذَلِكَ فِي بَيْتِهِ وَيُعِينُهُمْ عَلَيْهِ وَيُعْجِبُهُ مِنْهُمْ، وَيُدْخِلُ السُّرُورَ عَلَى مَنْ عِنْدَهُ فِي الْبَيْتِ مِنْ كَبِيرٍ وَصَغِير ٍبِتَوْسِعَةِ النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ عَلَى زَعْمِهِ، بَلْ زَادَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُمْ يُهَادُونَ بَعْضَ أَهْلِ الْكِتَابِ فِي مَوَاسِمِهِمْ، وَيُرْسِلُونَ إلَيْهِمْ مَا يَحْتَاجُونَهُ لِمَوَاسِمِهِمْ فَيَسْتَعِينُونَ بِذَلِكَ عَلى زِيَادَةِ كُفْرِهِمْ، وَيُرْسِلُ بَعْضُهُمْ الْخِرْفَانَ وَبَعْضُهُمْ الْبِطِّيخَ الْأَخْضَرَ وَبَعْضُهُمْ الْبَلَحَ وَغَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا يَكُونُ فِي وَقْتِهِمْ، وَقَدْ يَجْمَعُ ذَلِكَ أَكْثَرُهُمْ، وَهَذَا كُلُّهُ مُخَالِفٌ لِلشَّرْعِ الشَّرِيفِ.
وَسُئِلَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ مُؤَاكَلَةِ النَّصْرَانِيِّ فِي إنَاءٍ وَاحِدٍ؟ قَالَ: تَرْكُهُ أَحَبُّ إلَيَّ، وَلَا يُصَادِقُ نَصْرَانِيًّا.
قَالَ ابْنُ رُشْدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ معلقا على كلام الإمام مالك: الْوَجْهُ فِي كَرَاهَةِ مُصَادَقَةِ النَّصْرَانِيِّ بَيِّنٌ، لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ:" لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْم الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ"لمجادلة 22، فَوَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يُبْغِضَ فِي اللَّهِ مَنْ يَكْفُرُ بِهِ وَيَجْعَل ُمَعَهُ إلَهًا غَيْرَهُ وَيُكَذِّبُ رَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمُؤَاكَلَتُهُ فِي إنَاءٍ وَاحِدٍ تَقْتَضِي الْأُلْفَةَ بَيْنَهُمَا وَالْمَوَدَّةَ فَهِيَ تُكْرَهُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَإِنْ عَلِمْت طَهَارَةَ يَدِهِ.
سُئِلَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ الرُّكُوبِ فِي السُّفُنِ الَّتِي يَرْكَبُ فِيهَا النَّصَارَى لِأَعْيَادِهِمْ؟ فَكَرِهَ ذَلِكَ مَخَافَةَ نُزُولِ السُّخْطِ عَلَيْهِمْ لِكُفْرِهِمْ الَّذِي اجْتَمَعُوا لَهُ.
قال الشيخ ابن حبيب الأندلسي المالكي: لَا يُقْضَى بِالْإِخْطَارِ فِي الْأَعْيَادِ وَإِنْ كَانَ فِعْلُهُ مُسْتَحَبًّا فِي أَعْيَادِ الْمُسْلِمِينَ، وَيُكْرَهُ فِي أَعْيَادِ النَّصَارَى كَالنَّيْرُوزِ، وَلَا يَجُوزُ لِمَنْ فَعَلَهُ وَلَا يَحِلُّ لِمَنْ قَبِلَهُ لِأَنَّهُ مِنْ تَعْظِيمِ الشِّرْكِ.
وقال أخر: فَلَا يَحِلُّ قَبُولُ هَدَايَا النَّصَارَى فِي أَعْيَادِهِمْ لِلْمُسْلِمِينَ، وَكَذَا الْيَهُودُ وَكَثِيرٌ مِنْ جَهَلَةِ الْمُسْلِمِينَ مَنْ يَقْبَلُ مِنْهُمْ ذَلِكَ فِي عِيدِ الْفَطِيرَةِ عِنْدَهُمْ وَغَيْرَهُ.
قَالَ الإمام مَالِكٌ: لَا يُكْرِي مُسْلِمٌ دَابَّتَهُ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُمْ لَا يَرْكَبُونَهَا إلَّا لِأَعْيَادِهِمْ أَوْ لِكَنَائِسِهِمْ، أَوْ يَبِيعُ مِنْهُمْ شَاةً يَعْلَمُ مِنْهُمْ أَنَّهُمْ إنَّمَا يَذْبَحُونَهَا لِذَلِكَ.
وسئل ابن رشد عن جواز بيع الألعاب المصنوعة في النيروز كالزيافات وشبهها وفي حيلة ثمنها؟ فأجاب: لا يحل عمل شيء من الصور ولا بيعها ولا التجارة فيها والواجب منعهم منه.
هذا ما وفقني الله لجمعه من الأدلة الشرعية من القرآن والسنة وأقوال العلماء في بيان حكم مشابهة الكفار والاحتفال معهم في أعيادهم.
والله أعلم.
كتبه الفقير إلى عفو ربه الطالب:
عبدالله بن أحمد بوقليع.

5fd3a7de126de

  • 1
  • 0
  • 60

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً