مقال لاحد الفضلاء قال خبير: لا دولة إلا بالرجال، ولا رجال إلا بالمال، ولا مال إلا بالعمارة. ...

منذ 2021-03-07
مقال لاحد الفضلاء
قال خبير: لا دولة إلا
بالرجال، ولا رجال إلا بالمال، ولا مال إلا بالعمارة. فالمال هو ميزان قوة الأمة،
وداعية مجدها واستقلالها، خصوصاً في هذا الزمان الذي أضحى مدار الأعمال فيه
على المال؛ إذ بالمال تسد الثغور، وتشاد القلاع والحصون، بالمال تجمع الجموع،
وتحشد الجيوش، بالمال تصان الحدود من هجمات الأعداء، وتسير الأساطيل في
عرض البحار، بالمال تبتاع العدد من أسلحة ومدافع وذخائر، فالقوة كل القوة في
المال، كما أن كل الصيد في جوف الفرا، ولا حياة للأمة بلا مال، ولا وجود ولا
استقلال، ومعلوم أن ثروة كل دولة من ثروة أمتها، وثروة الأمة من ثروة الأفراد،
فإذا كان الأفراد أغنياء كانت الأمة غنية، وإذا كانت الأمة غنية كانت الدولة قادرة
على حفظ دمارها، وحماية بيضتها وصد هجمات الأعداء عنها، ومنع مطامع
الطامعين فيها، إذ لا يخفى أن الجسم المادي كبيرًا كان أو صغيرًا - من الكرة التي
يلعب بها الأولاد الصغار إلى أكبر الثوابت - هو مؤلف من جواهر فردة، وقوته
عبارة عن مجموع قوة هذه الجواهر، فكذلك الدول العظيمة مؤلفة من مجموع أفراد
تبعتها، وقوتها عبارة عن قوة تلك الأفراد، فإذا أعنت صانعاً على إحياء صناعته، أو
تاجراً على توسيع تجارته، أو زارعاً على إتقان زراعته، فقد أحسنت إلى ذلك
التاجر والصانع والزارع (أولاً) ، وزدت في ثروة بلادك (ثانيًا) ، وفي أمتك
ودولتك (ثالثاً) ، والعكس فالصانع والتاجر والزارع يجب أن يكون لهم المقام الأول
في الهيئة الاجتماعية؛ لأن عليهم مدار الثروة والقوة.
فإذا علمت هذا ظهر لك خطأ بعض الجهلاء، المُتَّسِمين بسمة العلماء، الذين
يُزهِّدون الناس في الأشغال والأعمال، ويثبطون هِمَمهم عن العمل بحجة أنهم
يُزهِّدونهم في الدنيا الفانية، ويقربونهم من الآخرة الباقية، وإن الساعة على وشك
القيام، فلا حاجة إلى هذا الاهتمام، يحسبون بذلك أنهم يُحسنون صنعاً، ألا ساء ما
يعملون، يعتاضون بهذا عن تنشيطهم الناس بصفة أنهم قادة العقول، إلى النهوض
من سنة الخمول، إلى الكد والجد ومناظرة غيرهم في جهاد الأعمال والأشغال، فإن
الدنيا مزرعة الآخرة، والشرع الإسلامي لم يحظر على أحد الكسب والارتزاق
بالوجوه المشروعة، وقد جاء في الحديث: (اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدًا، واعمل
لآخرتك كأنك تموت غدًا) ، وما ورد من التزهيد في الدنيا يراد به الزهد بما في
أيدي الناس.

5d9f3389f17cd

  • 0
  • 0
  • 32

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً