فضائل حسن الخلق الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، ...

منذ 2021-03-24
فضائل حسن الخلق

الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله، إله الأولين والآخرين، وقيوم السموات والأراضين، ومالك يوم الدين.
وأشهد أن محمد عبد الله ورسوله، أمينه على وحيه، وخيرته من خلقه، المبعوث بالدين القويم، والمنهج المستقيم، أرسله الله رحمة للعالمين وإمامًا للمتقين .

أما بعد: فها نحن نقدم للقراء - بإذن الله - طرفًا من فضائل الخلق الحسن، فنقول مستعينًا بالله:

▪︎تعريف الأخلاق:

"والخُلُقُ - بالضَّمِّ، وبضَمَّتيْنِ -: السَّجيَّةُ، وهُو مَا خُلِقَ عليهِ من الطًّبْع، وَمِنْه حَدِيثُ عائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: كانَ خُلُقُه القُرآنَ: أَي كانَ مُتَمَسِّكًا بهِ، وبِآدابِهِ وأَوامِرِه ونَواهِيه، وَمَا يَشْتَمِلُ عَلَيْهِ من المَكارِم والمَحاسِنِ والألطافِ.
وقالَ ابنُ الأعْرابِيِّ: الخُلُقُ: المُرُوءةُ، والخُلُقُ: الدِّينُ... وحَقِيقَتُه أَنَّه لصُورَةِ الأنْسانِ الباطِنَةِ، وَهِي نَفْسُه وأوْصافُها، ومعانِيها المُخْتَصَّه بهَا بمَنْزِلَةِ الخَلْقِ لصُورَتهِ الظاهِرَةِ وأَوْصافِها ومَعانِيها، وَلَهُمَا أوصافٌ حَسَنَةٌ وقَبِيحَةٌ.
والثوابُ والعقابُ يَتَعَلَّقانِ بأوْصافِ الصُّورَةِ الباطِنَةِ أَكْثَرَ مِمّا يَتَعَلَّقانِ بأوْصافِ الصُّورَةِ الظّاهِرَةِ".
[📚 تاج العروس (٢٥٧/٢٥- ٢٥٨)].


وفضائل حسن الخلق عظبمة جزيمة، منها ما يلي:

١- حصرُ النبي - صلى الله عليه وسلم - الرسالة بالخلق الحسن

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّمَا بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ صَالِحَ الْأَخْلَاقِ".
[📚 رواه أحمد (برقم: ٨٩٣٩) وصححه الألباني في صحيح الجامع (برقم: ٢٨٣٣)].

٢- أنه امتثال لأمر الله عز وجل:

قال تعالى: {خُذْ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنْ الْجَاهِلِينَ} [الأعراف: ١٩٩] .

٣- أنه طاعة للرسول ـ صلى الله عليه وسلم:

فلقد قال ـ عليه الصلاة والسلام ـ "اتَّقِ اللهَ حيثُما كنتَ، وأتبِعِ السَّيِّئةَ الحسَنةَ تَمْحُها، وخالِقِ النّاسَ بخُلُقٍ حسَنٍ".
[📚 أخرجه الترمذي (١٩٨٧)، وأحمد (٢١٣٩٢) وحسنه الألباني في صحيح الترغيب (٣١٦٠)].

٤- حسن الخلق اقتداء بالرسول ـ صلى الله عليه وسلم:

فلقد كان عليه الصلاة والسلام أكرم البشرية أخلاقًا، وأزكاهم نفسًا.

عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: "مَا كَانَ أَحَدٌ أَحْسَنَ خُلُقًا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا دَعَاهُ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ وَلَا مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ إِلَّا قَالَ: لَبَّيْكَ، فَلِذَلِكَ أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ}" [القلم: ٤].

والله ـ عز وجل ـ يقول: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب:٢١] .

٥- أنه رفعة في الدرجات:

عن أمّ المؤمنين عائشة - رضي الله عنها -: "إنَّ العَبْدَ لَيُدْرِكُ بِحُسْنِ خُلُقِهِ دَرَجَةَ الصَّائِم بالنَّهار القَائِمِ باللَّيلِ".
[📚 رواه أحمد (برقم: ٢٤٣٥٥)، وأبو داود (برقم: ٤٧٩٨)،
وصححه الألباني في الصحيحة (برقم: ٥٢٢)].

٦- أنه زيادة في الإيمان

عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "أكْمَلُ المؤمنين إيمانًا أَحْسَنُهم خلقًا".
[📚 أخرجه أبو داود (٤٦٨٢)، والترمذي (١١٦٢)، وصححه الألباني في صحيح أبي داود (برقم: ٤٦٨٢)].

٧- أنه أعظم ما يُدخل الجنة:

عن أبي هريرة عن النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ قال:
"أكثرُ ما يُدْخِلُ الناسَ الجنةَ تَقْوى اللهِ وحُسْنُ الخُلُقِ، وأكثرُ ما يُدْخِلُ الناسَ النارَ الفَمُ والفَرْجُ".
[📚 أخرجه الترمذي (٢٠٠٤ )، وابن ماجه (٤٢٤٦ )، وأحمد (٢/ ٢٩١) باختلافٍ يسيرٍ ، وصححه الألباني في الصحيحة (برقم: ٩٧٧)].

٨- القرب من مجلس النبي صلى الله عليه وسلم يوم القيامة:

عن جابر بن عبدالله - رضي الله عنه- أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنَّ مِن أحبِّكم إليَّ وأقربِكُم منِّي مجلسًا يومَ القيامةِ أحاسِنُكم أخلاقًا".
[📚 أخرجه الترمذي (برقم: ٢٠١٨) وصححه الألباني في صحيح الجامع (برقم: ٢٢٠١)].

٩- محبة الله عز وجل:

عن أسامة بن شريك - رضي الله عنه - كنا جلوسًا عند النبيِّ كأنما على رؤوسِنا الطيرُ ما يتكلمُ منا متكلمٌ إذ جاءه أناسٌ فقالوا: من أحبُّ عبادِ اللهِ إلى اللهِ؟ قال: أحسنُهم خُلقًا.
[📚 أخرجه ابن ماجه (٣٤٣٦)، وأحمد (١٨٤٥٤) باختلاف يسير مطولاً، وصححه الألباني في صحيح الترغيب (برقم: ٢٦٥٢)].

وإذا أحب الله يومًا عبده ... ألقى عليه محبة في الناس
[📚 بهجة المجالس (٦٦٤/٢)].

١٠- حسن الخلق أثقل شيء في الميزان يوم القيامة:

وعن أَبي الدرداءِ - رضي الله عنه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَا مِنْ شَيْءٍ أثْقَلُ في مِيزَانِ العبدِ المُؤْمِنِ يَوْمَ القِيَامَةِ مِنْ حُسْنِ الخُلُقِ، وَإنَّ الله يُبْغِضُ الفَاحِشَ البَذِيَّ».
[📚 أخرجه: أبو داود (برقم: ٤٧٩٩)، والترمذي (برقم: ٢٠٠٢) وصححه الألباني في صحيح الترمذي (برقم: ١٦٢٨)].

و«البَذِيُّ»: هُوَ الَّذِي يتكلَّمُ بِالفُحْشِ ورديء الكلامِ.

١١- زيادة الأعمار وعمارة الديار:

عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهَا: " إِنَّهُ مَنْ أُعْطِيَ حَظَّهُ مِنَ الرِّفْقِ، فَقَدْ أُعْطِيَ حَظَّهُ مِنْ خَيْرِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَصِلَةُ الرَّحِمِ وَحُسْنُ الْخُلُقِ وَحُسْنُ الْجِوَارِ يَعْمُرَانِ الدِّيَارَ، وَيَزِيدَانِ فِي الْأَعْمَارِ ".
[📚 أخرجه أحمد (برقم: ٢٥٢٥٩) وصححه الألباني في الصحيحة (برقم: ٥١٩)].

١٢- حصول الخيرية:

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاحِشًا وَلَا مُتَفَحِّشًا، وَكَانَ يَقُولُ: «مِنْ خِيَارِكُمْ أَحَاسِنُكُمْ أَخْلَاقًا» قَالَ ابْنُ نُمَيْرٍ: «إِنَّ خِيَارَكُمْ أَحَاسِنُكُمْ أَخْلَاقًا».
[📚 أخرجه البخاري (برقم: ٥٦٨٨)، ومسلم (برقم: ٢٣٢١)].

١٣- الأخلاق الحسنة من خير أعمال العباد:

وَعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: "لَقِيَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَبَا ذَرٍّ، فَقَالَ: يَا أَبَا ذَرٍّ، أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى خَصْلَتَيْنِ هُمَا أَخَفُّ عَلَى الظَّهْرِ، وَأَثْقَلُ فِي الْمِيزَانِ مِنْ غَيْرِهَا؟ "، قَالَ: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: "عَلَيْكَ بِحُسْنِ الْخُلُقِ وَطُولِ الصَّمْتِ، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، مَا تَجَمَّلَ الْخَلائِقُ بِمِثْلِهِمَا".
[📚 رواه أبو يعلى في مسنده (برقم: ٣٢٩٨) وصححه الألباني في الصحيحة (برقم: ١٩٣٨)].

عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَيُّ الْإِيمَانِ أَفْضَلُ؟، قَالَ: " خُلُقٌ حَسَنٌ ".
[📚 رواه أحمد (برقم: ١٩٤٥٤) وانظر: الصحيحة (تحت حديث: ٥٥١)].

▪︎ وهناك سؤال يطرح نفسه، ألا وهو: عرفنا منزلة الخلق الحسن عند الله، فما هو حسن الخلق؟

والجواب عنه أن نقول: كلُّ ما هو معروف ومُستحسَن في الشرع والعُرف هو حسن الخلق، وكل ما يستقبحه الناس عرفًا وشرعًا هو سوء الخلق.

🔹️وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حُسْنُ الْخُلُقِ أَنْ لَا تَغْضَبَ وَلَا تَحْتَدَّ.

🔸️️وَعَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: حُسْنُ الْخُلُقِ أَنْ تَحْتَمِلَ مَا يَكُونُ مِنَ النَّاسِ.

🔸️وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ: هُوَ بَسْطُ الْوَجْهِ، وَأَنْ لَا تَغْضَبَ.
وَنَحْوَ ذَلِكَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ.

🔹️وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: حُسْنُ الْخُلُقِ كَظْمُ الْغَيْظِ لِلَّهِ، وَإِظْهَارُ الطَّلَاقَةِ وَالْبِشْرُ إِلَّا لِلْمُبْتَدِعِ وَالْفَاجِرِ، وَالْعَفْوُ عَنِ الزَّالِّينَ إِلَّا تَأْدِيبًا وَإِقَامَةُ الْحَدِّ وَكَفُّ الْأَذَى عَنْ كُلِّ مُسْلِمٍ أَوَمُعَاهَدٍ إِلَّا تَغْيِيرَ مُنْكَرٍ وَأَخْذًا بِمَظْلَمَةٍ لِمَظْلُومٍ مِنْ غَيْرِ تَعَدٍّ.
انظر: جامع العلوم والحكم (٤٥٧/١ - ٤٥٨)].
.
🔸️قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ: حُسْنُ الْخُلُقِ اخْتِيَارُ الْفَضَائِلِ وَتَرْكُ الرَّذَائِلِ.
[📚 انظر: كشاف القناع للبهوتي (٣١٠/٦)].

🔹️قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ حَقِيقَةُ حُسْنِ الْخُلُقِ بَذْلُ الْمَعْرُوفِ وَكَفُّ الْأَذَى وَطَلَاقَةُ الْوَجْهِ.

🔸️قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ هُوَ مُخَالَطَةُ النَّاسِ بِالْجَمِيلِ، وَالْبِشْرِ،
وَالتَّوَدُّدُ لَهُمْ، وَالْإِشْفَاقُ عَلَيْهِمْ، وَاحْتِمَالُهُمْ وَالْحِلْمُ عَنْهُمْ، وَالصَّبْرُ عَلَيْهِمْ فِي الْمَكَارِهِ، وَتَرْكُ الْكِبْرِ وَالِاسْتِطَالَةِ عَلَيْهِمْ، وَمُجَانَبَةُ الْغِلَظِ وَالْغَضَبِ وَالْمُؤَاخَذَةِ.
[ 📚 انظر: شرح النووي على صحيح مسلم (٧٨/١٥ - ٧٩)].

🔹️وَقَالَ بَعْضُ الْبُلَغَاءِ: "الْحَسَنُ الْخُلُقِ مَنْ نَفْسُهُ فِي رَاحَةٍ، وَالنَّاسُ مِنْهُ فِي سَلَامَةٍ.
وَالسَّيِّئُ الْخُلُقِ النَّاسُ مِنْهُ فِي بَلَاءٍ، وَهُوَ مِنْ نَفْسِهِ فِي عَنَاءٍ".
[📚 انظر: أدب الدنيا والدين للماوردي (ص: ٢٤٢)].

اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عنا سيئها لا يصرف عنا سيئها ألا أنت.

✍ كتبه أبو الحسن الحسين العرموي

605840649d8c1

  • 0
  • 0
  • 3,412

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً