ما أجمل الجماعة والائتلاف والإنصاف، وما أقبح التعصب والفرقة والاختلاف بسم الله، والحمد لله، ...

منذ 2021-07-05
ما أجمل الجماعة والائتلاف والإنصاف،
وما أقبح التعصب والفرقة والاختلاف



بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.



ما أجمل الجماعة والائتلاف والإنصاف، وما أقبح التعصب والفرقة والاختلاف، فقد قال الله - عزَّ وجلَّ -: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ﴾ [الأنعام: 159].



قال أهل التفسير: « في هذه الآية دليلٌ على أنَّ الدِّينَ يَأْمُرُ بالاجْتِماعِ والائْتِلافِ، ويَنْهى عن التَّفَرُّقِ والاختلافِ في أصول الدِّينِ وفروعه » [تفسير السعدي (ص282) بتصرف يسير].



« وقد ذكر الله تعالى التفرُّقَ في سِياقِ الذَّمِّ، فيُؤْذِنُ ذلك بأنَّ اللهَ تعالى يُحَذِّرُ المُسلمينَ مِنه » [تفسير ابن عاشور (8 /193)].



والجماعة إخوتي الكرام إنما تتحقق بالتمسك بالدين وبما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، « وما أحسن ما قال الإمام مالك - رحمه الله تعالى -: لن يصلح آخرَ هذه الأمة إلا ما أصلح أولها ». [ "اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم" لابن تيمية (2 /243)].



وقال ابن عباس رضي الله عنه عن قول الله تعالى: ﴿ كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ ﴾ [البقرة: 213]، قال - رضي الله عنه -: « كان بين نوح وآدم عشرة قرون كلهم على شريعة من الحق فاختلفوا ﴿ فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ ﴾ ». [رواه الحاكم (2 /596) وصححه الألباني].



إخوتي الكرام: لقد امتن الله - عزَّ وجلَّ - على الأمة ورحمها بالإسلام الذي ألف بين القلوب والأفئدة، بعد أن كانت العداوات تملأ الصدور والأرواح، وهذه نعمة من أعظم النعم، قال عنها ربنا - عزَّ وجلَّ -: ﴿ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ﴾ [آل عمران: 103].



قال المفسرون: « أي: كنتُم - أيُّها المؤمنون- قبلَ اجتماع قلوبِكم على الإسلام، على وَشْكِ الوقوع في النَّار، إذ لم يَبقَ بينكم وبينها إلَّا أنْ تموتوا على كُفْركم، فأَنقَذَكم اللهُ تعالى منها بهِدايتِكم إلى الإسلام ». [الدرر السنية، ويُنظر: تفسير ابن جرير (5/ 657-658)، وتفسير السعدي (ص142)، وتفسير ابن عثيمين - سورة آل عمران (1 /598)].



ولذا، ينبغي التنبه إلى أن تحقق الجماعة المسلمة لا يكون إلا على منهج الرسل عليهم الصلاة والسلام، وأن الإخلال بالتوحيد والدين يؤدي إلى الفرقة المذمومة المحذر منها. [ "موقف الصحابة من الفرقة والفرق" لأسماء السويلم، (ص156-158)].



« وقد أثبت الشرع والواقع أنه لا يمكن حصول الوحدة الحقيقية على غير دين الله عز وجل الذي ارتضاه لعباده، وأن الشعارات الجاهلية كالوطنية والعلمانية أقل وأذل وأرذل من أن تؤلف بين القلوب التي ابتعدت عن هدي خالقها ودينه القويم، وما يجري بين أصحاب تلك الشعارات الباطلة من بطش بعضهم ببعض عند قيام الفتن، أقوى شاهد على فشل الالتفاف حولها، وأنها دعاوى عنصرية لا تلين لها القلوب، ولا تدمع لها العيون. ومن الجدير بالذكر أن الوطنية والعلمانية ما كان لها، وهي دعاوى جاهلية، أن تؤلف بين قلوب الأوروبيين، فقامت الحروب الشرسة بينهم، وسُفكت دماء لا يعلم عددها إلا الله تعالى في الحربين العالميتين الأولى والثانية ». [ "المذاهب الفكرية المعاصرة" لغالب عواجي (2 /978) بتصرف].



والحاصل إخوتي الكرام:

أن الله - عزَّ وجلَّ - بيده وحده تأليف القلوب، كما قال سبحانه مخاطبًا نبيه صلى الله عليه وسلم: ﴿ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ * وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [الأنفال: 62، 63]، فالألفة والجماعة نعمة من الله - عزَّ وجلَّ - تتحقق للأمة بتوفيق الله - عزَّ وجلَّ - عندما يأخذ المسلمون دينهم بقوة، كما أن العداوة والفرقة عذاب سببه الأساسي تراخي قبضة المسلمين على دينهم.



وما أعظم قول عمر رضي الله عنه: « إنا كنا أذلَّ قومٍ فأعزَّنا اللهُ بالإسلامِ، فمهما نطلبُ العزَّ بغيرِ ما أعزَّنا اللهُ به أذلَّنا اللهُ » [رواه الحاكم (1 /130)، وصححه الألباني].



فاللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الكفر والكافرين، وانصر عبادك المجاهدين، اللَّهُمَّ أَلِّفْ بَيْنَ قُلُوبِنَا، وَأَصْلِحْ ذَاتَ بَيْنِنَا، وَاهْدِنَا سُبُلَ السَّلَامِ، وَنَجِّنَا مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ، وَجَنِّبْنَا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ، وَبَارِكْ لَنَا فِي أَسْمَاعِنَا، وَأَبْصَارِنَا، وَقُلُوبِنَا، وَأَزْوَاجِنَا، وَذُرِّيَّاتِنَا، وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ، وَاجْعَلْنَا شَاكِرِينَ لِنِعَمِكَ مُثْنِينَ بِهَا عَلَيْكَ، قَابِلِينَ لَهَا، وَأَتِمِمْهَا عَلَيْنَا.



والله تعالى أعلم.
  • 0
  • 0
  • 24

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً