رسالة لمن يحتفل بعيد الكريسمس أو يهنئ الكفار به بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على ...
منذ 2021-07-05
رسالة لمن يحتفل بعيد الكريسمس أو يهنئ الكفار به
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد: فإن تهنئة الكفار بعيد الكريسمس أو غيره من أعيادهم حرام بإجماع المسلمين، وفي ذلك يقول ابن القيم رحمه الله تعالى: "وَأَمَّا التَّهْنِئَةُ بِشَعَائِرِ الْكُفْرِ الْمُخْتَصَّةِ بِهِ فَحَرَامٌ بِالِاتِّفَاقِ مِثْلَ أَنْ يُهَنِّئَهُمْ بِأَعْيَادِهِمْ وَصَوْمِهِمْ، فَيَقُولَ: عِيدٌ مُبَارَكٌ عَلَيْكَ، أَوْ تَهْنَأُ بِهَذَا الْعِيدِ، وَنَحْوَهُ، فَهَذَا إِنْ سَلِمَ قَائِلُهُ مِنَ الْكُفْرِ فَهُوَ مِنَ الْمُحَرَّمَاتِ، وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ أَنْ يُهَنِّئَهُ بِسُجُودِهِ لِلصَّلِيبِ، بَلْ ذَلِكَ أَعْظَمُ إِثْمًا عِنْدَ اللَّهِ وَأَشَدُّ مَقْتًا مِنَ التَّهْنِئَةِ بِشُرْبِ الْخَمْرِ وَقَتْلِ النَّفْسِ وَارْتِكَابِ الْفَرْجِ الْحَرَامِ وَنَحْوِهِ. وَكَثِيرٌ مِمَّنْ لَا قَدْرَ لِلدِّينِ عِنْدَهُ يَقَعُ فِي ذَلِكَ، وَلَا يَدْرِي قُبْحَ مَا فَعَلَ، فَمَنْ هَنَّأَ عَبْدًا بِمَعْصِيَةٍ أَوْ بِدْعَةٍ أَوْ كُفْرٍ فَقَدْ تَعَرَّضَ لِمَقْتِ اللَّهِ وَسَخَطِهِ"[1].
ومن الأدلة التي تؤكد تحريم تهنئة الكفار بأعيادهم ما يلي:
♦ قول الله تعالى ضمن آيات وصف عباد الرحمن: ﴿ وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ ﴾ [الفرقان: 72]، قال مجاهد في تفسيرها: إنها أعياد المشركين، وكذلك قال مثله الربيع بن أنس، والقاضي أبو يعلى، والضحاك، والآية تشمل كل باطل من قول أو فعل، وحضور أعياد المشركين من أعظم الباطل، والزور، والضلال.
وإذا كان الله تعالى قد مَدحَ تَرْكَ شُهودِ أعياد الكفار، الذي هو مجرد الحُضور برُؤيةٍ أو سَماع؛ فكيف بالموافقة بما يزيد على ذلك مِن العمل، الذي هو عَمل الزُّور لا مُجرَّد شُهودِه؟!" [2].
♦ حديث عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، أن النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال في يَوم فِطْرٍ أوْ أضْحًى: "إنَّ لِكُلِّ قَوْمٍ عِيدًا، وإنَّ عِيدَنَا هذا اليَوْمُ". [أخرجه البخاري (3931)].
♦ وحديث أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ وَلَهُمْ يَوْمَانِ يَلْعَبُونَ فِيهِمَا، فَقَالَ: "مَا هَذَانِ الْيَوْمَانِ؟". قَالُوا: كُنَّا نَلْعَبُ فِيهِمَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَبْدَلَكُمْ بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا: يَوْمَ الْأَضْحَى وَيَوْمَ الْفِطْرِ". [أخرجه أبو داود (1134)، وصححه الألباني].
وهذا دليلان ظاهران في النص على إقامة أعياد المسلمين، ووجوب هجران أعياد المشركين.
♦ حديث ثابت بن الضحاك رضي الله عنهما، قال: نَذَرَ رَجُلٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَنْحَرَ إِبِلًا بِبُوَانَةَ، فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنِّي نَذَرْتُ أَنْ أَنْحَرَ إِبِلًا بِبُوَانَةَ. فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَلْ كَانَ فِيهَا وَثَنٌ مِنْ أَوْثَانِ الْجَاهِلِيَّةِ يُعْبَدُ؟". قَالُوا: لَا. قَالَ: "هَلْ كَانَ فِيهَا عِيدٌ مِنْ أَعْيَادِهِمْ". قَالُوا: لَا. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَوْفِ بِنَذْرِكَ؛ فَإِنَّهُ لَا وَفَاءَ لِنَذْرٍ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ، وَلَا فِيمَا لَا يَمْلِكُ ابْنُ آدَمَ". [أخرجه أبو داود (3313)، وصححه الألباني].
وهذا حديث صريح في وجوب مفارقة أعياد الكفار، والبراءة منها.
♦ حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من تشبَّهَ بقومٍ فهوَ منهم". [أخرجه أبو داود (4031) وقال عنه الألباني: حسن صحيح].
وحديث أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تَشبَّهوا باليَهودِ والنَّصارَى". [أخرجه أحمد (8657)، وصححه أحمد شاكر].
ومن التشبه باليهود والنصارى: مشاركتهم أعيادهم، وتهنئتهم بها، والاحتفال في أيامها[3].
هذا، والنصارى يحتفلون في عيد الكريسمس بيوم مولد المسيح عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام، وعقيدتهم في المسيح عليه الصلاة والسلام تختلف على ثلاث طوائف:
1- أنه الرب.
2- أنه ابن الرب.
3- أنه أحد الثلاثة الذين يمثلون في مجموعهم الرب [4].
تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا.
ولذا، فقد كثرت شواهد القرآن والسنة على تكفير اليهود والنصارى، وبيان بطلان عقائدهم، وتقرير أن الله تعالى واحدٌ أحدٌ ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾ [سورة الشورى: 11].
ومن ذلك قول ربنا تبارك وتعالى: ﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ ﴾ [سورة الإخلاص: 1-4].
وقوله عز وجل فيمن يفرق بين الرسل في الإيمان: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلا * أُوْلَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا ﴾ [سورة النساء: 151].
وقوله سبحانه وتعالى في شأن النصارى الضالين: ﴿ لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ ﴾ [سورة المائدة: 72].
وقوله تعالى في بيان كفرهم، وإيضاح عقيدة التوحيد: ﴿ لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ ۘ وَمَا مِنْ إِلَٰهٍ إِلَّا إِلَٰهٌ وَاحِدٌ وَإِن لَّمْ يَنتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [سورة المائدة: 73].
وقوله سبحانه في ذكر ما يقول أعداؤه: ﴿ وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَٰلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ ﴾ [سورة التوبة: 30]
وقوله عز وجل فيمن يزعمون لله الولد: ﴿ وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَٰنُ وَلَدًا * لَّقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا * تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا * أَن دَعَوْا لِلرَّحْمَٰنِ وَلَدًا * وَمَا يَنبَغِي لِلرَّحْمَٰنِ أَن يَتَّخِذَ وَلَدًا * إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَٰنِ عَبْدًا * لَّقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا * وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا ﴾ [سورة مريم: 88-95].
وقد ثبت تكفير اليهود والنصارى في سنة النبي صلى الله عليه وسلم أيضا، ومن ذلك ما جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "والذي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بيَدِهِ، لا يَسْمَعُ بي أحَدٌ مِن هذِه الأُمَّةِ يَهُودِيٌّ، ولا نَصْرانِيٌّ، ثُمَّ يَمُوتُ ولَمْ يُؤْمِنْ بالَّذِي أُرْسِلْتُ به، إلَّا كانَ مِن أصْحابِ النَّارِ". [رواه مسلم (153)].
وختاما: فعن عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَنَّ عِيسَى عَبْدُ اللَّهِ، وَابْنُ أَمَتِهِ، وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ، وَرُوحٌ مِنْهُ، وَأَنَّ الْجَنَّةَ حَقٌّ، وَأَنَّ النَّارَ حَقٌّ، أَدْخَلَهُ اللَّهُ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةِ شَاءَ". [أخرجه مسلم (28)].
ولذا، فإنا معاشر المسلمين نُشْهِدُ الله تعالى، وخلقه جميعا أنا نَشْهَدُ "أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَنَّ عِيسَى عَبْدُ اللَّهِ، وَابْنُ أَمَتِهِ، وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ، وَرُوحٌ مِنْهُ، وَأَنَّ الْجَنَّةَ حَقٌّ، وَأَنَّ النَّارَ حَقٌّ"، ونقول لجميع أصناف الكفار، وفرقهم، وطوائفهم: ﴿ إِنَّا بُرَآءُ مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّىٰ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ ﴾ [سورة الممتحنة: 4].
اللهم ﴿ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ﴾ [سورة الفاتحة: 6-7]، والحمد لله رب العالمين، وصل اللهم وسلم على نبينا محمد، وعلى إخوانه من الأنبياء والمرسلين، وعلى آلهم وصحبهم أجمعين، وكذا من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
[1] أحكام أهل الذمة، لابن القيم، (ص: 441).
[2] تفسير ابن عاشور، (19/ 78)، وموقع الدرر السنية.
[3] موقع الدرر السنية.
[4] الميسر في تفسير القرآن الكريم، لمجمع المدينة لطباعة المصحف الشريف.
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد: فإن تهنئة الكفار بعيد الكريسمس أو غيره من أعيادهم حرام بإجماع المسلمين، وفي ذلك يقول ابن القيم رحمه الله تعالى: "وَأَمَّا التَّهْنِئَةُ بِشَعَائِرِ الْكُفْرِ الْمُخْتَصَّةِ بِهِ فَحَرَامٌ بِالِاتِّفَاقِ مِثْلَ أَنْ يُهَنِّئَهُمْ بِأَعْيَادِهِمْ وَصَوْمِهِمْ، فَيَقُولَ: عِيدٌ مُبَارَكٌ عَلَيْكَ، أَوْ تَهْنَأُ بِهَذَا الْعِيدِ، وَنَحْوَهُ، فَهَذَا إِنْ سَلِمَ قَائِلُهُ مِنَ الْكُفْرِ فَهُوَ مِنَ الْمُحَرَّمَاتِ، وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ أَنْ يُهَنِّئَهُ بِسُجُودِهِ لِلصَّلِيبِ، بَلْ ذَلِكَ أَعْظَمُ إِثْمًا عِنْدَ اللَّهِ وَأَشَدُّ مَقْتًا مِنَ التَّهْنِئَةِ بِشُرْبِ الْخَمْرِ وَقَتْلِ النَّفْسِ وَارْتِكَابِ الْفَرْجِ الْحَرَامِ وَنَحْوِهِ. وَكَثِيرٌ مِمَّنْ لَا قَدْرَ لِلدِّينِ عِنْدَهُ يَقَعُ فِي ذَلِكَ، وَلَا يَدْرِي قُبْحَ مَا فَعَلَ، فَمَنْ هَنَّأَ عَبْدًا بِمَعْصِيَةٍ أَوْ بِدْعَةٍ أَوْ كُفْرٍ فَقَدْ تَعَرَّضَ لِمَقْتِ اللَّهِ وَسَخَطِهِ"[1].
ومن الأدلة التي تؤكد تحريم تهنئة الكفار بأعيادهم ما يلي:
♦ قول الله تعالى ضمن آيات وصف عباد الرحمن: ﴿ وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ ﴾ [الفرقان: 72]، قال مجاهد في تفسيرها: إنها أعياد المشركين، وكذلك قال مثله الربيع بن أنس، والقاضي أبو يعلى، والضحاك، والآية تشمل كل باطل من قول أو فعل، وحضور أعياد المشركين من أعظم الباطل، والزور، والضلال.
وإذا كان الله تعالى قد مَدحَ تَرْكَ شُهودِ أعياد الكفار، الذي هو مجرد الحُضور برُؤيةٍ أو سَماع؛ فكيف بالموافقة بما يزيد على ذلك مِن العمل، الذي هو عَمل الزُّور لا مُجرَّد شُهودِه؟!" [2].
♦ حديث عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، أن النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال في يَوم فِطْرٍ أوْ أضْحًى: "إنَّ لِكُلِّ قَوْمٍ عِيدًا، وإنَّ عِيدَنَا هذا اليَوْمُ". [أخرجه البخاري (3931)].
♦ وحديث أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ وَلَهُمْ يَوْمَانِ يَلْعَبُونَ فِيهِمَا، فَقَالَ: "مَا هَذَانِ الْيَوْمَانِ؟". قَالُوا: كُنَّا نَلْعَبُ فِيهِمَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَبْدَلَكُمْ بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا: يَوْمَ الْأَضْحَى وَيَوْمَ الْفِطْرِ". [أخرجه أبو داود (1134)، وصححه الألباني].
وهذا دليلان ظاهران في النص على إقامة أعياد المسلمين، ووجوب هجران أعياد المشركين.
♦ حديث ثابت بن الضحاك رضي الله عنهما، قال: نَذَرَ رَجُلٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَنْحَرَ إِبِلًا بِبُوَانَةَ، فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنِّي نَذَرْتُ أَنْ أَنْحَرَ إِبِلًا بِبُوَانَةَ. فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَلْ كَانَ فِيهَا وَثَنٌ مِنْ أَوْثَانِ الْجَاهِلِيَّةِ يُعْبَدُ؟". قَالُوا: لَا. قَالَ: "هَلْ كَانَ فِيهَا عِيدٌ مِنْ أَعْيَادِهِمْ". قَالُوا: لَا. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَوْفِ بِنَذْرِكَ؛ فَإِنَّهُ لَا وَفَاءَ لِنَذْرٍ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ، وَلَا فِيمَا لَا يَمْلِكُ ابْنُ آدَمَ". [أخرجه أبو داود (3313)، وصححه الألباني].
وهذا حديث صريح في وجوب مفارقة أعياد الكفار، والبراءة منها.
♦ حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من تشبَّهَ بقومٍ فهوَ منهم". [أخرجه أبو داود (4031) وقال عنه الألباني: حسن صحيح].
وحديث أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تَشبَّهوا باليَهودِ والنَّصارَى". [أخرجه أحمد (8657)، وصححه أحمد شاكر].
ومن التشبه باليهود والنصارى: مشاركتهم أعيادهم، وتهنئتهم بها، والاحتفال في أيامها[3].
هذا، والنصارى يحتفلون في عيد الكريسمس بيوم مولد المسيح عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام، وعقيدتهم في المسيح عليه الصلاة والسلام تختلف على ثلاث طوائف:
1- أنه الرب.
2- أنه ابن الرب.
3- أنه أحد الثلاثة الذين يمثلون في مجموعهم الرب [4].
تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا.
ولذا، فقد كثرت شواهد القرآن والسنة على تكفير اليهود والنصارى، وبيان بطلان عقائدهم، وتقرير أن الله تعالى واحدٌ أحدٌ ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾ [سورة الشورى: 11].
ومن ذلك قول ربنا تبارك وتعالى: ﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ ﴾ [سورة الإخلاص: 1-4].
وقوله عز وجل فيمن يفرق بين الرسل في الإيمان: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلا * أُوْلَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا ﴾ [سورة النساء: 151].
وقوله سبحانه وتعالى في شأن النصارى الضالين: ﴿ لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ ﴾ [سورة المائدة: 72].
وقوله تعالى في بيان كفرهم، وإيضاح عقيدة التوحيد: ﴿ لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ ۘ وَمَا مِنْ إِلَٰهٍ إِلَّا إِلَٰهٌ وَاحِدٌ وَإِن لَّمْ يَنتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [سورة المائدة: 73].
وقوله سبحانه في ذكر ما يقول أعداؤه: ﴿ وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَٰلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ ﴾ [سورة التوبة: 30]
وقوله عز وجل فيمن يزعمون لله الولد: ﴿ وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَٰنُ وَلَدًا * لَّقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا * تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا * أَن دَعَوْا لِلرَّحْمَٰنِ وَلَدًا * وَمَا يَنبَغِي لِلرَّحْمَٰنِ أَن يَتَّخِذَ وَلَدًا * إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَٰنِ عَبْدًا * لَّقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا * وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا ﴾ [سورة مريم: 88-95].
وقد ثبت تكفير اليهود والنصارى في سنة النبي صلى الله عليه وسلم أيضا، ومن ذلك ما جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "والذي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بيَدِهِ، لا يَسْمَعُ بي أحَدٌ مِن هذِه الأُمَّةِ يَهُودِيٌّ، ولا نَصْرانِيٌّ، ثُمَّ يَمُوتُ ولَمْ يُؤْمِنْ بالَّذِي أُرْسِلْتُ به، إلَّا كانَ مِن أصْحابِ النَّارِ". [رواه مسلم (153)].
وختاما: فعن عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَنَّ عِيسَى عَبْدُ اللَّهِ، وَابْنُ أَمَتِهِ، وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ، وَرُوحٌ مِنْهُ، وَأَنَّ الْجَنَّةَ حَقٌّ، وَأَنَّ النَّارَ حَقٌّ، أَدْخَلَهُ اللَّهُ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةِ شَاءَ". [أخرجه مسلم (28)].
ولذا، فإنا معاشر المسلمين نُشْهِدُ الله تعالى، وخلقه جميعا أنا نَشْهَدُ "أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَنَّ عِيسَى عَبْدُ اللَّهِ، وَابْنُ أَمَتِهِ، وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ، وَرُوحٌ مِنْهُ، وَأَنَّ الْجَنَّةَ حَقٌّ، وَأَنَّ النَّارَ حَقٌّ"، ونقول لجميع أصناف الكفار، وفرقهم، وطوائفهم: ﴿ إِنَّا بُرَآءُ مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّىٰ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ ﴾ [سورة الممتحنة: 4].
اللهم ﴿ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ﴾ [سورة الفاتحة: 6-7]، والحمد لله رب العالمين، وصل اللهم وسلم على نبينا محمد، وعلى إخوانه من الأنبياء والمرسلين، وعلى آلهم وصحبهم أجمعين، وكذا من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
[1] أحكام أهل الذمة، لابن القيم، (ص: 441).
[2] تفسير ابن عاشور، (19/ 78)، وموقع الدرر السنية.
[3] موقع الدرر السنية.
[4] الميسر في تفسير القرآن الكريم، لمجمع المدينة لطباعة المصحف الشريف.