*وقال المازريّ رحمه الله تعالى: إنما كان الحياء - وهو في الأكثر غريزة - من الإيمان الذي هو اكتساب؛ ...

منذ 2021-07-27
*وقال المازريّ رحمه الله تعالى: إنما كان الحياء - وهو في الأكثر غريزة - من الإيمان الذي هو اكتساب؛ لأن الحياء يمنع من المعصية كما يَمنَع الإيمان منها، والحياء هنا ممدود من الاستحياء. انتهى .
*وقال أبو العبّاس القرطبيّ رحمه الله تعالى: الحياء: انقباض، وحِشْمَة يجدها الإنسان من نفسه عندما يُطّلع منه على ما يُستقبح، ويُذمّ عليه، وأصله غَرِيزيّ في الفطرة، ومنه مكتسبٌ للإنسان، كما قال بعض الحكماء في العقل:
رَأَيْتُ الْعَقْلَ عَقْلَيْنِ ... فَمَطْبُوعٌ وَمَصْنُوعُ
وَلَا يَنْفَعُ مَصْنُوعٌ ... إِذَا لَمْ يَكُ مَطْبُوعُ
كَمَا لَا تَنْفَعُ الْعَيْنُ ... وَضَوْءُ الشَّمْسِ مَمْنُوعُ
وهذا المكتسب هو الذي جعله الشرع من الإيمان، وهو الذي يُكلّف به، وأما الغريزيّ، فلا يُكلّف به، إذ ليس ذلك من كسبنا، ولا في وُسعنا، ولم يُكلّف الله نفسًا إلا وسعها، غير أن هذا الغريزيّ يَحمل على المكتسب، ويُعين عليه، ولذلك قال - صلى الله عليه وسلم -: "الحياء لا يأتي إلا بخير"، و"الحياء خير كلّه". وأول الحياء، وأولاه: الحياء من الله تعالى، وهو أن لا يراك حيث نهاك، وذلك لا يكون إلا عن معرفة بالله تعالى كاملة، ومراقبة له حاصلة، وهي المعبّر عنها بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه، فإنه يراك".
* وقد روى الترمذيّ من حديث ابن مسعود - رضي الله عنه - أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "استحيوا من الله حقَّ الحياء"، فقالوا: إنا نستحيي، والحمد لله، فقال: "ليس ذلك، ولكن الاستحياء من الله حقّ الحياء أن تحفظ الرأس، وما حوى، والبطن وما وعى، وتذكر الموت والبِلَى، فمن فعل ذلك، فقد استحيى من الله حقّ الحياء" (2).
قال: وأهل المعرفة في هذا الحياء منقسمون، كما أنهم في أحوالهم متفاوتون، وقد كان النبيّ - صلى الله عليه وسلم - جُمع له كمال نوعي الحياء، فكان في الحياء الغريزيّ أشدّ حياء من العذراء في خِدرها، وفي حيائه الكسبيّ في ذِرْوتها.
__________
(1) "المعلم" 1/ 292.
(2) حديث حسن أخرجه أحمد 1/ 387، والترمذيّ 2460.

.
.
.
و"العَتَمَةُ" محرَّكَةً: ثلثُ الليل الأول بعد غيبوبة الشفق، وقيل: عبارة عن وقت صلاة العشاء الآخرة، وقيل: هي بقية الليل، أفاده في "العمدة" (1).
(لَيْلَةً) منصوبٌ على الظرفيّة متعلّق بـ "أعتم" (مِنَ اللَّيَالِي) متعلّق بصفة لـ "ليلةً" (بِصَلَاةِ الْعِشَاءِ) متعلق بـ "أَعتم"، أي دَخَلَ بصلاة العشاء العَتَمَةَ، أي أخّر أداءها.
قال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: هذا يدلّ على أن غالب أحواله -صلى اللَّه عليه وسلم- تقديمها؛ رفقًا بهم؛ لئلا يشقّ عليهم، كما بيّنه في آخر الحديث.
وقال الخطّابيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: إنما أخّرهم ليقلّ حظّ النوم، وتطول مدّة الصلاة، فيكثر أجرهم؛ لأنهم في صلاة ما داموا ينتظرونها.
* وقال بعض الحكماء: النوم المحمود مقدار ثمان ساعات. انتهى (2).
وقوله: (وَهِيَ الَّتِي تُدْعَى) بالبناء للمفعول، أي يسمّيها الناس (الْعَتَمَةَ) فيه إشارة إلى أن هذا الاسم مشهور بينهم، وفي "المصنّف": حدّثنا وكيع، حدّثنا شريكٌ، عن أبي فزارة، عن ميمون بن مِهْرَان، قال: قلت لابن عمر: من أول من سمّاها العتمة؟ قال: الشيطان، أفاده في "العمدة" (3).
وسيأتي حديث النهي عن تسمية العشاء بالعتمة آخر الباب -إن شاء اللَّه تعالى-.
(فَلَمْ يَخْرُجْ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-) أي من حجرته إلى المسجد (حَتَّى قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ) -رضي اللَّه عنه- (نَامَ النِّسَاءُ) بالكسر، ومثله النِسْوَة، بكسر النون أيضًا، أفصح من النُّسوة بضمها، اسمان لجماعة إناث الأناسيّ، الواحدة امرأة من غير لفظ الجمع، أفاده في "المصباح".
(وَالصِّبْيَانُ) بكسر الصاد، وتضم: جمع صَبِيّ، وهو من لدن يُولد إلى أن يُفْطَم، قاله في "اللسان"، وقال في "القاموس": الصَّبِيّ مَن لم يُفْطَم بعد، جمعه أصْبِيَةٌ، وَأصْبٍ، وَصِبْوَة -بالكسر- وصَبْيَة، بالفتح، وصِبْيَةٌ، وصُبْوانٌ، وصُبْيَانٌ بكسر الثلاثة، وتضم. انتهى بإيضاح.
__________
(1) راجع: "عمدة القاري" 5/ 63.
(2) "المفهم" 2/ 264.
(3

60db7cc5b3763

  • 0
  • 0
  • 28

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً