30/. . . . ن يشرع في عمل من أعمال الدنيا، وإنما المذموم منه الاسترسال فيه وعدم الاستعداد لأمر ...

منذ 2021-08-02
30/.
.
.
.
ن يشرع في عمل من أعمال الدنيا، وإنما المذموم منه الاسترسال فيه وعدم الاستعداد لأمر الآخرة.
(وقول الله تعالى) ولأبي ذر وقوله تعالى: ({فمن زحزح}) بعد ({عن النار وأدخل الجنة فقد فاز}) ظفر بالخير، وقيل فقد حصل له الفوز المطلق، وقيل الفوز نيل المحبوب والبعد عن المكروه
({وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور}) [آل عمران: 185] المتاع ما يتمتع به وينتفع والغرور يجوز أن يكون مصدرًا من قولك غررت فلانًا غرورًا شبه الدنيا بالمتاع الذي يدل به على المستام ويغر حتى يشتريه ثم يتبين له فساده ورداءته والشيطان هو المدلس الغرور، وقرأ عبد الله بفتح الغين وفسّر بالشيطان، ويجوز أن يكون فعولاً بمعنى مفعول أي متاع الغرور أي المخدوع وأصل الغرر الخدع. قال سعيد بن جبير: هذا في حق من آثر الدنيا على الآخرة وأما من طلب متاع الدنيا للآخرة فإنها نعم المتاع، وعن الحسن كخضرة النبات ولعب البنات لا حاصل لها فينبغي للإنسان أن يأخذ من هذا المتاع بطاعة الله تعالى ما استطاع (بمزحزحه) أي (بمباعده) بكسر العين يعني أن معنى قوله فمن زحزح بوعد وأصل الزحزحة الإِزالة ومن أزيل عن شيء فقد بوعد منه وهذا ثابت هنا لأبي ذر عن المستملي والكشميهني، وسقط لأبي ذر من قوله {وما الحياة الدنيا} إلى قوله {الغرور}.
(وقوله) تعالى ({ذرهم}) أمر إهانة أي اقطع طمعك من ارعوائهم ودع عنك النهي عما هم عليه بالتذكرة والنصيحة وخلهم ({يأكلوا ويتمتعوا}) بدنياهم فهي خلاقهم ولا خلاف لهم في الآخرة ({ويلههم الأمل}) يشغلهم الأمل عن الأخذ بحظهم من الإِيمان والطاعة ({فسوف يعلمون}) [الحجر: 3] إذا وردوا القيامة وذاقوا وبال صنيعهم وفيه تنبيه على أن إيثار التلذذ والتنعم وما يؤدي إليه طول الأمل ليس من أخلاق المؤمنين وهذا تهديد ووعيد، وقال بعض العلماء: ذرهم تهديد وسوف يعلمون تهديد آخر فمتى يهنأ العيش بين تهديدين والآية نسختها آية القتال، وسقط لأبي ذر ويلههم الخ وقال بعد قوله: {ويتمتعوا} الآية.
(وقال علي) -رضي الله عنه- من قوله موقوفًا ولأبي ذر: علي بن أبي طالب (ارتحلت الدنيا) حال كونها (مدبرة وارتحلت الآخرة) حال كونها (مقبلة ولكل واحدة منهما) من الآخرة والدنيا ولأبي ذر عن المستملي منها (بنون فكونوا من أبناء الآخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا فإن اليوم عمل). قال في الكواكب فإن قلت: اليوم ليس عملاً بل فيه العمل ولا يمكن تقدير في وإلا وجب نصب عمل. وأجاب: بأنه جعله نفس العمل مبالغة كقولهم أبو حنيفة فقه ونهاره صائم (ولا حساب) فيه (وغدًا حساب) بالرفع (ولا عمل) فيه أي فإنه على أن اسم إن ضمير شأن حذف وهو عندهم قليل أو هو على حذف مضاف إما من الأول وإما من الثاني أي فإن حال اليوم عمل ولا حساب، أو فإن اليوم يوم عمل ولا حساب. وهذا رواه ابن المبارك في الزهد من طرق عن إسماعيل بن أبي خالد وزبيد الأيامي عن رجل من بني عامر وسمي في رواية لابن أبي شيبة مهاجرًا العامري، وكذا في الحلية لأبي نعيم من طريق أبي مريم عن زبيد عن مهاجر بن عمير قال: قال علي: إن أخوف ما أخاف عليكم اتباع الهوى وطول الأمل فأما اتباع الهوى فيصد عن الحق وأما طول الأمل فينسي الآخرة، ألا وإن الدنيا ارتحلت مدبرة الحديث. وقال بعض الحكماء: مما أخذه من قول عليّ هذا: الدنيا مدبرة والآخرة مقبلة فعجب لمن يقبل على المدبرة ويدبر عن المقبلة.
6417 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِى أَبِى عَنْ مُنْذِرٍ، عَنْ رَبِيعِ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ: خَطَّ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَطًّا مُرَبَّعًا، وَخَطَّ خَطًّا فِى الْوَسَطِ خَارِجًا مِنْهُ، وَخَطَّ خُطُطًا صِغَارًا إِلَى هَذَا الَّذِى فِى الْوَسَطِ مِنْ جَانِبِهِ الَّذِى فِى الْوَسَطِ، وَقَالَ: «هَذَا الإِنْسَانُ وَهَذَا أَجَلُهُ مُحِيطٌ بِهِ -أَوْ قَدْ أَحَاطَ بِهِ- وَهَذَا الَّذِى هُوَ خَارِجٌ أَمَلُهُ وَهَذِهِ الْخُطُطُ الصِّغَارُ الأَعْرَاضُ، فَإِنْ أَخْطَأَهُ هَذَا نَهَشَهُ هَذَا، وَإِنْ أَخْطَأَهُ هَذَا نَهَشَهُ هَذَا».
وبه قال: (حدّثنا صدقة بن الفضل) المروزي الحافظ قال: (أخبرنا يحيى بن سعيد) القطان
وسقط لغير أبي ذر: ابن سعيد (عن سفيان) أنه (قال: حدثني) بالإفراد (أبي) سعيد بن مسروق
الثوري (عن منذر) بضم الميم وسكون النون وكسر الذال المعجمة بعدها راء ابن يعلى الثوري
الكوفي (عن ربيع بن خثيم) بضم المعجمة وفتح المثلثة وربيع بفتح الراء وكسر الموحدة الثوري
(عن عبد الله) بن مسعود (-رضي الله عنه-) أنه (قال: خطّ النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خطًّا مربعًا)

.
.
في الاعتذار يتمسك به، قال ابن بطال: إنما كانت الستون حدًّا لهذا لأنها قريبة من معترك المنايا وهي سن الإنابة والخشوع وترقب المنية فهذا إعذار بعد إعذار لطفًا من الله تعالى بعباده حتى نقلهم من حالة الجهل إلى حالة العلم ثم أعذر إليهم فلم يعاقبهم إلا بعد الحجج الواضحة وإن كانوا فطروا على حب الدنيا وطول الأمل لكنهم أمروا بمجاهدة النفس في ذلك ليمتثلوا ما أمروا به من الطاعة وينزجروا عما نهوا عنه من المعصية.
قال بعض الحكماء: الأسنان أربعة سن الطفولية ثم الشباب ثم الكهولة ثم الشيخوخة وهي آخر الأسنان، وغالب ما يكون بين الستين إلى السبعين فحينئذ يظهر ضعف القوة بالنقص والانحطاط فينبغي له الإِقبال على الآخرة بالكلية لاستحالة أن يرجع إلى الحالة الأولى من النشاط والقوّة.
قلت: ورأيت لأبي الفرج بن الجوزي الحافظ جزءًا لطيفًا سماه تنبيه الغمر بمواسم العمر ذكر فيه أنها خمسة: الأول من وقت الولادة إلى زمن البلوغ، والثاني إلى نهاية شبابه خمس وثلاثين، والثالث إلى تمام الخمسين وهو الكهولة قال: وقد يقال له كهل لما قبل ذلك، والرابع إلى تمام السبعين وذلك زمان الشيخوخة، والخاص إلى آخر العمر قال: وقد يتقدم ما ذكرنا من السنين ويتأخر.
(تابعه) أي تابع معن بن محمد (أبو حازم) سلمة بن دينار مما رواه النسائي عن يعقوب بن عبد الرَّحمن عن أبي حازم (و) تابع معنا أيضًا (ابن عجلان) محمد فيما رواه الطبراني في الأوسط عن عبد الرزاق عن معمر عن منصور بن المعتمر عن محمد بن عجلان كلاهما (عن المقبري) أبي سعيد ذكوان عن أبي هريرة بلفظ: من أتت عليه ستون سنة فقد أعذر الله إليه في العمر.
* حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا أَبُو صَفْوَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «لاَ يَزَالُ قَلْبُ الْكَبِيرِ شَابًّا فِى اثْنَتَيْنِ: فِى حُبِّ الدُّنْيَا، وَطُولِ الأَمَلِ». قَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِى يُونُسُ وَابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِى سَعِيدٌ وَأَبُو سَلَمَةَ.
وبه قال: (حدّثنا علي بن عبد الله) المديني قال: (حدّثنا أبو صفوان عبد الله بن سعيد) الأموي نزل مكة قال: (حدّثنا) ولأبي ذر أخبرنا (يونس) بن يزيد الأيلي (عن ابن شهاب) الزهري
أنه (قال: أخبرني) بالإفراد (سعيد بن المسيب أن أبا هريرة -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول):
(لا يزال قلب) المرء (الكبير) أي الشيخ (شابًّا) قويًا (في اثنتين) أي خصلتين (في حب الدنيا) المال (و) محبة (طول الأمل) أي العمر كما فسرا في الحديث اللاحق وأشار إلى قوة استحكام حبه للمال أو هو من باب المشاكلة والمطابقة. وقال في المصابيح: فيه إيهام الطباق بين الكبير والشاب والاستعارة في شابًّا والتوشيع في قوله: في اثنتين الخ إذ هو عبارة عن أن يأتي في عجز الكلام بمثنى مفسر بمعطوف ومعطوف عليه كقوله:
إذا أبو قاسم جادت لنا يده ... لم يحمد الأجودان البحر والمطر
والحديث أخرجه مسلم في الزكاة والنسائي في الرقائق.
(قال الليث) ولأبي ذر: قال ليث بن سعد الإِمام مما وصله الإِسماعيلي من طريق أبي صالح كاتب الليث عنه (حدثني) بالإفراد (يونس) بن يزيد الأيلي (و) قال (ابن وهب) عبد الله مما وصله مسلم عن حرملة عنه (عن يونس) أيضًا (عن ابن شهاب) الزهري أنه (قال: أخبرني) بالإفراد (سعيد) هو ابن المسيب (وأبو سلمة) بن عبد الرَّحمن بن عوف ولفظ الأول كلفظ حديث الباب إلا أنه قال: المال بدل الدنيا ولفظ الآخر: قلب الشيخ شاب على حب اثنتين طول الحياة وحب المال، وأخرجه البيهقي من وجه آخر عن أبي هريرة وزاد في أوله أن ابن آدم يضعف جسمه وينحل لحمه من الكبر وقلبه شاب.
*حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «يَكْبَرُ ابْنُ آدَمَ وَيَكْبَرُ مَعَهُ اثْنَانِ: حُبُّ الْمَالِ وَطُولُ الْعُمُرِ».
رَوَاهُ شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ.
وبه قال: (حدّثنا مسلم بن إبراهيم) الفراهيدي قال: (حدّثنا هشام) الدستواني قال: (حدّثنا قتادة) بن دعامة (عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-) وسقط ابن مالك لغير أبي ذر (قال: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-):
(يكبر ابن آدم) بفتح الموحدة أي يطعن في السن (ويكبر) بفتح الموحدة أيضًا في الفرع فيهما كأصله وتضم أي ويعظم فعبّر عن الكثرة وهي كثرة عدد السنين بالعظم (معه اثنان حب المال وطول العمر) وفي رواية أبي عوانة عن قتادة عند مسلم يهرم ابن آدم ويشب معه اثنان الحرص على المال والحرص على العمر.
.
.
قال بعض الحكماء: إن بعض حكماء الأوائل لما فكروا في الدنيا فوجدوها تجري على أسلوبين مختلفين، منها: ما يجري بحكم الاتفاق، ومنها ما يجري بحكم الفكر والتخيل. فوضعوا النرد مثالا لما يجري بحكم الاتفاق وتستغربه النفس وتتصداه، ووضعوا الشطرنج مثالا لما يجري بحكم السعي والتخيل والاجتهاد، وتنتهض الخواطر إلى مثله من المطلوبات (1).
(فقد عصى اللَّه ورسوله) كذا رواه مالك (2) وابن حبان في "صحيحه" (3): {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ} (4)، وسيأتي.
[4939] (ثنا مسدد، ثنا يحيى) بن سعيد القطان (عن سفيان) بن سعيد الثوري (عن علقمة بن مرثد) الحضرمي الكوفي (عن سليمان بن بُريدة) بضم الموحدة مصغر، ابن حصيب، ولد هو وأخوه عبد اللَّه في بطن واحد (عن أبيه) بريدة بن حصيب المازني، أسلم حين مر به النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مهاجرًا، ثم قدم المدينة.
(عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: من أحب النردشير) و (شير) بمعنى حلو كما تقدم (فكأنما غمس يده) أي: وضع يده (في) الـ (لحم) ليأكل منه. وفي رواية لغيره: "فكأنما وضع يده" (5) وغمس اليد كناية عن مد اليد للأكل،
__________
(1) بعدها في (ل)، (م): فكأنما. وعليها: (خ).
(2) في "الموطأ" 2/ 958.
(3) 13/ 181 (5872).
(4) الجن: 23.
(5) لم أقف على رواية بلفظ: "وضع"، ولعله يقصد لفظ: "صبغ" رواها مسلم (2260).

60db7cc5b3763

  • 0
  • 0
  • 33

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً