لقد أوهم اللعين خلقا كثيرا أنه لا إله و لا صانع ،و أن هذه الأشياء كانت بلا مكون، و هؤلاء لما لم ...

منذ 2021-09-29
لقد أوهم اللعين خلقا كثيرا أنه لا إله و لا صانع ،و أن هذه الأشياء كانت بلا مكون، و هؤلاء لما لم يدركوا الصانع بالحس و لم يستعملوا في معرفته العقل جحدوه.
و هل يشك ذو عقل في وجود صانع؟!

فإن الإنسان لو مر بقاع ليس فيه بنيان؛ ثم عاد فرأى حائطا مبنيا علم أنه لابد له من بانٍ بناه.
فهذا المهاد الموضوع، و هذا السقف المرفوع، و هذه الأبنية العجيبة، و القوانين الجارية على وجه الحكمة؛ أما تدل على صانع؟!

و ما أحسن ما قال بعض العرب : إن البعرة تدل على البعير.
فهيكل علوي بهذه اللطافة، و مركز سفلي بهذه الكثافة أما يدلان على اللطيف الخبير؟!

ثم لو تأمل الإنسان نفسه لكفت دليلا ؛و لشفت غليلا، فإن في هذا الجسد من الحكم ما لا يسع ذكره في أسطر فايسبوكية.

من تأمل تحديد الأسنان لتقطع، و تقريض الأضراس لتطحن ،و اللسان يقلب الممضوغ و تسليط الكبد على الطعام ينضجه، ثم ينفذ إلى كل جارحة قدر ما تحتاج إليه من الغذاء.

هذه الأصابع التي هُيئت فيها العُقل لتُطوى و تنفتح، فيمكن العمل بها، و لم تُجوَّف لكثرة عملها ،إذ لو جُوِفت لصدمها الشيء القوي فكسرها ،و جعل بعضها أطول من بعض لتستوي إذا ضُمت.

و أخفى في البدن ما فيه قوامه، و هي النفس ؛التي إذا ذهبت فسُد العقل الذي يرشد إلى المصالح.

و كل شيء من هذه الأشياء ينادي : أفي الله شك؟!
و إنما يخبط الجاحد لأنه طلبه من حيث الحس.

و من الناس من جحده لأنه لما أثبت وجوده من حيث الجملة لم يدركه من حيث التفصيل؛ فجحد أصل الوجود ،و لو أعمل هذا فكره لعلم أن لنا أشياء لا تُدرك إلا جملة كالنفس و العقل ،و لم يمتنع أحد من إثبات وجودهما.
و هل الغاية إلا إثبات الخلق جملة ؟!
و كيف يُقال : كيف هو أو ما هو؟
و لا كيفية له و لا ماهية.

و من الأدلة القطعية على وجود أن العالَم حادث بدليل أنه لا يخلو من الحوادث، و كل ما لا ينفك عن الحوادث حادث، و لا بد لحدوث هذا الحادث من مسبب؛ و هو الخالق سبحانه.

و للملحدين اعتراض يتطاولون به على قولنا : لابد للصنعة من صانع؛ فيقولون : إنما تعلقتم في هذا بالشاهد و إليه تقاضيكم.
فنقول : كما أنه لابد للصنعة من صانع، فلا بد للصورة الواقعة من الصانع من مادة تقع الصورة فيها، كالخشب لصورة الباب، و الحديد لصورة الفأس.
قالوا : فدليلكم الذي تثبتون به الصانع يوجب قِدم العالم.
فالجواب : أنه لا حاجة بنا إلى مادة، بل نقول : إن الصانع اخترع الأشياء اختراعا، فإنا نعلم أن الصور و الأشكال المتجددة في الجسم مصورة الدولاب ليس لها مادة، و قد اخترعها و لابد لها من مصور. فقد أريناكم صورة و هي شيء جاءت لا من شيء و لا يمكنكم أن ترونا صنعة جاءت لا من صانع.

614e07205a9ad

  • 3
  • 0
  • 40

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً