أنكرت الفلاسفة بعث الأجساد و رد الأرواح إلى الأبدان؛ و وجود جنة و نار جسمانيين، و زعموا أن تلك ...

منذ 2021-10-02
أنكرت الفلاسفة بعث الأجساد و رد الأرواح إلى الأبدان؛ و وجود جنة و نار جسمانيين، و زعموا أن تلك أمثلة ضُربت لعوام الناس ليفهموا الثواب و العقاب الروحانيين، و زعموا أن النفس تبقى بعد الموت بقاء سرمديا أبدا، إما في لذة لا توصف و هي الأنفس الكاملة، أو ألم لا يوصف و هي النفوس المتلوثة، و قد تتفاوت درجات الألم على مقادير الناس، و قد ينمحي عن بعضها الألم و يزول.

قلتُ : نحن لا ننكر وجود النفس بعد الموت؛ و لذلك سمي عودها إعادة، و لا أن لها نعيما و شقاء، و لكن ما المانع من حشر الأجسام؟!
و لم ننكر اللذات و الآلام الجسمانية في الجنة و النار، و قد جاء الشرع بذلك، فنحن نؤمن بالجمع بين السعادتين و بين الشقاوتين الروحانية و الجسمانية، و أما الحقائق في مقام الأمثال فتحكّم بلا دليل.

فإن قالوا : الأبدان تتحلل و تُؤكل و تستحيل.
قلنا : القدرة لا يقف بين يديها شيء على أن الإنسان إنسان بنفسه، فلو صُنع له البدن من تراب غير التراب الذي خُلق منه لم يخرج عن كونه هو هو، كما أنه تتبدل أجزاؤه من الصغر إلى الكِبر و بالهزال و السمن.

فإن قالوا : لم يكن البدن بدنا حتى يرقى من حالة إلى حالة إلى أن صار لحما و عروقا.
قلنا : قدرة الله تعالى لا تقف على المفهوم المشاهد، ثم قد أخبرنا نبينا صلى الله عليه وسلم أن الأجسام تنبت في القبور قبل البعث.

روى البخاري و مسلم رحمة الله عليهما عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما بين النفختين أربعون، قالوا : يا أبا هريرة : أربعون يوما؟ قال : أبيت، قالوا : أربعون شهرا؟ قال : أبيت، قالوا : أربعون سنة؟ قال : أبيت، قال : ثم يُنزل ماء من السماء فينبتون كما ينبت البقل، قال : و ليس من الإنسان شيء إلا يبلى إلا عظما واحدا و هو عَجْبُ الذنب، منه خُلق، و منه يُركّب الخلق يوم القيامة.

و عجب الذنب عظم لطيف في أسفل الصلب؛ و هو رأس العصعص.

614e07205a9ad

  • 3
  • 0
  • 156

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً