مَثَلُ المُنافِقِ كَمَثَلِ الشَّاةِ العائِرَةِ بيْنَ الغَنَمَيْنِ تَعِيرُ إلى هذِه مَرَّةً وإلَى ...

منذ 2021-12-23
مَثَلُ المُنافِقِ كَمَثَلِ الشَّاةِ العائِرَةِ بيْنَ الغَنَمَيْنِ تَعِيرُ إلى هذِه مَرَّةً وإلَى هذِه مَرَّةً. 7145- [...]

حَدَّثَنا قُتَيْبَةُ بنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنا يَعْقُوبُ، يَعْنِي ابْنَ عبدِ الرَّحْمَنِ القارِيَّ، عن مُوسَى بنِ عُقْبَةَ، عن نافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ بمِثْلِهِ، غيرَ أنَّه قالَ: تَكِرُّ في هذِه مَرَّةً وفي هذِه مَرَّةً.

الراوي : عبدالله بن عمر
المحدث : مسلم
المصدر : صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم: 2784
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]

قال الله تعالى ؛

{ وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزئون، الله يستهزئ بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون،}

(البقرة: 14-15) .

قال الله تعالى ؛

{ وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدوداً، }

(النساء: 61) .

قال الله تعالى ؛

{ إِن الْمُنَافِقِينَ فِي الدرْكِ الأسْفَلِ مِنَ النارِ، }

(النساء: 145)،

وقال الله تعالى:

{ إِن الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ،}

(النساء: 142)،

وقال الله تعالى:

{ يُخَادِعُونَ اللهَ وَالذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إلا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ، فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللهُ مَرَضاً وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ، }

(البقرة: 9-10) .

قال الله تعالى ؛
{الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم من بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُواْ اللهَ فَنَسِيَهُمْ إِن الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقون،}

(التوبة: 67)،

وقال الله تعالى :

{ وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنهُمْ خُشُبٌ مُسَندَةٌ يَحْسَبُونَ كُل صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُو فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللهُ أَنى يُؤْفَكُونَ، }

(المنافقون: 4)

قال الله تعالى ؛

{"وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسجِدًا ضِرَارًا وَكُفرًا وَتَفرِيقًا بَينَ المُؤمِنِينَ وَإِرصَادًا لّمَن حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِن قَبلُ وَلَيَحلِفَنَّ إِن أَرَدنَا إِلاَّ الحُسنَى وَاللَّهُ يَشهَدُ إِنَّهُم لَكَـاذِبُونَ لاَ تَقُم فِيهِ أَبَدًا لَّمَسجِدٌ أُسّسَ عَلَى التَّقوَى مِن أَوَّلِ يَومٍ, أَحَقٌّ أَن تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبٌّونَ أَن يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبٌّ المُطَّهّرِينَ أَفَمَن أَسَّسَ بُنيَانَهُ عَلَى تَقوَىا مِنَ اللَّهِ وَرِضوَانٍ, خَيرٌ أَم مَّن أَسَّسَ بُنيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ, هَارٍ, فَانهَارَ بِهِ فِى نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لاَ يَهدِى القَومَ الظَّـالِمِينَ لاَ يَزَالُ بُنيَانُهُمُ الَّذِى بَنَوا رِيبَةً فِى قُلُوبِهِم إِلاَّ أَن تَقَطَّعَ قُلُوبُهُم وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ"}

[التوبة:107-110].

قال الله تعالى ؛

﴿ مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ ﴾

[البقرة: 17].

قال الله تعالى ؛

﴿ أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ * يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾

[البقرة: 19، 20].

قال الله تعالى ؛

﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ ﴾

[الحج: 11].

قال الله تعالى ؛

{{فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَىٰ أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ ۚ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ}

[سورة المائدة 52]،

قال الله تعالى ؛

{يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ}،

[سورة المائدة 41] ،

قال الله تعالى ؛

{وَلَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ ۚ إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا ۗ يُرِيدُ اللَّهُ أَلَّا يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الْآخِرَةِ ۖ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ}

[سورة آل عمران 176].

قال الله تعالى ؛

{ فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ ۚ أُولَٰئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ ۚ وَكَانَ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا}

[سورة اﻷحزاب 19].

قال الله تعالى ؛

{ مُّذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَٰلِكَ لَا إِلَىٰ هَٰؤُلَاءِ وَلَا إِلَىٰ هَٰؤُلَاءِ ۚ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا}

[ النساء - 143 ]

قال السعدى؛؛
{ مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ } أي: مترددين بين فريق المؤمنين وفريق الكافرين. فلا من المؤمنين ظاهرا وباطنا، ولا من الكافرين ظاهرا وباطنا. أعطوا باطنهم للكافرين وظاهرهم للمؤمنين، وهذا أعظم ضلال يقدر. ولهذا قـال: { وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا } أي: لن تجد طريقا لهدايته ولا وسيلة لترك غوايته، لأنه انغلق عنه باب الرحمة، وصار بدله كل نقمة. فهذه الأوصاف المذمومة تدل بتنبيهها على أن المؤمنين متصفون بضدها، من الصدق ظاهرا وباطنا، والإخلاص، وأنهم لا يجهل ما عندهم، ونشاطهم في صلاتهم وعباداتهم، وكثرة ذكرهم لله تعالى.
وأنهم قد هداهم الله ووفقهم للصراط المستقيم. فليعرض العاقل نفسه على هذين الأمرين وليختر أيهما أولى به،
وبالله المستعان.

مَثَلُ المُنافِقِ، كَمَثَلِ الشَّاةِ العائِرَةِ بيْنَ الغَنَمَيْنِ تَعِيرُ إلى هذِه مَرَّةً وإلَى هذِه مَرَّةً. 7145- [...]

حَدَّثَنا قُتَيْبَةُ بنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنا يَعْقُوبُ، يَعْنِي ابْنَ عبدِ الرَّحْمَنِ القارِيَّ، عن مُوسَى بنِ عُقْبَةَ، عن نافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ بمِثْلِهِ، غيرَ أنَّه قالَ: تَكِرُّ في هذِه مَرَّةً وفي هذِه مَرَّةً.

الراوي : عبدالله بن عمر
المحدث : مسلم
المصدر : صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم: 2784
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]

مثلُ المنافقِ كمثلِ الشاةِ الرابضةِ بينَ الغنمينِ

فقال ابنُ عمرَ ويلَكم لاتكذبوا على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ ،

إنما قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ : مثلُ المنافقِ كمثلِ الشاةِ العائرةِ بينَ الغنمينِ

الراوي : عبيد بن عمير
المحدث : أحمد شاكر
المصدر : مسند أحمد
الصفحة أو الرقم: 8/16
خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح

وعن أبي هريرة - رضي الله عنه -
عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:
تَجِدون الناس معادن، خيارُهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا،

وتجدون خير الناس في هذا الشأن أشَدهم له كراهية،

وتجدون شر الناس ذا الوَجْهَين،

الذي يأتي هؤلاء بوجه، ويأتي هؤلاء بوجه،

[ متفَق عليه .]

(2774) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: لَمَّا تُوُفِّيَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ جَاءَ ابْنُهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ،

فَسَأَلَهُ أَنْ يُعْطِيَهُ قَمِيصَهُ يُكَفِّنُ فِيهِ أَبَاهُ، فَأَعْطَاهُ ثُمَّ سَأَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ؟

فَقَامَ رَسُولُ اللهِ ﷺ لِيُصَلِّيَ عَلَيْهِ، فَقَامَ عُمَرُ فَأَخَذَ بِثَوْبِ رَسُولِ اللهِ ﷺ،

فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ أَتُصَلِّي عَلَيْهِ وَقَدْ نَهَاكَ اللهُ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَيْهِ؟

فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: إِنَّمَا خَيَّرَنِي اللهُ
فَقَالَ: اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ، إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً، وَسَأَزِيدُهُ عَلَى سَبْعِينَ

قَالَ: إِنَّهُ مُنَافِقٌ، فَصَلَّى عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ ﷺ

فَأَنْزَلَ اللهُ : وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ [التوبة:84] ».

[ رواه مسلم ]

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:

" مَثَلُ الْمُؤْمِنِ كَمَثَلِ الزَّرْعِ لَا تَزَالُ الرِّيحُ تُمِيلُهُ، وَلَا يَزَالُ الْمُؤْمِنُ يُصِيبُهُ الْبَلَاءُ، وَمَثَلُ الْمُنَافِقِ كَمَثَلِ شَجَرَةِ الْأَرْزِ، لَا تَهْتَزُّ حَتَّى تَسْتَحْصِدَ "

[أخرجه مسلم: ك: صفات المنافقين وأحكامهم، ب: مثل المؤمن كالزرع، ح (2809).]

عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " مَثَلُ المُؤْمِنِ الَّذِي يَقْرَأُ القُرْآنَ كَمَثَلِ الأُتْرُجَّةِ، رِيحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا طَيِّبٌ،
وَمَثَلُ المُؤْمِنِ الَّذِي لاَ يَقْرَأُ القُرْآنَ كَمَثَلِ التَّمْرَةِ، لاَ رِيحَ لَهَا وَطَعْمُهَا حُلْوٌ، وَمَثَلُ المُنَافِقِ الَّذِي يَقْرَأُ القُرْآنَ مَثَلُ الرَّيْحَانَةِ، رِيحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا مُرٌّ، وَمَثَلُ المُنَافِقِ الَّذِي لاَ يَقْرَأُ القُرْآنَ كَمَثَلِ الحَنْظَلَةِ، لَيْسَ لَهَا رِيحٌ وَطَعْمُهَا مُرٌّ "

[ أخرجه البخاري: ك: الأطعمة، ب: ذكر الطعام، ح (5427)،
ومسلم: ك: صلاة المسافرين وقصرها، ب: فضيلة حافظ القرآن، ح (797).

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُمَرَ الْمَكِّيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ:

«اجْتَمَعَ عِنْدَ الْبَيْتِ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ، قُرَشِيَّانِ وَثَقَفِيٌّ، أَوْ ثَقَفِيَّانِ وَقُرَشِيٌّ، قَلِيلٌ فِقْهُ قُلُوبِهِمْ، كَثِيرٌ شَحْمُ بُطُونِهِمْ،

فَقَالَ أَحَدُهُمْ: أَتُرَوْنَ اللهَ يَسْمَعُ مَا نَقُولُ؟

وَقَالَ الْآخَرُ: يَسْمَعُ، إِنْ جَهَرْنَا، وَلَا يَسْمَعُ، إِنْ أَخْفَيْنَا

وَقَالَ الْآخَرُ: إِنْ كَانَ يَسْمَعُ، إِذَا جَهَرْنَا، فَهُوَ يَسْمَعُ إِذَا أَخْفَيْنَا "،

فَأَنْزَلَ اللهُ : وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ [فصلت:22] الْآيَةَ».

رواه مسلم

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:

«آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلَاثٌ:
إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ،
وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ،
وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ».

عن عمار بن ياسر - رضي الله عنه - قال :

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

{من كان له وجهان في الدنيا كان له لسانان من نار يوم القيامة }

رواه أبوداود ]

قال رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:

(مَنْ كَانَ ذَا وَجْهَيْنِ فِي الدُّنْيَا كان لَهُ لِسَانَانِ مِنْ نَارٍ)

(رواه البخاري في الأدب المفرد بسند حسن)"

(2776) حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَدِيٍّ وَهُوَ ابْنُ ثَابِتٍ،
قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ يَزِيدَ، يُحَدِّثُ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ،

«أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ خَرَجَ إِلَى أُحُدٍ، فَرَجَعَ نَاسٌ مِمَّنْ كَانَ مَعَهُ، فَكَانَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ ﷺ فِيهِمْ فِرْقَتَيْنِ، قَالَ بَعْضُهُمْ: نَقْتُلُهُمْ،
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا،
فَنَزَلَتْ فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ [النساء:88] ».

[ رواه مسلم]

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

(لا تقوم الساعة حتى يكون أسعد الناس

بالدنيا لكع ابن لكع)

( يعني العبيد والسفلة من الناس )

(رواه الترمذي بسند صحيح)".

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :
بينما النبي صلى الله عليه وسلم في مجلس يحدث القوم، جاءه أعرابي فقال : متى الساعة؟

فمضى رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث ، فقال بعض القوم : سمع ما قال فكره ما قال . وقال بعضهم : بل لم يسمع . حتى إذا قضى حديثه قال :

أين السائل عن الساعة؟
قال: ها أنا يا رسول الله، قال:

إذا ضُيعت الأمانة فانتظر الساعة

قال: كيف إضاعتها ؟

قال: إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة )

[ متفق عليه ]

أخرج الإمام مسلم في صحيحه : ( 2784 ) حدثني محمد بن عبدالله بن نمير حدثنا أبي ح وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا أبو أسامة قالا حدثنا عبيدالله ح وحدثنا محمد بن المثنى ( واللفظ له ) أخبرنا عبدالوهاب ( يعني الثقفي ) حدثنا عبيدالله عن نافع عن ابن عمر
: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال" مثل المنافق كمثل الشاة العائرة بين الغنمين تعير إلى هذه مرة وإلى هذه مرة" .

[ ش ( العائرة ) المترددة الحائرة لا تدري أيهما تتبع ( تعير ) أي تتردد وتذهب .
قال الشيخ الألباني : ( صحيح ) انظر حديث رقم : 5853 في صحيح الجامع

قال المناوي – رحمه الله – في فيض القدير 5/ 515 :

( مثل المنافق كمثل الشاة العائرة )

بعين مهملة المترددة المتحيرة

قال التوربشتي : وأكثر استعماله في الناقة وهي التي تخرج من إبل إلى أخرى ليضربها الفحل ثم اتسع في المواشي ( بين الغنمين ) أي القطيعين من الغنم قال في المفصل : قد يثنى الجمع على تأويل الجماعتين في الفرقتين قال : ومنه هذا الحديث

وقال الأندلسي في شرحه : تثنية الجمع ليس بقياس وقد يعرض في بعض المعاني ما يحوج إلى تثنيته كما في الحديث كأنه لا يمكن التعبير بمجرد الجمع فتستحق عند ذلك تثنيته ( تعير ) في رواية أخرى تكر ( إلى هذه مرة وإلى هذه مرة ) أي تعطف على هذه وعلى هذه ( لا تدري أيهما تتبع ) لأنها غريبة ليست منهما فكذا المنافق لا يستقر بالمسلمين ولا بالكافرين بل يقول لكل منهم أنا منكم

قال الطيبي : شبه تردده بين المؤمنين والكافرين تبعا لهواه وقصدا لأغراضه الفاسدة كتردد الشاة الطالبة للفحل فلا تستقر على حال ولذلك وصفوا في التنزيل { مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء }
( حم م ) في أواخر الصحيح ( ن ) كلهم ( عن ابن عمر ) بن الخطاب ولم يخرجه البخاري

قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – مجموع الفتاوى 22/249 :

" ومن كان مواليا للأئمة محبا لهم يقلد كل واحد منهم فيما يظهر له أنه موافق للسنه فهو محسن فى ذلك بل هذا أحسن حالا من غيره ولا يقال لمثل هذا مذبذب على وجه الذم وإنما المذبذب المذموم الذى لا يكون مع المؤمنين ولا مع الكفار بل يأتى المؤمنين بوجه ويأتى الكافرين بوجه
كما قال تعالى فى حق المنافقين إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراؤون الناس إلى قوله ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا
وقال النبى مثل المنافق كمثل الشاة العائرة بين الغنمين تعير إلى هؤلاء مرة وإلى هؤلاء مرة
فهؤلاء المنافقون المذبذبون هم الذين ذمهم الله ورسوله وقال فى حقهم إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون

وقال تعالى فى حقهم ألم تر إلى الذين تولوا قوما غضب الله عليهم ماهم منكم ولا منهم ويحلفون على الكذب وهم يعلمون فهؤلاء المنافقون الذين يتولون اليهود الذين غضب الله عليهم ماهم من اليهود ولا هم منا مثل من أظهر الإسلام من اليهود والنصارى والتتر وغيرهم وقلبه مع طائفته فلا هو مؤمن محض ولا هو كافر ظاهرا وباطنا فهؤلاء هم المذبذبون الذين ذمهم الله ورسوله وأوجب على عباده أن يكونوا مؤمنين لا كفارا ولا منافقين بل يحبون لله ويبغضون لله ويعطون لله ويمنعون لله .

قال تعالى :

{ مُّذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَظ°لِكَ لا إِلَىظ° هَظ°ؤُلَاءِ وَلا إِلَىظ° هَظ°ؤُلَاءِ غڑ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا } [النساء143].

يقول بن الجوزي في زاد المسير : في قوله تعالى: مذبذبين بين ذلك المذبذب: المتردد بين أمرين ، وأصل التذبذب: التحرك ، والاضطراب ، وهذه صفة المنافق ، لأنه محير في دينه لا يرجع إلى اعتقاد صحيح .

قال قتادة: ليسوا بالمشركين المصرحين بالشرك ، ولا بالمؤمنين المخلصين . قال ابن زيد: ومعنى "بين ذلك": بين الإسلام والكفر ، لم يظهروا الكفر فيكونوا إلى الكفار ، ولم يصدقوا الإيمان ، فيكونوا إلى المؤمنين .

قال ابن عباس : ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا إلى الهدى .

وقد روى ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "مثل المنافق: مثل الشاة العائرة بين الغنمين تعير إلى هذه مرة ، وإلى هذه مرة ولا تدري أيها تتبع" . إهـ

قال القرطبي رحمه الله تعالى:

إنما كان ذو الوجهين شر الناس لأن حاله حال المنافق إذ هو متملق بالباطل وبالكذب مدخل للفساد بين الناس, وقال النووي: هو الذي يأتي كل طائفة بما يرضيها فيظهر لها أنه منها ومخالف لضدها وصنيعه نفاق ومحض كذب وخداع وتحيل على الاطلاع على أسرار الطائفتين وهي مداهنة محرمة"
[فتح الباري: 10/475].

وروى البخاري ؛
أن أناسا قالـوا لعبدالله بن عمر - رضي الله عنهما ؛
أنهم يذهبون للسلاطين فيتكلمون لديهم بكلام فإذا خرجوا قالوا بخلافه

فقال لهم كنا نعد هذا نفاقا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم،

وقال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه:

"من ولي من أمر المسلمين شيئًا فولى رجلا لمودة أو قرابة بينهما فقد خان الله ورسوله والمسلمين".

ويقول ابن القيم في كتابه الفوائد:

"علماء السوء جلسوا على باب الجنة يدعون الناس إليها بأقوالهم، ويدعونهم إلى النار بأفعالهم، فكلما قالت أقوالهم للناس: هلموا؛ قالت أفعالهم: لا تسمعوا منهم، فلو كان ما دعوا إليه حقا كانوا أول المستجيبين له، فهم في الصورة أدلاء، وفي الحقيقة قطاع طرق".

ورحم الله الإمام أحمد حيث قال: "إذا تكلم العالم تقية، والجاهل بجهل، فمتى يعرف الحق؟".
<<<>>>

روىالإمام مسلم في صحيحه : ( 2784 )
حدثني محمد بن عبدالله بن نمير
حدثنا أبي ح وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة
حدثنا أبو أسامة قالا حدثنا عبيدالله ح
وحدثنا محمد بن المثنى ( واللفظ له ) أخبرنا عبدالوهاب ( يعني الثقفي ) حدثنا
عبيدالله عن نافع عن ابن عمر

: عن النبي صلى الله عليه وسلم

قال" مثل المنافق كمثل الشاة العائرة بين الغنمين

تعير إلى هذه مرة وإلى هذه مرة" .

أن الإسلام جاء بالدعوة إلى محاسن الأخلاق وطيب المسالك في التعامل والمثل العليا في الصدق والنزاهة وطهارة القلب ونقائه،

قال تعالى: {يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ* إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ}، والإنسان مظهر وجوهر، وجوهره ما يجتمع عليه قلبه من حقائق الإيمان وصدق الأخلاق وأما مظهره فصفاته الجسمية وممتلكاته المادية، والمسلم الحق هو الذي يصدق مظهره ومخبره، وأما الاختلاف في النوايا وعدم الوضوح في التعامل وتعدد الوجوه فليس سبيلا للمؤمن وليس طريقاً لمن يرجو الله والدار الآخرة،

يقول تعالى:{وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ * وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ *
وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ}.

إن متعدد الوجوه والنوايا هو منافق متلون بل هذا ارتكاس في الفطرة وانتكاس في الخلقة وضلال في البصيرة، ولقد فضح القرآن الكريم والسنة المطهرة فئة النفاق والمنافقين فجلى دخائل نفوسهم وهتك أستارهم، وخلجات ضمائرهم، كما أوضح طرائقهم بكل أنواعهم وأطيافهم سواء كان النفاق الأكبر المخرج من الملة والذي ينطوي قلب صاحبه على الإعراض عن الهدى والتكذيب بالحق وقد توعدهم الله العذاب والنكال وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ، وقد أنزل الله في القرآن الكريم سورة كاملة تسمى بسورة المنافقون جلى فيها صفاتهم وكشف كذبهم وزيفهم وتعدد وجوههم، ومن ذلك: الخوف والاضطراب الدائم والذي يظهر على محياهم يحسبون كل صيحة عليهم، والجبن والخور والانهزام أمام المواقف لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً أَوْ مَغَارَاتٍ أَوْ مُدَّخَلًا لَوَلَّوْا إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ الكذب والذي يحملهم على الحلف والأيمان الكاذبة اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً، وأما النفاق الأصغر والذي لا يخرج من الملة فهو نفاق خلقي لا اعتقادي يشترك صاحبه مع النفاق الاعتقادي في صفات الكذب والتلون والجبن والخور ويزيد إخلاف الوعد والفجور في الخصومة وخيانة الأمانة،

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلَاثٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ».

صاحب اللسانين

صاحب الوجهين يحمل صفة من صفة المنافقين فهو صاحب لسانين ويتكلم بنيتين كالشاة العائرة بين القطيعين هكذا وصفه النبي صلى الله عليه وسلم،

فعنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « مَثَلُ الْمُنَافِقِ كَمَثَلِ الشَّاةِ الْعَائِرَةِ بَيْنَ الْغَنَمَيْنِ تَعِيرُ إِلَى هَذِهِ مَرَّةً، وَإِلَى هَذِهِ مَرَّةً، لَا تَدْرِي أَهَذِهِ تَتْبَعُ، أَمْ هَذِهِ»،

والله عز وجل أوضح هذه الصفة بقوله تعالى: مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا.

وأوضح الله صفة صاحب الوجهين في لقائه للذين آمنوا وفي لقائه للكافرين كيف يتملق لهؤلاء ويصدق هؤلاء

قال تعالى: {وَإِذَا لَقُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُواْ إِنَّا مَعَكْمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُونَ}،

وهذه الصفة القبيحة صفة التقلب والتلون والثناء على الناس في حضرتهم ثم إلحاق الغيبة بهم في غيبتهم لا يصنعها المؤمن الصادق والذي يريد الجنة بل هذه الصفة يكفي في خستها وسفهها أن الله جعله من أشر الناس،

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: « إِنَّ مِنْ شِرَارِ النَّاسِ ذَا الْوَجْهَيْنِ، الَّذِي يَأْتِي هَؤُلَاءِ بِوَجْهٍ، وَهَؤُلَاءِ بِوَجْهٍ «،
وإن من قبح هذه الصفة أن صاحبها تنطوي نفسه على الضعف والخسة وعدم اليقين والثبات بل هي طريق للجبناء، ويظن صاحب هذه الصفة أن هذا ذكاء ودهاء وبراعة وفطنة وما هذا والله إلا فساد وسوء خلق ودناءة.إن صاحب الوجهين يكثر في أيام الفتن والأزمات وفي الواقع هو مشعلها ومفتون بها

{أَوَلاَ يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَّرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لاَ يَتُوبُونَ وَلاَ هُمْ يَذَّكَّرُونَ}،

كما إن المسلم الحق هو من يتمثل الخلق الرفيع في حياته وسلوكه إن المسلم الحق الذي يعلم أن من أقرب الناس منزلة عند الله من رسول الله صلى الله عليه وسلم هم أصحاب الأخلاق العالية والصدق وطهارة القلب، والقدوة والأسوة هو محمد صلى الله عليه وسلم صاحب الخلق الرفيع والقلب الطاهر والصدق ونقاء السريرة حتى مع أعدائه ومناوئه وسيرته عطرة وتاريخه مشرق لمن أراد أن يسلك طريقه.
<<<>>>>>

تفسير ابن كثير ؛
قال الله تعالى ؛

{ الّذِينَ يَتَرَبّصُونَ بِكُمْ فَإِن كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مّنَ اللّهِ قَالُوَاْ أَلَمْ نَكُنْ مّعَكُمْ وَإِن كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُوَاْ أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مّنَ الْمُؤْمِنِينَ فَاللّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَن يَجْعَلَ اللّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً }

يخبر تعالى عن المنافقين أنهم يتربصون بالمؤمنين دوائر السوء بمعنى ينتظرون زوال دولتهم وظهور الكفر عليهم وذهاب ملتهم, {فإن كان لكم فتح من الله} أي نصر وتأييد وظفر وغنيمة {قالوا ألم نكن معكم} أي يتوددون إلى المؤمنين بهذه المقالة, {وإن كان للكافرين نصيب} أي إدالة على المؤمنين في بعض الأحيان كما وقع يوم أحد, فإن الرسل تبتلى ثم يكون لها العاقبة {قالوا ألم نستحوذ عليكم ونمنعكم من المؤمنين} أي ساعدناكم في الباطن, وما ألوناهم خبالاً وتخذيلاً حتى انتصرتم عليهم, وقال السدي: نستحوذ عليكم نغلب عليكم, كقوله: {استحوذ عليهم الشيطان} وهذا أيضاً تودد منهم إليهم, فإنهم كانوا يصانعون هؤلاء وهؤلاء ليحظوا عندهم ويأمنوا كيدهم, وما ذاك إلا لضعف إيمانهم وقلة إيقانهم, قال تعالى: {فالله يحكم بينكم يوم القيامة} أي بما يعلمه منكم أيها المنافقون من البواطن الرديئة فلا تغتروا بجريان الأحكام الشرعية عليكم ظاهراً في الحياة الدنيا, لما له في ذلك من الحكمة, فيوم القيامة لا تنفعكم ظواهركم بل هو يوم تبلى فيه السرائر ويحصل ما في الصدور.
وقوله: {ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلاً} قال عبد الرزاق: أنبأنا الثوري عن الأعمش, عن ذر, عن سبيع الكندي, قال: جاء رجل إلى علي بن أبي طالب فقال: كيف هذه الاَية {ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلاً} فقال علي رضي الله عنه: أدنه أدنه, فالله يحكم بينكم يوم القيامة ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلاً, وكذا روى ابن جريج عن عطاء الخراساني, عن ابن عباس: ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلاً, قال: ذاك يوم القيامة, وكذا روى السدي عن أبي مالك الأشجعي, يعني يوم القيامة. وقال السدي: سبيلاً أي حجة, ويحتمل أن يكون المعنى ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلاً, أي في الدنيا بأن يسلطوا عليهم استيلاء استئصال بالكلية, وإن حصل لهم ظفر في بعض الأحيان على بعض الناس, فإن العاقبة للمتقين في الدنيا والاَخرة, كما قال تعالى: {إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا} الاَية, وعلى هذا يكون رداً على المنافقين فيما أملوه ورجوه وانتظروه من زوال دولة المؤمنين, وفيما سلكوه من مصانعتهم الكافرين خوفاً على أنفسهم منهم إذا هم ظهروا على المؤمنين فاستأصلوهم, كما قال تعالى: {فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم ـ إلى قوله ـ نادمين} وقد استدل كثير من العلماء بهذا الاَية الكريمة على أصح قولي العلماء, وهو المنع من بيع العبد المسلم للكافر, لما في صحة ابتياعه من التسليط له عليه والإذلال, ومن قال منهم بالصحة, يأمره بإزالة ملكه عنه في الحال لقوله تعالى: {ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلاً}.

وقال الله تعالى ؛

إِنّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوَاْ إِلَى الصّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَىَ يُرَآءُونَ النّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللّهَ إِلاّ قَلِيلاً * مّذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لاَ إِلَىَ هَـَؤُلآءِ وَلاَ إِلَى هَـَؤُلآءِ وَمَن يُضْلِلِ اللّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً }

قد تقدم في أول سورة البقرة قوله تعالى: {يخادعون الله والذين آمنوا}, وقال ههنا: {إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم} ولاشك أن الله لا يخادع, فإنه العالم بالسرائر والضمائر, ولكن المنافقين لجهلهم وقلة علمهم وعقلهم يعتقدون أن أمرهم كما راج عند الناس وجرت عليهم أحكام الشريعة ظاهراً, فكذلك يكون حكمهم عند الله يوم القيامة وأن أمرهم يروج عنده كما أخبر تعالى عنهم أنهم يوم القيامة يحلفون له أنهم كانوا على الاستقامة والسداد, ويعتقدون أن ذلك نافع لهم عنده, كما قال تعالى: {يوم يبعثهم الله جميعاً فيحلفون له كما يحلفون لكم} الاَية, وقوله: {هو خادعهم} أي هو الذي يستدرجهم في طغيانهم وضلالهم, ويخذلهم عن الحق والوصول إليه في الدنيا, وكذلك يوم القيامة, كما قال تعالى: {يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا انظرونا نقتبس من نوركم ـ إلى قوله ـ وبئس المصير} وقد ورد في الحديث «من سمع سمع الله به, ومن راءى راءى الله به». وفي حديث آخر«إن الله يأمر بالعبد إلى الجنة فيما يبدو للناس ويعدل به إلى النار» عياذاً بالله من ذلك.
وقوله: {وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى} الاَية, هذه صفة المنافقين في أشرف الأعمال وأفضلها وخيرها, وهي الصلاة إذا قاموا إليها, قاموا وهم كسالى عنها, لأنهم لا نية لهم فيها ولا إيمان لهم بها ولا خشية, ولا يعقلون معناها كما روى ابن مردويه من طريق عبيد الله بن زحر عن خالد بن أبي عمران عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس, قال: يكره أن يقوم الرجل إلى الصلاة وهو كسلان, ولكن يقوم إليها طلق الوجه عظيم الرغبة شديد الفرح, فإنه يناجي الله وإن الله تجاهه يغفر له ويجيبه إذا دعاه, ثم يتلو هذه الاَية {وإذا قاموا إالى الصلاة قاموا كسالى} وروي من غير هذا الوجه عن ابن عباس نحوه, فقوله تعالى: {وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى} هذه صفة ظواهرهم كما قال: {ولا يأتون الصلاة إلا وهم كسالى} ثم ذكر تعالى صفة بواطنهم الفاسدة, فقال: {يراءون الناس} أي لا إخلاص لهم ولا معاملة مع الله بل إنما يشهدون الناس تقية لهم ومصانعة, ولهذا يتخلفون كثيراً عن الصلاة التي لا يرون فيها غالباً كصلاة)العشاء في وقت العتمة, وصلاة الصبح في وقت الغلس, كما ثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر, ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبواً, ولقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام, ثم آمر رجلاً فيصلي بالناس, ثم أنطلق معي برجال ومعهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار». وفي رواية «والذي نفسي بيده, لو علم أحدهم أنه يجد عرقاً سميناً أو مرماتين حسنتين, لشهد الصلاة, ولولا ما في البيوت من النساء والذرية لحرقت عليهم بيوتهم».
وقال الحافظ أبو يعلى: حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي, حدثنا محمد بن دينار عن إبراهيم الهجري, عن أبي الأحوص, عن عبد الله, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أحسن الصلاة حيث يراه الناس وأساءها حيث يخلو, فتلك استهانة استهان بها ربه عز وجل». وقوله: {و لا يذكرون الله إلا قليلاً} أي في صلاتهم لا يخشعون ولا يدرون ما يقولون بل هم في صلاتهم ساهون لاهون, وعما يراد بهم من الخير معرضون, وقد روى الإمام مالك عن العلاء بن عبد الرحمن, عن أنس بن مالك, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تلك صلاة المنافق, تلك صلاة المنافق, تلك صلاة المنافق, يجلس يرقب الشمس حتى إذا كانت بين قرني الشيطان, قام فنقر أربعاً لا يذكر الله فيها إلا قليلاً», وكذا رواه مسلم والترمذي والنسائي من حديث إسماعيل بن جعفر المدني عن العلاء بن عبد الرحمن به, وقال الترمذي: حسن صحيح.
وقوله: {مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا هؤلاء} يعني المنافقين محيرين بين الإيمان والكفر, فلا هم مع المؤمنين ظاهراً وباطناً ولا مع الكافرين ظاهراً وباطناً, بل ظواهرهم مع المؤمنين وبواطنهم مع الكافرين, ومنهم من يعتريه الشك, فتارة يميل إلى هؤلاء وتارة يميل إلى أولئك {كلما أضاء لهم مشوا فيه وإذا أظلم عليهم قاموا} الاَية, وقال مجاهد {مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء} يعني أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم {ولا إلى هؤلاء} يعني اليهود. وقال ابن جرير: حدثنا محمد بن المثنى, حدثنا عبد الوهاب, حدثنا عبيد الله عن نافع, عن ابن عمر, عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مثل المنافق كمثل الشاة العائرة بين الغنمين, تعير إلى هذه مرة وإلى هذه مرة ولا تدري أيتهما تتبع», تفرد به مسلم, وقد رواه عن محمد بن المثنى مرة أخرى, عن عبد الوهاب فوقف به على ابن عمر ولم يرفعه, قال: حدثنا به عبد الوهاب مرتين, كذلك قلت, وقد رواه الإمام أحمد عن إسحاق بن يوسف عن عبيد الله, وكذا رواه إسماعيل بن عياش وعلي بن عاصم عن عبيد الله, عن نافع عن ابن عمر مرفوعاً, وكذا رواه عثمان بن محمد بن أبي شيبة عن عبدة, عن عبد الله به مرفوعاً, ورواه حماد بن سلمة عن عبيد الله أو عبد الله بن عمر, عن نافع, عن ابن عمر مرفوعاً. وراه أيضاً صخر بن جويرية عن نافع, عن ابن عمر, عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثله. وقال الإمام أحمد: حدثنا خلف بن الوليد, حدثنا الهذيل بن بلال عن ابن عبيد أنه جلس ذات يوم بمكة وعبد الله بن عمر معه, فقال أبي: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن مثل المنافق يوم القيامة كالشاة بين الربيضين من الغنم, إن أتت هؤلاء نطحتها, وإن أتت هؤلاء نطحتها» فقال له ابن عمر: كذبت, فأثنى القوم على أبي خيراً أو معروفاً, فقال ابن عمر: ما أظن صاحبكم إلا كما تقولون, ولكني شاهدي الله إذ قال: كالشاة بين الغنمين, فقال: هو سواء, فقال: هكذا سمعته.
وقال الإمام أحمد: حدثنا يزيد, حدثنا المسعودي عن أبي جعفر محمد بن علي, قال: بينما عبيد بن عمير يقص وعنده عبد الله بن عمر, فقال عبيد بن عمير: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مثل المنافق كالشاة بين ربيضين, إذا أتت هؤلاء نطحتها, وإذا أتت هؤلاء نطحتها», فقال ابن عمير: ليس كذلك, إنما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «كشاة بين غنمين», قال: فاحتفظ الشيخ وغضب, فلما رأى ذلك ابن عمر قال: أما إني لو لم أسمعه لم أردد ذلك عليك.
(طريقة أخرى عن ابن عمر) ـ قال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرزاق, أخبرنا معمر عن عثمان بن بودويه, عن يعفر بن زوذي, قال: سمعت عبيد بن عمير وهو يقص يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مثل المنافق كمثل الشاة الرابضة بين الغنمين», فقال ابن عمر: ويلكم لا تكذبوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم, إنما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم, «مثل المنافق كمثل الشاة العائرة بين الغنمين», ورواه أحمد أيضاً من طرق عن عبيد بن عمير, عن ابن عمر, ورواه ابن أبي حاتم: حدثنا أبي, حدثنا عبيد الله بن موسى, أخبرنا إسرائيل عن أبي إسحاق, عن أبي الأحوص, عن عبد الله هو ابن مسعود, قال: مثل المؤمن والمنافق والكافر مثل ثلاثة نفر انتهوا إلى واد, فوقع أحدهم فعبر, ثم وقع الاَخر حتى إذا أتى على نصف الوادي ناداه الذي على شفير الوادي: ويلك أين تذهب إلى الهلكة, ارجع عودك على بدئك, وناداه الذي عبر: هلم إلى النجاة, فجعل ينظر إلى هذا مرة وإلى هذا مرة, قال: فجاءه سيل فأغرقه, فالذي عبر هو المؤمن, والذي غرق المنافق {مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء} والذي مكث الكافر.
وقال ابن جرير: حدثنا بشر, حدثنا يزيد, حدثنا شعبة عن قتادة {مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء} يقول: ليسوا بمؤمنين مخلصين, ولا مشركين مصرحين بالشرك, قال: وذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يضرب مثلاً للمؤمن وللمنافق وللكافر كمثل رهط ثلاثة دفعوا إلى نهر فوقع المؤمن فقطع, ثم وقع المنافق حتى إذا كاد يصل إلى المؤمن, ناداه الكافر, أن هلم إلي فإني أخشى عليك, وناداه المؤمن: أن هلم إلي فإن عندي وعندي يحظى له ما عنده, فما زال المنافق يتردد بينهما حتى أتى أذى فغرقه, وإن المنافق لم يزل في شك وشبهة حتى أتى عليه الموت وهو كذلك, قال: وذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: «مثل المنافق كمثل ثاغية بين غنمين, رأت غنماً على نشز فأتتها وشامتها فلم تعرف, ثم رأت غنماً على نشز فأتتها فشامتها فلم تعرف», ولهذا قال تعالى: {ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلاً} أي ومن صرفه عن طريق الهدى {فلن تجد له ولياً مرشداً} , ولا منقذ لهم مما هم فيه, فإنه تعالى لا معقب لحكمه ولا يسأل عما يفعل وهم يسألون.

وقال تعالى ؛

{ يَا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتّخِذُواْ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَن تَجْعَلُواْ للّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً مّبِيناً * إِنّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدّرْكِ الأسْفَلِ مِنَ النّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً * إِلاّ الّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَاعْتَصَمُواْ بِاللّهِ وَأَخْلَصُواْ دِينَهُمْ للّهِ فَأُوْلَـَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْراً عَظِيماً * مّا يَفْعَلُ اللّهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ اللّهُ شَاكِراً عَلِيماً }

ينهى الله تعالى عباده المؤمنين عن اتخاذ الكافرين أولياء من دون المؤمنين يعني مصاحبتهم ومصادقتهم, ومناصحتهم وإسرار المودة إليهم, وإفشاء أحوال المؤمنين الباطنة إليهم, كما قال تعالى: {لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء إلا أن تتقوا منهم تقاة ويحذركم الله نفسه} أي يحذركم عقوبته في ارتكابكم نهيه, ولهذا قال ههنا: {أتريدون أن تجعلوا لله عليكم سلطاناً مبيناً} أي حجة عليكم في عقوبته إياكم. قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي, حدثنا مالك بن إسماعيل, حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار, عن عكرمة, عن ابن عباس قوله: {سلطاناً مبيناً} قال كل سلطان في القرآن حجة, وهذا إسناد صحيح, وكذا قال مجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير ومحمد بن كعب القرظي والضحاك والسدي والنضر بن عربي.
ثم أخبرنا تعالى { إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار} أي يوم القيامة جزاء على كفرهم الغليظ. قال الوالبي عن ابن عباس {في الدرك الأسفل من النار} أي في أسفل النار, وقال غيره: النار دركات كما أن الجنة درجات, وقال سفيان الثوري عن عاصم, عن ذكوان أبي صالح, عن أبي هريرة {إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار} قال في توابيت ترتج عليهم: كذا رواه ابن جرير عن ابن وكيع, عن يحيى بن يمان, عن سفيان الثوري به. ورواه ابن أبي حاتم عن المنذر بن شاذان, عن عبيد الله بن موسى, عن إسرائيل, عن عاصم, عن أبي صالح, عن أبي هريرة, {إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار} قال: الدرك الأسفل بيوت لها أبواب تطبق عليهم, فتوقد من تحتهم ومن فوقهم. قال ابن جرير: حدثنا ابن بشار, حدثنا عبد الرحمن, حدثنا سفيان عن سلمة بن كهيل, عن خيثمة, عن عبد الله يعني ابن مسعود {إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار} قال: في توابيت من نار تطبق عليهم أي مغلقة مقفلة, ورواه ابن أبي حاتم عن أبي سعيد الأشج, عن وكيع, عن سفيان, عن سلمة, عن خيثمة, عن ابن مسعود {إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار} قال: في توابيت من حديد مبهمة عليهم, ومعنى قوله: مبهمة, أي مغلقة مقفلة لا يهتدى لمكان فتحها.
وروى ابن أبي حاتم, حدثنا أبي, حدثنا أبو سلمة, حدثنا حماد بن سلمة, أخبرنا علي بن يزيد عن القاسم بن عبد الرحمن أن ابن مسعود سئل عن المنافقين, فقال: يجعلون في توابيت من نار تطبق عليهم في أسفل درك من النار {ولن تجد لهم نصيراً} أي ينقذهم مما هم فيه ويخرجهم من أليم العذاب, ثم أخبر تعالى أن من تاب منهم في الدنيا, تاب عليه وقبل ندمه إذا أخلص في توبته وأصلح عمله, واعتصم بربه في جميع أمره, فقال تعالى: {إلا الذين تابوا وأصلحوا واعتصموا بالله وأخلصوا دينهم لله} أي بدلوا الرياء بالإخلاص فينفعهم العمل الصالح وإن قل, قال ابن أبي حاتم: حدثنا يونس بن عبد الأعلى قراءة, أنبأنا ابن وهب, أخبرني يحيى بن أيوب عن عبيد الله بن زحر, عن خالد بن أبي عمران, عن عمران عن عمرو بن مرة, عن معاذ بن جبل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أخلص دينك يكفك القليل من العمل». {فأولئك مع المؤمنين} أي في زمرتهم يوم القيامة {وسوف يؤت الله المؤمنين أجراًعظيماً} ثم قال تعالى مخبراًعن غناه عما سواه, وأنه إنما يعذب العباد بذنوبهم فقال تعالى: {ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم} أي أصلحتم العمل وآمنتم بالله ورسوله {وكان الله شاكراً عليماً} أي من شكر شكر له, ومن آمن قلبه به علمه وجازاه على ذلك أوفر الجزاء.
<<<<>>>>

مَثَلُ المُنافِقِ، كَمَثَلِ الشَّاةِ العائِرَةِ بيْنَ الغَنَمَيْنِ تَعِيرُ إلى هذِه مَرَّةً وإلَى هذِه مَرَّةً. 7145- [...]

حَدَّثَنا قُتَيْبَةُ بنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنا يَعْقُوبُ، يَعْنِي ابْنَ عبدِ الرَّحْمَنِ القارِيَّ، عن مُوسَى بنِ عُقْبَةَ، عن نافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ بمِثْلِهِ، غيرَ أنَّه قالَ: تَكِرُّ في هذِه مَرَّةً وفي هذِه مَرَّةً.

الراوي : عبدالله بن عمر/المحدث : مسلم
المصدر : صحيح مسلم الصفحة أوالرقم: 2784 خلاصة حكم المحدث : [صحيح]

يجب على المسلم التعرف على صفات المنافقين وطرق كيدهم وأساليبه وصفات، ويجب على العلماء فضح مخططاتهم وأساليبهم مستعينا بالقرآن الكريم والسنة النبوية،

ونتناول بعض صفات المنافقين المتعلقة بالمؤمنين. ومن هذه الصفات: الاستهزاء بالمؤمنين:

قال الله تعالى:{وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ}.

أي لكل منهم وجهان: وجه يلقى به المؤمنين، ووجه ينقلب به إلى الأعداء، وله لسانان: أحدهما يقبله بظاهره المسلمون،
والآخر يترجم به عن سرّه المكنون،

{وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ}.
ومنها: التستّر ببعض الأعمال المشروعة للإضرار بالمؤمنين:

قال الله تعالى:{وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلاّ الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ}.
ومنها: إحداث الفرقة والوقيعة بين المؤمنين، وإشعال نار الفتنة واستغلال الخلافات بينهم، والإفساد في الأرض وادعاء الإصلاح:

قال الله تعالى:{وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لا يَشْعُرُونَ}.

ومن صفاتهم: التآمر مع أهل الكتاب ضدّ المؤمنين والتولي عن نصرتهم:

قال الله تعالى:{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ لَئِنْ أُخْرِجُوا لا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لا يَنْصُرُونَهُمْ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الأَدْبَارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ}.

ومن صفاتهم: التّذبذب والتردّد بين المؤمنين والكافرين:

قال الله تعالى: {مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لا إِلَى هَؤُلاءِ وَلا إِلَى هَؤُلاء}.

عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"مثل المنافق كمثل الشاة العائرة بين الغنمين، تعير إلى هذه مرة وإلى هذه مرة".
والعائرة هي الشاة المتردّدة الحائرة، لا تدري لأَيِّهِمَا تتبع، وتردّد وتذهب، وهذا حالهم في واقعنا العربي والفلسطيني، ترى أحدهم مع أعداء الإسلام واسع الصدر، لينا يأخذهم بالقبلات والأحضان ولديه الاستعداد للتنازل والتعايش معهم، لكنه مع أبناء شعبه متعنتا غليظا متصلبا!

ومن صفات المنافقين: مخادعة المؤمنين:

قال الله تعالى فيهم:{يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاّ أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ}
فالمنافق يظهر بلسانه أمام المسلمين خلاف الذي في قلبه من عدم محبتهم والتكذيب؛ ولكنه سرعان ما ينكشف عندما يتعرض المسلمون لشدة أو فتنة. ومن صفاتهم: السخرية من العمل القليل الذي يقوم به المؤمنين: عن أبي مسعود رضي الله عنه، قال: لما أمرنا بالصدقة كنّا نتحامل، فجاء أبو عقيل بنصف صاع، وجاء إنسان بأكثر منه،
فقال المنافقون: إن الله لغني عن صدقة هذا، وما فعل هذا الآخر إلا رئاء، فنزلت االآية:

{الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلاّ جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}.

ومن صفاتهم: الفرح بما يصيب المؤمنين من ضراء والاستياء بما يعطيهم الله من خير:

قال الله تعالى:{هَا أَنْتُمْ أُولاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ}.

ومن صفات المنافقين: بذاء اللسان وكثرة الكلام السيء:

فعن أبي أمامة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"الحياء والعِيّ شعبتان من الإيمان، والبذاء والبيان شعبتان من النفاق". والبذاء هو الفحش في الكلام، والبيان هو كثرة الكلام والتهريج بما يضر المؤمنين،
  • 1
  • 0
  • 1,214

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً