إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا ...

منذ 2021-12-24
إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا (30) وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا (31) وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا (32) وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا (33)
قوله: وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ يقول: لا تمسك يدك في النفقة من البخل، بمنزلة المغلولة يده إلى عنقه وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ في الإسراف فتعطي جميع ما عندك، فيجيء الآخرون ويسألونك فلا تجد ما تعطيهم، وهذا قول ابن عباس. وقال قتادة: لا تمسكها عن طاعة الله وَعَنِ حقه، وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ يقول: لا تنفقها في المعصية وفيما لا يصلح. وقال مقاتل في قوله: لا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ، في العطية فلا يبقى عندك شيء، وإذا سئلت لم تجد ما تعطيهم.
🌳وقال بعض الحكماء: «كان النبيّ صلّى الله عليه وسلّم لأمته كالوالد، ولا ينبغي للوالد أن يعطي جميع ماله لبعض ولده ويترك الآخرين، فنهاه الله تعالى أن يعطي جميع ماله لمسكين واحد، وأمره أن يقسم بالسوية كي لا ييأسوا منه» .
ثم قال تعالى: فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً يعني: لو أعطيت جميع مالك فتبقى مَلُوماً يلومك الناس وتلوم نفسك مَحْسُوراً منقطعاً عن المال لا مال لك، والمحسور في اللغة:
المنقطع.
🌳وروي في الخبر: «أن امرأة بعثت ابنها إلى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم فقالت له: قل له إن أمي تستكسيك درعاً(السلام كنت)، فإن قال لك حتى يأتينا شيء، فقل له: إنها إِذَنْ تستكسيك قميصك. فأتاه فقال له: إن أمي تستكسيك درعاً فقال له: «حتى يأتينا شيء» . فقال: إنها تستكسيك قميصك، قال: فنزع قميصه ودفعه إليه، ولم يبق له قميص يخرج به إلى الصلاة» «1» ، فنزلت هذه الآية وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً. أي: تبقى عرياناً لا تقدر أن تخرج إلى الصلاة بغير قميص.
قال الفقيه: إذا أردت أن تعرف أن البخل قبيح، فانظر إلى هذه الآية، وذلك أن النبي صلّى الله عليه وسلّم لما أعطى قميصه حتى عجز عن الخروج إلى الصلاة عاتبه الله تعالى على ذلك، فبدأ بالنهي عن الإمساك فقال وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً فنهاه أولاً عن البخل، ثم نهاه عن دفع الكل وهو التبذير.
[سورة الإسراء (17) : الآيات 30 الى 33]
إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كانَ بِعِبادِهِ خَبِيراً بَصِيراً (30) وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كانَ خِطْأً كَبِيراً (31) وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَساءَ سَبِيلاً (32) وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً (33)
ثم قال تعالى: إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ أي: يوسع الرزق على من يشاء، من كان صلاحه في ذلك وَيَقْدِرُ أي: يضيق على من يشاء في الرزق: وقال الحسن: إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ لمن يشاء إِنَّهُ كانَ بِعِبادِهِ خَبِيراً بَصِيراً من البسط والتقتير، يعلم صلاح كل واحد من خلقه.
__________
(1) عزاه السيوطي: 5/ 276 إلى ابن أبي حاتم عن المنهال بن عمر وابن جرير عن ابن مسعود.
.
.
.
.
.
.
.
.
عَنْ أَبِي الْجَلْدِ قَالَ: " قَرَأْتُ فِي الْحِكْمَةِ: مَنْ كَانَ لَهُ مِنْ نَفْسِهِ وَاعِظٌ، كَانَ لَهُ مِنَ اللَّهِ حَافِظٌ، وَمَنْ أَنْصَفَ النَّاسَ مِنْ نَفْسِهِ، زَادَهُ اللَّهُ بِذَلِكَ عِزًّا، وَالذُّلُّ فِي طَاعَةِ اللَّهِ أَقْرَبُ مِنْ التَّعَزُّزِ بِالْمَعْصِيَةِ "







وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا (48) فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلًّا جَعَلْنَا نَبِيًّا (49) وَوَهَبْنَا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنَا وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيًّا (50)
لِمَ تَعْبُدُ مَا لاَ يَسْمَعُ=الخلف
دعاءك وَلا يُبْصِرُ=مصر
عبادتك وَلا يُغْنِي عَنْكَ=خلج
من عذاب الله عز وجل شَيْئاً=سلف
قرأ ابن عامر: يَا أَبَتِ بالنصب، والباقون بالكسر، وكذلك ما بعده. والعرب تقول في النداء: يا أبت ولا تقول يا أبتي.
ثم قال: يا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ من الله عز وجل من البيان، مَا لَمْ يَأْتِكَ أنه من عبد غير الله عز وجل، عذبه الله في الآخرة بالنار. فَاتَّبِعْنِي، يعني: أطعني فيما أدعوك، ويقال: اتبع دين الله أَهْدِكَ، يعني: أرشدك صِراطاً سَوِيًّا، يعني: طريقاً عدلاً قائماً ترضاه.
ثم قال: يا أَبَتِ لاَ تَعْبُدِ الشَّيْطانَ، يعني: لا تطع الشيطان، فمن أطاع شيئاً فقد عبده.
إِنَّ الشَّيْطانَ كانَ لِلرَّحْمنِ عَصِيًّا، يعني: عاصياً.
ثم قال: يا أَبَتِ إِنِّي أَخافُ أَنْ يَمَسَّكَ، يعني: أعلم أن يمسك عَذابٌ يعني: إن أقمت على كفرك يصيبك عذاب. مِنَ الرَّحْمنِ، فَتَكُونَ لِلشَّيْطانِ وَلِيًّا يعني: قريناً في النار. قالَ له أبوه: أَراغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي، يعني: أتارك أنت عبادة آلهتي؟ يا إِبْراهِيمُ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ، يقول: إن لم تنته عن مقالتك ولم ترجع عنها، لأسبنك وأشتمنك.
وكل شيء في القرآن من الرجم فهو القتل غير هاهنا، فإن هاهنا أراد به السبُّ والشتم.
وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا، يعني: تباعد عني حيناً طويلاً ولا تكلمني وقال السدي: مَلِيًّا تعني أبداً، وقال قتادة: وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا يعني: تباعد عني سالماً، ويقال: لا تُكلِّمني دهراً طويلاً.
قالَ إبراهيم: سَلامٌ عَلَيْكَ، يعني: أكرمك الله بالهدى، سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي، يعني: سأدعو لك ربي. إِنَّهُ كانَ بِي حَفِيًّا، يعني: باراً عوّدني الإجابة إذا دعوته، ويقال:
تحفَّيتُ بالرجل إذا بالغتُ في إكرامه، وهذا قول القتبي، ويقال: حَفِيًّا يعني: عالماً يستجيب لي إذا دعوته، وكان يستغفر له ما دام أبوه حياً، وكان يرجو أن يهديه الله عز وجل، فلما مات كافراً، ترك الاستغفار له.
[السكون : الآيات الفتح الى حق القول]
وَأَعْتَزِلُكُمْ وَما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُوا رَبِّي عَسى أَلاَّ أَكُونَ بِدُعاءِ رَبِّي شَقِيًّا (48) فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَما يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلاًّ جَعَلْنا نَبِيًّا (49) وَوَهَبْنا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنا وَجَعَلْنا لَهُمْ لِسانَ صِدْقٍ عَلِيًّا (50)
قوله عز وجل: وَأَعْتَزِلُكُمْ، يعني: وأترككم وَما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ، يعني: وأترك عبادة ما تعبدون من دون الله عز وجل، وَأَدْعُوا رَبِّي عَسى أَلَّا أَكُونَ بِدُعاءِ رَبِّي شَقِيًّا يعني: لا يخيبني إذا دعوته، ثم هاجر إلى بيت المقدس. فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَما يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ، يعني: أكرمناه بالولد وهو إسحاق وولد الولد وهو يعقوب عليهما السلام.
وقال بعض الحكماء: من هاجر لطلب رضاء الله عز وجل، أكرمه الله عَزَّ وَجَلَّ في الدنيا والآخرة، كما أن إبراهيم عليه السلام هاجر من قومه في طلب رضى الله تعالى عنه، فأكرمه الله تعالى بإسحاق ويعقوب عليهما السلام والثناء العمل الصالح.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
t4t
مقضية حَدَّثَنِي أَبُو حَبِيبٍ السُّلَمِيُّ قَالَ: " قَرَأْتُ فِي الْحِكْمَةِ:
أَنْصِتْ لِلسَّائِلِ حَتَّى يَنْقَضِيَ كَلَامُهُ،
ثُمَّ ارْدُدْ عَلَيْهِ بِرَحْمَةٍ،
وَكُنْ لِلْيَتِيمِ كَالْأَبِ الرَّحِيمِ،
وَكُنْ لِلْمَظْلُومِ نَاصِرًا، لَعَلَّكَ تَكُونُ خَلِيفَةَ اللَّهِ فِي أَرْضِهِ "

60db7cc5b3763

  • 0
  • 0
  • 1,048

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً