وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ ...

منذ 2022-03-01
وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ (206)
وتنسفك الدماء. وهذا كثير في القرآن المجيد. وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ أي: الزرع.
وَالنَّسْلَ أي: المواشي الناتجة.
قال بعض المحققين: وإنّ إهلاك الحرث والنسل كناية عن الإيذاء الشديد، وإنّ التعبير به عن ذلك صار من قبيل المثل فالمعنى: يؤذي مسترسلا في إفساده ولو أدّى إلى إهلاك الحرث والنسل.
وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسادَ أي: لا يرضى فعله.
قال الراغب: إن قيل: كيف حكم تعالى بأنه لا يحب الفساد وهو مفسد للأشياء؟ قيل: الإفساد في الحقيقة: إخراج الشيء عن حالة محمودة لا لغرض صحيح، وذلك غير موجود في فعل الله تعالى، ولا هو آمر به،، ولا محبّ له، وما يرى من فعله ويظهر بظاهره فسادا فهو بالإضافة إلينا واعتبارنا له كذلك. فأمّا بالنظر الإلهيّ فكله صلاح، ولهذا قال بعض الحكماء: يا من إفساده إصلاح! أي: ما نظنه إفسادا- لقصور نظرنا ومعرفتنا- فهو في الحقيقة إصلاح وجملة الأمر: إنّ الإنسان هو زبدة هذا العالم وما سواه مخلوق لأجله، ولهذا قال تعالى هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ [البقرة: 29] . والمقصد من الإنسان سوقه إلى كماله الذي رسخ له، فإذن:
إهلاك ما أمر بإهلاكه، لإصلاح الإنسان وما منه أسباب حياته الأبدية. ولشرح هذه الجملة موضع آخر. -
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (2) : آية 206]
وَإِذا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهادُ (206)
وَإِذا قِيلَ لَهُ على نهج العظة اتَّقِ اللَّهَ في النفاق، واحذر سوء عاقبته. أو في الإفساد والإهلاك وفي اللجاج بالباطل أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ أي: حملته الأنفة وحميّة الجاهلية على الفعل بالإثم وهو التكبّر أو المعنى: أخذته الحميّة للإثم الذي في قلبه فمنعته عن قبول قول الناصح فَحَسْبُهُ أي: كافيه جَهَنَّمُ إذا صار إليها واستقرّ فيها جزاء وعذابا وَلَبِئْسَ الْمِهادُ أي: الفراش الذي يستقر عليه بدل فرش عزّته.
قال الراغب: المهد معروف، وتصور منه التوطئة، فقيل لكلّ وطيء مهد.
والمهاد يجعل تارة جمعا للمهد، وتارة للآلة نحو فراش. وجعل جهنم مهادا لهم كما جعل العذاب مبشّرا به في قوله: فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ [آل عمران: 21] .
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
t4t
بعد: فإن هذا الرجف شيء يعاقب الله تعالى به العباد، وقد كتبت إلى الأمصار أن يخرجوا يوم كذا من شهر كذا، فمن كان عنده شيء فليصدق، قال الله - عزَّ وجلَّ -: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى * وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} [الأعلى: 14، 15] وقولوا كما قال أبوكم آدم {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الأعراف: 23] وقولوا كما قال نوح - عليه السلام - {وَإِلاَّ تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخاسِرِينَ} [هود: 47] وقولوا كما قال يونس - عليه السلام - {لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} [الأنبياء: 87]. [موسوعة ابن أبي الدنيا 4/ 434].
* وقال عمر بن عبد العزيز رحمه الله في رسالة له إلى عبد الحميد: أما بعد، فلا تغتر يا عبد الحميد بتأخير عقوبة الله تعالى عنك، وإنما يعجل من يخاف الفوت والسلام. [موسوعة ابن أبي الدنيا 4/ 497].
* وقال الحسن رحمه الله: إن الفتنة والله ما هي إلا عقوبة من الله - عزَّ وجلَّ - تحل بالناس. [موسوعة ابن أبي الدنيا 4/ 435].
* وعن مالك بن دينار رحمه الله قال: قرأت في الحكمة أن الله تبارك وتعالى يقول: أنا ملك الملوك، قلوب الملوك بيدي، فمن أطاعني جعلتهم عليه رحمة، ومن عصاني جعلتهم عليه نقمة، ولا تشغلوا أنفسكم بسب (1) الملوك، ولكن توبوا إلي أعطفهم عليكم. [موسوعة ابن أبي الدنيا 4/ 436].
* وقال أيضًا رحمه الله: إن في بعض الكتب أن الله - عزَّ وجلَّ - يقول: إن أهْون ما أنا صانع بالعالم إذا أحبّ الدنيا أن أخرج حلاوة ذكْري من قلبه. [صفة الصفوة 3/ 200].
* وقال أيضًا رحمه الله: ما ضُرب عبدٌ بعقوبة أعظم من قسوة القلب.
* وقال أيضًا رحمه الله: إن لله تعالى عقوباتٍ، فتعاهَدوهنّ من أنفسكم في القلوب، والأبدان، وضنكٍ في المعيشة، ووهنٍ في العبادة، وسخطةٍ في الرزق. [موسوعة ابن أبي الدنيا 4/ 449، صفة الصفوة 3/ 204].
_________
(1) في الأصل: بسبب, وهو كذلك عند ابن أبي شيبة, وفي كتاب العقوبات, والتوبة, للمصنف, والحلية: بسب. وهو الأظهر.

60db7cc5b3763

  • 0
  • 0
  • 468

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً