.. مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (18) لصاحب اليسار: دعه سبع ساعات، ...

منذ 2022-03-02
..
مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (18)
لصاحب اليسار: دعه سبع ساعات، لعله يسبح أو يستغفر! انتهى.
وقد كثر في كلام القاشانيّ رحمه الله تأويل الملك بالقوة الحاثة على الخير، والشيطان بالمغوية على الشر. وسبقه إليه الحكماء.
قال بعض الحكماء: هذا الشيء الذي أودع فينا ونسميه قوة وفكرا، وهو في الحقيقة معنى لا يدرك كنهه، وروح لا تكتنه حقيقتها، لا يبعد أن يسميه الله تعالى ملكا، ويسمي أسبابه ملائكة، أو ما شاء من الأسماء، فإن التسمية لا حجر فيها على الناس، فكيف يحجر فيها على صاحب الإرادة المطلقة، والسلطان النافذ، والعلم الواسع.
وقد سبق الغزاليّ إلى هذا المعنى، وعبّر عنه بالسبب وقال: إنه يسمى ملكا، فإنه، في شرح عجائب القلب من كتاب (الإحياء) ، بعد ما قسم الخواطر إلى محمود ومذموم، قال: وكذلك لأنوار القلب وظلمته سببان مختلفان: فسبب الخاطر الداعي إلى الخير يسمى ملكا، وسببا لخاطر الداعي إلى الشر يسمى شيطانا.. إلخ. والبحث كله غرر، تجدر مراجعته.
لطيفة:
قَعِيدٌ كجليس، بمعنى مجالس، لفظا ومعنى. وإنما أفرد رعاية للفواصل، فحذف الأول لدلالة الثاني عليه، كقوله:
فإني وقيّار بها لغريب
وقيل: يطلق (فعيل) للواحد والمتعدد، كقوله: وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ [التحريم: 4]
وضعف بأنه ليس على إطلاقه، بل إذا كان (فعيل) بمعنى (مفعول) بشروطه، وهذا بمعنى (فاعل) ، فلا يصح فيه ذلك إلا بطريق الحمل على (فعيل) بمعنى (مفعول) .
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة ق (50) : آية 18]
ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (18)
ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ أي ملك يرقب عمله، عَتِيدٌ أي حاضر.
ولما ذكر استبعادهم للبعث، وأزاح ذلك بتحقيق قدرته وعلمه، أعلمهم بأنهم يلاقون ذلك عن قريب، ونبه على اقترابه بلفظ الماضي، فقال سبحانه:
.
.
.
.
.
.
.
t4t
ذا عمل وضع عليه جزية يؤديها. السدي: كان يجعلهم في الأعمال القذرة ككنس الكنيف ونحوه، ولا ريب أن كون الإنسان تحت تصرف الغير كيف شاء لا سيما إذا استعمله في الأعمال الشاقة القذرة من غير أن يأخذه بهم رأفة وإشفاق، من أشدّ العذاب، حتى إن من هذه حاله ربما يتمنى الموت.
سئل حكيم: أي شيء أصعب من الموت؟ فقال: ما يتمنى فيه الموت.
فبين تعالى عظيم نعمته عليهم بأن نجاهم من ذلك، ثم أتبع نعمة أخرى فقال يُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ ومعناه هم يقتلون الذكور من أولادكم دون الإناث. والذي دعاهم إلى ذلك أمور منها: أن ذبح الأبناء يقتضي إفناء الرجال وانقطاع النسل بالآخرة. ومنها أن هلاك الرجال يقتضي فساد معيشة النساء حتى يتمنين الموت من النكد والضر. ومنها أن قتل الولد عقيب الحمل والكد والرجاء القوي في الانتفاع بالمولود من أعظم العذاب. ومنها أن الأبناء أحب وأرغب من البنات ولهذا قيل:
سروران مالهما ثالث ... حياة البنين وموت البنات
لقول النبي صلى الله عليه وسلم «دفن البنات من المكرمات»
ومنها أن بقاء النسوان بدون الذكران يوجب صيرورتهن مستفرشات للأعداء، وذلك نهاية الذل والهوان.
قال بعضهم: المراد بالأبناء الرجال ليطابق النساء، إذ النساء اسم للبالغات وهو جمع المرأة من غير لفظها.
قالوا: وإنما كان يأمر بقتل الرجال الذين يخاف منهم الخروج عليه والتجمع لإفساد أمره.
والأكثرون على أن المراد بالأبناء الأطفال لظاهر اللفظ، ولأنه كان يتعذر قتل جميع الرجال على كثرتهم، ولأنهم كانوا محتاجين إليهم في الأعمال الشاقة، ولأنه لو كان كذلك لم يكن لإلقاء موسى في اليم معنى. وإنما لم يقل البنات في مقابلة الأبناء لأنهن لما لم يقتلن كن بصدد أن يبلغن، فحسن إطلاق اسم النساء عليهن مثل إِنِّي أَرانِي أَعْصِرُ خَمْراً [يوسف:
36]
عن ابن عباس: أنه وقع إلى فرعون وطبقته ما كان الله وعد إبراهيم أن يجعل في ذريته أنبياء وملوكا، فخافوا ذلك واتفقت كلمتهم على أعداد رجال معهم الشفار يطوفون في بني إسرائيل فلا يجدون مولودا ذكرا إلا ذبحوه، فلما رأوا أن كبارهم يموتون، والصغار يذبحون، خافوا فناءهم وأن لا يجدوا من يباشر الأعمال الشاقة، فصاروا يقتلون عاما دون عام.
وعن السدي: أن فرعون رأى نارا أقبلت من بيت المقدس حتى استولت على بيوت مصر وأحرقت القبط وتركت بني إسرائيل، فدعا فرعون الكهنة وسألهم عن ذلك فقالوا:
يخرج من بيت المقدس من يكون هلاك القبط على يده.
وقيل: إن المنجمين أخبروا فرعون بذلك وعينوا له السنة، فلهذا كان يقتل أبناءهم من تلك السنة. قيل: والأقرب هو الأول، لأن المستفاد من علم النجوم والتعبير لا يكون أمرا مفصلا، وإلا قدح ذلك في كون الإخبار
1

60db7cc5b3763

  • 0
  • 0
  • 15

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً