وبعد أن نبههم سبحانه إلى عظمته ذكّرهم بنعمه عليهم وإحسانه إليهم فقال: (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ ...

منذ 2022-03-08
وبعد أن نبههم سبحانه إلى عظمته ذكّرهم بنعمه عليهم وإحسانه إليهم فقال:
(وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوها) أي وإن تعدوا نعم الله لا تضبطوا عددها فضلا عن أن تستطيعوا القيام بشكرها، فإن العبد مهما أتعب نفسه فى طاعته، وبالغ فى شكران نعمه، فإنه يكون مقصرا، فنعم الله كثيرة، وعقل المخلوق قاصر عن الإحاطة بها، ومن ثم فهو يتجاوز عن ذلك التقصير، وإلى ذلك أشار بقوله:(إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ) فيستر عليكم تقصيركم فى القيام بشكرها.(رَحِيمٌ) بكم فيقيض عليكم نعمه مع استحقاقكم للقطع والحرمان، بما تأتون وما تذرون من أصناف الكفر والعصيان، ومن أفظع ذلك وأعظمه جرما المساواة بين الخالق والمخلوق.
قال بعض الحكماء: إن أىّ جزء من البدن إذا اعتراه الألم نغّص على الإنسان النعم، وتمنى أن ينفق الدنيا لو كانت فى ملكه حتى يزول عنه ذلك الألم، وهو سبحانه يدبّر جسم الإنسان على الوجه الملائم له، مع أنه لا علم له بوجود ذلك، فكيف يطيق حصر نعمه عليه أو يقدر على إحصائها، أو يتمكن من شكر أدناها؟.
ربنا هذه نواصينا بيدك، خاضعة لعظم نعمك، معترفة بالعجز عن تأدية الشكر لشىء منها، لا نحصى ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك، ولا نطيق التعبير بالشكر لك، فتجاوز عنا، واغفر لنا، وأسبل ذيول سترك على عوراتنا، فإنك إلا تفعل نهلك، لتقصيرنا فى شكر نعمك، فكيف بما فرط منا من التساهل فى الائتمار بأوامرك، والانتهاء عن مناهيك؟
العفو يرجى من بنى آدم ... فكيف لا يرجى من الربّ اه
وبعد أن أبطل عبادة لأصنام، من قبل أنها لا قدرة لها على الخلق والإنعام، أبطل عبادتها بوجه آخر وهو أن الإله يجب أن يكون عليما بالسر والعلانية، وهذه الأصنام جماد لا معرفة لها بشىء فكيف تجمل عبادتها؟ وإلى ذلك أشار بقوله:
(وَاللَّهُ يَعْلَمُ ما تُسِرُّونَ وَما تُعْلِنُونَ) أي والله يعلم ما تسرونه فى ضمائركم، وتخفونه عن غيركم، وما تبدونه بألسنتكم وجوارحكم وأفعالكم، وهو محص ذلك كله عليكم

.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.t4t
طالب قوله: "علموا أولادكم غير ما علمتم فإنهم خلقوا لزمان غير زمانكم".
وفي الإسلام ليس هناك نهاية أو سن محدودة لطلب العلم، ويقول الزرنوجي في "تعليم المتعلم طريق التعلم" إنه لا عذر لصحيح الجسم والعقل في ترك طلب العلم مهما كان عمره.
*وسئل أبو عمرو بن العلاء: حتى متى يحسن بالمرء أن يتعلم؟ أجاب: ما دامت الحياة.
*وسئل حكيم: ما حد التعليم؟ فأجاب: حد الحياة.
*وسئل ابن المبارك: إلى متى تتعلم؟ قال: إلى آخر يوم في عمري فلعل الكلمة التي تنفعني لم أتعلمها بعد.
*ويرى ابن قتيبة أنه "لا يزال المرء عالما ما طلب العلم، فإذا ظن أنه قد علم فقد جهل" فالحكمة ضالة المؤمن ينشدها حيثما كانت ما دامت فيه الحياة، وقد أشرنا إلى الرحلة في طلب العلم في الإسلام في مكان آخر في هذا الكتاب. ويقول الماوردي في هذا المعنى:
- اعلم أن العلوم شريفة ولكل علم منها فضيلة، والأحاطة بجميعها محال.
*قيل لبعض الحكماء: من يعرف كل العلوم؟ فقال: كل الناس.
*وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من ظن أن للعلم غاية فقد بخسه حقه ووضعه في غير منزلته التي وضعه الله بها، حيث يقول: {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} وفوق كل ذي علم عليم".
* وقال بعض العلماء: لو كنا نطلب العلم لنبلغ غايته لكنا قد بدأنا العلم بالنقيصة، ولكنا نطلبه لننقص في كل يوم من الجهل ونزداد في كل يوم من العلم.
* وسئل سفيان بن عيينة: من أحوج الناس على طلب العلم؟ قال: أعلمهم، لأن الخطأ منه أقبح. وحين انقطع أبو يوسف عن حضور مجلس أبي حنيفة واتخذ لنفسه منفصلا كتب إليه أبو حنيفة بما أعجزه عن الجواب ثم علق على عجزه بقوله: من ظن أنه يستغني عن التعلم فليبك على نفسه.
*وسئل عبد الله بن المبارك: إلى متى تطلب العلم قال: حتى الممات إن شاء الله. لعل الكلمة التي تنفعني لم أكتبها بعد.
*قال عبد الله بن مسعود: إن الرجل لا يولد عالما وإنما العلم بالتعلم. وقد قال الشاعر العربي في هذا المعنى:
تعلم فليس المرء يولد عالما ... وليس أخو علم كمن هو جاهل

60db7cc5b3763

  • 0
  • 0
  • 24

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً