خطبة عيد الفطر مكتوبة مشكولة عناصرها: 1. شكر الله على توفيقه 2. إحسان الظن بالله في قبول الأعمال ...

منذ 2022-04-25
خطبة عيد الفطر مكتوبة مشكولة

عناصرها: 1. شكر الله على توفيقه 2. إحسان الظن بالله في قبول الأعمال 3. المداومة على الطاعة بعد شهر رمضان 4. تأملات في نعمة الإسلام 5. أعظم مظاهر العيد 6. العيد فرصة للتواصل والتسامح.

الخُطْبَةُ الأُولَى:


اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ.

اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، لَا إِلهَ إِلَّا اللهُ. اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، وللهِ الحَمْدُ.

الْحَمْدُ للهِ الْمَحْمُودِ بِلِسَانِ المُؤْمِنِينَ، المُتَفَضِّلِ عَلَى الْخَلْقِ أَجْمَعِينَ، لَا نُحْصِي نِعَمَهُ، وَلَا نَعُدُّ آلَاءَهُ، وَلَا نُحِيطُ بِإِحْسَانِهِ، فَلَهُ الْحَمْدُ كُلُّهُ، وَتَبَارَكَ اسْمُهُ، وَتَعَالَى جَدُّهُ، وَلَا إِلَهَ غَيْرُهُ، لَا يَخِيبُ مَنْ دَعَاهُ، وَلَا يَضِيعُ مَنْ رَجَاهُ، فَسُبْحَانَهُ مِنْ إِلَهٍ، يُعِزُّ وَيُذِلُّ، وَيَرْفَعُ وَيَضَعُ، وَيُغْنِي وَيُفْقِرُ، وَيُعْطِي وَيَمْنَعُ، وَكُلُّ شَيْءٍ بِيَدِهِ، إِذَا أَرَادَ شَيْئًا قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ.

وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ شَرَعَ لِأُمَّتِهِ الْأَعْيَادَ الشَّرْعِيَّةَ فَأَغْنَاهَا عَنْ أَعْيَادِ الْجَاهِلِيَّةِ، وَنَهَاهَا عَنِ الْأَعْيَادِ الْبِدْعِيَّةِ، وَأَمَرَهَا بِالتَّمَسُّكِ بِالشِّرْعَةِ الرَّبَّانِيَّةِ وَالسُّنَّةِ النَّبَوِيَّةِ، فَلَا خَيْرَ إِلَّا أَحَبَّهُ لَنَا وَدَلَّنَا عَلَيْهِ، وَلَا شَرَّ إِلَّا كَرِهَهُ لَنَا وَحَذَّرَنَا مِنْهُ، تَرَكَنَا عَلَى بَيْضَاءَ نَقِيَّةٍ لَا يَزِيغُ عَنْهَا إِلَّا هَالِكٌ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى أَزْوَاجِهِ وَآلِهِ الطَّاهِرِينَ، وَعَلَى صَحَابَتِهِ الْغُرِّ المَيَامِينِ، وَعَلَى التَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، وَللهِ الْحَمْدُ.

اللهُ أَكْبَرُ؛ صَامَ لَهُ المُؤْمِنُونَ تَعَبُّدًا وَرِقًّا، اللهُ أَكْبَرُ؛ قَامَ لَهُ الْقَائِمُونَ مَحَبَّةً وَذُلًّا، اللهُ أَكْبَرُ؛ بَذَلَ لَهُ الْمُحْسِنُونَ رَجَاءً وَخَوْفًا، فَاللهُ أَكْبَرُ عَلَى مَا هَدَانَا، وَاللهُ أَكْبَرُ عَلَى مَا أَعْطَانَا، وَاللهُ أَكْبَرُ عَلَى مَا أَوْلَانَا، وَللهِ الْحَمْدُ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَللهِ الْحَمْدُ كَمَا يَنْبَغِي لِجَلَالِهِ وَعَظِيمِ سُلْطَانِهِ، وَللهِ الْحَمْدُ لَا نُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْهِ كَمَا أَثْنَى هُوَ عَلَى نَفْسِهِ.

اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، وَللهِ الْحَمْدُ.

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ -أَيُّهَا المُؤْمِنُونَ- لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ، اتَّقُوه (وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) ~ [الأحزاب:٧٠، ٧١]، وَاحْمِدُوا رَبَّكُمْ حَيْثُ جَعَلَ لَكُمْ عِيدًا عَظِيمًا وَمَوْسِمًا جَلِيلًا كَرِيمًا يَتَمَيَّزُ عَنْ أَعْيَادِ الكُفَّارِ بِنُورِهِ وَبَهَائِهِ، وَيَخْتَصُّ بِخَيْرِهِ وَمَصَالِحِهِ وَبَرَكَاتِهِ؛ عَيْدٌ عَظِيمٌ مَبْنِيٌّ عَلَى التَّوْحِيدِ وَالإِيمَانِ، قَائِمٌ عَلَى الإِخْلَاصِ وَالتَّمْجِيدِ وَالثَّنَاءِ وَالشُّكْرِ لِلرَّحْمَنِ.

عِيدُنَا -أَهْلَ الإِسْلَامِ وَالإِيمَانِ- لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ شَعَائِرِ الشِّرْكِ وَالكُفْرَانِ، عَيدُ الفَرَحِ وَالاسْتِبْشَارِ، عِيدٌ يَمَلَأُ القُلُوبِ فَرَحًا وَسُرُورًا، وَيَتَلَأْلَأُ فِي الإِفْطَارِ فِيهِ بَهَاءً وَضِيَاءً وَنُورًا، مَقْصِدُهُ الأَجَلُّ الأَكْبَرُ أَنَّهُمْ يَحْمدُونَ اللهَ عَلَى القِيَامِ بِمَا فَرَضَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ الصِّيَامِ وَمَا مَنَّ بِهِ مِنَ الطَّاعَاتِ وَالقِيَامِ، المُوصِلَةِ إِلَى دَارِ السَّلَامِ، فَيَشْكُرُونَ اللهَ حَيْثُ وَفَّقَهُمْ لإِتْمَامِ صِيَامِهِ وَقِيَامِهِ، وَمَا تَفَضَّلَ بِهِ عَلَيْهِمْ مِنَ الطَّاعَاتِ فِي لَيَالِيهِ وَأَيَّامِهِ، فَيَغْدُونَ إِلَى صَلَاةِ العِيدِ مُكَبِّرِينَ وَلِرَبِّهِمْ خَاضِعِينَ؛ (وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) ~ [البقرة:١٨٥]؛ قَدْ فَرَحوا بِإِكْمَالِ صِيَامِهِمْ وَقِيَامِهِمْ، مُسْتَبْشِرِينَ طَالِبِينَ مِنْ رِبِّهِمُ العِتْقَ مِنَ النَّارِ وَالقَبُولَ.

فَأَحْسِنُوا الظَّنَّ بِرَبِّكُمْ، وَاطْمَعُوا غَايَةَ الطَّمَعِ فِي فَضْلِهِ العَظِيمِ، فَإِنَّهُ فِي هَذَا اليَوْمِ تُعْلَنُ النَّتَائِجُ، وَتُوَزَّعُ الجَوَائِزُ، فَيَفْرَحُ الَّذِينَ جَدُّوا وَاجْتَهَدُوا فِي رَمَضَانَ، سَبَقَ قَوْمٌ فَفَازُوا، وَجَدُّوا فَنَالُوا، قَالَ الزُّهْرِيُّ: إِذَا كَانَ يَوْمُ الفِطْرِ خَرَجَ النَّاسُ إِلَى المَسْجِدِ فَيَطَّلِعُ عَلَيْهِمُ رَبُّهَمُ وَيَقُولُ: "عِبَادِيِ! لِي صُمْتُمْ، وَلِي قُمْتُمُ، ارْجَعُوا مَغْفُورًا لَكُمْ".

اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَاللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ وَللهِ الْحَمْدُ.

أَيُّهَا النَّاسُ: أدِيمُوا عَلَى الْعَمَلِ الصَّالِحِ بَعْدَ رَمَضَانَ؛ فَإِنَّ اللهَ -تَعَالَى- يُعْبَدُ فِي كُلِّ الْأَزْمَانِ وَالْأَحْوَالِ؛ وَبِئْسَ قَوْمٌ لَا يَعْرِفُونَ اللهَ -تَعَالَى- إِلَّا فِي رَمَضَانَ.

اللهَ أَكْبَرُ كَبِيرًا، وَالحَمْدُ للهِ كَثِيرًا، وَسُبْحَانَ اللهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا.

أَيُّهَا النَّاسُ! إِنْ أَعْظَمَ نِعْمَةٍ أَنْعَمَهَا اللهُ عَلَيْنَا هِيَ نِعْمَةُ الإِسْلَامِ؛ حِينَمَا يُسَلِّمُكَ مِنَ الشِّرْكِ وَالكُفْرِ وَالوَثَنِيَّةِ وَوَسَائِلِهَا، وَلِهَذَا يُضِيفُ اللهُ هَذِهِ النِّعْمَةِ إِلَى نَفْسِهِ فِي كِتَابِهِ؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا) ~ [المائدة:٣]، وقال: (وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) ~ [البقرة:١٥٠]؛ لِأَنَّ فِيهَا فَلَاحَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَفِيهَا العِصْمَةَ وَالنَّجَاةَ مِنْ طِرِيقِ الجَحِيمِ، وَلَنْ يَقْبَلُ اللهُ مِنْ أَحَدٍ دِينًا غَيْرَهُ ، وَلَمْ يَأْمُرْ بِالَفَرَحِ مِنَ النِّعَمِ إِلَّا بِنِعْمَةِ الهِدَايَةِ لِلإِسْلَامِ؛ كَمَا قَالَ: (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) ~ [يونس:٥٨].

فَنِعْمَةُ الدِّينِ المُتَّصِلَةُ بِسَعَادَةِ الدَّارَيْنِ، لَا نِسْبَةَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ جَمِيعِ مَا فِي الدُّنْيَا مِمَّا هُوَ مُضْمَحلٌّ زَائِلُ عَنْ قَرِيبٍ، وَإِنَّمَا أَمَرَ اللهُ -تَعَالَى- بِالفَرَحِ بِهَذِهِ النِّعْمَةِ؛ لأَنَّ ذَلِكَ مِمَّا يُوجِبُ انْبِسَاطَ النَّفْسِ وَنَشاطَهَا، وَشُكْرَهَا للهِ -تَعَالَى-، وُقُوَّتَهَا وَشِدَّةَ الرَّغْبَةِ فِي العِلْمِ وَالإِيمَانِ الدَّاعِي لِلازْدِيَادِ مِنْهُمَا، وَهَذَا فَرَحٌ مَحْمُودٌ؛ وَلِهَذَا رَوى مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمْرو بْنِ العَاصِ عَنْ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ قَالَ: "قَدْ أَفْلَحَ مَنْ أَسْلَمَ وَرُزِقَ كَفَافًا، وَقَنَّعَهُ اللهُ بِمَا آتَاهُ"، وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَه بِلَفْظِ: "قَدْ أَفْلَحَ مَنْ هُدِيَ إِلَى الإِسْلَامِ".

وَلَا غَرْوَ! أَنْ يَكُونَ هَذَا هُوَ الفَلَاح، فَمَا مِنْ خَيْرٍ إِلَّا وَأَمَرَ بِهِ، وَمَا مِنْ شَرٍّ إِلَّا وَنَهَى عَنْهُ، فَفِيهِ مِنَ الأَوَامِرِ الجَمِيلَةِ الكَفِيلَةِ بِصَلاحِ الدِّينِ وَالدُّنْيَا؛ مِنَ البِرِّ وَالصِّلَةِ، وَالإِحْسَانِ وَالبَذْلِ، وَتَعْظِيمِ حُقُوقِ النَّاسِ، وَجَمَالِ التَّوَاصُلِ مَعَهُمْ بِالسَّلَامِ وَالزِّيَارَةِ وَالعِيَادَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالهَدِيَّةِ، وَفِيهِ التَّرَقِّي بِالنَّفْسِ وَالتَّزْكِيَةُ لَهَا، فَأَمَرَ بِالحَيَاءِ وَالعِفَّةِ، وَالسَّخَاءِ، وَإِحْسَانِ الظَّنِّ، وَنَبْذِ الشُّحِّ وَالحِقْدِ وَالحَسَدِ، وَأَبْطَلَ الخُرَافَةَ وَالغُلُوَّ، وَشَرَعَ مَا يَضْمَنُ الحَقَّ وَيَرْدَعُ البَاطِلَ وَأَهْلَهُ، وَيُخَوِّفُ مِنَ الجَرِيمَةِ، فَشَرَعَ الحُدُودَ وَالتَّعْزِيرَ، وَجَعَلَهَا مُنَاطَةً بِالسُّلْطَانِ وَمَنْ يُنِيبُهُ بِلَا فَوْضَى وَلَا هَوَى.

وَلِهَذَا كَانَ كُفْرَانَ هَذِهِ النِّعْمَةِ أَعْظَمَ الكُفْرَانِ وَأَشَدَّهُ، وَأَقْبَحَهُ وَأَرْذَلَهُ، فَمَنْ عَرَفَ هَذَا الدِّينَ وَعَرَفَ مَحَاسِنَهُ ثُمَّ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَاحْتَوشَتْهُ الشَّيَاطِينُ وَانْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ، فَقَدْ خَسِرَ الخُسْرَانَ المُبِينَ، وَهُوَ مُسْتَحِقٌّ لِلْعَذَابِ المُهِينِ، وَهُوَ أَعْظَمُ عَذَابًا وَوَبَالًا مَمَّنْ لَمْ يَعْرِفْهُ تَمَامَ المَعْرِفَةِ، أَوْ لَمْ يَدْخُلْ بِهِ أَصْلًا وَلَمْ تَأْتِهِ هَذِهِ النِّعْمَةُ وَلَمْ يَعِشْهَا!

كَيْفَ لِرَجُلٍ وُلِدَ عَلَى الإِسْلَامِ، وَتَلَبَّسَ بِشَرَائِعِهِ، وَشَعَرَ بِفَضَائِلِهِ أَنْ يَرْتَدَّ عَلَى عَقِبَيْهِ خَاسِرًا حَقِيرًا قَدْ كَفَرَ بِهَذِهِ النِّعْمَةِ الَّتِي مَنَّ اللهُ بِهَا عَلَيْهَ؟!

وَلِهَذَا جَاءَ فِي القُرْآنِ آيَاتٌ تُزَلْزِلُ القَلْبَ بِمَا لِمْ يَأْتِ بِمِثْلِهِ مِنَ التَّهْدِيدِ؛ قَالَ -تَعَالَى-: (كَيْفَ يَهْدِي اللهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ واللهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ * خَالِدِينَ فِيهَا لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ) ~ [آل عمران: ٨٦ - ٩٠].

وَقَالَ -تَعَالَى-: (مَنْ كَفَرَ باللهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ وَأَنَّ اللهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ * لَا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْخَاسِرُونَ) ~ [النحل: ١٠٦ - ١٠٩]، غَرَّتَهُمُ الحَيَاةُ الدُّنْيَا، غَرَّتَهُمُ الشِّعَارَاتُ الزَّائِفَةُ -كَالحُرِّيَّاتِ وَالانْفِتَاحِ المُنْفَلِتِ- فَنَكَصُوا بَعْدَ مَعْرِفَتِهِمْ لِلْحَقِّ.

بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ فِي القُرْآنِ العَظِيمِ، وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بِمَا فِيهِ مِنَ الآيَاتِ وَالذِّكْرِ الحَكِيمِ، أَقُولُ مَا سَمِعْتُمْ، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ لِي وَلَكُمْ وَلِسَائِرِ المُسْلِمِينَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ وَخَطِيئَةٍ، فَاسْتَغْفِرُوهُ وَتُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.

الخطبة الثانية:


اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، واللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، وَللهِ الحَمْدُ.

أَيُّهَا النَّاسُ! إِنَّ مِنْ أَعْظَمِ مَظَاهِرِ الْعِيدِ مَا يَحْدُثُ بَيْنَ الأَهْلِ وَالْجِيرَانِ مِنْ صِلَةٍ لِلْأَرَحَام وَتَبَادُلٍ للتَّزَاوُرِ وَالسَّلامِ؛ مِمَّا لَهُ الأَثَرُ الْبَالِغُ عَلَى النُّفُوسِ فِي نَشْرِ الْمَحَبَّةِ وَالأُلْفَةِ وَالتَّعَاوُنِ بَيْنَ الأَقَارِبِ، وَهَذِهِ عِبَادَةٌ عَظِيمَةٌ جَاءَتْ بِهَا الشَّرِيعَةُ، قَالَ اللهُ -تَعَالَى-: (وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ) ~ [الرعد:٢١]. وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -كَمَا فِي صَحِيحِ البُخَارِي: "مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ، وَيُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ".

أَيُّهَا الْمُسْلِمُ!إِنَّ الْعِيدَ فُرْصَةٌ عَظِيمَةٌ لِتَصِلَ مَنْ قَطَعَكَ، وَتُعْطِيَ مَنْ حَرَمَكَ، وَتَعْفُوَ عَمَّنْ ظَلَمَكَ، وَمَنْ تَرَكَ شَيْئًا للهِ عَوَّضَهُ اللهُ خَيْرًا مِنْهُ.

وَاعْلَمْ أَنَّ مِنْ أَعْظَمِ مَوَانِعِ المَغْفِرَةِ هِيَ المُشَاحَنَاتِ وَالعَدَاوَاتِ، وَأَعْظَمِ أَسْبَابِ المَغْفِرَةِ هِيَ الصَّفْحُ وَالعَفْوُ، وَمَا زَادَ العَفُوُ إِلَّا عِزًّا، فَلَا تَسْتَسْلِم لِأَدْوَاءِ النَّفْسِ وَوَسْوَسَةِ الشَّيْطَانِ، وَأَعْلِنْ فِي يَوْمِ العِيدِ العَفْوَ وَالصَّفْحَ؛ لِتَنَالَ مِنَ الأَجْرِ مَا لَا تَنَالُهُ إِلَّا بِالصَّفْحِ وَالعَفْوِ.

اخْرُجُوا مِنْ هَذَا الجَامِعِ بِقُلُوبٍ نَظِيفَةٍ مِنَ الأَحْقَادِ، وَالْبَسُوا ثَوْبَ التَّسَامُحِ وَالتَّصَالُحِ، فَإِنَّهَا أَعْظَمُ عِبَادَاتِ يَوْمِ العِيدِ، وَأَعْظَمُ أُجُورِ يَوْمِ المَزِيدِ، (يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) ~ [الشعراء: ٨٨، ٨٩].

أَيَّتُهَا الأَخَوَاتُ الشَّرِيفَاتُ، وَالْحَرَائِرُ الْمَصُونَاتُ الْعَفِيفَاتُ، يَا مَنْ أَعَزَّكُنَّ اللهُ بِالدِّينِ، وَشَرَّفَكُنَّ بِالسِّتْرِ وَالْجِلْبَابِ! تَمَسَّكْنَ بِحِجَابِكُنَّ كَمَا تَتَمَسَّكْنَ بِدِينِكُنَّ، فَاللهَ اللهَ فِي حَيَائِكُنَّ وَعَفَافِكُنَّ، وَاعْلَمْنَ أَنَّ الْمَرْأَةَ بِصَلَاحِهَا يَصْلُحُ الْمُجْتَمَعُ، وَبِفَسَادِهَا يُصْبِحُ الْمُجْتَمُعُ فِي تِيهٍ وَسَرَابٍ! فَالْأُمُّ هِيَ الْمُجْتَمَعُ، وَالْأُمُّ هِيَ الْأَسَاسُ، وَهِيَ صَمَّامُ الْأَمَانِ بِإِذْنِ اللهِ.

وَنُذَكِّرُ الجَمِيعَ بِالاحْتِرَازَاتِ الصِّحيَّةِ فِي سَلامِكُمْ وَاجْتِمَاعَاتِكُمْ، فَإِنَّ الْتِزَامَكُمْ بِهَا مُعِينٌ عَلَى حِفْظِ النَّفْسِ مِنَ الوَبَاءِ -بَإِذْنِ اللهِ-.

أَعَادَ اللهُ -تَعَالَى- عِيدَنَا عَلَيْنَا وَعَلَيْكُمْ وَعَلَى المُسْلِمِينَ بِاليُمْنِ وَالإِيمَانِ، وَالسَّلَامَةِ وَالإِسْلَامِ، وَتَقَبَّلَ اللهُ مِنَّا وَمِنْكُمْ وَمِنَ المُسْلِمِينَ صَالِحَ الأَعْمَالِ، وَتَقَبَّلَ اللهُ طَاعَتَكُمْ، وَجَعَلَ عِيدَكُمْ سَعِيدًا، وَعَمَلَكُمْ رَشِيدًا، وَأَعَادَ عَلَيْكُمْ رَمَضَانَ أَعْوَامًا عَدِيدَةً، وَأَزْمِنَةً مَدِيدَةً، بِصِحَّةٍ وَعَافِيَةٍ وَإِيمَانٍ، وَتَقَبَّلَ اللهُ صِيَامَكُمْ وَقِيَامَكُمْ وَصَالِحَ أَعْمَالَكُمْ.

الدعاء


اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا دِينَنَا وَدُنْيَانَا وَآخِرَتِنَا ... اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلَامِ وَالمُسْلِمِينَ ... وانْصُرْ عِبَادَكَ المُوَحِّدِينَ الَّذِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِكِ فِي كُلِّ مَكَانٍ، اللَّهُمَّ انْصُرْهُمْ عَلَى عَدُوِّكَ وَعَدُوِّهِمْ، اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِاليَهُودِ المُعْتَدِينَ وَالنَّصَارَى المُحَارِبِينَ، اللَّهُمَّ عَلَيْكِ بِهِمْ فَإِنَّهُمْ لَا يُعْجِزُونَكَ، اللَّهُمَّ أَحْصِهِمْ عَدَدًا ....

اللَّهُمَّ آمِنَّا فِي أَوْطَانِنَا وَأَصْلِحْ أَئِمَّتَنَا وَوُلَاةَ أُمُورِنَا، اللَّهُمَّ وَفِّقْهُمْ لِمَا يُرْضِيكَ، وَجَنِّبْهُمْ مَعَاصِيكَ، اللَّهُمَّ تُبْ عَلَى التَّائِبِينَ، وَاهْدِ ضَالَّ المُسْلِمِينَ، اللَّهُمَّ رُدَّهُمْ إِلَيْكَ رَدًّا جَمِيلًا، اللَّهُمْ ارْفَعْ مَا نَزَلَ مِنَ الفِتَنِ ... اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَنَا وَلِوَالِدِينَا...

اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ العَلِيمُ، وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَابُ الرَّحِيمُ، وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ، وَأُصَلِّي وَأُسَلِّمُ عَلَى نَبِينَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ.

مقترح لك: خطبة الأوقاف لعيد الفطر مكتوبة + ملف pdf موقع المزيد

6162a40e66a69

  • 0
  • 0
  • 6,363

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً