{ بشارة التوراة بنُبوة محمد صلى الله عليه وسلم } أنزل الله عز و جل التوراة على موسى عليه السلام ...

منذ 2022-06-02
{ بشارة التوراة بنُبوة محمد صلى الله عليه وسلم }

أنزل الله عز و جل التوراة على موسى عليه السلام محتوية على الشرائع التي تُناسب أهل ذاك الزمن ،و نوّه فيها بذكر كثير من الأنبياء الذين علم الله أنه سيُرسلهم.

فمما جاء فيها تبشيرا برسولنا الكريم خطابا لسيدنا موسى عليه السلام : " و سوف أُقيم لهم نبيا مثلك من بين إخوتهم، و أجعل كلامي في فمه و يكلمهم بكل شيء آمره به، و من لم يطع كلامه الذي يتكلم به باسمي فأنا الذي أنتقم منه ، فأما النبي الذي يجترئ عليّ بالكبرياء و يتكلم باسمي بما لم آمره به أو باسم آلهة أخرى فليُقتل، و إذا أحببت أن تميز بين النبي الصادق و الكاذب فهذه علامتك إن قاله ذلك النبي باسم الرب و لم يحدث فهو كاذب يريد تعظيم نفسه و لذلك لا تخشاه ".

َو يقول اليهود : إن هذه البشارة ليوشع بن نون خليفة موسى عليه السلام، مع أنهم كانوا ينتظرون في مدة المسيح نبيا آخر غير المسيح ، فإنهم أرسلوا ليوحنا المعمدان - يحي عليه السلام - يسألونه عن نفسه؛ فقالوا له : أنت إيليا؟ فقال : لا، فقالوا : أنت المسيح ؟ فقال : لا، فقالوا : أنت النبي ؟ فقال : لا، فقالوا : ما بالُك إذاً تُعمّد إذا كنت لست إيليا و لا المسيح و لا النبي ؟

فهذه تدل على أن التوراة تبشر بإيليا و المسيح و نبيٍّ لم يأت حتى زمن المسيح.

ثم أن التوراة تقول في صفة النبي أنه مثل موسى، و قد نصت في آخر سفر التثنية على أنه لم يقم في بني إسرائيل نبي مثل موسى.

و ورد في هذه البشارة أن النبي الذي يفتري على الله يُقتل، و يُشبه ذلك قول الله تعالى في سورة الحاقة : " و لو تقوّل علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين ".
و الوتين هو عرق في القلب إذا انقطع مات صاحبه.

و نبينا صلى الله عليه وسلم مكث بين أعدائه الألداء من مشركين و يهود ثلاثا و عشرين سنة يدعوهم إلى الله و مع ذلك عصمه الله منهم، و أنزل عليه تطمينا لخاطره في سورة المائدة : " و الله يعصمك من الناس ".
أكان يعجز الله - و هو القادر على كل شيء - أن يعاقب من ينسب إليه ما لم يقله؟! وهو الذي قال في سورة الشورى : " أم يقولون افترى على الله كذبا فإن يشأ الله يختم على قلبك َ يمحُ الله الباطل و يُحق الحق بكلماته إنه عليم بذات الصدور".

و قد أخبرتنا هذه البشارة عن العلامة التي نعرف بها صدق النبي من كذبه؛ و هي الإخبار بما سيأتي !!

و قد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن أشياء كثيرة فحدثت كما أخبر عنها ، و منها ما لا ينفع معه الحدس و التخمين كالإخبار بأن الروم سيغلبون بعد أن قهرهم الفرس قهرا شديدا حتى كادوا يحتلون القسطنطينية - عاصمة ملكهم -، فالإخبار إذا بأن الروم سيردون ما فُقد منهم بعد بضع سنين لا يكون إلا من عند الله، و لذلك استغربه جدا بعض المشركين من قريش، و راهَن على ذلك أبا بكر الصديق رضي الله عنه، و قد حقق الله الخبر فاستحق الصديق الرهن، و هذا قليل من كثير الكثير...

و روى القاضي عياض في الشفا أن عطاء بن يسار سأل عبد الله بن عمرو بن العاص عن صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أجل! و الله إنه لموصوف في التوراة ببعض صفته في القرآن : يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا و مبشرا و نذيرا ، و حرزا للأميين ، أنت عبدي و رسولي سميتك المتوكل؛ ليس بفظ و لا غليظ و لا صخّاب في الأسواق، و لا يدفع السيئة بالسيئة ولكن يعفو و يغفر، و لن يقبضه الله حتى يقيم به الملة العوجاء بأن يقولوا : لا إله إلا الله و يفتح به أعينا عميا و آذانا صما و قلوبا غلفا.

و روى مثله عن عبد الله بن سلام رضي الله عنه، و هو الذي كان رئيس اليهود؛ فلم تُعمه الرياسة حتى يترك الدين القويم، و كذلك كعب الأحبار، و في بعض طرق الحديث : و لا صخب في الأسواق و لا قوّال للخنا ، أُسدده لكل جميل، و أهب له كل خلق كريم، و أجعل السكينة لباسه و البر شعاره و التقوى ضميره، و الحكمة مقوله و الصدق و الوفاء طبيعته، و العفو و المعروف خلقه و العدل سيرته و الحق شريعته، و الهدى إمامه و الإسلام ملته، و أحمد اسمه، أهدي به بعد الضلالة و أُعلم به بعد الجهالة، و أرفع به بعد الخمالة، و أُسمي به بعد النكرة و أُكثر به بعد القلة، و أغني به بعد العيلة، و أجمع به بعد الفرقة و أُؤلف به بين قلوب مختلفة و أهواء مشتتة و أمم متفرقة، و أجعل أمته خير أمة أخرجت للناس.

و قد أخبر صلى الله عليه وسلم عن صفته في التوراة فقال : و هو الصادق الأمين : " عبدي أحمد المختار، مولده مكة و مُهاجَره بالمدينة - أو قال : طيبة - و أُمته الحمّادون الله على كل حال ".

☘ المصادر و المَراجع :

١- الشفا، للقاضي عياض.
٢- سفر التثنية ؛ من الكتاب المقدس - العهد القديم -، الإصحاح : الثامن.
٣- إنجيل يوحنا؛ من الكتاب المقدس - العهد الجديد -، الإصحاح الأول.
٤- نور اليقين في سيرة سيد المرسلين، للشيخ محمد الخضري بك.
٥- استئناسا و ليس توثيقا : رواية أنتيخرستوس ، للكاتب الدكتور أحمد خالد مصطفى.

614e07205a9ad

  • 0
  • 0
  • 66

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً