. . يوسف من خلفه.. فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ ...

منذ 2022-07-10
.
.
يوسف من خلفه..
فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ (77) فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَاقَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (78)
غاب، وعبد القمر حتى غاب، وعبد الشمس حتى غابت واحتج أرباب هذا القول بقوله تعالى: لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي وهذا يدل على نوع تحيير، قالوا: وإنما قال هذا في حال طفولته على ما سبق إلى وهمه، قبل أن يثبت عنده دليل. وهذا القول لا يرتضى، والمتأهِلّون للنبوة محفوظون من مثل هذا على كل حال. فأما قوله: لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي فما زال الأنبياء يسألون الهدى، ويتضرّعون في دفع الضّلال عنهم، كقولهم: وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ «1» ، ولأنه قد آتاه رشده من قبل، وأراه ملكوت السّماوات والأرض ليكون موقناً، فكيف لا يعصمه عن مثل هذا التحيير؟! والثاني: أنه قال ذلك استدراجاً للحجة، ليعيب آلهتهم ويريهم بغضها عند أفولها، ولا بد أن يضمر في نفسه: إما على زعمكم، أو فيما تظنون، فيكون كقوله: أَيْنَ شُرَكائِيَ «2» ، وإما أن يضمر: يقولون، فيكون كقوله تعالى: رَبَّنا تَقَبَّلْ مِنَّا «3» ، أي: يقولان ذلك، ذكر نحو هذا أبو بكر بن الانباري، ويكون مراده استدراج الحجة عليهم، كما نقل عن بعض الحكماء أنه نزل بقوم يعبدون صنما، فأظهر تعظيمه، فأكرموه، وصدروا عن رأيه، فدهمهم عدو، فشاورهم ملِكهم، فقال: ندعو إلهنا ليكشف ما بنا، فاجتمعوا يدعونه، فلم ينفع، فقال: ها هنا إله ندعوه، فيستجيب، فدعَوُا الله، فصرف عنهم ما يحذرون، وأسلموا. والثالث: أنه قال مستفهما، تقديره: أهذا ربي؟ فأضمرت ألف الاستفهام، كقوله:
أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ «4» ؟ أي: أفَهُمُ الخالدون؟ قال الشاعر:
كَذَبَتْكَ عَيْنُكَ أَمْ رَأيْتَ بِوَاسِطٍ ... غَلَسَ الظَّلام مِنَ الرَّبَابِ خَيَالاَ «5»
أراد: أكذبتك؟ قال ابن الأنباري: وهذا القول شاذ، لأن حرف الاستفهام لا يضمر إذ كان فارقاً بين الإخبار والاستخبار وظاهر قوله: هذا رَبِّي أنه إشارة إلى الصانع. وقال الزجاج: كانوا أصحاب نجوم، فقال: هذا ربي، أي هذا الذي يدبرني، فاحتج عليهم أن هذا الذي تزعمون أنه مدبر، لا نرى فيه إلّا مدَّبر. و «أفل» بمعنى: غاب يقال: أفل النجم يأفُل ويأفِل أفولاً.
قوله تعالى: لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ أي: حبَّ ربٍّ معبود، لأن ما ظهر وأفل كان حادثا مدبّرا.
[سورة الأنعام (6) : الآيات 77 الى 78]
فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بازِغاً قالَ هذا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ (77) فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بازِغَةً قالَ هذا رَبِّي هذا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قالَ يا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (78)
قوله تعالى: فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ قال ابن قتيبة: سمي القمر قمراً لبياضه والأقمر: الأبيض وليلة قمراء، أي: مضيئة. فأما البازغ، فهو الطالع. ومعنى لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي: لئن لم يثبِّتني على الهدى. فان قيل: لم قال في الشمس: هذا، ولم يقل: هذه؟ فعنه أربعة أجوبه: أحدها: أنه رأى ضوء الشمس، لا عينها، قاله محمد بن مقاتل. والثاني: أنه أراد: هذا الطالع ربي، قاله الأخفش. والثالث: أن الشمس بمعنى الضياء والنور، فحمل الكلام على المعنى. والرابع: أن الشمس ليس في لفظها علامة من علامات التأنيث، وإنما يشبه لفظها لفظ المذكَّر، فجاز تذكيرها. ذكره والذي قبله ابن الأنباري.
__________
(1) سورة إبراهيم: 35.
(2) سورة النحل: 27.
(3) سورة البقرة: 127. [.....]
(4) سورة الأنبياء: 34.
(5) البيت للأخطل من قصيدة يهجو بها جريرا، ديوانه 41 و «اللسان» كذب.

.
.
.
.
.
.
.
t4t
.[وجوه من الحكمة لبعض الحكماء]
في وجوه من الحكمة لبعض الحكماء قال مالك: قال حكيم من الحكماء: إذا صليت فصل صلاة مودع يظن أنه لا يعود، وإياك والطمع وتطلب الحاجات فإنه فقر حاضر، وعليك باليأس مما في أيدي الناس فإنه الغنى. واعلم أنه لا بد من قول وفعل، فإياك وما يعتذر منه.
* قال محمد بن رشد: هذا كله بين على ما قاله، لأن الرجل إذا صلى الصلاة لا يدري هل يتراخى به الأجل إلى وقت صلاة أخرى، فينبغي أن يستشعر فيها الخوف لله والفكرة في الوقوف بين يدي خالقه، فإنه إذا فعل ذلك خشع في صلاته وكان من المفلحين الذين قال الله عز وجل: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} [المؤمنون: 1] {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ} [المؤمنون: 2] . وإذا كثر طمع الرجل وتطلبه للحاجات فهو بذلك في حكم الفقير وإن كان ذا مال، إذ ليس الغنى من الكثرة، وإنما الغنى غنى النفس، لأن فائدة المال في الدنيا أن يستغني به عن الناس، فإذا لم يستغن به عن الناس فهو في حكم الفقير. وإذا استغنى الفقير عن الناس بغنى نفسه فهو في حكم الغني بالمال. وما يعتذر منه من قول أو فعل من الحظ أن يجتنب، إذ لا يدري المعتذر من الشيء هل يقبل فيه عذره أم لا، وبالله التوفيق.
[ما يكره أن تستر به البيوت من الثياب]
فيما يكره أن تستر به البيوت من الثياب وقال مالك: دخل أبو أيوب صاحب النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بيتا قد ستر بثياب جنادية، فقال: لا أطعم فيه طعاما حتى أخرج منه، فخرج ولم يطعم.

60db7cc5b3763

  • 0
  • 0
  • 12

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً