=0 .انتهى {وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ} أي: لا يرتضيه، ويبغضه، ويغضَبُ على من يتعاطاه، وهو ...

منذ 2022-08-18
=0 .انتهى

{وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ} أي: لا يرتضيه، ويبغضه، ويغضَبُ على من يتعاطاه، وهو اعتراضٌ تذييلي.
•---------------------------------•
(أي: لا يرتضيه) يعني: محبته عبارة عن رضاه.
(وهو): " أي: {وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ} اعتراض للوعيد، واكتفى فيه على الفساد؛ لانطوائه على الثاني، أعني: {يُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ} لكونه من عطف الخاص على العام. (1)
قال الراغب: " قيل: كيف حكم تعالى بأنه لا يحب الفساد، وهو مفسد للأشياء؟ !
قيل: الإفساد في الحقيقة: إخراج الشاء من حالة محمودة لا لغرض صحيح (2)، وذلك غير موجود في فعله تعالى، ولا هو آمر به، وما نراه من فعله فسادا فهو بالإضافة إلينا، فأما بالنظر الإلهي فكله صلاح (3)؛ ولذا قال بعض الحكماء: يا من إفساده إصلاح، أي: ما نعده إفسادا؛ لقصور نظرنا، فهو في الحقيقة إصلاح.
وجملة الأمر أن الإنسان زبدة هذا العالم، وما عداه مخلوق له؛ ولذا قال تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا} (4).
والمقصود من الإنسان سوقه إلى كماله الذي رشح له، فإذن إهلاك ما أمره بإهلاكه فلإصلاح الإنسان، وأما إماتته فأحد أسباب حياته الأبدية." (5) " (6) (ع) أهـ
_________
(1) ينظر: البحر المحيط (3/ 313).
(2) ينظر: تهذيب اللغة - باب السين (12/ 57)، تاج العروس - مادة فسد (8/ 497)، المعجم الوسيط - حرف الفاء (2/ 688).
(3) ينظر: تحفة المريد (2/ 28).
(4) سورة: البقرة، الآية: 29.
(5) تفسير الراغب الأصفهاني (1/ 429).
(6) مخطوط حاشية السيالكوتي على البيضاوي لوحة (337 / أ).
.
.
.
.
.
.
.
..
t4t
أُطِيلَ إسْخَانُهُ بِالنَّارِ لَمْ يَمْنَعْ مِنْ إطْفَائِهَا. وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ الْحَكَمِ الثَّقَفِيُّ:
تُكَاشِرُنِي ضَحِكًا كَأَنَّك نَاصِحٌ ... وَعَيْنُك تُبْدِي أَنَّ صَدْرَك لِي دَوِي
لِسَانُك مَعْسُولٌ وَنَفْسُك عَلْقَمٌ ... وَشَرُّك مَبْسُوطٌ وَخَيْرُك مُلْتَوِي
فَلَيْتَ كَفَافًا كَانَ خَيْرُك كُلُّهُ ... وَشَرُّك عَنِّي مَا ارْتَوَى الْمَاءَ مُرْتَوِي
فَإِذَا خَرَجَ مَنْ كَانَ كَالدَّاءِ مِنْ عِدَادِ الْإِخْوَانِ، فَالْإِخْوَانُ هُمْ الصِّنْفَانِ الْآخَرَانِ اللَّذَانِ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ كَالْغِذَاءِ وَكَالدَّوَاءِ؛ لِأَنَّ الْغِذَاءَ أَقْوَمُ لِلنَّفْسِ وَحَيَاتِهَا، وَالدَّوَاءَ عِلَاجُهَا وَصَلَاحُهَا.
وَأَفْضَلُهُمَا مَنْ كَانَ كَالْغِذَاءِ؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ إلَيْهِ أَعَمُّ. وَإِذَا تَمَيَّزَ الْإِخْوَانُ وَجَبَ أَنْ يَنْزِلَ كُلٌّ مِنْهُمْ حَيْثُ نَزَلَتْ بِهِ أَحْوَالُهُ إلَيْهِ وَاسْتَقَرَّتْ خِصَالُهُ وَخِلَالُهُ عَلَيْهِ. فَمَنْ قَوِيَتْ أَسْبَابُهُ قَوِيَتْ الثِّقَةُ بِهِ، وَبِحَسَبِ الثِّقَةِ بِهِ يَكُونُ الرُّكُونُ إلَيْهِ، وَالتَّعْوِيلُ عَلَيْهِ. وَقَالَ الشَّاعِرُ:
مَا أَنْتَ بِالسَّبَبِ الضَّعِيفِ وَإِنَّمَا ... نُجْحُ الْأُمُورِ بِقُوَّةِ الْأَسْبَابِ
فَالْيَوْمُ حَاجَتُنَا إلَيْك وَإِنَّمَا ... يُدْعَى الطَّبِيبُ لِشِدَّةِ الْأَوْصَابِ
وَقَدْ اخْتَلَفَتْ مَذَاهِبُ النَّاسِ فِي اتِّخَاذِ الْإِخْوَانِ. فَمِنْهُمْ مَنْ يَرَى أَنَّ الِاسْتِكْثَارَ مِنْهُمْ أَوْلَى؛ لِيَكُونُوا أَقْوَى مَنَعَةً وَيَدًا، وَأَوْفَرَ تَحَبُّبًا وَتَوَدُّدًا، وَأَكْثَرَ تَعَاوُنًا وَتَفَقُّدًا.
وَقِيلَ لِبَعْضِ الْحُكَمَاءِ: مَا الْعَيْشُ؟ قَالَ: إقْبَالُ الزَّمَانِ، وَعِزُّ السُّلْطَانِ، وَكَثْرَةُ الْإِخْوَانِ. وَقِيلَ: حِلْيَةُ الْمَرْءِ كَثْرَةُ إخْوَانِهِ.
وَمِنْهُمْ مَنْ يَرَى أَنَّ الْإِقْلَالَ مِنْهُمْ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ أَخَفُّ إثْقَالًا وَكُلَفًا، وَأَقَلُّ تَنَازُعًا وَخُلْفًا.
وَقَالَ الْإِسْكَنْدَرُ: الْمُسْتَكْثِرُ مِنْ الْإِخْوَانِ مِنْ غَيْرِ اخْتِيَارٍ كَالْمُسْتَوْفِرِ مِنْ الْحِجَارَةِ، وَالْمُقِلُّ مِنْ الْإِخْوَانِ الْمُتَخَيِّرُ لَهُمْ كَاَلَّذِي يَتَخَيَّرُ الْجَوْهَرَ.
*وَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ: مَنْ كَثُرَ أَخِوَانُهُ كَثُرَ غُرَمَاؤُهُ.
*وَقَالَ إبْرَاهِيمُ بْنُ الْعَبَّاسِ: مَثَلُ الْإِخْوَانِ كَالنَّارِ قَلِيلُهَا مَتَاعٌ وَكَثِيرُهَا بَوَارٌ. وَلَقَدْ أَحْسَنَ ابْنُ الرُّومِيِّ فِي هَذَا الْمَعْنَى، وَنَبَّهَ عَلَى الْعِلَّةِ، حَيْثُ يَقُولُ:
عَدُوُّك مِنْ صِدِّيقِك مُسْتَفَادُ ... فَلَا تَسْتَكْثِرَنَّ مِنْ الصِّحَابِ
فَإِنَّ الدَّاءَ أَكْثَرَ مَا تَرَاهُ ... يَكُونُ مِنْ الطَّعَامِ أَوْ الشَّرَابِ
وَدَعْ عَنْك الْكَثِيرَ فَكَمْ كَثِيرٌ ... يُعَافَ وَكَمْ قَلِيلٌ مُسْتَطَابُ

60db7cc5b3763

  • 0
  • 0
  • 7

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً