لمن تختصه بالاطّلاع على باطن أمرك. قال عزّ وجل: لا تَتَّخِذُوا بِطانَةً مِنْ دُونِكُمْ [آل عمران/ ...

منذ 2022-09-27
لمن تختصه بالاطّلاع على باطن أمرك.
قال عزّ وجل: لا تَتَّخِذُوا بِطانَةً مِنْ دُونِكُمْ [آل عمران/ 118] أي: مختصا بكم يستبطن أموركم، وذلك استعارة من بطانة الثوب، بدلالة قولهم: لبست فلانا: إذا اختصصته، وفلان شعاري ودثاري.
وروي عنه صلّى الله عليه وسلم أنه قال: «ما بعث الله من نبيّ ولا استخلف من خليفة إلا كانت له بطانتان: بطانة تأمره بالخير وتحضّه عليه، وبطانة تأمره بالشرّ وتحثّه عليه» «1» .
والبِطان: حزام يشدّ على البطن، وجمعه:
أَبْطِنَة وبُطُن، والأَبْطَنَان: عرقان يمرّان على البطن.
والبُطين: نجم هو بطن الحمل، والتَبَطُّن:
دخول في باطن الأمر.
والظاهر والباطن في صفات الله تعالى: لا يقال إلا مزدوجين، كالأوّل والآخر «2» ، فالظاهر قيل: إشارة إلى معرفتنا البديهية، فإنّ الفطرة تقتضي في كلّ ما نظر إليه الإنسان أنه تعالى موجود، كما قال: وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ [الزخرف/ 84] .
* ولذلك قال بعض الحكماء: مثل طالب معرفته مثل من طوف في الآفاق في طلب ما هو معه.
والبَاطِن: إشارة إلى معرفته الحقيقية، وهي التي أشار إليها أبو بكر رضي الله عنه بقوله: يا من غاية معرفته القصور عن معرفته.
وقيل: ظاهر بآياته باطن بذاته، وقيل: ظاهر بأنّه محيط بالأشياء مدرك لها، باطن من أن يحاط به، كما قال عزّ وجل: لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ [الأنعام/ 103] .
وقد روي عن أمير المؤمنين رضي الله عنه ما دلّ على تفسير اللفظتين حيث قال: (تجلّى لعباده من غير أن رأوه، وأراهم نفسه من غير أن تجلّى لهم) . ومعرفة ذلك تحتاج إلى فهم ثاقب وعقل وافر.
وقوله تعالى: وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَباطِنَةً [لقمان/ 20] . قيل: الظاهرة بالنبوّة الباطنة بالعقل، وقيل: الظاهرة: المحسوسات، والباطنة: المعقولات، وقيل: الظاهرة: النصرة على الأعداء بالناس، والباطنة: النصرة بالملائكة.
وكلّ ذلك يدخل في عموم الآية.
بطؤ
البُطْءُ: تأخر الانبعاث في السير، يقال: بَطُؤَ
__________
(1) الحديث صحيح كما قال البغوي، وقد أخرجه النسائي 7/ 158، وأحمد 3/ 237، والترمذي (2370) وقال:
حسن صحيح، وانظر: شرح السنة 10/ 75.
(2) راجع: المقصد الأسنى ص 106.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.المال فإذا منع مقتضاه وبذل المال مع الجهد مرة بعد أخرى ماتت صفة البخل وصار البذل طبعاً وسقط التعب فيه فإن علاج البخل بعلم وعمل فالعلم يرجع إلى معرفة آفة البخل وفائدة الجود والعمل يرجع إلى الجود والبذل على سبيل التكلف ولكن قد يقوى البخل بحيث يعمي ويصم فيمنع تحقق المعرفة فيه وإذا لم تتحقق المعرفة لم تتحرك الرغبة فلم يتيسر العمل فتبقى العلة مزمنة كالمرض الذي يمنع معرفة الدواء وإمكان استعماله فإنه لا حيلة فيه إلا الصبر إلى الموت
وكان من عادة بعض شيوخ الصوفية في معالجة / علة البخل في المريدين أن يمنعهم من الاختصاص بزواياهم.وكان إذا توهم في مريد فرحه بزاويته وما فيها نقله إلى زاوية غيرها ونقل زاوية غيره إليه وأخرجه عن جميع ما ملكه وإذا رآه يلتفت إلى ثوب جديد يلبسه أو سجادة يفرح بها يأمره بتسليمها إلى غيره ويلبسه ثوباً خلقاً لا يميل إليه قلبه.فبهذا يتجافى القلب عن متاع الدنيا.فمن لم يسلك هذا السبيل أنس بالدنيا وأحبها فإن كان له ألف متاع كان له ألف محبوب ولذلك إذا سرق كل واحد منه ألمت به مصيبة بقدر حبه له فإذا مات نزل به ألف مصيبة دفعة واحدة لأنه كان يحب الكل وقد سلب عنه بل هو في حياته على خطر المصيبة بالفقد والهلاك
حمل إلى بعض الملوك قدح من فيروزج مرصع بالجواهر لم ير له نظير ففرح الملك بذلك فرحاً شديداً فقال لبعض الحكماء عنده كيف ترى هذا قال أراه مصيبة أو فقراً قال كيف قال إن كسر كان مصيبة لا جبر لها وإن سرق صرت فقيراً إليه ولم تجد مثله وقد كنت قبل أن يحمل إليك في أمن من المصيبة والفقر ثم اتفق يوماً أن كسر أو سرق وعظمت مصيبة الملك عليه فقال صدق الحكيم ليته لم يحمل إلينا وهذا شأن جميع أسباب الدنيا فإن الدنيا عدوة لأعداء الله تسوقهم إلى النار وعدوة أولياء الله إذ تغمهم بالصبر عنها وعدوة الله إذ تقطع طريقه على عباده وعدوة نفسها فإنها تأكل نفسها فإن المال لا يحفظ إلا بالخزائن والحراس
والخزائن والحراس لا يمكن تحصيلها إلا بالمال وهو بذل الدراهم والدنانير فالمال يأكل نفسه ويضاد ذاته حتى يفنى ومن عرف آفة المال لم يأنس به ولم يفرح ولم يأخذ منه إلا بقدر حاجته ومن قنع بقدر الحاجة فلا يبخل لأن ما أمسكه لحاجته فليس ببخل ولا يحتاج إليه فلا يتعب نفسه بحفظه فيبذله بل هو كالماء على شط الدجلة إذ لا يبخل به أحد لقناعة الناس منه بمقدار الحاجة
بيان مجموع الوظائف التي على العبد في ماله
اعلم أن المال كما وصفناه خير من وجه وشر من وجه
ومثاله مثال حية يأخذها الراقي ويستخرج منها الترياق ويأخذها الغافل فيقتله سمها من حيث لا يدري ولا يخلو أحد عن سم المال إلا بالمحافظة على خمس وظائف
الأولى أن يعرف مقصود المال وأنه لماذا خلق وأنه لم يحتج إليه حتى يكتسب ولا يحفظ إلا قدر الحاجة ولا يعطيه من همته فوق ما يستحقه
الثانية أن يراعي جهة دخل المال فيجتنب الحرام المحض وما الغالب عليه الحرام كمال السلطان ويجتنب الجهات المكروهة القادحة في المروءة كالهدايا التي فيها شوائب الرشوة وكالسؤال الذي فيه الذلة وهتك المروءة وما يجري مجراه
الثالثة في المقدار الذي يكتسبه فلا يستكثر منه ولا يستقل بل القدر الواجب ومعياره الحاجة والحاجة

60db7cc5b3763

  • 0
  • 0
  • 12

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً