الجهل !! الجهل مدخل عظيم من مداخل الشيطان، و لا نبالغ إذا قلنا بأن كل مداخل الشيطان منه تبدأ، ...

منذ 2023-02-08
الجهل !!

الجهل مدخل عظيم من مداخل الشيطان، و لا نبالغ إذا قلنا بأن كل مداخل الشيطان منه تبدأ، عليه تعتمد و به تقوى، لأن الجاهل لا يعرف مداخل الشيطان فيسدها، و لا مكائده فيُبطلها ، و لا شباكه فيتجنّبها ، فيجتذبه الشيطان بسهولة ، و يتغلب عليه بأدني حيلة.

كما أن الجاهل لا يعرف الخير من الشر، و لا السنة من البدعة، فربما أوقعه في الشر فيحسب أنه خير ، و ربما أوقعه في البدعة و هو يظنها سُنة ؛ و بهذا يكون من الخاسرين : { قل هل نُنبئكم بالأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا و هم يحسبون أنهم يُحسنون صنعا }. ( سورة الكهف ).

و الجهل يطمس القلب و يعمي البصيرة؛ و من هنا يكون الجاهل للشيطان غرضا فيُوجه إليه سهام الشبهات و سموم الشهوات، فيُرديه قتيل الهوى أسير الشهوة، فإذا وصل إلى تلك الغاية اتخذه الشيطان جندا ينشر به الفساد في الأرض و يصد به الناس عن الحق؛ و بهذا يصير من حزب الشيطان : { ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون }. ( من سورة المجادلة ). و لذا قيل :

و في الجهل قبل الموت موتٌ لأهله 👣👣👣 فأجسامهم قبل القبور قبورُ
و إن امرُؤٌ لم يحيَى بالعلم ميتٌ 👣👣👣 فليس له حتى النشور نشورُ

و من مداخل الشيطان على الجاهل أنه يصده عن طلب العلم؛ و يقول له : أَيجمل بك أن تجلس أمام العالِم جلسة الطالب و أنت قد كبرتَ؟!
فيرضى بالجهل.

قال أبو الحسن الماوردي : ( و ربما امتنع الإنسان عن طلب العلم لكِبَر سنه و استحيائه من تقصيره في صغره أن يتعلم في كبره، فرضي بالجهل أن يكون موسوما به و آثره على العلم أن يكون مبتدئا به. و هذا من خدع الجهل و غرور الكسل؛ لأن العلم إذا كان فضيلة فرغبة ذوي الأسنان منه و الإبتداء بالفضيلة فضيلة ، و لئن يكون شيخا متعلما أولى من أن يكون شيخا جاهلا ).

¶ أدب الدنيا و الدين ¶، ص : 26.

و قد قيل : لَأن تموت طالبا للعلم خير من أن تعيش قانعا بالجهل.

و قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : ( اُغدُ عالما أو متعلما أو مستمعا أو محبا، و لا تكن الخامس فتهلك ).

¶ مختصر المقاصد الحسنة ¶، الحديث رقم : 119.

فإن وجد الشيطان من الجاهل رغبة في العلم قال له : إن تعلمتَ العلم و لم تعمل به كان حجة عليك، فأجمل بك أن لا تتعلمه لكي تخفّ مُؤنتك و يقوى عذرك.
و ما علم المسكين أن العلم هو الذي يكشف عنه ذلك الظلم؛ و يُزيل عنه تلك المِحن ، فهو المرشد و المعين؛ كما قال أحد العلماء : ( طلبنا العلم لغير الله، فأبى العلم أن يكون إلا لله ).

و قال رجل لأبي هريرة رضي الله عنه : أريد أن أتعلم العلم و أخاف أن أُضيّعه، فقال : ( كفى بترك العلم إضاعة ).

و من العجب أن الشيطان يخيل لبعض الجهّال أنه عالِم؛ و هذا منتهى التلبيس و قمة الغرور.

و قد قسّم الخليل بن أحمد الناس من حيث العلم إلى أربعة أقسام، فقال : ( الرجال أربعة : رجل يدري و يدري أنه يدري؛ فذلك عالِم فاسألوه، و رجل يدري و لا يدري أنه يدري؛ فذلك ناسٍ فذكِّروه ، و رجل لا يدري و يدري أنه لا يدري؛ فذلك مُسترشِد فعلّموه ، و رجل لا يدري و لا يدري أنه لا يدري ؛ فذلك جاهل فارفُضوه ).

و قال أبو القاسم الآمدي :

إذا كنتَ لا تدري و لم تكُ بالذي 👥👥👥 يُسائل من يدري فكيف إذا تدري
جهلتَ و لم تعلم بأنك جاهلٌ 👥👥👥 فمن لي بأن تدري بأنك لا تدري
إذا جئتَ في كل الأمور بغُمة 👥👥👥 فكن هكذا أرضا يدسُّك الذي يدري
و من أعجب الأشياء أنك لا تدري 👥👥👥 و أنك لا تدري بأنك لا تدري

و مداخل الشيطان على الجاهل كثيرة لا نستطيع إحصاءها؛ و يكفيك أن كل المداخل منها تتفرع.

614e07205a9ad

  • 2
  • 0
  • 137

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً