خطبة عن (التذكير بفضائل شهر شعبان) الخطبة الأولى الحمد لله خشعت له القلوبُ وخَضَعت، ودانت له ...

منذ 2023-03-01
خطبة عن (التذكير بفضائل شهر شعبان)
الخطبة الأولى
الحمد لله خشعت له القلوبُ وخَضَعت، ودانت له النفوسُ ورَقَّت، وعَنَت له الوجوهُ وذلَّت، ذو الفضل العَميمِ، والمَنِّ الجسيم.
وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له وفَّق عبادَه المؤمنين للطاعات ، ويسَّر لهم الخيرات ِوالحسناتِ.
وأشهدُ أنَّ سيَّدنا ونبينا محمداً عبدُ الله ورسولُه.
اللهم صل وسلم وبارك على إمام المتقين وسيِّدِ الخلق أجمعينَ وعلى آله وأصحابهِ ومن تبعهم بإحسان ٍإلى يوم الدِّين.
أما بعد: أيها المؤمنون، اتّقوا الله تعالى حقَّ التقوى.
فمن خاف الوعيدَ قَصُر عليه البعيد، الإيمانُ خيرُ قائدٍ، والعملُ الصالحُ خيرُ رائدٍ.
سُئلِ رَسُولُ اللَّهِ أَيُّ النَّاسِ خَيْرٌ؟ قَالَ :« مَنْ طَالَ عُمْرُهُ وَحَسُنَ عَمَلُهُ ».
ونحن في شهر شعبانَ الذي وصفه رسولُ الله : (شهرٌ يغفُلُ الناسُ عنه )
وهنا لفتةٌ يذكرها العلماءُ وهي استحبابُ عمارةِ أوقاتِ غفلةِ الناسِ بالطَّاعاتِ ، وأنَّ ذلك محبوبٌ عند الله عزَّ وجلَّ
وسببُ ذلك أنَّ الطاعاتِ في وقتِ غفلةِ الناسِ شاقةٌ وشديدةٌ على النُّفوسِ إلا من أعانه الله ووفقه فكان أجرُها أعظمُ عند الله.
جعلنا الله جميعا ممن يُوفَّقُ للهدى والتُّقى والصَّلاح.
ونحن يا كرام بين يدي شهر شعبان فلنتعرف على هدي رسولِنا الكريم عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم مع شهرِ شعبانَ.
وما هي مراسمُ استقبالِه وبماذا كان يحثُّ المسلمين ويوجِّهُهُم إليه.
قالت: عائشةَ رضي الله عنها كانَ رسولُ الله يصومُ حتى نقولَ: لا يُفطِر، ويفطرُ حتى نقولَ: لا يصوم، وما رأيتُ رسولَ الله استكملَ صيامَ شهرٍ قطُ إلا شهرَ رمضانَ، وما رأيتُه في شهرٍ أكثرَ صياما منه في شعبانَ. وفي روايةٍ كان يصومُ شعبانَ كُلَّه. وكانَ يصومُ شعبانَ إلا قليلاً.
وهذا يدل على شِدَّةِ محافظته على الصوم في شعبان.
وعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: قلت: يا رسول الله، لَم أرك تصوم شهرًا من الشُّهور ما تصوم من شعبان؟!
فقال : (ذاك شهر يغفَلُ الناس عنه، بين رجَبٍ ورمضان، وهو شهرٌ ترفعُ فيه الأعمال إلى ربِّ العالمين، فأُحِبُّ أن يُرفَع عَملي وأنا صائم).
فذكر سببين:
أنَّ شهرَ شعبانَ شهرٌ يغفل الناس عنه ، والسببُ الثاني أنَّ شعبانَ شهرٌ ترفع فيه الأعمال إلى الله تعالى، فأراد أن يُرفعَ عَملُه وهو صائم،
إذا عباد الله القضيةُ قضيةُ اغتنامٍ لأوقات شهرِ شعبانَ حتى لا يأتيَ رمضانُ المباركُ إلا وقد ارتقى الإنسانُ منازلَ عاليةٍ من الطاعةِ والعبادةِ! وتتهيأ له بكثرة الأعمال الصالحة .
مضى رجبٌ ومـا أحسنتَ فيـه وهـذا شهرُ شـعبانَ المبـارَك
فيا من ضيَّـع الأوقـاتَ جهـلاً بِحُرمتهـا أفِق واحـذَر بَوارَك
تدارَك ما استطعتَ مـن الخطايـا بتوبةِ مُخلـصٍ واجعل مـدارَك
على طلبِ السلامـةِ من جحيـمٍ فخَيرُ ذوي الجـرائمِ من تدارَك
عباد الله
ومن فضيلة الصيام في شهر شعبانَ وكثرتِه واستحبابِه أنَّ بعضَ العلماءِ قالوا :
أنَّ أفضل التطوع بالصيام ما كان قريبا من صيامِ فرضِ رمضانَ ، لأنه يلتحقُ بصيام رمضانَ لِقُربِهِ منهُ،
فيكونُ بمنزلةِ السُّنَنِ الرواتبِ مع الفرائضِ قَبلَها وبعدها، فصومُ شعبانَ كالسُّنَّةِ القبليةِ لرمضان، وصيامُ السِّتِ من شوالٍ كالبعديةِ لرمضانَ،
فيا أخي ألزم نفسك في شهر شعبانَ ولو بصيام أيام الاثنين والخميسِ وأيام البيضِ.
قال ابنُ رجبٍ رحمه الله: " صومُ شعبانَ كالتمرينِ على صيامِ رمضانَ ؛ لئلا يَدخُلَ في صومِ رمضانَ على مشقةٍ وَكَلَفَةٍ، بل يكونُ قد تَمرَّنَ على الصيام و اعتادَه، وَوَجَدَ بصيام شعبانَ قَبلَهُ حلاوةَ الصيامِ ولذتَهُ، فَيدخُلُ في صيامِ رمضانَ بقوةٍ ونشاطٍ".
( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا)
فاللهم أعنا جميعا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتكِ يا رب العالمين.
اللهم اجعل مستقبلنا خيرا من ماضينا وتوفنا وأنت راضٍ عنا غير غضبانٍ يا رب العالمين .
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله ذي العظمة والجلال، نحمده سبحانه ونشكره على نعمِه المُسْداةِ في الحال والمآل.
ونشهد أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريك له الكبيرُ المتعَال.
ونشهَدُ أنّ سيِّدَنا ونبيِّنا محمَّدًا عبدُ الله ورسولُه.
دلَّنا على طريقِ الخير والظِّلال وحذَّرنا من الغوايَة والضَّلال.
اللهم صلِّ وسلِّم وبارك على عبدِك ورسولِك محمدٍ، وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم ومن تبعهم بإحسان ما تعاقب الليل والنهار.
أما بعد: أيُّها المؤمنون
ومما يُسنُّ كذلك صلةُ الأرحامِ وسائرُ أنواعِ الإحسان، كالإكثارِ من ذكر الله تعالى.
وتعويدِ النَّفسِ على قيامِ الَّليل.
والإكثارِ من الإنفاقِ والصَّدقَةِ.
ومما يُسنُّ في شعبانَ تركُ التشاحنِ، والبغضاءِ، والتَّقَاطُعِ، والتَّدَابُرِ.
وفي الحديث عن معاذِ بنِ جبلٍ رضي الله عنه عن النبيِّ قال: (يَطَّلِعُ اللهُ إلى جميع خلقِه ليلةَ النِّصفِ من شعبانَ فيغفرُ لجميعِ خلقِه إلا لمشركٍ أو مُشاحنٍ )
وعن أبي ثعلبةَ الخُشَنِي عن النبيِّ قال: (إنَّ الله لَيطِّلِعُ على عبادِه ليلةَ النِّصفِ من شعبانَ، فيغفرُ للمؤمنينَ، ويُملِي للكافرين، ويَدعُ أهلَ الحِقدِ بحقدِهم حتى يَدَعُوه)
عباد الله :
ومن كان عليه أيامٌ من رمضانَ الماضي فليبادر بقضائِها من الآن وليذكِّر أهل بيته بذلك.
ومن كانت لأخيه عنده مظلمة فليؤدها اليوم قبل أن لا يكون هناك درهم ولا دينار.
اللهم وفقنا لاغتنامِ الأوقاتِ بفعلِ الصالحات اللهم أهدنا وأهدِ بنا يا رب العالمين.
أَلّا فَاتَّقُوا اللَّهَ عِبادَ اللَّهِ وكونوا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
هذا و لنجعل مسك الختام، وتمام الكلام، صلاة وسلاما على المبعوث رحمة للأنام سيدنا محمد عليه السلام.
اللهم صل عليه وعلى اله الكرام، وصحابته الأعلام، صلاة دائمة بدوامك، باقية ببقائك، لا منتهى لها دون علمك، ترضيك وترضيه وترضى بها عنا يا رب العالمين، وارض اللهم عن آل بيته الأطهار وصحابته الأخيار، خصوصاً منهم الخلفاء الأربعة الراشدين، وباقي العشرة المبشرين، وزوجات رسول الله أمهات المؤمنين، وكل الصحابة من الأنصار والمهاجرين.
اللهم انفعنا بمحبتهم ولا تخالف بنا عن نهجهم واحشرنا في زمرتهم.
اللهم ارفع عنا هذا الوباء وهذا البلاء يا سميع الدعاء إن هي إلا فتنتك تضل بها من تشاء وتهدي من تشاء، انت ولينا فاغفر لنا وانت خير الغافرين، واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة وفي الآخرة، إنا هدنا إليك، ربنا اكشف عنا العذاب انا مؤمنون ، لئن انجيتنا من هذه لنكونن من الشاكرين.
نسألك أن تشمل برحمتك جميع أموات المسلمين والمسلمات يا أرحم الراحمين يا رب العالمين.
ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا، ربنا إنك رؤوف رحيم.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.
  • 0
  • 0
  • 135

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً