-616-حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الرَّازِيُّ، قَالَ: قَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: «الزُّهْدُ ...
منذ 2023-04-22
-616-حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الرَّازِيُّ، قَالَ: قَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: «الزُّهْدُ فِيمَا يَشْغَلُكَ عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ» وَقَالَ بَعْضُهُمُ: الزُّهْدُ تَرْكُ الشَّهَوَاتِ
.
.
.
.
.
.
.
-464-إبْرَاهِيمَ بْنِ الْجُنَيْدِ قَالَ حَكِيمٌ لِابْنِهِ: تَعَلَّمْ حُسْنَ الِاسْتِمَاعِ كَمَا تَعْلَمُ حُسْنَ الْكَلَامِ، فَإِنَّ حُسْنَ الِاسْتِمَاعَ إمْهَالُكَ لِلْمُتَكَلِّمِ حَتَّى يُفْضِي إلَيْك بِحَدِيثِهِ، وَالْإِقْبَالُ بِالْوَجْهِ وَالنَّظَرُ، وَتَرْكُ الْمُشَارَكَةِ لَهُ فِي حَدِيثٍ أَنْتَ تَعْرِفُهُ وَأَنْشَدَ:
وَلَا تُشَارِكْ فِي الْحَدِيثِ أَهْلَهُ ... وَإِنْ عَرَفْت فَرْعَهُ وَأَصْلَهُ
وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ الْهَيْثَمِ بْنِ عَدِيٍّ قَالَ قَالَتْ الْحُكَمَاءُ: مِنْ الْأَخْلَاقِ السَّيِّئَةِ عَلَى كُلِّ حَالٍ مُغَالَبَةُ الرَّجُلِ عَلَى كَلَامِهِ، وَالِاعْتِرَاضُ فِيهِ لِقَطْعِ حَدِيثِهِ، وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ: إيَّاكَ إذَا سُئِلَ غَيْرُك أَنْ تَكُونَ أَنْتَ الْمُجِيبُ كَأَنَّك أَصَبْت غَنِيمَةً أَوْ ظَفِرْت بِعَطِيَّةٍ، فَإِنَّك إنْ فَعَلْت ذَلِكَ أَزْرَيْت بِالْمَسْئُولِ، وَعَنَّفْت السَّائِلَ، وَدَلَلْت السُّفَهَاءَ عَلَى سَفَاهَةِ حِلْمِك وَسُوءِ أَدَبِك، يَا بُنَيَّ لِيَشْتَدَّ حِرْصُك عَلَى الثَّنَاءِ مِنْ الْأَكْفَاءِ، وَالْأَدَبِ النَّافِعِ، وَالْإِخْوَانِ الصَّالِحِينَ قَالَ ابْنُ بَطَّةَ: كُنْت عِنْدَ أَبِي عُمَرَ الزَّاهِدِ فَسُئِلَ عَنْ مَسْأَلَةٍ فَبَادَرْت أَنَا فَأَجَبْت السَّائِلَ، فَالْتَفَتَ إلَيَّ فَقَالَ لِي: تَعْرِفُ الْفُضُولِيَّاتِ الْمُنْتَقِبَاتِ يَعْنِي: أَنْتَ فُضُولِيٌّ فَأَخْجَلَنِي. وَذَكَرَ ذَلِكَ أَيْضًا أَبُو جَعْفَرٍ الْعُكْبَرِيُّ فِي الْآدَابِ لَهُ.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
-349-حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعُثْمَانِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ زَيْدٍ السَّائِحُ، ثنا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَهْلٍ أَبُو مُحَمَّدٍ السَّامِرِيُّ بِعَسْقَلَانَ قَالَ: سَمِعْتُ ذَا النُّونِ الْمِصْرِيَّ، يَقُولُ: " بَيْنَا أَنَا أَسِيرُ فِي جِبَالِ لِكَامٍ إِذْ مَرَرْتُ عَلَى وَادٍ كَثِيرِ الْأَشْجَارِ وَالنَّبَاتِ فَبَيْنَا أَنَا وَاقِفٌ أَتَعَجَّبُ مِنْ حُسْنِ زَهْرَاتِهِ وَخُضْرَةِ الْعُشْبِ فِي جَنَبَاتِهِ وَمِنْ تَنَاغِي الْأَطْيَارِ بِحَنِينٍ فِي أَفْنِيَتِهِ وَمِنْ خَرْخَرَةِ الْمَاءِ عَلَى رَضْرَاضِهِ وَمِنْ جَوَلَانِ الْوَحْشِ فِي أَنْدِيَتِهِ وَمِنْ صَوْتِ عَوَاصِفِ الرِّيَاحِ الذَّارِيَةِ فِي أَغْصَانِ شَجَرَاتِهِ إِذْ سَمِعْتُ صَوْتًا أَهْطلَ مَدَامِعِي وَهَيَّجَ لِمَا نَطَقَ بِهِ بَلَابِلَ حُزْنِي، قَالَ ذُو النُّونِ: فَاتَّبَعْتُ الصَّوْتَ حَتَّى أَوْقَعَنِي بِبَابِ مَغَارَةٍ فِي سَفْحِ ذَلِكَ الْوَادِي فَإِذَا الْكَلَامُ يَخْرُجُ مِنْ جَوْفِ الْمَغَارَةِ فَاطَّلَعْتُ فِيهِ فَإِذَا أَنَا بِرَجُلٍ، مِنْ أَهْلِ التَّعَبُّدِ وَالِاجْتِهَادِ وَذَوِي الْعُزْلَةِ وَالِانْفِرَادِ فَسَمِعْتُهُ وَهُوَ يَقُولُ: سُبْحَانَ مَنْ أَمْرَحَ قُلُوبَ الْمُشْتَاقِينَ فِي زَهْرَةِ رِيَاضِ الطَّاعَةِ بَيْنَ يَدَيْهِ سُبْحَانَ مَنْ أَوْصَلَ الْفَهْمَ إِلَى عُقُولِ ذَوِي الْبَصَائِرِ فَهِيَ لَا تَعْتَمِدَ إِلَّا عَلَيْهِ سُبْحَانَ مَنْ أَوْرَدَ حِيَاضَ الْمَوَدَّةِ نُفُوسَ أَهْلِ الْمَحَبَّةِ فَهِيَ لَا تَحِنُّ إِلَّا إِلَيْهِ، ثُمَّ أَمْسَكَ، قَالَ ذُو النُّونِ: فَقُلْتُ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا حَلِيفَ الْأَحْزَانِ وَقَرِينَ الْأَشْجَانِ، وَيَا مَنْ أَلِفَ السَّكَنَ وَطُولَ الظَّعْنِ عَنْ مُفَارَقَةِ الصَّبْرِ، وَالْعَزَاءِ، قَالَ: فَأَجَابَنِي وَهُوَ يَقُولُ: وَعَلَيْكَ السَّلَامُ أَيُّهَا الرَّجُلُ، مَا الَّذِي أَوْصَلَكَ إِلَى مَكَانِ مَنْ قَدْ أَفْرَدَهُ خَوْفُ الْمَسْأَلَةِ عَنِ الْأَنَامِ وَمَنْ هُوَ مُشْتَغِلٌ بِمَا فِيهِ مِنْ مُحَاسَبَتِهِ لِنَفْسِهِ عَنِ التَّصَنُّعِ فِي الْكَلَامِ؟ فَقُلْتُ: أَوْصَلَنِي إِلَيْكَ الْآثَارُ وَالرَّغْبَةُ فِي الصَّفْحِ وَالِاعْتِبَارِ، فَقَالَ لِي: يَا فَتَى إِنَّ لِلَّهِ عِبَادًا قَدَحَ فِي قُلُوبِهِمْ زَنْدُ الشَّغَفِ بِنَارِ الْرَّمَقِ فَأَرْوَاحُهُمْ بِشِدَّةِ الِاشْتِيَاقِ إِلَى اللَّهِ تَسْرَحُ فِي الْمَلَكُوتِ وَبِأَبْصَارِ أَحْدَاقِ الْقُلُوبِ يَنْظُرُونَ إِلَى مَا ذُخِرَ لَهُمْ فِي حُجُبِ الْجَبَرُوتِ، قُلْتُ: يَرْحَمُكُ اللَّهُ صِفْهُمْ لِي، فَقَالَ: أُولَئِكَ أَقْوَامٌ أَوَوْا إِلَى كَنَفِ رَحْمَتِهِ، ثُمَّ قَالَ: سَيِّدِي بِهِمْ فَأَلْحِقْنِي وَلِأَعْمَالِهِمْ فَوَفِّقْنِي فَقَدْ نَالُوا مَا أَرَادُوا لِأَنَّكَ كُنْتَ لَهُمْ مُؤَدِّبًا وَلِعُقُولِهِمْ مُؤَيِّدًا، فَقُلْتُ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ أَلَا تُوصِينِي بِوَصِيَّةٍ أَحْفَظُهَا عَنْكَ؟ قَالَ: أَحِبَّ اللَّهَ شَوْقًا إِلَى لِقَائِهِ فَإِنَّ لَهُ يَوْمًا يَتَجَلَّى فِيهِ لِأَوْلِيَائِهِ، ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ:
[البحر السريع]
قَدْ كَانَ لِي دَمْعٌ فَأَفْنَيْتُهُ ... وَكَانَ لِي جَفْنٌ فَأَدْمَيْتُهُ
وَكَانَ لِي جِسْمٌ فَأَبْلَيْتُهُ ... وَكَانَ لِي قَلْبٌ فَأَضْنَيْتُهُ
وَكَانَ لِي يَا سَيِّدِي نَاظِرٌ ... أَرَى بِهِ الْحَقَّ فَأَعْمَيْتُهْ
عَبْدُكَ أَضْحَى سَيِّدِي مُدْنِفًا ... لَوْ شِئْتَ قَبْلَ الْيَوْمِ دَاوَيْتَهُ
ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ:
مَدَامِعِي مِنْكَ قَرِيحَاتُ ... بِالْخَوْفِ وَالْوَجْدِ نَضِيجَاتُ
أقَلْقَهَا زَرْعُ نَبَاتِ الْهَوَى ... أَجْفَانُهَا مَرَضَى صَحِيحَاتُ
طُوبَى لِمَنْ عَاشَ وَأَجْفَانُهُ ... مِنَ الْمَعَاصِي مُسْتَرِيحَاتُ
.
.
.
.
.
.
.
-464-إبْرَاهِيمَ بْنِ الْجُنَيْدِ قَالَ حَكِيمٌ لِابْنِهِ: تَعَلَّمْ حُسْنَ الِاسْتِمَاعِ كَمَا تَعْلَمُ حُسْنَ الْكَلَامِ، فَإِنَّ حُسْنَ الِاسْتِمَاعَ إمْهَالُكَ لِلْمُتَكَلِّمِ حَتَّى يُفْضِي إلَيْك بِحَدِيثِهِ، وَالْإِقْبَالُ بِالْوَجْهِ وَالنَّظَرُ، وَتَرْكُ الْمُشَارَكَةِ لَهُ فِي حَدِيثٍ أَنْتَ تَعْرِفُهُ وَأَنْشَدَ:
وَلَا تُشَارِكْ فِي الْحَدِيثِ أَهْلَهُ ... وَإِنْ عَرَفْت فَرْعَهُ وَأَصْلَهُ
وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ الْهَيْثَمِ بْنِ عَدِيٍّ قَالَ قَالَتْ الْحُكَمَاءُ: مِنْ الْأَخْلَاقِ السَّيِّئَةِ عَلَى كُلِّ حَالٍ مُغَالَبَةُ الرَّجُلِ عَلَى كَلَامِهِ، وَالِاعْتِرَاضُ فِيهِ لِقَطْعِ حَدِيثِهِ، وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ: إيَّاكَ إذَا سُئِلَ غَيْرُك أَنْ تَكُونَ أَنْتَ الْمُجِيبُ كَأَنَّك أَصَبْت غَنِيمَةً أَوْ ظَفِرْت بِعَطِيَّةٍ، فَإِنَّك إنْ فَعَلْت ذَلِكَ أَزْرَيْت بِالْمَسْئُولِ، وَعَنَّفْت السَّائِلَ، وَدَلَلْت السُّفَهَاءَ عَلَى سَفَاهَةِ حِلْمِك وَسُوءِ أَدَبِك، يَا بُنَيَّ لِيَشْتَدَّ حِرْصُك عَلَى الثَّنَاءِ مِنْ الْأَكْفَاءِ، وَالْأَدَبِ النَّافِعِ، وَالْإِخْوَانِ الصَّالِحِينَ قَالَ ابْنُ بَطَّةَ: كُنْت عِنْدَ أَبِي عُمَرَ الزَّاهِدِ فَسُئِلَ عَنْ مَسْأَلَةٍ فَبَادَرْت أَنَا فَأَجَبْت السَّائِلَ، فَالْتَفَتَ إلَيَّ فَقَالَ لِي: تَعْرِفُ الْفُضُولِيَّاتِ الْمُنْتَقِبَاتِ يَعْنِي: أَنْتَ فُضُولِيٌّ فَأَخْجَلَنِي. وَذَكَرَ ذَلِكَ أَيْضًا أَبُو جَعْفَرٍ الْعُكْبَرِيُّ فِي الْآدَابِ لَهُ.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
-349-حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعُثْمَانِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ زَيْدٍ السَّائِحُ، ثنا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَهْلٍ أَبُو مُحَمَّدٍ السَّامِرِيُّ بِعَسْقَلَانَ قَالَ: سَمِعْتُ ذَا النُّونِ الْمِصْرِيَّ، يَقُولُ: " بَيْنَا أَنَا أَسِيرُ فِي جِبَالِ لِكَامٍ إِذْ مَرَرْتُ عَلَى وَادٍ كَثِيرِ الْأَشْجَارِ وَالنَّبَاتِ فَبَيْنَا أَنَا وَاقِفٌ أَتَعَجَّبُ مِنْ حُسْنِ زَهْرَاتِهِ وَخُضْرَةِ الْعُشْبِ فِي جَنَبَاتِهِ وَمِنْ تَنَاغِي الْأَطْيَارِ بِحَنِينٍ فِي أَفْنِيَتِهِ وَمِنْ خَرْخَرَةِ الْمَاءِ عَلَى رَضْرَاضِهِ وَمِنْ جَوَلَانِ الْوَحْشِ فِي أَنْدِيَتِهِ وَمِنْ صَوْتِ عَوَاصِفِ الرِّيَاحِ الذَّارِيَةِ فِي أَغْصَانِ شَجَرَاتِهِ إِذْ سَمِعْتُ صَوْتًا أَهْطلَ مَدَامِعِي وَهَيَّجَ لِمَا نَطَقَ بِهِ بَلَابِلَ حُزْنِي، قَالَ ذُو النُّونِ: فَاتَّبَعْتُ الصَّوْتَ حَتَّى أَوْقَعَنِي بِبَابِ مَغَارَةٍ فِي سَفْحِ ذَلِكَ الْوَادِي فَإِذَا الْكَلَامُ يَخْرُجُ مِنْ جَوْفِ الْمَغَارَةِ فَاطَّلَعْتُ فِيهِ فَإِذَا أَنَا بِرَجُلٍ، مِنْ أَهْلِ التَّعَبُّدِ وَالِاجْتِهَادِ وَذَوِي الْعُزْلَةِ وَالِانْفِرَادِ فَسَمِعْتُهُ وَهُوَ يَقُولُ: سُبْحَانَ مَنْ أَمْرَحَ قُلُوبَ الْمُشْتَاقِينَ فِي زَهْرَةِ رِيَاضِ الطَّاعَةِ بَيْنَ يَدَيْهِ سُبْحَانَ مَنْ أَوْصَلَ الْفَهْمَ إِلَى عُقُولِ ذَوِي الْبَصَائِرِ فَهِيَ لَا تَعْتَمِدَ إِلَّا عَلَيْهِ سُبْحَانَ مَنْ أَوْرَدَ حِيَاضَ الْمَوَدَّةِ نُفُوسَ أَهْلِ الْمَحَبَّةِ فَهِيَ لَا تَحِنُّ إِلَّا إِلَيْهِ، ثُمَّ أَمْسَكَ، قَالَ ذُو النُّونِ: فَقُلْتُ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا حَلِيفَ الْأَحْزَانِ وَقَرِينَ الْأَشْجَانِ، وَيَا مَنْ أَلِفَ السَّكَنَ وَطُولَ الظَّعْنِ عَنْ مُفَارَقَةِ الصَّبْرِ، وَالْعَزَاءِ، قَالَ: فَأَجَابَنِي وَهُوَ يَقُولُ: وَعَلَيْكَ السَّلَامُ أَيُّهَا الرَّجُلُ، مَا الَّذِي أَوْصَلَكَ إِلَى مَكَانِ مَنْ قَدْ أَفْرَدَهُ خَوْفُ الْمَسْأَلَةِ عَنِ الْأَنَامِ وَمَنْ هُوَ مُشْتَغِلٌ بِمَا فِيهِ مِنْ مُحَاسَبَتِهِ لِنَفْسِهِ عَنِ التَّصَنُّعِ فِي الْكَلَامِ؟ فَقُلْتُ: أَوْصَلَنِي إِلَيْكَ الْآثَارُ وَالرَّغْبَةُ فِي الصَّفْحِ وَالِاعْتِبَارِ، فَقَالَ لِي: يَا فَتَى إِنَّ لِلَّهِ عِبَادًا قَدَحَ فِي قُلُوبِهِمْ زَنْدُ الشَّغَفِ بِنَارِ الْرَّمَقِ فَأَرْوَاحُهُمْ بِشِدَّةِ الِاشْتِيَاقِ إِلَى اللَّهِ تَسْرَحُ فِي الْمَلَكُوتِ وَبِأَبْصَارِ أَحْدَاقِ الْقُلُوبِ يَنْظُرُونَ إِلَى مَا ذُخِرَ لَهُمْ فِي حُجُبِ الْجَبَرُوتِ، قُلْتُ: يَرْحَمُكُ اللَّهُ صِفْهُمْ لِي، فَقَالَ: أُولَئِكَ أَقْوَامٌ أَوَوْا إِلَى كَنَفِ رَحْمَتِهِ، ثُمَّ قَالَ: سَيِّدِي بِهِمْ فَأَلْحِقْنِي وَلِأَعْمَالِهِمْ فَوَفِّقْنِي فَقَدْ نَالُوا مَا أَرَادُوا لِأَنَّكَ كُنْتَ لَهُمْ مُؤَدِّبًا وَلِعُقُولِهِمْ مُؤَيِّدًا، فَقُلْتُ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ أَلَا تُوصِينِي بِوَصِيَّةٍ أَحْفَظُهَا عَنْكَ؟ قَالَ: أَحِبَّ اللَّهَ شَوْقًا إِلَى لِقَائِهِ فَإِنَّ لَهُ يَوْمًا يَتَجَلَّى فِيهِ لِأَوْلِيَائِهِ، ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ:
[البحر السريع]
قَدْ كَانَ لِي دَمْعٌ فَأَفْنَيْتُهُ ... وَكَانَ لِي جَفْنٌ فَأَدْمَيْتُهُ
وَكَانَ لِي جِسْمٌ فَأَبْلَيْتُهُ ... وَكَانَ لِي قَلْبٌ فَأَضْنَيْتُهُ
وَكَانَ لِي يَا سَيِّدِي نَاظِرٌ ... أَرَى بِهِ الْحَقَّ فَأَعْمَيْتُهْ
عَبْدُكَ أَضْحَى سَيِّدِي مُدْنِفًا ... لَوْ شِئْتَ قَبْلَ الْيَوْمِ دَاوَيْتَهُ
ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ:
مَدَامِعِي مِنْكَ قَرِيحَاتُ ... بِالْخَوْفِ وَالْوَجْدِ نَضِيجَاتُ
أقَلْقَهَا زَرْعُ نَبَاتِ الْهَوَى ... أَجْفَانُهَا مَرَضَى صَحِيحَاتُ
طُوبَى لِمَنْ عَاشَ وَأَجْفَانُهُ ... مِنَ الْمَعَاصِي مُسْتَرِيحَاتُ