-620*عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ غُلَامًا2 لِعَبْدِ3 الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ كَتَبَ إِلَيْهِ: إِنَّ ...

منذ 2023-04-26
-620*عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ غُلَامًا2 لِعَبْدِ3 الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ كَتَبَ إِلَيْهِ: إِنَّ صَخْرَةً قِبَلَنَا يُقَالُ إِنَّ تَحْتَهَا كَنْزًا يَحْتَاجُ إِلَى نَفَقَةٍ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ الْمَلِكِ: «أَنْ وَاصِلْ بَيْنَ النَّفَقَةِ حَتَّى تَسْتَخْرِجَ هَذَا الْكَنْزَ» فَعُولِجَتْ حَتَّى قُلِبَتْ، فَلَمْ يَجِدْ تَحْتَهَا كَنْزًا، وَوَجَدَ عَلَيْهَا كِتَابًا فِيهِ:[البحر الطويل]
وَمَنْ يَحْمَدِ الدُّنْيَا بِعَيْشٍ يَسُرُّهُ ... فَسَوْفَ لَعَمْرِي عَنْ قَلِيلٍ يَلُومُهَا
إِذَا أَقْبَلَتْ كَانَتْ عَلَى الْمَرْءِ حَسْرَةً ... وَإِنْ أَدْبَرَتْ كَانَتْ كَثِيرًا غُمُومُهَا
* قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قِيلَ لِبَعْضِ الْحُكَمَاءِ: مَا الدُّنْيَا؟ قَالَ: «تُرِيدُونَ الْمَذْمُومَةُ عَلَى أَلْسُنِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْحُكَمَاءِ؟» قَالُوا: نَعَمْ قَالَ: «الْمَعْصِيَةُ» ، قِيلَ: فَأَيُّ الزُّهَّادِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «أَقَلَّهُمْ حَظًّا مِنَ الدُّنْيَا» قِيلَ: مَتَى يَصْفُو تَوَكُّلُ الزُّهْدِ؟ قَالَ: «إِذَا لَمْ يَلْزَمْهُ مِنْهُ مَخْلُوقٌ»
* قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: «مَا فَرِحْتَ يَا ابْنَ آدَمَ بِمَا يَفْنَى إِلَّا بَعْدَ نِسْيَانِكَ مَا يَبْقَى، وَلَا رَكَنْتَ إِلَى زِينَةِ الدُّنْيَا إِلَّا بِتَرْكِكَ نَصِيبَكَ مِنْ جَنَّةِ الْمَأْوَى، وَلَا مَتَّعْتَ نَفْسَكَ بِمَوَاعِيدِ الْمُنَى إِلَّا بَعْدَ مَا عَانَقْتَ هَذِهِ الدُّنْيَا، وَلَا تَتَوَّقْتَ فِي تَسْمِينِ بَدَنِكَ حَتَّى نَسِيتَ دِرَاجَكَ فِي كَفَنِكَ»
* قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قِيلَ لِبَعْضِ الْحُكَمَاءِ: مَنْ أَعْرَفُ النَّاسِ بِعُيُوبِ الدُّنْيَا؟ قَالَ: أَكْثَرُهُمْ لِلْمَوْتِ ذِكْرًا، قِيلَ: فَلِمَ نَكْرَهُ الْمَوْتَ؟ قَالَ: «لِإِيثَارِكُمُ الدُّنْيَا» قِيلَ: مَتَى يُحْكَمُ عَلَى الْعَبْدِ بِالْغَفْلَةِ؟ قَالَ: «إِذَا رَكَنَ إِلَى الدُّنْيَا» قِيلَ: مَتَى يَذْهَبُ مِنَّا الْحِكْمَةُ وَالْعِلْمُ؟ قَالَ: «إِذَا طَلَبَ بِهِمَا الدُّنْيَا» قِيلَ: مَا الَّذِي يَمْنَعُ مِنْ طَلَبِ الْآخِرَةِ؟ قَالَ: «حُبُّ الدُّنْيَا» قِيلَ: مَا عَلَامَةُ تَرْكِ الدُّنْيَا؟ قَالَ: «طَلَبُ الْآخِرَةِ» قِيلَ: الدُّنْيَا لِمَنْ هِيَ؟ قَالَ: «لِمَنْ تَرَكَهَا» قِيلَ: الْآخِرَةُ لِمَنْ هِيَ؟ قَالَ: «لِمَنْ طَلَبَهَا»
* قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: «الدُّنْيَا دَارُ خَرَابٍ، وَأَخْرَبُ مِنْهَا قَلْبُ مِنْ يُعَمِّرُهَا، وَالْجَنَّةُ دَارُ عُمْرَانٍ، وَأَعْمَرُ مِنْهَا قَلْبُ مَنْ يَطْلُبُهَا»
.
.
.
.
.
.
1-473-
يُذِلَّ من عصاه (1).
وقال عبد الله بن المبارك (2):
رأيتُ الذنوب تميت القلوبَ ... وقد يورث الذلَّ إدمانُها
وترك الذنوب حياة القلوب .... وخير لنفسك عصيانُها
وهل أفسد الدينَ إلا الملوكُ ... وأحبارُ سَوء ورُهبانُها (3)
فصل:
ومنها: أنّ المعاصي تفسد العقل. فإِنّ للعقل نورًا، والمعصية تطفئ نور العقل، ولابدَّ؛ وإذا طفِئ نورُه ضعُفَ ونقَصَ.
وقال بعض السلف: ما عصى اللهَ أحدٌ حتّى يغيبَ عقله (4).
وهذا ظاهر، فإنّه لو حضره عقله (5) لَحجَزه عن المعصية، وهو في قبضة الربّ تعالى وتحت قهره، وهو (6) مطّلع عليه، وفي داره وعلى بساطه، وملائكتُه شهودٌ عليه ناظرون إليه، وواعظ القرآن ينهاه، وواعظ
__________
(1) نقله المصنف في إغاثة اللهفان (156، 921)، وروضة المحبين (201). ونقله أبو نعيم في الحلية (2/ 177) بلفظ قريب منه. وانظر العقد (2/ 203).
(2) ف: "وقال ابن المبارك".
(3) بهجة المجالس (3/ 334). وانظر زاد المعاد (4/ 203) والمدارج (3/ 264).
(4) أخرجه ابن حبان في الثقات (7/ 658) بسنده عن أبي العالية قال: "ما عصى الله عبدٌ إلا من جهالة". وجاء هذا المعنى عن مجاهد وغيره. وقال المناوي في فيض القدير (1/ 86): "ولهذا قال حكيم ... " فذكره.
(5) ل: "حضر عقله".
(6) ز: "وتحت قدرته هو".
.
.
.
.
.
.
-405- أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ الْقَاسِمِ الشَّاهِدُ، بِالْبَصْرَةِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى الرَّازِيَّ الْوَاعِظَ، قَالَ: سَمِعْتُ يُوسُفَ بْنَ الْحُسَيْنِ، يَقُولُ: كَانَ شَابٌّ يَحْضُرُ مَجْلِسَ ذِي النُّونِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْمِصْرِيِّ مُدَّةً، ثُمَّ انْقَطَعَ زَمَانًا، ثُمَّ حَضَرَ عِنْدَهُ وَقَدِ اصْفَرَّ لَوْنُهُ وَنَحَلَ جِسْمُهُ وَظَهَرَتْ آثَارُ الْعِبَادَةِ وَالِاجْتِهَادِ عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ ذُو النُّونِ: " يَا فَتَى، مَا الَّذِي أَكْسَبَكَ خِدْمَةَ مَوْلَاكَ، وَاجْتِهَادَكَ مِنَ الْمَوَاهِبِ الَّتِي أَتْحَفَكَ بِهَا، وَوَهَبَهَا لَكَ، وَاخْتَصَّكَ بِهَا "؟ فَقَالَ الْفَتَى: يَا أُسْتَاذُ، وَهَلْ رَأَيْتَ عَبْدًا أَصْطَنَعَهُ مَوْلَاهُ مِنْ بَيْنِ عَبِيدِهِ وَاصْطَفَاهُ وَأَعْطَاهُ مَفَاتِيحَ الْخَزَائِنِ، ثُمَّ أَسَرَّ إِلَيْهِ سِرًّا، أَيُحْسِنُ أَنْ يُفْشِيَ ذَلِكَ السِّرَّ؟ ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ:
مَنْ سَارَرُوهُ فَأَبْدَى السِّرَّ مُجْتَهِدًا ... لَمْ يأْمَنُوهُ عَلَى الْإِسْرَارِ مَا عَاشَا
وَبَاعَدُوهُ فَلَمْ يَأْنَسْ بِقُرْبِهِمُ ... وَأَبْدَلُوهُ مِنَ الإِينَاسِ إِيحَاشَا
لَا يَصْطَفُونَ مُذِيعًا بَعْضَ سِرِّهِمُ ... حَاشَا وِدَادُهُمْ مِنْ ذَاكَ مَا حَاشَا

60db7cc5b3763

  • 0
  • 0
  • 15

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً