-640-حدثني حمزة بن العباس، أنبأنا عبدان بن عثمان، أنبأنا [ص:55] عبد الله، أنبأنا حريث بن السائب، ...

منذ 2023-05-16
-640-حدثني حمزة بن العباس، أنبأنا عبدان بن عثمان، أنبأنا [ص:55] عبد الله، أنبأنا حريث بن السائب، أخبرنا الحسن، قال: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم، على مزبلة في طريق المدينة فقال: من سره أن ينظر إلى الدنيا بحذافيرها فلينظر إلى هذه المزبلة ثم قال: ولو أن الدنيا تعدل عند الله جناح ذبابة ما أعطى كافراً منها شيئاً.
وقال بعض الحكماء من الشعراء:
أما مررت بساحات معطلة ... فيها المزابل كانت قبل مغشية
أما نظرت إلى الدنيا وزينتها ... بزخرف من غرور اللهو موشية
أعظم بحمقة نفس لا تكون بما ... تغنى به من صروف الدهر مغنية
لله در أذى عين تقر بها ... وإنها لعلى التنغيص مبينة
قال أبو بكر: أملى علي عبد الرحمن بن صالح هذه الرسالة:
أما بعد: عافانا الله وإياك من شر دار قد أدبرت، والنفوس عليها قد ولهت، ورزقت وإياك خير دار قد أقبلت، والقلوب عنها قد غلفت، وكأن المعمور من هذه الدار قد يرحل عن أهله، وكأن المغفول عنه من تلك الدار قد أباح بأهله فغنم غانم، وندم نادم، واستقبل الخلق خلد لا يزول، وحكم عليهم جبار لا يجور، فهنالك فضع الهموم، وصغر ما دونه من متاع هذا الغرور، والسلام.

.
.
.
.
.
.
.
.
-507-ولا يعني ذلك النهي عن البكاء عند الحزن مطلقا؛ بل البكاء الذي لا يملك له المرء دفعا يدخل في المباح الذي فعله النبي صلى الله عليه وسلم وأقره وسيأتي تفصيل ذلك في الباب التالي إن شاء الله.
2- بكاء التصنع والكذب
لما كانت المشاعر دليلا على الصدق في الغالب استغل ذلك من لا حجة له ولا برهان ليأخذ حقا ليس له أو يدفع عن نفسه تهمة ذنب اقترفه فيتظاهر بالبكاء ليخدع الناس وليشعر بأنه مظلوم، كما فعل أخوة يوسف حينما بلغت بهم الغيرة درجة الانتقام من أخيهم، فألقوه في البئر وجاءوا أباهم يبكون كما قص القرآن علينا نبأهم وأخبرنا الله تعالى بشأنهم في قوله: (وجاءوا أباهم عشاء يبكون قالوا يا أبانا إنا ذهبنا نستبق وتركنا يوسف عند متاعنا فأكله الذئب وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين) (1)
قال القرطبي: " قال علماؤنا هذه الآية دليل على أن بكاء المرء لا يدل على صدق مقاله لاحتمال أن يكون تصنعا فمن الخلق من يقدر على ذلك ومنهم من لا يقدر وقد قيل إن الدمع المصنوع لا يخفى كما قال حكيم إذا اشتبكت دموع في خدود تبين من بكى ممن تباكى" (2)
الباب الثالث: البكاء المباح
وهو ما لا مدح فيه ولا ذم، أو ما فعله أو أقره أو سكت عنه النبي صلى الله عليه وسلم كما ورد في القرآن وجاءت به الأحاديث الصحيحة. ومن
__________
(1) سورة يوسف
(2) تفسير القرطبي ج9/ص145
.
.
.
.
.
.
.
.
.
-724-وَذَكَرَ أَبُو سَعِيدٍ النَّقَّاشُ، عَنْ أَبِي أَحْمَدَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْجُرْجَانِيُّ، أَنَّهُ حَكَى عَنْ ذِي النُّونِ الْمِصْرِيِّ، قَالَ: وُصِفَ لِي شَابٌّ مِنَ الْمُرِيدِينَ , فَقَصَدْتُهُ وَلَقِيتُهُ وَهُوَ فِي طَرِيقِ مَكَّةَ فَلَمَّا سَلَّمْتُ عَلَيْهِ، قَالَ: وَعَلَيْكَ السَّلامُ يَا ذَا النُّونِ.
فَقُلْتُ: وَمِمَّنْ عَرَفْتَ أَنِّي ذُو النُّونِ؟ قَالَ: عَرَفْتُكَ بِفُنُونِ تَوَاتُرِ الْمَعْرِفَةِ , فَاتَّصَلَتِ الْمَعْرِفَةُ بِالأَنْوَارِ فَعَرَفْتُكَ بِمَعْرِفَةِ الْجَبَّارِ.
قَالَ: فَسَأَلْتُهُ عَنْ مَسَائِلَ فَوَجَدْتُهُ حَكِيمًا.
قَالَ: ثُمَّ مَضَيْتُ وَسَبَقَنِي، فَلَمَّا كَانَ بِمَنًى لَقِيتُهُ، وَهُوَ سَاكِتٌ وَالنَّاسُ يَتَقَرَّبُونَ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِقُرْبَانِهِمْ وَهُوَ مُطْرِقٌ، قَالَ ذُو النُّونِ: وَأَنَا أَرْقُبُهُ وَهُوَ لا يَشْعُرُ، قَالَ: ثُمَّ إِنَّهُ رَفَعَ إِلَى السَّمَاءِ، فَقَالَ: إِنَّ هَؤُلَاءِ تَقَرَّبُوا إِلَيْكَ بِقُرْبَانِهِمْ، وَأَنَا لا أَجِدُ قُرْبَانًا غَيْرَ نَفْسِي، وَإِنِّي أَتَقَرَّبُ إِلَيْكَ بِذَبْحِ نَفْسِي فَتَقَبَّلْ مِنِّي، ثُمَّ أَشَارَ بِإِصْبَعِهِ السَّبَّابَةِ إِلَى حَلْقِهِ فَخَطَّ فِيهِ خَطًّا كَمَا يَفْعَلُ بِالسِّكِّينِ فَخَرَّ سَاقِطًا، فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ فَإِذَا قَدْ فَارَقَ رُوحَهُ.

60db7cc5b3763

  • 0
  • 0
  • 7

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً