. -908-يوسف بن الحسين قال: قال ذو النون، وصف لي رجل بالمغرب وذكر لي من حكمته وكلامه ما حملني على ...
منذ 2023-06-03
.
-908-يوسف بن الحسين قال: قال ذو النون، وصف لي رجل بالمغرب وذكر لي من حكمته وكلامه ما حملني على لقائه، فرحلت إليه إلى المغرب فأقمت على بابه أربعين صباحاً على أن يخرج من منزله إلى المسجد ويقعد، فكان يخرج وقت كل صلاة يصلي، ويرجع كالواله لا يكلم أحداً فقلت له يوماً: يا هذا إني مقيم ها هنا منذ أربعين صباحاً لا أراك تكلمني. فقال لي: يا هذا لساني سبع إن أطلقته أكلني. فقلت له: عظني رحمك الله بموعظة أحفظها عنك. قال: وتفعل؟ قلت: نعم إن شاء الله، قال: لا تحب الدنيا وعد الفقر والغنى والبلاء من الله نعمة، والمنع من الله عطاء، والوحدة مع الله أنساً، والذل عزاً والطاعة حرفة والتوكل معاشاً والله تعالى لكل شديدة عدة.
ثم مكث بعد ذلك شهراً لا يكلمني، فقلت له: رحمك الله إني أريد الرجوع إلى بلدي فإن رأيت أن تزيدني في الموعظة فقال: اعلم أن الزاهد في الدنيا قوته ما وجد ومسكنه حيث أدرك ولباسه ما ستر الخلوة مجلسه، والقرآن حديثه، والله الجبار العزيز أنيسه والذكر رفيقه والصمت جنته، والخوف سجيته، والشوق مطيته، والنصيحة نهمته والصبر وساده، والصديقون إخوانه والحكمة كلامه، والعقل دليله، والجوع أدمه والبكاء دأبه، والله عز وجل عدته. قلت بما تتبين الزيادة من النقصان؟ قال: عند المحاسبة للنفوس.
* وقال ذو النون: وُصِفَ لي عابدٌّ بالمغرب، فقصدتُه وأقمتُ على بابه أربعين يومًا، وهو يخرجُ إلى الصلاة، ويعودُ إلى منزله، ولا يكلِّم أحدًا، فقلت له بعد الأربعين: يا هذا، إنِّي أتيتُك من بلادٍ بعيدة، ولي واقفٌ على بابك أربعين يومًا، ما كلَّمتني كلمة، فقال: يا هذا إنَّ لساني سبُع، إن أطلقتُه قتلني، فقلت: أوصني وصيةً أنتفعُ بها، قال: لا تحب الدنيا، وعدَّ الفقرَ غنى، والبلاءَ نعمةً، والمنعَ عطاءً، والوحدةَ أنسًا، والذلَّ عزًّا، والحياةَ موتًا، والتوكُّلَ معاشًا، واللهَ تعالى في كلِّ شيءٍ عُدَّةً، فقلت: فما وصف العارف (1)؟ قال: قوتُه ما وجد، ومنزلُه حيث أدرك، ولباسه ما سترَ، الخلوةُ مجلسُه، والقرآنُ أنيسُه، والحقُّ سبحانَه جليسُه، والذكرُ رفيقُه، والزهدُ قرينُه، والخوفُ محجَّتُه، والشوقُ راحلتُه، والصبرُ وسادُه، والحكمةُ كلامُه، والصديقون إخوانُه، والعقلُ دليلُه، والحلمُ خليله، والله تعالى عونه.
وكان ذو النون ينشد: [من الكامل]
عجبًا لقلبكَ كيف لا يتصدَّعُ ... ولركن جسمِك كيفَ لا يتَضَعْضَعُ
فاكحل بمُلْمُول السُّهادِ لدى الدُّجى ... إنْ كنتَ تفهمُ ما أقولُ وتسمعُ
-908-يوسف بن الحسين قال: قال ذو النون، وصف لي رجل بالمغرب وذكر لي من حكمته وكلامه ما حملني على لقائه، فرحلت إليه إلى المغرب فأقمت على بابه أربعين صباحاً على أن يخرج من منزله إلى المسجد ويقعد، فكان يخرج وقت كل صلاة يصلي، ويرجع كالواله لا يكلم أحداً فقلت له يوماً: يا هذا إني مقيم ها هنا منذ أربعين صباحاً لا أراك تكلمني. فقال لي: يا هذا لساني سبع إن أطلقته أكلني. فقلت له: عظني رحمك الله بموعظة أحفظها عنك. قال: وتفعل؟ قلت: نعم إن شاء الله، قال: لا تحب الدنيا وعد الفقر والغنى والبلاء من الله نعمة، والمنع من الله عطاء، والوحدة مع الله أنساً، والذل عزاً والطاعة حرفة والتوكل معاشاً والله تعالى لكل شديدة عدة.
ثم مكث بعد ذلك شهراً لا يكلمني، فقلت له: رحمك الله إني أريد الرجوع إلى بلدي فإن رأيت أن تزيدني في الموعظة فقال: اعلم أن الزاهد في الدنيا قوته ما وجد ومسكنه حيث أدرك ولباسه ما ستر الخلوة مجلسه، والقرآن حديثه، والله الجبار العزيز أنيسه والذكر رفيقه والصمت جنته، والخوف سجيته، والشوق مطيته، والنصيحة نهمته والصبر وساده، والصديقون إخوانه والحكمة كلامه، والعقل دليله، والجوع أدمه والبكاء دأبه، والله عز وجل عدته. قلت بما تتبين الزيادة من النقصان؟ قال: عند المحاسبة للنفوس.
* وقال ذو النون: وُصِفَ لي عابدٌّ بالمغرب، فقصدتُه وأقمتُ على بابه أربعين يومًا، وهو يخرجُ إلى الصلاة، ويعودُ إلى منزله، ولا يكلِّم أحدًا، فقلت له بعد الأربعين: يا هذا، إنِّي أتيتُك من بلادٍ بعيدة، ولي واقفٌ على بابك أربعين يومًا، ما كلَّمتني كلمة، فقال: يا هذا إنَّ لساني سبُع، إن أطلقتُه قتلني، فقلت: أوصني وصيةً أنتفعُ بها، قال: لا تحب الدنيا، وعدَّ الفقرَ غنى، والبلاءَ نعمةً، والمنعَ عطاءً، والوحدةَ أنسًا، والذلَّ عزًّا، والحياةَ موتًا، والتوكُّلَ معاشًا، واللهَ تعالى في كلِّ شيءٍ عُدَّةً، فقلت: فما وصف العارف (1)؟ قال: قوتُه ما وجد، ومنزلُه حيث أدرك، ولباسه ما سترَ، الخلوةُ مجلسُه، والقرآنُ أنيسُه، والحقُّ سبحانَه جليسُه، والذكرُ رفيقُه، والزهدُ قرينُه، والخوفُ محجَّتُه، والشوقُ راحلتُه، والصبرُ وسادُه، والحكمةُ كلامُه، والصديقون إخوانُه، والعقلُ دليلُه، والحلمُ خليله، والله تعالى عونه.
وكان ذو النون ينشد: [من الكامل]
عجبًا لقلبكَ كيف لا يتصدَّعُ ... ولركن جسمِك كيفَ لا يتَضَعْضَعُ
فاكحل بمُلْمُول السُّهادِ لدى الدُّجى ... إنْ كنتَ تفهمُ ما أقولُ وتسمعُ