الشرطة تبحث عن موسى أخذ موسى بنصيحته؛ فخرج نحو الصحراء مسرعاً .. لم يستطع أن يودع أمه وإخوته، ولم ...

منذ 2017-08-11
الشرطة تبحث عن موسى
أخذ موسى بنصيحته؛ فخرج نحو الصحراء مسرعاً ..
لم يستطع أن يودع أمه وإخوته، ولم يستطع حتى أن يأخذ دابة يركبها أو زاداً يتقوت به، فشوارع المدينة وأزقة بني إسرائيل عجت بجنود فرعون الذين يبحثون عنه ويطلبونه حياً أو ميتاً إرضاء لفرعون وملئه، فموسى من اليوم لم يعد ابناً لفرعون(1)، بل صار أكبر عدو له.
على طريق الابتلاءات
فخرج منها خائفاً يترقب كلما مر بقافلة أو ركبان في طريقه غطى وجهه وانحرف بعيداً عنهم، خشية أن يكونوا من أجناد فرعون أو حلفاؤه الذين يبحثون عنه بعدما أصبح على رأس قائمة المطلوبين، ولسانه يلهج بالدعاء قائلاً: ﴿ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴾ القصص:21
خرج موسى من مصر فاراً من موت محقق على يد جنود فرعون إلى موت محتمل في صحراء مصر الواسعة، إذ ليس معه مايدفع به دوابها المفترسة، ولا ماءً كافياً يروي به ظمأ شمسها المحرقة، ولا أنيس ولا جليس يستأنس به في هذا الطريق الموحش !
إنه في حيرة من أمره، فهذه هي المرة الأولى التي يخرج فيها من مصر، ولا يدرى إلى أين تسوقه قدماه في هذه الصحراء الشاسعة، ولا ما سيلقاه في هذه الغربة الموحشة من أحداث؛ والأمور تزداد تعقداً، ولكن عزاءه الوحيد هو غنيمته بالبعد عن فرعون وبطشه !
ظل يجري ويجري حتى ابتعد تماماً عن المدينة التي خرج منها، ثم ألقى بجسده على الرمال من فرط الإجهاد، وشخصَ بعيناه إلى السماء يفكر في سر هذا الإبتلاء المفاجئ !
ولكنها طبيعة طريق الأنبياء والمرسلين والمصلحين ﴿ أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ﴾ البقرة:214.
ثم بدأ يفكر ويستعيد بذاكرته ما تعلمه في قصر فرعون عن حدود مصر الجغرافية، فهو يريد الآن أن يذهب إلى مدين؛ لأنها أقرب بلد لمصر من خارج حدودها، وليس لفرعون وملئه سلطان على من فيها، ولكنه في ذات الوقت لا يعرف كيف سيهتدي إلى طريقها في هذه الصحراء الواسعة ؟.
وهنا كان دعاؤه إلى ربه أن يهديه سواء السبيل، ويقيم خطوه على طريق الأمن، ويدفع به إلى شاطئ السلامة، ﴿ وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ قَالَ عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ ﴾ القصص:22، فاستجاب الله دعاءه ورحم كسرة قلبه، وهداه إلى أقرب الطرق إليها.

5790110a908f2

  • 0
  • 0
  • 22

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً