( بينَ الحملِ و العُقمِ و جنينٍ مُشوَّهـ .. بقلبٍ مُطمئن رضينا يارب ! ) الحمدُ للهِ وحدهـ ...

منذ 2017-10-16
( بينَ الحملِ و العُقمِ و جنينٍ مُشوَّهـ .. بقلبٍ مُطمئن رضينا يارب ! )

الحمدُ للهِ وحدهـ ..
مُنذُ ثلاثةِ أعوام ، قبل أن ترسو السفينة لتُنزلني إلى برِّ الدُّنيا ؛ أنجبت أُميّ أخي عبدَالغفارِ - رحمهُ الله - الذي مات فورَ وِلادتهِ !
لم ألتقِ به لكنِّي بينَ الفَيْنةِ و الأُخرى كُنتُ أشتاقُ لرُؤيتهِ و أذكُر ذلك أمام أُميّ ، فتقول ..
(( كان لديهِ قُصورٌ في القلبِ و عدم اكتمال لأحدِ أعضائه ، الحمدُ للهِ أن أعفاهُـ من القُدومِ إلى الدُّنيا و رحمهُ من همِّ المرضِ و عذابه )) !
نعم .. فاللهُ أرحمُ بهِ منَّا ، من يدري هل كُنَّا سنصبرُ على هذا الابتلاءِ و ننجحُ فيه ؟!
كيف ستكون نظرةُ المُجتمعِ البائس – الذي لا يرحم ! – له ، و ما ستكونُ عليه نفسيَّتُه ؟!

" إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِقِسْطِهِ وَعِلْمِهِ وَحِلْمِهِ جَعَلَ الرَّوْحَ وَالْفَرَجَ فِي الْيَقِينِ وَالرِّضَا , وَجَعَلَ الْهَمَّ وَالْحَزَنَ فِي الشَّكِّ وَالسُّخْطِ " ، رواهُـ أبو هارون المديني عن عبدِالله بن مسعود – رضي اللهُ عنه و أرضاه - .

إحدى النِّساء - الَّلواتي التقينَ بهنَّ – أنعمَ اللهُ عليها بولدين ثُمَّ حَمِلت بعد أن تجاوزا سنَّ التمييزِ ، فَرِحتْ جدًا لمَّا عَلِمتْ أنَّ نتيجةَ الفحصِ فتاة ، مرَّت التسعةَ أشهرٍ بحُلوِها و مُرِّها و أنجبت فتاةً جميلةً لكنَّها مُصابة بـ ( مُتلازمةِ داون ) !
و أُخرى تأخَّرت في الزَّواجِ و أولُ مولودٍ لها التقيت بهِ و قد فاضت رُوحه إلى بارئه !

" ارْضَ بِقَضَاءِ اللَّهِ عَلَى مَا كَانَ مِنْ عُسْرٍ وَيُسْرٍ ، فَإِنَّ ذَلِكَ أَقَلُّ لِهَمِّكَ " ، الإمام المُحدِّث ابن عون .

مُذ تتزوَّج المرأة يظلُّ السُؤال الأكثر قُدومًا إلى أذهانِ الناس ..
(( هل صِرتِ حاملًا ؟! .. لماذا تأخَّر عنكِ الحمل ؟! العيبُ منكِ أم منه ؟! )) !!
و غيرهُـ من الأسئلةِ السخيفة التي تُحرج و لا تحترم الخُصوصيات أو على أقلِ تقدير تُراعي المشاعر !!
و بالتالي تنشغلُ المرأة بتسريعِ عملية الإنجاب ، ليس لتُصبح أُمًا بل لتنفذ بجلدها مِن كلامِ مَن لا يرحمون !
البعضُ ممَّن كتبَ الله عليهنَّ تأخير الحملِ - أو رُبَّما العُقم – يتوشَّحنَ بلباسِ الحُزن الدائم و أحيانًا مع عدم رضى بقضاءِ الله ، لكن لم يُفكِرن أنَّ رُبَّما لو قُدِّر لهنَّ الإنجاب لكانت ذُرِّيَّاتهنَّ بأجسادٍ عليلة أو تُجهضُ بعد إيفاءِ الحمل موعدهـ !!
لا أحد يدري ما الخير .. أفي العطاءِ أو الحبسِ و المنع ؟! و كُل أقدارِ الله خير
)

( و في تفسير قولهِ تعالى : " وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِين" عن سُفيان قوله : " المُطمئنين الرَّاضين بقضائهِ، المُستسلمين له ) ، طريق الإسلام .

أعطي الحُزن حقَّه إذا حُرمتِ من ذُرِّيَّةٍ ذات جسدٍ صحيح ، لكن لا تجزعي و استقبلي قضاءَ الله و قدرَهـ بقلبٍ مُؤمنٍ مُحب .
دعكِ من كلامِ الناسِ الذي لا يُسمنُ و لا يُغني من جُوع ، ابذلي الجُهد المطلوب و عالجي نفسكِ و اتُركي الباقي لإرادةِ الله و تنفيذِهـ
)

و ماذا لو تحقَّق فيكِ حديثَ سيِّدنا صاحبِ الرِّسالة مُحمَّدٌ – صلواتُ الله و سلامُه عليه - :
" أَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ كَهَاتَيْنِ فِي الْجَنَّةِ ، وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى ، وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا قَلِيلًا " ، رواهُـ سهل بن سعد – رضي اللهُ عنه و أرضاهـ - .

ليسَ فقط الكفالة المالية ، بل اكفليه في بيتكِ - دون نسبتهُ لزوجكِ - كابنكِ الذي تمنَّيتِ وجودهـ !
حُلمكِ في تربيةِ طِفلٍ صحيحَ الجسدِ يُناديكِ ( أُميّ ) لم يعُد مُستحيلًا ؛ فدورُ الأيتامِ و المُستشفيات باتت مليئة بصغارٍ رُضَّع فقدوا أهاليهم أو تخلَّوا عنهم .

و نختمُ تدوينتنا بقولِ الإمام العلَّامة ابن القيِّم – رضي اللهُ عنه - :
" الرِّضا بابُ اللهِ الأعظم، وجنَّةُ الدُّنيا، ومُستراح العابدين، وقُرَّةُ عُيونِ المُشتاقين، ومَن ملأ قلبهُ مِن الرِّضا بالقدرِ؛ ملأ اللهُ صدرهُ غِنىً وأمناً، وفرَّغ قلبهُ لمحبتهِ، والإنابةِ إليهِ، والتوكُّل عليهِ، ومن فاته حظُّه مِن الرِّضا امتلأ قلبهُ بضدِ ذلك، واشتغلَ عمَّا فيهِ سعادتهِ وفَلاحه " ، طريق الإسلام .

و أستغفرُ الله لي و لكم و للمُؤمنينَ و المُؤمناتِ ، الأحياءِ منهم و الأموات
)
  • 0
  • 0
  • 74

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً