مفهوم الأعمال الصالحة عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما من ...

منذ 2024-06-07
مفهوم الأعمال الصالحة
عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام» يعني أيام العشر. قالوا: يا رسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: «ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله، فلم يَرْجِعْ من ذلك بشيء» رواه البخاري .
وإذا أردنا أن نسلط الضوء على مفهوم العمل الصالح في هذا الحديث الشريف فإن هذا المصلح يشمل كل أعمال البر والخير وهذا مايتعدى أن نحصر العمل الصالح في مجموعة من العبادات – والتي هي بلا شك جزءٌ هام من العمل الصالح – وهنا نبين أن العمل الصالح يتضمن الصلاة والصدقة والصيام والذكر والتكبير وقراءة القرآن وبر الوالدين وصلة الأرحام والإحسان إلى الخلق وحسن الجوار ، وفي المفهوم الشرعي للصدقة نجد - ومن خلال هديِ السنة المطهرة – أن الصدقة تشمل كل معروف حيث ورد فِي " صَحِيحِ مُسْلِمٍ " عَنْ حُذَيْفَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ.» وهذا يعني أن هناك العديد من أعمال الخير تندرج تحت مفهوم الصدقة ومفهوم العمل الصالح ، بل ولربما كانت هذه الأعمال تفوق بفائدتها وأثرها الاجتماعي على الصدقة المتعارف عليها وهي الصدقة بالمال ! من أمثلة ذلك :الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ، وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ، فَإِنَّهُ دُعَاءٌ إِلَى طَاعَةِ اللَّهِ، وَكَفٌّ عَنْ مَعَاصِيهِ، وَذَلِكَ خَيْرٌ مِنَ النَّفْعِ بِالْمَالِ، وَكَذَلِكَ تَعْلِيمُ الْعِلْمِ النَّافِعِ، وَإِقْرَاءُ الْقُرْآنِ، وَإِزَالَةُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ، وَالسَّعْيُ فِي جَلْبِ النَّفْعِ لِلنَّاسِ، وَدَفْعُ الْأَذَى عَنْهُمْ. وَكَذَلِكَ الدُّعَاءُ لِلْمُسْلِمِينَ وَالِاسْتِغْفَارُ لَهُمْ ، ورُبّ شفاعة تَفُكُّ بِهَا الْأَسِيرَ، وَتَحْقِنُ بِهَا الدَّمَ، وَتَجُرُّ بِهَا الْمَعْرُوفَ وَالْإِحْسَانَ إِلَى أَخِيكَ، وَتَدْفَعُ عَنْهُ الْكَرِيهَةَ خير من مالٍ لاتستطيع بذله لفقير لقلة ذات اليد عندك ، فأنت هنا تتصدق بلسانك ولك في هذا الأجر والثواب ، وانظر أخي المسلم إلى رحابة شرعنا الحنيف في مفهوم العمل الصالح : فَفِي " الصَّحِيحَيْنِ " «عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: الْإِيمَانُ بِاللَّهِ وَالْجِهَادُ فِي سَبِيلِهِ " قُلْتُ: فَأَيُّ الرِّقَابِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: " أَنْفَسُهَا عِنْدَ أَهْلِهَا وَأَكْثَرُهَا ثَمَنًا " قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ أَفْعَلْ؟ قَالَ: " تُعِينُ صَانِعًا، وَتَصْنَعُ لِأَخْرَقَ ". قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ إِنْ ضَعُفْتُ عَنْ بَعْضِ الْعَمَلِ؟ قَالَ: " تَكُفُّ شَرَّكَ عَنِ النَّاسِ، فَإِنَّهَا صَدَقَةٌ» . وَخَرَّجَ ابْنُ حِبَّانَ فِي " صَحِيحِهِ " مِنْ حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَيْسَ مِنْ نَفْسِ ابْنِ آدَمَ إِلَّا عَلَيْهَا صَدَقَةٌ فِي كُلِّ يَوْمٍ طَلَعَتْ فِيهِ الشَّمْسُ قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمِنْ أَيْنَ لَنَا صَدَقَةٌ نَتَصَدَّقُ بِهَا؟ قَالَ: إِنَّ أَبْوَابَ الْجَنَّةِ لَكَثِيرَةٌ: التَّسْبِيحُ، وَالتَّكْبِيرُ، وَالتَّحْمِيدُ، وَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ، وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَتُمِيطُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ، وَتُسْمِعُ الْأَصَمَّ، وَتَهْدِي الْأَعْمَى، وَتَدُلُّ الْمُسْتَدِلَّ عَلَى حَاجَتِهِ، وَتَسْعَى بِشِدَّةِ سَاقَيْكَ مَعَ اللَّهْفَانِ الْمُسْتَغِيثِ، وَتَحْمِلُ بِشِدَّةِ ذِرَاعَيْكَ مَعَ الضَّعِيفِ، فَهَذَا كُلُّهُ صَدَقَةٌ مِنْكَ عَلَى نَفْسِكَ» واقول إن هذا كله يندرج في جملة الأعمال الصالحة في هذه الأيام العظيمة المباركة ، ولاننسى أيضاً وفي هذه الأيام زيادة بر الوالدين ولإحسان إليهما بكل الطرق والوسائل .. وكذلك صلة الرحم والتواصل مع الأقارب الخالات والعمات والأخوال والأعمام وأولادهم جميعاً ونشر الحب والود بيننا جميعا ..
وبعد : وحيث أن أمتنا الإسلامية تواجه أشرس هجمة شريرة تستهدف وجودها الفكري والعقائدي وحتى وجودها المادي وما العدوان الصهيوني الهمجي على غزة إلاّ مظهراً من مظاهر هذه الهجمة الحاقدة وهنا يجدربنا أن نؤكد أن من أعظم الأعمال الصالحة في هذه الأيام الجهاد في سبيل الله وهو اليوم واجب الوقت وهو بحكم الشرع واجب على كل مسلم ومسلمة ويشمل ذلك الجهاد بالنفس والجهاد المال والجهاد بالكلمة والجهاد بالدعاء ..
أدعو الله تبارك وتعالى أن يعيد علينا هذه الأيام المباركة وقد عادت إلى دينها وتحررت إرادتها من المتربصين بها وتحررت أراضيها من دنس ورجس محتليها .. وصلى الله على نبينا محمد وعلى وصحبه وسلم وسلام على المرسلين والحمدلله رب العالمين .
د. عمر ناموس
  • 0
  • 0
  • 8

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً