آخاهما طريق الهجرة والإعداد والجهاد في أرض الخلافة مقدسيّان يزفّهما معاً صاروخٌ إلى الحور ...

منذ 2024-09-19
آخاهما طريق الهجرة والإعداد والجهاد في أرض الخلافة
مقدسيّان يزفّهما معاً صاروخٌ إلى الحور الحسان

• بقي الصّاحبان معاً على هذا الحال يتشاركان النّوم وتناول الطّعام وعرق التّدريب وشراسته حتّى انتهى المعسكر الشّرعيّ بعد أكثر من أربعة أسابيعَ، وكالعادة في تفوّقهما، كان أبو طارقٍ وأبو المثنّى من الأوائل في الاختبارات الشّرعيّة التي تُجرى في نهاية المعسكر، تماماً مثلما كانا من الأوائل في ميدان التّدريب البدنيّ الشّاقّ الذي يتضمّنه المعسكر الشّرعيّ كذلك.

ومثلما جرت عليه العادة في المعسكر الشّرعيّ، كان حالهما في المعسكر العسكريّ، لا يفترقان أبداً، إذ كانا يطلبان أن يبقيا في مجموعةٍ واحدةٍ، فهما يشعران بالألم إنْ فُرِّق بينهما، ما يجعل المدرّب يعيد جمعهما في مجموعةٍ واحدةٍ من جديد كلما افترقا، حرصاً على أخوّتهما التّي كانت فريدةً من نوعها!

انتهى المعسكر العسكريّ، ونُسِّبا إلى جيش الخلافة، ليصلا إلى سوح النّزال بعد أشهر من المعسكرات المستمرّة والمتتالية، وما إن وقعت أعينهما، على حقائب بعض الإخوة ممّن سبقوهم إلى جنان الخلد -نحسبهم والله حسيبهم- في مقرّ كتيبتهم الجديدة، حتى فاضت عينا أبي طارقٍ وأبي المثنّى بالدّمع الغزير، حيث شعرا أنّهما على موعدٍ مع الشّهادة، فهما يُمنّيان النّفس بنيلها عاجلاً غير آجل، بعد إثخانٍ في العدوّ وجزّ رقابٍ ونحر أعناقٍ.

في آخر يومين لهما قبل ذهابهما لإحدى الغزوات تبدّل حالهما، فالمزاح قد قلّ، والنّظرات تبدّلت، والضّحكات المستمرّة تحوّلت لابتسامات خفيفة لا تفارق محيّاهما، وبات جُلّ حديثهما عن الجنّة، وحور عينها، وفردوسها الأعلى، فشعر جميع رفاقهم أنّها اللّحظات التي يعيشها الإخوة قبل ساعات مقتلهم.

أخذ (أبو طارقٍ) أثناء تلك الأوقات يطلب من رفاقه التقاط صورٍ له وهو بلباس القتال، مردّداً عبارات التمنّي في وصول تلك الصّور لرفاقه السّابقين في حركة (حماس)، كي يدركوا أيّ خيرٍ ذلك الذي رزقه الله لصاحبهم، الذي نجا بنفسه من بؤرة الكفر نحو عزّ الخلافة، وكتب كذلك وصايا متعدّدة لعائلته، ولأصدقائه، ولرفاقه السّابقين في (حماس)، يحثّهم فيها على النّفير والهجرة إلى أرض الخلافة، وسلك طريق الجهاد الحقيقيّ في ربوع الدّولة الإسلاميّة.

أمّا أبو المثنّى فرفض أن يكتب وصيّةً في أمور الدّنيا، مكرّراً أن لا حاجة له بهذه الدّنيا الفانية ومن فيها، فهو -كما يقول- راحلٌ إلى جوار ربّه، طالباً إبلاغ أهله شفوياً أنّ ابنهم لم يمت، بل ذهب شهيداً إلى ربّه مخضبّاً بالدّماء.

وذات صباحٍ، خرج أبو طارقٍ وأبو المثنّى في غزوةٍ بولاية البركة، التي تشهد معارك طاحنةً مع مرتدي الـ (PKK) المدعومين بطيران الشّرق والغرب، والشّمال والجنوب، وما هي إلا ساعاتٌ حتّى جاءت البشارة بأنّ الخليلين قد قتلا في المعارك بصاروخٍ زفهما إلى الجنة معاً -بإذن الله- بعدما رفضا أن يفترقا حتى آخر لحظاتهما.

أمّا عائلة كلّ واحدٍ منهما، فما إن وصلهما خبر مقتل الأسدين الهصورين، حتّى أخذت كلّ عائلة تُكبّر الله وتحمده أنْ منّ سبحانه على ابنها بالقتل في سبيله، ونيله ما خرج لأجله بعدما ترك زخرف الدّنيا وزينتها في سبيل ذلك.

ارتحل أبو طارقٍ وأبو المثنّى اللذان كانا يُكثران من سؤال الله أن يجعل جسد كلّ واحدٍ منهما أشلاءً في سبيله، فاستجاب الله لهما، فما بقي من جسديهما شيءٌ يمكن دفنه.

فهنيئاً لهما بعث أشلائهما من ثرى أرض الخلافة إلى فردوس ربّنا الأعلى، بمشيئته سبحانه.

مقتطف من صحيفة النبأ – العدد 8
(قصة شهيد)

66827433edad6

  • 1
  • 0
  • 15

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً