أبو حذيفة المغربيّ خاض معركته على جبهتين؛ عائلته والمرتدّين... وانتصر! • وما أن انتهى من ...
منذ 2024-09-26
أبو حذيفة المغربيّ خاض معركته على جبهتين؛ عائلته والمرتدّين... وانتصر!
• وما أن انتهى من المعسكرات، وتمكّن من التّواصل من جديد مع عائلته، التي فوجئت بوجوده في أرض الخلافة، حتى فُتحت عليه جبهات عائليّة عدّة، فالكلّ يريد إقناعه بالعودة ظنّاً منهم أنّ هناك من غسل له دماغه، فكان يمتعض من هذا الأمر، ويردّد ويكثر من القول: ما لعائلتي؟ ألا تعلم بما جرى ويجري لنساء ديني؟! ألا تعلم عائلتي ما يحصل للأطفال الذين يُبادون؟ لا لسببٍ إلّا لأنّهم أبناءٌ لمسلمين، ألا تعلم عائلتي أنّا ما خُلقنا إلا لنجاهد في سبيل الله؟ ما لعائلتي؟ ما لعائلتي؟!!
ثم يردّد بحسرةٍ: ألا تسمع عائلتي ما قيل بأنّ أعظم بِرّ يقدّمه الولد لوالديه، أنْ يكون في أرض الجهاد؟ ثمّ يعود ليرجوهم أن يحزموا أمتعتهم ويهاجروا إلى دار الإسلام، ويعيشوا في ربوع الخلافة تارةً، وتارةً أخرى يتوعّدهم بغضبٍ من الله عليهم إنْ طالبوه بالعودة، أو بغضبٍ عليه إنْ هو فكّر في الانتكاس والعودة لديار الكفر، وكان يكثر من القول:
أأرجع إلى الضلال بعد هداية الرحمن؟ أأستبدل نعمة العيش في أرض يقام عليها شرع الله بأرض لم أعرف منها سوى الظّلام والفساد؟ ما لكم يا أهلي، كيف تحكمون؟ والله لن أعود، والله لن أعود، والله لن أعود!
أمّه وأبوه -عبر الرسائل الصّوتية- كانا يضغطان عليه ويلحّان أن يُرضيهما ليرضى عنه الله تعالى، فكان يُذكّرهم بأنْ لا طاعة لمخلوقٍ في معصية الخالق، فيأتيه صوت أمّه باكيةً بحرقةٍ وألمٍ، وهو ثابتٌ، يتألّم، يتوجّع، لكنّه لم ينكسر... كان أبوه يرجوه، ويطالبه أن يرأف بحاله وحال أمّه، وأنّه سيضمن له العيش في (إسبانيا)، أو أيّ دولةٍ أوروبيّةٍ يختارها، فكان أبو حذيفة يبكي ويبكي ويبكي، ثمّ يعود ليخاطبهم بالقول، بعدما يكفكف دموعه:
يا أمّي ويا أبي، إنّني أبكي كلّ يوم، لكنّني لست أبكي ألماً لفراقكم، بل لأنّي أريدكم أن تعيشوا في كنف شرع الرّحمن، هنا في أرض الإسلام، فأنا أريد لكم الجنّة، أريد أن يسخّركم الله لخدمته وطاعته، مثلما أسأله أن يسخّرني لنصرة دينه ورفع رايته، أريد أن تزهدوا في هذه الدّنيا لأنها زائلة، وأنّكم لا بدّ يوماً عنها راحلون.
يا أبي إنْ كنت تعرف دينك حقّ المعرفة، فإنك -وبلا شكٍّ- ستفرح لتوبتي وهجرتي، وكذلك ستفعل أمّي. فاصبرا، واحتسبا الأجر لله، فمهما بقينا معاً سنفترق يوماً، فالدّنيا فانية والملتقى الجنّة يا أهلي، فتلك هي دار الخلود، وتلك هي الحياة.
خرج أبو حذيفة من حربه الشّرسة التي دخلها هاتفيّاً مع عائلته، قبل أن يخوض أولى معاركه العنيفة على الأرض. انتهت الأولى بانتصاره؛ فقد انتصر بثباته، انتصر بنهجه الذي سار عليه، انتصر بتوبته وعودته إلى طريق الهداية والإيمان، انتصر بثباته على طريق الجهاد، وانتهت معركته الثّانية بنيله الشّهادة كما نحسب، بعدما قُتل بصاروخ طائرةٍ صليبيّة في معركة كان يخوضها ضدّ المرتدّين.
قلّةٌ هم الرّجال الذين يصمدون ويتخطّون عقبات المحن، وهكذا هم رجال الأمّة، كأمثال أبي حذيفة المغربيّ، صابرون على ما ابتلاهم الله به من محنٍ، يحزنهم وجع أمّهاتهم، وأنين آبائهم، وانكسار زوجاتهم، ودموع أبنائهم، وحسرة إخوانهم وأخواتهم، لكنّهم ثابتون على درب الجهاد، لا تهزّهم الرّزايا، ولا تخيفهم أو تردّهم المنايا، كأشجار الصّنوبر، كلّما اشتدّت العواصف اشتدّوا تجذّراً وثباتاً، كالنّخل الشّامخ الذي ينافس السّحب علواً، كأسد الشّرى، لا يموتون إلا وقوفاً!
• مقتطف من صحيفة النبأ – العدد 10
(قصة شهيد)
• وما أن انتهى من المعسكرات، وتمكّن من التّواصل من جديد مع عائلته، التي فوجئت بوجوده في أرض الخلافة، حتى فُتحت عليه جبهات عائليّة عدّة، فالكلّ يريد إقناعه بالعودة ظنّاً منهم أنّ هناك من غسل له دماغه، فكان يمتعض من هذا الأمر، ويردّد ويكثر من القول: ما لعائلتي؟ ألا تعلم بما جرى ويجري لنساء ديني؟! ألا تعلم عائلتي ما يحصل للأطفال الذين يُبادون؟ لا لسببٍ إلّا لأنّهم أبناءٌ لمسلمين، ألا تعلم عائلتي أنّا ما خُلقنا إلا لنجاهد في سبيل الله؟ ما لعائلتي؟ ما لعائلتي؟!!
ثم يردّد بحسرةٍ: ألا تسمع عائلتي ما قيل بأنّ أعظم بِرّ يقدّمه الولد لوالديه، أنْ يكون في أرض الجهاد؟ ثمّ يعود ليرجوهم أن يحزموا أمتعتهم ويهاجروا إلى دار الإسلام، ويعيشوا في ربوع الخلافة تارةً، وتارةً أخرى يتوعّدهم بغضبٍ من الله عليهم إنْ طالبوه بالعودة، أو بغضبٍ عليه إنْ هو فكّر في الانتكاس والعودة لديار الكفر، وكان يكثر من القول:
أأرجع إلى الضلال بعد هداية الرحمن؟ أأستبدل نعمة العيش في أرض يقام عليها شرع الله بأرض لم أعرف منها سوى الظّلام والفساد؟ ما لكم يا أهلي، كيف تحكمون؟ والله لن أعود، والله لن أعود، والله لن أعود!
أمّه وأبوه -عبر الرسائل الصّوتية- كانا يضغطان عليه ويلحّان أن يُرضيهما ليرضى عنه الله تعالى، فكان يُذكّرهم بأنْ لا طاعة لمخلوقٍ في معصية الخالق، فيأتيه صوت أمّه باكيةً بحرقةٍ وألمٍ، وهو ثابتٌ، يتألّم، يتوجّع، لكنّه لم ينكسر... كان أبوه يرجوه، ويطالبه أن يرأف بحاله وحال أمّه، وأنّه سيضمن له العيش في (إسبانيا)، أو أيّ دولةٍ أوروبيّةٍ يختارها، فكان أبو حذيفة يبكي ويبكي ويبكي، ثمّ يعود ليخاطبهم بالقول، بعدما يكفكف دموعه:
يا أمّي ويا أبي، إنّني أبكي كلّ يوم، لكنّني لست أبكي ألماً لفراقكم، بل لأنّي أريدكم أن تعيشوا في كنف شرع الرّحمن، هنا في أرض الإسلام، فأنا أريد لكم الجنّة، أريد أن يسخّركم الله لخدمته وطاعته، مثلما أسأله أن يسخّرني لنصرة دينه ورفع رايته، أريد أن تزهدوا في هذه الدّنيا لأنها زائلة، وأنّكم لا بدّ يوماً عنها راحلون.
يا أبي إنْ كنت تعرف دينك حقّ المعرفة، فإنك -وبلا شكٍّ- ستفرح لتوبتي وهجرتي، وكذلك ستفعل أمّي. فاصبرا، واحتسبا الأجر لله، فمهما بقينا معاً سنفترق يوماً، فالدّنيا فانية والملتقى الجنّة يا أهلي، فتلك هي دار الخلود، وتلك هي الحياة.
خرج أبو حذيفة من حربه الشّرسة التي دخلها هاتفيّاً مع عائلته، قبل أن يخوض أولى معاركه العنيفة على الأرض. انتهت الأولى بانتصاره؛ فقد انتصر بثباته، انتصر بنهجه الذي سار عليه، انتصر بتوبته وعودته إلى طريق الهداية والإيمان، انتصر بثباته على طريق الجهاد، وانتهت معركته الثّانية بنيله الشّهادة كما نحسب، بعدما قُتل بصاروخ طائرةٍ صليبيّة في معركة كان يخوضها ضدّ المرتدّين.
قلّةٌ هم الرّجال الذين يصمدون ويتخطّون عقبات المحن، وهكذا هم رجال الأمّة، كأمثال أبي حذيفة المغربيّ، صابرون على ما ابتلاهم الله به من محنٍ، يحزنهم وجع أمّهاتهم، وأنين آبائهم، وانكسار زوجاتهم، ودموع أبنائهم، وحسرة إخوانهم وأخواتهم، لكنّهم ثابتون على درب الجهاد، لا تهزّهم الرّزايا، ولا تخيفهم أو تردّهم المنايا، كأشجار الصّنوبر، كلّما اشتدّت العواصف اشتدّوا تجذّراً وثباتاً، كالنّخل الشّامخ الذي ينافس السّحب علواً، كأسد الشّرى، لا يموتون إلا وقوفاً!
• مقتطف من صحيفة النبأ – العدد 10
(قصة شهيد)