بوابة السماء بوابة السماء بسم الله الرحمن الرحيم ،الخوف من الظلمة أمرطبيعي وفطري والحل هو أن ...

منذ 2017-12-06
بوابة السماء
بوابة السماء

بسم الله الرحمن الرحيم ،الخوف من الظلمة أمرطبيعي وفطري والحل هو أن نضيء لإنسانيتنا مصباح ، كذلك هي العقول تحتاج الى ما ينير لها الدرب لمتابعة مسيرة الحياة التي لا بد لها من نقطة تتوقف فيها عن المتابعة شئنا ذلك أم أبينا لتعود لصانعها، فهل من مفكر للنجاة

بوابة السماء :: الطريق لبوابة السماء :: معالم القدس والمسجد الأقصى شاطر | المزيد!
تاريخ بناء المسجد الأقصى وما تبعه من أحداث على مر العهود استعرض الموضوع السابق



مسيرة المسجد الأقصى وتعاقب الأحداث عبر العهود والأزمان

المرحلة الأولى
من عهد آدم عليه السلام - إلى حوالي عام 1550 ق.م
هذه هي المرحلة الأولى في تاريخ المسجد الأقصى المبارك، وتمتد منذ بنائه الأول على يد آدم عليه السلام، وحتى أول انحدار معروف له تاريخيا في عهد فرعون مصر، وتشهد فيما بين ذلك بعثة أبي الأنبياء إبراهيم عليه السلام، ثم إسحاق ويعقوب ويوسف عليهم الصلاة والسلام، ولتتعاقب عليها أقوام اليبوسيين، والكنعانيين، والهكسوس.
جاء بناء المسجد الأقصى المبارك فوق هضبة موريا r بالقدس القديمة، ليصبح ثاني بيت وضع للناس لعبادة الله تعالى، بعد أربعين عاما من بناء البيت الأول، [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]الحرام بمكة، كما نص على ذلك الحديث الشريف.
- عن أبي ذر الغفاري -رضي الله تعالى عنه- قال: قلت: (يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ مَسْجِدٍ وُضِعَ فِي الْأَرْضِ أَوَّلَ؟ قَالَ: الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ، قَالَ: قُلْتُ ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: الْمَسْجِدُ الْأَقْصَى، قُلْتُ: كَمْ كَانَ بَيْنَهُمَا؟ قَالَ: أَرْبَعُونَ سَنَةً، ثُمَّ أَيْنَمَا أَدْرَكَتْكَ الصَّلَاةُ بَعْدُ فَصَلِّهْ فَإِنَّ الْفَضْلَ فِيهِ.) صحيح البخاري/ حديث 3115 ترقيم العالمية
هذا الحديث الشريف حدد المدة الفاصلة بين بناء البيتين الحرام والمقدس بأربعين سنة، وهو ما يرجح أن يكون بانيهما نفس الشخص أو من نفس الجيل. واختلف في تحديد هذا الباني الأول على ثلاثة أقوال، فمن قائل انه آدم d عليه السلام أو أحد أبنائه، ومن قائل إنهم الملائكة، وذلك قبل وجود البشر على الأرض، ومن قائل إنه إبراهيم br - br عليه السلام. والمرجح هو أنه آدم، عليه السلام، بوحي من الله تعالى، لأن هذين البيتين إنما وضعا ليتعبد فيهما الناس، وليس الملائكة، بخلاف البيت المعمور في السماء، فناسب أن يبنيهما الناس. ثم إن إبراهيم عليه السلام إنما رفع قواعد البيت الحرام ولم يبنها ابتداء، كما نص القرآن الكريم، فلا يرجح أن يكون هو الباني الأول لأي من المسجدين الحرام أو الأقصى.- قال تعالى: (رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ) إبراهيم37

- قال تعالى: (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ. رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) البقرة 127-128 ويرجح أن يكون البناء الأول للمسجد الأقصى قد اقتصر على وضع حدوده، وتحديد مساحته التي تتراوح بين 142 – 144 دونم (الدونم = ألف متر مربع). فكلمة المسجد، لغويا، هي اسم لمكان السجود، الذي هو من أهم وأخص أركان الصلاة والعبادة لله تعالى. وهذه الكلمة تشير، اصطلاحا، إلى أرض ذات مساحة محددة، تخصص للصلاة، وتحدد لها قبلة. وتشمل مساحة [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]كل ما تحت هذه الأرض إلى سبع أرضين وما فوقها إلى سبع سماوات، ولا يشترط أن يكون [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]بناء مقببا، أو غير مقبب.
وحدود االمسجد الأقصى المبارك، والتي يدل عليها السور الحالي الذي يحيط به، لم يطرأ عليها، في الأغلب، أي تغيير منذ وضعت لأول مرة وحتى يومنا هذا. وبالرغم من تعرضه للهدم والتدمير عدة مرات، لعوامل شتى، نماما كما تعرض [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]الحرام في مكة لمثل ذلك، فقد بقيت قواعد البيت الحرام، وبقيت أساسات سور البيت المقدس، يجددها المجددون على مر العصور.
ويعتقد كثير من الباحثين أن [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]الحرام بمكة لم يزل معمورا حتى جاء زمن نوح - عليه الصلاة والسلام، فاختفى مع الطوفان. واستمر الأمر على ذلك حتى بوأ الله تعالى لإبراهيم، عليه السلام، مكان هذا البيت فرفع هو وابنه إسماعيل ' - ، عليهما السلام، قواعده. وكذلك الأقصى المبارك، فقد انقطعت أخباره في العهود البائدة من بعد آدم عليه السلام. واستمر الأمر على ذلك إلى أن هاجر إبراهيم عليه السلام إلى الأرض المباركة حول المسجد الأقصى ، واتخذها مركزا لنشر دعوة التوحيد. ومنذ ذلك الحين، عمر هو وذريته من ابنه الثاني، النبي إسحاق q (c)، ثم حفيده النبي يعقوب Y'qb - Jcb (إسرائيل r)، عليهم جميعا الصلاة والسلام، ثم الأسباط wv rb (حفدة يعقوب)، [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] المبارك. - قال تعالى: (وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطاً إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ) الأنبياء: 71
- قال تعالى: (فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلّاً جَعَلْنَا نَبِيّاً) مريم 49
- قال تعالى: (وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيّاً مِّنَ الصَّالِحِينَ. وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ وَمِن ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ مُبِينٌ) الصافات 112-113
أما التاريخ، والذي لم يبدأ علميا إلا بعد أن عرفت الكتابة حوالي عام 3500 ق. م، فقد سجل قدوم اليبوسيين ، وهم بطن من بطون العرب الكنعانيين C (الذين استقروا بفلسطين، فعرفت باسمهم، أرض كنعان C)، إلى القدس، وبناءهم لها خلال حوالي عام 3000 ق. م. وكانت القدس تعرف باسمهم، يبوس Jb. ويعتقد أنها كانت تقوم في أول أمرها على تلال أوفل وسلوان الواقعة إلى الجنوب من المسجد الأقصى المبارك مباشرة. وتعد بعض الحجارة اليبوسية التي تظهر في أخفض زوايا سور البلدة القديمة بالقدس حاليا، وهي الزاوية الجنوبية الشرقية، أقدم الآثار الإنسانية في المدينة على الإطلاق، ولعلها تدل على أن اليبوسيين جددوا بناء هذا السور الذي يتحد مع سور المسجد الأقصى المبارك في هذه الناحية.

ويعتقد الباحثون أن هؤلاء اليبوسيين عرفوا ديانة التوحيد، الإسلام، لحرصهم على مجاورة المسجد الأقصى المبارك، وأيضا لاحتفائهم بهجرة نبي الله إبراهيم عليه السلام إليهم حوالي عام 1900 ق. م[1]. وتذكر التوراة المتداولة في يد اليهود حاليا أنه عليه السلام التقى ملكهم، مِلكي صادق czd، أو ملك السلام، وكان صديقا له. وهذا الملك هو الذي ينسب إليه الاسم الكنعاني للقدس، أور سالم Ūršī، أي مدينة سالم، أو مدينة السلام، وهو الاسم الذي اشتق منه الاسم Jr الذي يستخدم في العالم الغربي للإشارة إلى القدس حاليا.



ويؤكد القرآن الكريم في أكثر من موضع أن إبراهيم عليه السلام، وجميع الأنبياء من ذريته، ومن بينهم إسرائيل (يعقوب عليه السلام) والذي عاش هو وأبناؤه في الأرض المباركة لفترة من الزمن، إنما كانوا موحدين أسلموا وجوههم لله تعالى. وهو بهذا يقطع أية صلة دينية متوهمة بين تلك الأمة المسلمة التي خلت، وبين يهود ونصارى اليوم الذين يدعون الارتباط بها، وينسبون أنفسهم إليها، بل ويصر الصهاينة منهم على نسبة الكيان الغاصب الذي أقاموه في بيت المقدس مؤخرا إلى نبي الله إسرائيل عليه السلام.

- قال تعالى: (وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ. إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ. وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ. أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاء إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَـهَكَ وَإِلَـهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَـهاً وَاحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ. تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ وَلاَ تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ. وَقَالُواْ كُونُواْ هُوداً أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُواْ قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ. قُولُواْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ.) البقرة 130-136

- قال تعالى: (أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطَ كَانُواْ هُوداً أَوْ نَصَارَى قُلْ أَأَنتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللّهُ) البقرة 140

- قال تعالى: (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَآجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنزِلَتِ التَّورَاةُ وَالإنجِيلُ إِلاَّ مِن بَعْدِهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ. يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَآجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنزِلَتِ التَّورَاةُ وَالإنجِيلُ إِلاَّ مِن بَعْدِهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ. هَاأَنتُمْ هَؤُلاء حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُم بِهِ عِلمٌ فَلِمَ تُحَآجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ. مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيّاً وَلاَ نَصْرَانِيّاً وَلَكِن كَانَ حَنِيفاً مُّسْلِماً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ. إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَـذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَاللّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ) آل عمران 65 -68

- قال تعالى: (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً لِلّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) النحل 120

- قال تعالى: (وَلَقَدْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً وَقَالَ اللّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاَةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنتُم بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللّهَ قَرْضاً حَسَناً لَّأُكَفِّرَنَّ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ فَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيلِ) المائدة 12


وبين حوالي عامي 1800 – 1600 ق. م[2]، عرفت أرض فلسطين الهكسوس y، أو "الحكام الأجانب"، باللغة المصرية القديمة. وهؤلاء كانوا بدوا استقروا في مصر، وأقاموا مملكة في شمالها، ولكنهم لم يدينوا بدين المصريين القدماء، الذين كان أكثرهم يؤلهون حكامهم, ويتعبدون للشمس والقمر، ولبعض الحيوانات كالثور والبقرة والقردة. ولعل بعثة نبي الله يعقوب ثم ابنه النبي الكريم يوسف Yf - J، عليهما الصلاة والسلام، قد حدثت خلال هذه الفترة. حيث يشير القرآن إلى حكام مصر في عصر نبي الله يوسف بلفظ "ملك"، وليس "فرعون"، والذي يستخدمه عند ذكر حكام مصر في عصر لاحق، هو عصر النبي موسى - عليه السلام.

- قال تعالى: (وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مِكِينٌ أَمِينٌ) يوسف54

وهكذا كان دخول يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام إلى مصر بعد أن تآمر عليه إخوته. فدعا إلى الله فيها، وواجه فساد المجتمع، حتى وصل إلى أرفع المناصب، وهو منصب العزيز (كبير الوزراء).

- قال تعالى حكاية عن يوسف عليه السلام: (يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُّتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ) يوسف39

ثم انتقل إليها أبوه يعقوب عليه السلام وأولاده، بعدما أصاب الجدب أرضهم جنوبي بادية النقب بفلسطين، ليعمل الجميع على نشر دين الله، الإسلام، بين أهل مصر، باعتبار أن رسالة الإسلام، رسالة التوحيد الخالص لله تعالى، هو الدين الذي دعا إليه كل الأنبياء عبر التاريخ[3].

- قال تعالى: (فَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُواْ مِصْرَ إِن شَاء اللّهُ آمِنِينَ) يوسف 99

- وقال تعالى حكاية عن مؤمن آل فرعون (وَلَقَدْ جَاءكُمْ يُوسُفُ مِن قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِّمَّا جَاءكُم بِهِ حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَن يَبْعَثَ اللَّهُ مِن بَعْدِهِ رَسُولاً كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُّرْتَابٌ) غافر 34

ومن هذا العرض يتبين كيف عرفت منطقة بيت المقدس نور الهداية منذ بدء الخليقة، وتعاظمت بركتها وقدسيتها بهجرة نبي الله إبراهيم، عليه السلام، إليها. ومن ثم، امتد النور والبركة منها إلى مصر القديمة، التي تعد من أولى الحضارات في العالم.
المصادر
محسن محمد صالح، الطريق إلى القدس،(القاهرة، مركز الإعلام العربي،2003م)، ص: 20
د.جمال عبد الهادي، مقال بعنوان "الإسلام هو الحل : رؤية تاريخية"، موقع التاريخ

المرحلة الثانية:

العلو الفرعوني وتسلط الجبارين
من حوالي 1550 ق.م - حوالي 1000 ق.م

هذه المرحلة شهدت تسلط فرعون مصر ثم الجبارين (العمالقة) على الأرض المباركة، وبعثة موسى وهارون عليهما السلام إلى بني إسرائيل، الأمة المسلمة آنذاك، لتحريرها، وهو الهدف الذي تأخر تحقيقه لبعض الوقت بسبب ضعف إيمانهم.
خلال العقد 1550 ق.م تقريبا، بدأ عصر الدولة المصرية الثالثة (الحديثة)، والتي تعتبر أقوى وأهم الممالك المصرية القديمة. فبعد أن هزم حاكمها الأول، أحمس الأول، الهكسوس، أصبحت تسيطر على مصر كلها، ثم توسعت شمالا. وفي عهد ملكها تحتمس الثالث، الذي تولى الحكم حوالي عام 1479 ق.م، وكان أول حاكم مصري يلقب بالفرعون [1] r، بلغت الدولة المصرية أقصى اتساع لها فامتدت من الأناضول شمالا إلى القرن الإفريقي جنوبا، وخضعت القدس (يبوس - أورسالم) بذلك للحكم الفرعوني المباشر.
ولكن غالبية المصريين القدماء لم يكونوا في ذلك الحين يؤمنون بالإله الواحد الأحد، رغم أن يوسف عليه السلام جاءهم من قبل بالبينات، بل إن قسما منهم اتخذوا حكامهم الذين تسموا بالفراعنة آلهة. فاتسم حكمهم بالإفساد والعلو في الأرض، وعم الظلام الأرض المباركة.
- قال تعالى: (إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ. وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ. وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ) القصص 4-6
وخضع بنو إسرائيل Cdr f r/ r الذين كانوا يمثلون أمة الرسالة في ذلك الحين لهذا الحكم الظالم. وسامهم الفراعنة سوء العذاب، فكانوا يقتلون أبناءهم ويستبقون نساءهم للخدمة. وإزاء هذا البلاء الذي وصفه الله تعالى بالعظيم، كان من بين هذه الأمة المسلمة من تمسك بدينه، مثل آل موسى ( - ) وهارون (r - r)، عليهما السلام، ومنهم من تأثر بفرعون وقومه، فبغى، مثل قارون، بينما طغت المادية على حياة الكثيرين منهم، وفقدوا عزتهم.
- قال تعالى: (إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ) القصص 76
- قال تعالى: (فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ) القصص 79
ومع عظم البلاء، جاء عظم المنحة، فبعث الله تعالى موسى عليه السلام، والذي نجى من بطش عدوه فرعون مصر، رغم أنه نشأ في بيته، وبعث معه أخاه هارون عليه السلام، لإخراج بني إسرائيل من العذاب المهين، وقيادتهم إلى أرض النجاة والأمل، أرض بيت المقدس.
- قال تعالى: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللّهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ) إبراهيم 5
- قال تعالى: (أَنْ أَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ) الشعراء 17
واستكبر فرعون وجنوده، ورفض دعوة موسى وأخيه عليهما السلام، فأهلكهم الله بآية عظيمة شهدها بنو إسرائيل بأعينهم، وهي آية فلق البحر. وخرج موسى عليه السلام ببني إسرائيل من مصر إلى سيناء قاصدا الأرض المقدسة، حيث المسجد الأقصى المبارك، وكان ذلك إيذانا بزوال ملك آل فرعون.
- قال تعالى: (وَإِذْ نَجَّيْنَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوَءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءكُمْ وَفِي ذَلِكُم بَلاءٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ. وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ) البقرة 49-50
- قال تعالى: (يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ قَدْ أَنجَيْنَاكُم مِّنْ عَدُوِّكُمْ وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى) طه 80
- قال تعالى: (وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُواْ يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُواْ وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُواْ يَعْرِشُونَ) الأعراف 137
مسار خروج نبي الله موسى عليه السلام ببني إسرائيل من مصر (المصدر: دورة علوم الأقصى الأولى على الإنترنت –د.عبدالله معروف)
ولعل رسائل تل العمارنة r r ، والتي شملت مداولات بين الإدارة المصرية، خاصة في عهد إخناتون الذي حكم مصر خلال العقد 1330 ق. م، من جهة، وممثليها في أرض كنعان، ومنهم عبد حيبا، من جهة أخرى، تدل على بداية تعرض الحكم الفرعوني للأرض المباركة للانحسار في تلك الفترة. حيث تضمنت هذه المراسلات مطالبات لحكام مصر بتوفير الحماية لهذه الأرض من الأعداء الذين يعتقد أنهم كانوا من الحيثيين أو الهكسوس أو العبرانيين.
فمع ضعف دولة الفراعنة وانحسار حكمهم المباشر للأرض المباركة، انتقلت مقاليد الأمور فيها إلى قبائل تعرف بقبائل "بلستيا" ، قدمت من جهة البحر المتوسط، ومن جزر كريت في بحر إيجه، واستوطنت المنطقة. ويعتقد أن الاسم "فلسطين" نسبة إليهم. وباندماج هذه القبائل بأهل بيت المقدس من اليبوسيين والكنعانيين، الذين كانوا قد عرفوا ملة إبراهيم عليه السلام من قبل، ولكنهم انحرفوا عنها، اتسم حكمهم لهذه الأرض بالفساد، وعرفوا جميعا بالعمالقة
ورغم تعدد نعم الله على بني إسرائيل، الأمة المسلمة آنذاك، والموكلة بتحرير الأرض من نير الظلم والفساد، إلا أن عصيانهم لموسى عليه السلام بعد خروجهم من مصر تكرر لأكثر من مرة، على ما فصله الله تعالى في سورة البقرة، وفي كثير من سور القرآن الكريم، وكأنما أفسد الذل الذي سامهم إياه فرعون نفوسهم، فجبلت على الإعراض عن المعالي. وكان من أبرز مظاهر عصيانهم وجحودهم للعهد مع الله تعالى عبادتهم العجل من دونه تعالى، ثم جبنهم عن دخول الأرض المباركة وتحريرها وتحرير البيت المقدس من براثن العمالقة (والذين أشار إليهم القرآن الكريم باسم الجبارين).
- قال تعالى: (يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ وَلاَ تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنقَلِبُوا خَاسِرِينَ. قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْماً جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا حَتَّىَ يَخْرُجُواْ مِنْهَا فَإِن يَخْرُجُواْ مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ) المائدة 21 – 22
وتألم موسى عليه السلام كثيرا لهذا الجحود والعصيان، ولبقاء المسجد الأقصى محروما من وصال المؤمنين، دون أن تمتد إليه يد لتعميره أو إزالة المظالم حوله، فلجأ إلى ربه يدعوه أن يفرق بينه وبين القوم الفاسقين. وكتب الله عليهم التيه أربعين سنة، وذلك في أرض سيناء على الأرجح، حتى ينشأ جيل جديد لم يفسده الذل.
- قال تعالى: (قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الأَرْضِ فَلاَ تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ) المائدة 26
ومات هارون عليه السلام في التيه. وبانتهائه، قاد موسى عليه السلام الجيل الجديد من بني إسرائيل الأكثر إيمانا نحو الأرض المقدسة، من جهة الأردن، ولكنه أيضا مات قبل أن يدخلها. ويروي الحديث الشريف أنه دعا الله تعالى أن يدنيه منها عند موته، فاستجاب عز وجل له.
- عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: (أُرْْسِلَ مَلَكُ الْمَوْتِ إِلَى مُوسَى عَلَيْهِمَا السَّلَام فَلَمَّا جَاءَهُ صَكَّهُ فَرَجَعَ إِلَى رَبِّهِ فَقَالَ أَرْسَلْتَنِي إِلَى عَبْدٍ لَا يُرِيدُ الْمَوْتَ فَرَدَّ اللَّهُ عَلَيْهِ عَيْنَهُ وَقَالَ ارْجِعْ فَقُلْ لَهُ يَضَعُ يَدَهُ عَلَى مَتْنِ ثَوْرٍ فَلَهُ بِكُلِّ مَا غَطَّتْ بِهِ يَدُهُ بِكُلِّ شَعْرَةٍ سَنَةٌ قَالَ أَيْ رَبِّ ثُمَّ مَاذَا قَالَ ثُمَّ الْمَوْتُ قَالَ فَالْآنَ فَسَأَلَ اللَّهَ أَنْ يُدْنِيَهُ مِنْ الْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ رَمْيَةً بِحَجَرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَوْ كُنْتُ ثَمَّ لَأَرَيْتُكُمْ قَبْرَهُ إِلَى جَانِبِ الطَّرِيقِ عِنْدَ الْكَثِيبِ الْأَحْمَرِ.) صحيح البخاري/ حديث 1253 ترقيم العالمية
وبعد وفاة موسى عليه السلام، بعث الله تعالى نبيا آخر (تذكر التوراة المتداولة حاليا بيد اليهود و[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] أن اسمه يوشع J) قاد بني إسرائيل باتجاه الأرض المباركة، فعبر نهر الأردن حوالي عام 1190 ق. م، بحسب المصادر التاريخية[2]، وفتح أريحا.


- ‏عن‏ ‏أبي هريرة‏ ‏قال: قال رسول الله‏ ‏صلى الله عليه وسلم (‏إِنَّ الشَّمْسَ لَمْ تُحْبَسْ ‏ ‏لِبَشَرٍ ‏ ‏إِلَّا ‏ ‏لِيُوشَعَ ‏ ‏لَيَالِيَ سَارَ إِلَى ‏ ‏بَيْتِ الْمَقْدِسِ) مسند أحمد/ 7964

ولكن بني إسرائيل جددوا عصيانهم، وخالفوا توجيهات الله تعالى لهم بطلب المغفرة عند فتح القرى، فكفروا بنعمة الله عليهم بدلا من شكرها. وهذا الموقف استتبع تأخر دخولهم بيت المقدس لسنوات طوال خلال ما يسمى بعصر القضاة، والذي اتسم بالفوضى والانحلال.

- قال تعالى: (وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُواْ هَـذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُواْ مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً وَادْخُلُواْ الْبَابَ سُجَّداً وَقُولُواْ حِطَّةٌ نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ. فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ رِجْزاً مِّنَ السَّمَاء بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ) البقرة 58- 59

ويحفل القرآن الكريم بقصص بني إسرائيل، في حياة موسى عليه السلام، ويفصل مظاهر عصيانهم لله ورسوله في كثير من آياته، وهو ما يشكك في صدق إيمانهم بهذا النبي الكريم وولائهم لبيت الله المقدس، ويكذب دعاوى اليهود الحاليين بهذا الشأن. كما أن هذا التفصيل لهذه القصة العظيمة يؤكد ارتباط النصر والفتح بقوة الإيمان والعقيدة والطاعة لله ورسله في نفوس الأمة المسلمة في أي وقت وحين، فضلا عن تأكيد ارتباط الأمن والسلام في العالم أجمع بسيادة العقيدة الصحيحة والمنهج القويم على هذه الأرض المباركة.

المصادر
د. محسن محمد صالح، ، الطريق إلى القدس،(القاهرة، مركز الإعلام العربي،2003م)، ص: 27 . أو سنة 1189 ق. م عند عارف باشا العارف، في كتابه تاريخ القدس، دار المعارف، القاهرة، الطبعة الرابعة 2002م


المرحلة الثالثة:

فتح داود عليه السلام
من حوالي سنة 1000 ق.م - حوالي سنة 920 ق.م
هذه المرحلة من أهم وأبرز مراحل الازدهار في تاريخ المسجد الأقصى المبارك، وشهدت انتقال بني إسرائيل من العصيان إلى الطاعة، ودخولهم بيت المقدس بقيادة داود عليه السلام، حيث أقاموا خلافة مسلمة عظيمة جدد خلالها بناء المسجد الأقصى.
استمر فشل بني إسرائيل من بعد موسى عليه السلام في إتمام فتح الأرض المقدسة لسنوات طويلة، فأيقنوا أن طاعة الله ورسله والجهاد في سبيله هو الطريق الوحيد للخروج من الذل الذي حل بهم، ولمواجهة أعداء الله الذين أخرجوهم من ديارهم. ولجأ الملأ منهم إلى نبي لهم ليدعو الله حتى يبعث إليهم ملكا يقاتلون معه لتحرير الأرض المباركة، وفتح بيت المقدس. ويحكي القرآن تفاصيل هذه الملحمة العظيمة التي مر بها بنو إسرائيل حتى استحقوا النصر على القوم الجبارين (العمالقة)، في سورة البقرة.
- قال تعالى: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلإِ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ مِن بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُواْ لِنَبِيٍّ لَّهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكاً نُّقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِن كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلاَّ تُقَاتِلُواْ قَالُواْ وَمَا لَنَا أَلاَّ نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِن دِيَارِنَا وَأَبْنَآئِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْاْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ) البقرة 246

ومن أبرز تفاصيل هذه الملحمة أن قرار الجهاد اتخذ على أعلى المستويات في بني إسرائيل، ولكن كان لابد من الثبات على خطوات تنفيذه، وهو ما احتاج إلى تمحيص متكرر، حتى ظهرت من بينهم الفئة القليلة المؤمنة التي حقق الله النصر على يديها. فقد تولوا إلا قليلا منهم بعد أن كتب عليهم القتال، كما ورد في الآية القرآنية السابقة، مما أدى إلى وصم هؤلاء المعرضين بالظالمين.
ثم مر هؤلاء الذين ثبتوا في هذا الاختبار الأول باختبار آخر أشد صعوبة لدى اختيار طالوت (تطلق عليه التوراة المتداولة حاليا بيد اليهود و[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] اسم شاول ) ملكا عليهم. فقد اعترضوا عليه، وبرروا ذلك بأنه لم يؤت سعة من المال. ومرة أخرى، لم ينجح إلا البعض في هذا الاختبار، بعد أن وثقوا باختيار الله تعالى لمن أوتي بسطة في العلم والجسم.
وبعد أن سار الناجحون في هذا الاختبار الثاني مع الملك طالوت، أمرهم بعدم الشرب من نهر مروا عليه، رغم أنهم عطاش، إلا جرعات قليلة. ولم يلبث غالبية القوم أن فشلوا في هذا الاختبار الجديد، ولم يثبت منهم إلا القليل الذين وصفهم الله بالإيمان. ثم مر هذا القليل بتجربة أخيرة هي ملاقاة جالوت G ملك الجبارين في جنوده وجها لوجه. وهنا، لم يثبت إلا من يوقنون بالآخرة يقينا جازما، فدعوا الله تعالى أن يثبتهم وينصرهم على القوم الكافرين، وجاء النصر منه تعالى.
وبرز من القلة المجاهدة داود Dvd، عليه الصلاة والسلام، فقتل جالوت، ملك الجبارين، وانتصر المؤمنون. وآتى الله عبده داود الملك والحكمة، وآتاه علما، وأنزل عليه كتابا هو الزبور ، وسخر معه الجبال والطير يسبحن، وألان له الحديد، فكان يعمل بيده، ووصفه الله تعالى بالعبد الأواب ذي القوة في العبادة.

- قال تعالى: (اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ) ص 17

بعد أن تولى داود عليه السلام الملك، تمكن من فتح القدس حوالي عام 995 ق. م. [1]، فوسعها، وعمرها، وجعلها عاصمة لملكه، لتشهد هي ومسجدها المبارك عهدا ذهبيا امتد حتى نهاية عهد ابنه سليمان عليهما السلام، واعتبر أبرز عهد لها عرفه التاريخ القديم.

ويزعم الصهاينة اليوم، والذين ينسبون أنفسهم لداود عليه السلام، أنه أسس نواة القدس الأولى التي يعتقد أنها كانت على تلال أوفل وسلوان المحاذية للسور الجنوبي للبلدة القديمة بالقدس حاليا. ولذا، يطلقون على سلوان التي تعتبر البوابة الجنوبية للمسجد الأقصى المبارك اسم "مدينة داود Cy f Dvd". والصحيح أن اليبوسيين العرب كانوا أول من أسس القدس في هذه المنطقة لوجود عين سلوان بها، وهو ما تدل عليه الحجارة اليبوسية التي لا تزال موجودة فيها. أما داود عليه السلام، فتمثل دوره في فتحها واتخاذها عاصمة لمملكته التي امتدت لتشمل كل أراضي فلسطين، للمرة الأولى في حياة أتباع التوحيد من بني إسرائيل.

حجارة يبوسية في الجهة الجنوبية من المسجد الأقصى المبارك تثبت أن داود عليه السلام لم يكن أول من بنى مدينة القدس
وبعد وفاة داود حوالي عام 963 ق. م. [2]، ورثه ابنه سليمان ، عليهما السلام، من حيث النبوة والملك، بإذن الله تعالى. واتسع ملك النبي الكريم، سليمان عليه السلام، فشهد حركة بناء وعمران ضخمة ارتبطت بالصروح والمحاريب، وبلغ شأوا عظيما يعجز عن إدراكه البشر. فقد علمه الله تعالى منطق الطير، وسخر له الريح والجن، وأسال له عين القطر. وكان ملكه عليه السلام معجزة على نبوته، ولم يكن سحرا أو كفرا، كما ادعت يهود. فقد نفى الله تعالى عنه ذلك، ووصفه بالعبد الأواب، كما وصف أباه داود من قبل.
- قال تعالى: (وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ) الأنبياء 81
- قال تعالى: (وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ وَمِنَ الْجِنِّ مَن يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَن يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ. يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِن مَّحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَّاسِيَاتٍ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ) سبأ 12-13

وامتد نفوذ مملكة سليمان عليه السلام إلى سبأ b في اليمن جنوبا، فدخلها الإسلام على شريعة موسى عليه السلام، وأسلمت معه ملكتها، كما يحكي القرآن الكريم.

- قال تعالى: (قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَن سَاقَيْهَا قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُّمَرَّدٌ مِّن قَوَارِيرَ قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) النمل 44

وكان طبيعيا أن تمتد آثار النبوة والملك العظيم اللذين اجتمعا لسليمان عليه السلام، إلى المسجد الأقصى المبارك الذي كان قد بناه لأول مرة آدم عليه السلام أو أحد أبنائه على الأرجح. فقد جدده سليمان عليه السلام تجديدا يليق بملكه، كما يؤكد الحديث الشريف.

- عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (لَمَّا فَرَغَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ مِنْ بِنَاءِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ سَأَلَ اللَّهَ ثَلَاثًا حُكْمًا يُصَادِفُ حُكْمَهُ وَمُلْكًا لَا يَنْبَغِي لَأَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ وَأَلَّا يَأْتِيَ هَذَا الْمَسْجِدَ أَحَدٌ لَا يُرِيدُ إِلَّا الصَّلَاةَ فِيهِ إِلَّا خَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَّا اثْنَتَانِ فَقَدْ أُعْطِيَهُمَا وَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ قَدْ أُعْطِيَ الثَّالِثَةَ.) سنن ابن ماجه/ حديث 1398 ترقيم العالمية

ويلاحظ في هذا الحديث أن الإشارة إلى المسجد الأقصى المبارك وردت باسم "بيت المقدس". وهذا الاسم في الحقيقة هو الترجمة العربية الفعلية للفظة العبرية "بيت هاميكداش"، التي يطلقها اليهود على هذا المسجد المبارك. أما الترجمة المتداولة لهذه الكلمة العبرية إلى معبد أو هيكل بالعربية، فهي مأخوذة عن الكلمة الإنجليزية ، والتي جاءت بدورها من ترجمة اليونانيين والرومانيين القدماء لكلمة "بيت المقدس" إلى "معبد"، إذ أن مفهوم بيوت الله ليس مألوفا لديهم.

ويعتقد بعض الباحثين، وخاصة الدكتور عبدالله معروف، صاحب كتاب "المدخل إلى دراسة المسجد الأقصى المبارك"، أن اختفاء آثار هذا التجديد العظيم للأقصى، والذي تم في عهد سليمان عليه السلام، رغم الحفريات الكثيرة التي أجراها الأثريون في المسجد المبارك وما حوله، يعتبر استجابة من الله تعالى لدعوة هذا الرسول الكريم بأن يؤتيه ملكا لا ينبغي لأحد من بعده. فهذا الملك لا ينبغي لأحد من بعده أن يحوز مثله، ولا حتى أن يدرك كنهه.

- قال تعالى: (قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لَّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ) ص 35

وهكذا .. حكم بنو إسرائيل المصطفون الأرض المباركة، في عهد النبيين الكريمين والملكين العظيمين، داود وسليمان عليهما السلام، حكما عادلا وآمنا، امتد حوالي 80 عاما، حتى وفاة سليمان عليه السلام عام 923 ق. م.[3] .

ويزعم الصهاينة اليوم، وكثير منهم من اليهود، أنهم وارثي ملك داود وسليمان عليهما السلام، ويسعون، بناء على ذلك الزعم، إلى هدم المسجد الأقصى المبارك ببنائه الحالي، وطمس المعالم [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] في القدس المباركة، وإخراج أهلها منها. ولكن الحقيقة أنهم لا يمتون بصلة لتلك الأمة التي خلت من بني إسرائيل، ولا لهذه الأرض المباركة. فقد نبذوا النبوة والكتاب، وزعموا أن داود وسليمان، عليهما السلام، كانا ملكين لا نبيين، ونسبوا الكفر والسحر إلى سليمان عليه السلام، وحرفوا شريعة موسى عليه السلام، وقتلوا فريقا من أنبيائهم، وكذبوا فريقا آخر.

- قال تعالى: (وَلَمَّا جَاءهُمْ رَسُولٌ مِّنْ عِندِ اللّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ كِتَابَ اللّهِ وَرَاء ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ. وَاتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَـكِنَّ الشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ ..) البقرة 102

ولا شك أن النصر والتمكين حليف الصادقين من أتباع الأنبياء، في كل وقت وحين، وان اللعنة هي نصيب الكافرين على مر الدهور، كما ورد على لسان داود عليه السلام، وفي الكتاب الذي أوتيه.

- قال تعالى: (وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ) الأنبياء 105

- قال تعالى: (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ) المائدة 78


المصادر
[1] د. محسن محمد صالح، ، الطريق إلى القدس،(القاهرة، مركز الإعلام العربي،2003م)، ص: 32.

مُساهمةموضوع: تدمير الأقصى الأول والثاني وإعادة بنائه في عهد هيرودس لحين مجيئ نبي الله زكريا ويحيى وعيسى عليهم السلام الثلاثاء يناير 04, 2011 3:37
التدمير الأول (المسجد الأقصى):


بعد وفاة سيدنا سليمان(عليه السلام) ، وقع نزاع بين أبنائه على وراثة ملكه ، وكان نتيجة هذا الصراع ، انقسام المملكة إلى مملكتين ، الأولى في الجنوب وتسمى (يهوذا) وعاصمتها (أورشليم) واستمرت من (931 ق.م – 586 ق.م). والأخرى في الشمال وتسمى (إسرائيل) وعاصمتها (نابلس) أو (شكيم) واستمرت من (931 ق.م – 724 ق.م).

في إطار الصراع الإقليمي بين الدول المتحاربة في المنطقة ، تمكن ملك الآشوريين (سرجون الثاني) من الزحف إلى مملكة (إسرائيل) عام (722) ق.م ، وتدميرها تدميراً كاملاً ، وإبادة شعبها قتلاً وتشريداً.

أما مملكة (يهوذا) ، فقد زحف إليها الملك الكلداني نبوخذ نصر من بلاد آشور (العراق)، وحاصرها وأعمل فيها خراباً وتدميراً، حيث نهبها ودمر المعبد سنة (587) ق.م ، وسبى أكثر السكان إلى بابل، فيما فرَّ الآخرون إلى مصر وغيرها من الأقطار . وقد عرفت هذه المدة تاريخياً بـ (عصر السبي البابلي) . وفي السبي البابلي، مكث اليهود سبعين سنة ، حيث تعلموا الآرامية ، ومنها تطورت العبرية، وبالعبرية المقتبسة من الآرامية ، وضع الكهنة اليهود في الأسر البابلي توراتهم، وهي بلا شك ليست لغة سيدنا موسى(عليه السلام) المصرية التي نزلت بها التوراة الأصلية.

ويشير بعض المؤرخين إلى أن هذا الغزو لديار بني إسرائيل وتشريدهم ، وهدم معبدهم جزاءً وفاقاً لتخليهم عن هدي الرسالات وحقائق الدين ، وتحولهم من دور الإصلاح المنوط بأتباع الرسل إلى دور الإفساد الذي أرسلت الرسل لتطهير الأرض منه ، وجرت سنة الله التي لا تتبدل على أمة بني إسرائيل، إذ عوقبوا على الإفساد الذي أظهروه بواحاً ، فيشير البعض إلى أن المعبد الذي بناه سليمان(عليه السلام) لعبادة الله تعالى ، حوله بنو إسرائيل بعد وفاته إلى مكاناً للهو والدعارة والممارسات الآثمة.


العودة من السبي وإعادة بناء المسجد:


بعد سقوط مملكتي إسرائيل ويهوذا ، احتل ملك الفرس (قورش الإخميني) بلاد بابل، ومن ثم أصبح له السلطان على أرض (يهوذا). فأطلق الفرس على شعب يهوذا اسم (اليهود) وعلى ديانتهم (اليهودية) ، ومنذ ذلك التاريخ أصبحت كلمة (اليهود) تعني من اعتنق اليهودية ولو لم يكن من بني إسرائيل .

سمح قورش لليهود بالعودة إلى فلسطين عام (538) ق.م ، فقاموا بإعادة تعمير المدينة المقدسة، وأعادوا بناء المسجد مرة أخرى على نفقة بيت الملك في عهد دارا (داريوس) سنة (515) ق.م .


التدمير الثاني (المسجد الأقصى):


في سنة (332) ق.م ، تمكن الاسكندر المقدوني من السيطرة على فلسطين، ليبتدأ عهد الإغريق في المنطقة (332 ق.م – 64 ق.م) ، فتأرجح وضع اليهود بين مد وجزر، حتى كان عهد الملك السلوقي أنطيوخس الرابع (175 ق.م – 164 ق.م)، فدمر الهيكل ، ونهب كل ما فيه ، وأجبر اليهود على اعتناق الوثنية الإغريقية حتى اندلعت ثورة اليهود المكابيين .
وما حدث لليهود يعتبر ليس إجبارا فطالما كانوا ينتقلون للديانات الاخري طمعا وتذلفا لأصحابها فالدين عند اليهود طالما كان وسيلة لتحقيق أكبر ربح وليس عقيدة ثابتة عندهم


إعادة بناء المسجد للمرة الثانية:


نتيجة لاستمرار الصراع بين اليهود المكابيين وأعدائهم ، استغل الرومان الفرصة فقاموا باحتلال فلسطين سنة (63) ق.م ، واستولوا على القدس بقيادة القائد الروماني (يامبيوس)، وتم تنصيب (هيرودس) الروماني ملكاً على فلسطين . حاول هيرودس تهدئة الأوضاع واسترضاء اليهود ، فأعاد بناء المعبد (الهيكل) على نسق هيكل سليمان ، وذلك بين العامين (20- 18) ق.م ، وظل المعبد على هذا الحال حتى جاء نبي الله زكريا وابنه يحيى وعيسى بن مريم ابن خالة يحيى عليهم الصلاة والسلام .


المعبد في عهد يحيى وزكريا عليهما السلام


ورد في القرآن ما يدل على أن المعبد كان قائما في عهود هؤلاء الأنبياء ، حيث كانت مريم عليها السلام قد وهبتها أمها لخدمة بيت المقدس ، قال تعالى: (إذ قالت امرأة عمران رب إني نذرت لك ما في بطني محررا فتقبل مني إنك أنت السميع العليم. فلما وضعتها قالت رب إني وضعتها أنثى والله أعلم بما وضعت وليس الذكر كالأنثى وإني سميتها مريم وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم. فتقبلها ربها بقبول حسن وأنبتها نباتا حسنا وكفلها زكريا كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا، قال يا مريم أنى لك هذا قالت هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب. هنالك دعا زكريا ربه قال رب هب لي من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء. فنادته الملائكة وهو قائم يصلي في المحراب أن الله يبشرك بيحيى مصدقا بكلمة من الله وسيداً وحصوراً ونبياً من الصالحين).

فالنذر كان لخدمة المعبد المقدس ، ولكن جاء المولود أنثى هي مريم عليها السلام ، وكفلها زكريا(عليه السلام) الذي كان رئيس الهيكل حينئذ ، وفي محراب الهيكل دعا زكريا (عليه السلام) ربه بأن يرزقه الذرية الطيبة ، فجاءته البشرى بيحيى(عليه السلام) وهو قائم يصلي في المحراب.


ثم إن زكريا(عليه السلام) قد نشره اليهود بالمنشار فقتلوه ، كما قتلوا ولده يحيى(عليه السلام) عندما وشوا به إلى ملك ظالم في عصره .

وقتل هذين النبيين عليهما السلام اعتبر من الإفسادات الكبرى لليهود ، وما دام هؤلاء القتلة ما انفكوا يقتلون الأنبياء والصالحين الذين كان المعبد مصلاهم ومكان تقربهم إلى الله ، فأيهما أحق به، هم - أي اليهود- ، أم المسلمون أتباع خاتم المرسلين ووارث مساجد ومعابد إخوانه الأنبياء عليهم السلام؟!!!

المسجد في عهد عيسى عليه السلام:


جاء عيسى(عليه السلام) وأحوال بني إسرائيل في غاية الفساد والإفساد ، فعقائدهم قد طمست ، وأخلاقهم قد رذلت ، وسيطرت عليهم المادية الجشعة ، حتى إنهم اتخذوا من المعبد سوقاً للصيارفة والمرابين، وملهى لسباق الحمام . فأخبرهم (عليه السلام) بأن العقوبة قادمة إليهم بسبب هذا الإفساد . وفي هذا فقد أورد (إنجيل متى: 23) موقف عيسى(عليه السلام) حيث قال ]يا أورشليم.. يا أورشليم يا قاتلة الأنبياء وراجمة المرسلين إليها، كم أردت أن أجمع أولادك كما تجمع الدجاجة فراخها تحت جناحها ولم تريدوا، هو ذا بينكم يترك لكم خراباً ].

ومما يدل على أن المسجد الأقصى كان قائما في عهد عيسى(عليه السلام) ، ما ثبت في السنة الصحيحة من حديث الحارث الأشعري(رضي الله عنه) ، أن الرسول(صلى الله عليه وسلم) قال: "إن الله أمر يحيى بن زكريا بخمس كلمات أن يعمل بها ، ويأمر بني إسرائيل أن يعملوا بها ، وإنه كاد أن يبطئ بها ، فقال عيسى: إن الله أمرك بخمس كلمات لتعمل بها وتأمر بني إسرائيل أن يعملوا بها، فإما أن تأمرهم وإما أن آمرهم. فقال يحيى: أخشى إن سبقتني بها أن يخسف بي أو أعذب ، فجمع الناس في بيت المقدس ، فامتلأ المسجد وقعدوا على الشرف ، فقال: إن الله أمرني بخمس كلمات أن أعمل بهن، وآمركم أن تعملوا بهن.. أولهن: أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً.. إلى نهاية الحديث".

وواجه عيسى(عليه السلام) إفساد كهنة الهيكل من اليهود ، محذراً إياهم من مغبة جشعهم وظلمهم ، حيث ورد في (إنجيل لوقا: 19/45-47): [ولما دخل الهيكل ابتدأ يخرج الذين كانوا يبيعون ويشترون فيه قائلاً لهم: مكتوب أن بيتي بيت الصلاة ، وأنتم جعلتموه مغارة لصوص]. ولما استيأس عيسى(عليه السلام) من استجابتهم لنصائحه ، أخبرهم بأن هذه النعمة سوف تسلب منهم لأنهم لم يؤدوا شكرها.. سوف يهدم المعبد.. حيث ورد في (إنجيل متى /24/1،2): [ ثم خرج يسوع، ومضى من الهيكل، فتقدم تلاميذه لكي يروه أبنية الهيكل، فقال لهم يسوع: ماذا تنظرون؟ الحق أقول لكم ، إنه لا يترك ها هنا حجر على حجر لا ينقض ].
ثم كانت مؤامرة اليهود على سيدنا عيسى(عليه السلام)، وتحريضهم على قتله ، إلى أن رفعه الله تعالى إليه.


المسجد والتدمير الآخير:


صدقت نبوءة سيدنا عيسى(عليه السلام) في هدم المعبد ، وذلك عندما أقدم أحد ملوك الرومان وهو الإمبراطور (طيطس) عام (70 م) ، على إحراق المدينة المقدسة ، وتدمير المعبد الذي أقامه هيرودس، ولم يبق فيه حجر على حجر، ولكنه أبقى الحطام مكانه ، ليأتي بعده طاغية آخر هو (أدريانوس) فأزال معالم المدينة وحطام الهيكل، وأقام مكانه معبداً وثنياً سماه (جوبيتار) على اسم (رب الآلهة) عند الرومان، وكان ذلك سنة (135 م).


تدمير الهيكل الروماني:


بقي الهيكل الروماني على الهيئة الوثنية، إلى أن تمكنت المسيحية من أرض فلسطين ، فدمره المسيحيون في عهد الإمبراطور (قسطنطين).

انتهاء زمن الهيمنة اليهودية و[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] على أرض المسجد الأقصى:

ظل مكان الهيكل خالياً من بناء مقام فيه بقية عهد الرومان [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] حتى حدث الإسراء بالنبي محمد(صلى الله عليه وسلم) في عهد الحاكم الروماني هرقل (610-641م) ، وحتى الفتح الإسلامي للقدس في عهد الخليفة عمر بن الخطاب(رضي الله عنه) سنة 636م ، ولم يكن لليهود آنذاك وجود ، بل إن (صفرونيوس) بطريك [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] اشترط في عقد تسليم المدينة المقدسة أن لا يدخلها أحد من اليهود.



( سُبحان الذِى أسرى بعَبدهِ ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذِى باركنا حولهُ لنُريهُ مِن ءاياتنا إنهُ هُو السمِيعُ البصيرُ) الإسراء :1


حدث الاسراء بنبينا الكريم قبل الفتح العربي لبيت المقدس حيث أم رسولنا الاعظم الأنبياء كلهم وصلي بهم تكريما له وتأكيدا لفضله وفضل أمته علي سائر الامم ....

وجأت رحلة الاسراء والمعراج بعد فقد رسول الله صلى الله علية وسلم لعمه وزوجته وما قاساه بعدهما من اشتداد أذى قريش وما أسفرت عنه محاولته لدعوه أهل الطائف من مشاق ونتائج أليمة ثم ما لقية من قريش عند عودته إلى مكة من عنت وصلف بدت أثارهما على النبى صلى الله علية وسلم حتى توجه الى الله سبحانه وتعالى شاكياً همومه ومعاناته ملتمساً النصر مجدداً العزم على المضى قُدماً فى تحمل مسئوليته فى نشر الدعوة مستهيناً بكل الصعاب ما دام الله راضياً عنه فقال

إليك أشكو ضعف قوتي ، وقلةَ حيلتي ،
وهواني على الناس يا أرحم الراحمين .
أنت رب المستضعفين . وأنت ربي .. إلى من تكلني ؟
إلى بعيد يتجهمني .. أم إلى عدوٍ ملكته أمري ؟؟
إن لم يكن بك عليّ غضبٌ فلا أبالي ..
غير أن عافيتك هي أوسعُ لي...
أعوذ بنور وجهك الذي أشرقتْ له الظلمات ،
وصلحَ عليه أمر الدنيا والآخرة أن يحلّ عليّ غضبك ،
أو أن ينزلّ بي سخطك .. لك العتبى حتى ترضى ..
ولا حول ولا قوة إلا بك

فوقعت حادثة الأسراء والمعراج تسريةً عن نفس النبى صلى الله علية وسلم ومواساة له وتكريماً وتثبيتاً وكان ذلك فى السنة العاشرة من البعثة بعد وفاة عمه أبى طالب وقبل هجرته إلى المدينة


وقد قال الشيخ عطيَّة صقر في مسألة ثبوت الإسراء والمعراج ما نصُّه:
"الإسراء مأخوذٌ من السُّرَى، وهو المشي ليلا، وإسراء الله تعالى بالنبيِّ محمَّدٍ صلى الله عليه وسلم معناه نَقلُه ليلاً من المسجد الحرام بمكَّة إلى المسجد الأقصى بالشام، وهو ثابتٌ بالقرآن الكريم في قوله تعالى: "سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنُريه من آياتنا إنَّه هو السميع البصير"(الإسراء:1)، كما وردت به الأحاديث الصحيحة، وهى كثيرةٌ مشهورة.
والمعراج مأخوذٌ من العروج، وهو الصعود إلى أعلى، وقد ثبت أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم عُرِج به من الأرض إلى السماء، وذلك بالأحاديث الصحيحة، أو بقوله تعالى: "ولقد رآه -أي جبريل- نَزلةً أخرى، عند سِدرة المنتهى، عندها جنَّة المأوى، إذ يغشى السِّدرة ما يغشى، ما زاغ البصر وما طغى، لقد رأَى من آيات ربِّه الكبرى"(النجم: 13-18).
وأورد هنا بعض الاحاديث الصحيحة التي تروي قصة الاسراء والمعراج من كتاب

الإسراء والمعراج وذكر أحاديثهما وتخريجها وبيان صحيحها

تأليف:
محمد ناصر الدين الالباني

ص -5- حنبل, "عبد": عبد الله بن أحمد بن حنبل, "ت": الترمذي, "جرير": ابن جرير ويجدها القارئ داخل الزيادات والروايات للدلالة على مخرجيها.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين.

رواية ثابت ؛ فقال: عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
"أتيت بالبراق - وهو دابة أبيض طويل فوق الحمار ودون البغل يضع حافره عند منتهى طرفه - قال: فركبته

حتى أتيت بيت المقدس قال: فربطته بالحلقة التي يربط به الأنبياء.
قال: ثم دخلت المسجد فصليت فيه ركعتين ثم خرجت. فجاءني جبريل عليه السلام بإناء من خمر وإناء من لبن فاخترت اللبن فقال جبريل: اخترت الفطرة1.
..........
ثم عرج بنا إلى السماء الدنيا فاستفتح جبريل فقيل: ومن أنت؟ قال: جبريل. قيل: ومن معك؟ قال: محمد. فقيل: وقد أرسل إليه؟ قال: قد أرسل إليه1. ففتح لنا فإذا أنا بآدم فرحب ودعا لي بخير.
ثم عرج بنا إلى السماء الثانية فاستفتح جبريل فقيل: ومن أنت؟ قال: جبريل. فقيل: ومن معك؟ قال: محمد. فقيل: وقد أرسل إليه؟ قال: قد أرسل إليه. قال: ففتح لنا فإذا أنا بابني الخالة يحيى وعيسى فرحبا ودعوا لي بخير.
ثم عرج بنا إلى السماء الثالثة فاستفتح جبريل فقيل: من أنت؟ قال: جبريل. فقيل: ومن معك؟ قال: محمد صلى الله عليه وسلم فقيل: وقد أرسل إليه؟ قال: قد أرسل إليه. ففتح لنا فإذا أنا بيوسف عليه السلام وإذا هو قد أعطي شطر الحسن فرحب ودعا لي بخير.
ثم عرج بنا إلى السماء الرابعة فاستفتح جبريل. فقيل: من أنت: قال: جبريل. قيل: ومن معك؟ قال: محمد. فقيل: قد أرسل إليه؟ قال: قد أرسل إليه.
ففتح الباب فإذا
1 لفظ مسلم هنا وفيما يأتي:
"وقد بعث إليه؟ قال: قد بعث إليه".
ص -23-فإذا بإدريس فرحب بي ودعا لي بخير ثم قال: يقول الله عز وجل:؟{وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلِيّاً} [مريم /57].
ثم عرج بنا إلى السماء الخامسة فاستفتح جبريل. فقيل: من أنت؟ قال: جبريل. فقيل: ومن معك؟ قال: محمد. فقيل: وقد بعث إليه؟ قال: قد بعث إليه. ففتح لنا فإذا أنا بهارون فرحب ودعا لي بخير.
ثم عرج بنا إلى السماء السادسة فاستفتح جبريل. فقيل: من أنت؟ قال: جبريل. قيل: ومن معك؟ قال: محمد. فقيل: وقد بعث إليه؟ قال: قد بعث إليه. ففتح لنا فإذا أنا بموسى عيه السلام فرحب ودعا لي بخير.

ثم عرج بنا إلى السماء السابعة فاستفتح جبريل فقيل: من أنت؟ قال: جبريل. قيل: ومن معك؟ قال: محمد. قيل: وقد بعث إليه؟ قال: قد بعث إليه ففتح لنا فإذا أنا بإبراهيم صلى الله عليه وسلم وإذا هو مستند وفي رواية: مسند ظهره إلى البيت المعمور وإذا هو يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إليه.
ثم ذهب بي إلى سدرة المنتهى وإذا ورقها كآذان الفيلة وإذا ثمرها كالقلال فلما غشيها من أمر الله ما غشيها تغيرت فما أحد.

ص -24- من خلق الله يستطيع أن يصفها وفي رواية: ينعتها من حسنها.
قال: فأوحى الله عز وجل إلي ما أوحى وفرض علي في كل يوم وليلة خمسين صلاة فنزلت حتى انتهيت إلى موسى فقال: ما فرض ربك على أمتك؟ قال: قلت: خمسين صلاة في كل يوم وليلة. قال: ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف؛ فإن أمتك لا تطيق ذلك وإني قد بلوت بني إسرائيل وخبرتهم.
قال: فرجعت إلى ربي عز وجل فقلت: أي رب! خفف عن أمتي. فحط عني خمسا.
فرجعت إلى موسى فقال: ما فعلت؟ قلت: حط عني خمسا. قال: إن أمتك لا تطيق ذلك فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك.
قال: فلم أزل أرجع بين ربي وبين موسى ويحط عني خمسا خمسا حتى قال: يا محمد! هن خمس صلوات في كل يوم وليلة بكل صلاة عشر فتلك خمسون صلاة.
ومن هم بحسنة فلم يعملها؛ كتبت [له] حسنة فإن عملها كتبت [له] عشرا. ومن هم بسيئة فلم يعملها؛ لم تكتب شيئا فإن عملها كتبت سيئة واحدة.

ص -25- [قال
فنزلت حتى انتهيت إلى موسى فأخبرته فقال: ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك فإن أمتك لا تطيق ذلك.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [فقلت
لقد رجعت إلى ربي حتى لقد استحيت [منه]".
أخرجه أحمد 3/148 والسياق له ومسلم 259 من طريق حماد بن سلمة: أنا ثابت البناني عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال…. فذكره.
والروايات الأخرى مع الزيادات لمسلم.
وفي رواية لأحمد 3/152 و 247 من الوجه المذكور عنه: أنه قرأ هذه الآية: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
"أعطيت الكوثر فإذا هو نهر يجري ولم يشق شقا فإذا حافتاه قباب اللؤلؤ فضربت بيدي إلى تربته؛ فإذا هو مسكة ذفرة وإذا حصاه اللؤلؤ".
وهذا طرف من حديث المعراج كما يأتي في بعض الطرق ولذلك أوردته.
وفي رواية عن حماد بن سلمة عن ثابت البناني وسليمان التيمي عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :

ص -26- "أتيت وفي رواية: مررت على موسى ليلة أسري بي عند الكثيب الأحمر وهو قائم يصلي في قبره".
أخرجه مسلم 164 والنسائي في قيام الليل وأحمد 3/148 و 248.
فائدة: قال الحافظ ابن كثير - بعد أن ساق الحديث بطوله من رواية أحمد-:
رواه مسلم بهذا السياق وهو أصح من سياق شريك يعني: الآتي قريبا. قال البيهقي: وفي هذا السياق دليل على أن المعراج كان ليلة أسري به عليه الصلاة والسلام من مكة إلى بيت المقدس. وهذا الذي قاله هو الحق الذي لا شك فيه ولا مرية.
ورواه النسائي في أول الصلاة من طريق أخرى عن البناني عنه :
( أن الصلوات فرضت بمكة وأن ملكين أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم فذهبا به إلى زمزم فشقا بطنه وأخرجا حشوه في طست من ذهب فغسلاه بماء زمزم ثم كبسا جوفه حكمة وعلما.
وسنده صحيح.
وتكثر الروايات والاختلافات بينها طفيفة أكتفي بما أوردت ومن
التمهيد لفتح الاقصى
توق رسولنا الكريم لفتح بيت المقدس وتحرير المسجد من الكفار وتطهيره من الاوثان عملا بسياسته من تحرير وتطهير الاماكن المقدسة من شراك الشيطان وردها الي حوزة الدين
وكان قد أسبق بحملة إلى خارج الجزيرة في العام الثامن للهجرة تمثلت في غزوة مؤتة بقيادة زيد بن حارثة (ت 8هـ/629م) ومعه ثلاثة آلاف مقاتل، حيث التقت الحملة بجيش الروم، واستشهد زيد بن حارثة ومن خلفه على القيادة من أبطال المسلمين، إلى أن جاء خالد بن الوليد (ت 21هـ/642م) فانتهج خطةً حكيمةً في الانسحاب، ولم يكتب لهم النصر.
وفي السنة التاسعة من الهجرة جهز حملة إلى الشام تمثلت في غزوة تبوك ولكنها عادت دون وقوع أي اصطدام مع الروم
ثم أن رسول الله أمر بتجهيز جيش وأمَّر عليه أسامة بن زيد (ت 54هـ/673م) وأمره أن يوطئ الخيل تخوم البلقاء من أرض فلسطين، وكان ذلك في مرض موته عليه السلام، فلحق بالرفيق الأعلى وجيش أسامة يستعد للزحف.
وعند تولي الصديق الخلافة لم يرض بغير إنفاذ رغبة الرسول الكريم في خروج جيش أسامة لكنه قرر الاستفادة به أيضا في قتال المرتدين ومانعي الزكاة ممن ظهروا بعد موت النبي
وعندما قرر الصديق فتح فلسطين والشام فجهز اربعة جيوش وعقد اربعة الوية لكبار الصحابة ووجههم إلي وجهاتهم فجعل ليزيد بن أبي سفيان (ت18هـ/639م) دمشق، ولشرحبيل بن حسنة (ت18هـ/639م) الأردن، ولأبي عبيدة عامر بن الجراح (ت18هـ/639م) حمص، وأمرهم أن يسلكوا طريق التبوكية على البلقاء من علياء الشام، ولعمرو بن العاص (ت43هـ/663م) فلسطين، وأمره أن يسلك طريق آيلة عامداً إلى فلسطين.
وجَّه أبو بكر عمرو بن العاص نحو فلسطين، وأمره أن يعمد إليها سالكاً طريق أيلة، حيث يسير من الجنوب إلى الشمال، ولعل في هذا ما يدعونا إلى التساؤل عن المغزى في ذلك؟
ونري أن سير جيش عمرو بن العاص باتجاه جنوب فلسطين كان بسبب ضعف دفاعات بيزنطة، وإهمالها لتلك المنطقة بعد الغزو الفارسي لبلاد الشام، وهذا خلافاً لما كانت عليه منطقة البلقاء حيث اتخذت بيزنطة فيها بعد الغزو الفارسي سياسة دفاعية لصد المغيرين.
وإضافة إلى ما ذُكر فقد يكون اختيار المسلمين جنوب فلسطين إنما تم لعرقلة الاتصال البري بين قوات بيزنطة في الشام وقواتها في مصر. وأخيراً فإن جنوب فلسطين يُعد منطقة حيوية تجاور شمال شبه جزيرة العرب فمن الطبيعي أن تتجه الحملة جنوباً أولاً.
خرجت الجيوش [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] تباعاً نظراً للأعداد القليلة أول الأمر، ثم صار الخليفة أبو بكر رضي الله عنه يمدها بالرجال الذين كانوا يغدون على المدينة المنورة من أنحاء الجزيرة.
وبينما كانت طريق الجيوش الأخرى عبر البلقاء شمالاً، سار عمرو بن العاص على طريق أيلة مجتازاً إلى فلسطين، وقد استنصر من مر بهم من القبائل العربية للجهاد، وأعان من لم يكن منهم قادراً على ذلك.
ويظهر أن المسلمين اصطدموا بمقدمة جيش الروم أثناء الطريق عند قرية (داثن) من نواحي غزة، وكان على رأس الروم حاكم مدينة قيسارية ويُدعى (سرجيون) وكان جيش عمرو بن العاص في تسعة آلاف رجل من أهل مكة، وثقيف، وطيء، والطائف، وهوازن، وبني كلاب.
رتب عمرو جنده، حيث جعل في الميمنة الضحاك بن عثمان (ت53هـ/672م) وفي الميسرة خالد بن سعيد بن العاص (ت13هـ/634م) وثبت هو في القلب ، ومعه أهل مكة ، وقام عمرو يذكرهم بأيام الله حتي إشتدت حميتهم وحملوا حملة صادقة فأيدهم الله بنصره
فأرتد الروم الى غزة
وصل إلى عمرو بن العاص، وهو في منطقة قريبة من غزة أنباء أن جيش الروم يتجمع بكثرة في غزة، وأن هذا الجيش مؤلف من عشرة صلبان تحت كل صليب عشرة آلاف فارس، الأمر الذي أدخل الفزع والحيرة في قلبه، وما هي إلا بضعة أيام حتى أتته النجدة، فانضم المنجدون إلى القواد، والصحابة الذين اشتركوا في المعركة، وهم سعيد بن خالد (ت13هـ/634م) وعبد الله بن عمر بن الخطاب (ت73هـ/693م) وعكرمة بن أبي جهل (ت13هـ/634م) ومعاذ بن جبل (ت 18هـ/639م) وغيرهم. وأخذ المسلمون يتقدمون نحو غزة.

سمع الروم بتقدم المسلمين، فراحوا يرسمون الخطط لصدهم، وكان عليهم قائد يدعى (الأرطبون) وقبل أن يصطدم الجيشان أرسل الأرطبون إلى قواد المسلمين كتاباً طلب فيه أن يرسلوا له من ينوب عنهم في التفاوض لتسليم المدينة، فقال عمرو بن العاص: ما لهذا أحد غيري، ويورد لنا الطبري قصة عمرو مع الأرطبون حيث يذكر: (أن عمرو دخل عليه فكلمه فسمع كلاماً لم يسمع قط مثله، فقال الأرطبون لعمرو: حدثني هل في أصحابك أحد مثلك؟ قال: لا تسأل عن هذا! إني هين عليهم، إذ بعثوا بي إليك وعرضوني لما عرضوني له، ولا يدرون ما تصنع بي. فأمر له بجائزة وكسوة، وبعث إلى البواب: إذا مر بك فاضرب عنقه وخذ ما معه فخرج من عنده، فمر برجل من نصارى غسان فعرفه، فقال: يا عمرو قد أحسنت الدخول فأحسن الخروج! ففطن عمرو لما أراده، فرجع إلى الأرطبون، فقال له: ما ردك إلينا؟ قال: نظرت فيما أعطيتني، فلم أجد ذلك يسع بني عمي، فأردت أن آتيك بعشرة منهم تعطيهم هذه العطية فيكون معروفك عند عشرة خيراً من أن يكون عند واحد، فقال: صدقت، عجل بهم، وبعث إلى البواب: أن خل سبيله، فخرج عمرو وهو يلتفت حتى إذا أمن قال: لا عدت لمثلها أبدا).

وهكذا فشلت المفاوضة ونشب القتال عنيفاً بين الجانبين فكان أول من خرج للقتال سعيد بن خالد (ت13هـ/634م) وقاتل ببطولة حتى اجتمعوا عليه وقتلوه، فقام سبعون من الأبطال في هجمة واحدة بعد مقتله، إلا أن الروم كانوا كالجبال فعاد المسلمون في هجمة ثانية واشتد القتال حتى الزوال، وقد أطلق الواقدي على هذا اليوم من لقاء الجيش اسم (يوم فلسطين) وانتهى القتال بانتصار المسلمين.

فكانت غزة أول مدينة فلسطينية فتحها المسلمون
موقعــة أجناديــن

فكتب عمرو بن العاص إلى الخليفة أبي بكر يعلمه بتجمع الروم بكثرة في أجنادين، وطلب منه المدد، فأدرك أبو بكر خطورة الموقف عند عمرو بن العاص فكتب إلى خالد بن الوليد وهو في الحيرة بالعراق، يأمره أن يمد أهل الشام بمن معه من أهل القوة،
وفاة أبي بكر الصديق رضي اللّه عنه 22 جمادى الآخرة سنة 13هـ (23 آب أغسطس سنة 634 م)

- توفي أبو بكر رضي اللّه عنه لثمان بقين من جمادى الآخرة ليلة الثلاثاء بين المغرب والعشاء وهو ابن ثلاث وستين سنة، وخلفه عمر بن الخطاب


فترة الحكم العمري والفتح

[/b]خرج خالد متجهاً نحو فلسطين واستخلف على العراق المثنى بن حارثة الشيباني (ت14هـ/635م) وكان خالد كتب إلى عمرو بن العاص كتاباً طلب منه التوجه نحو أجنادين، وكتب خالد كذلك إلى شرحبيل بن حسنة (ت18هـ/639م) في بصرى، ومعاذ بن جبل (ت18هـ/639م) في البلقاء، وطلب منهم جميعاً التوجه إلى أجنادين.

تجمع المسلمون في أجنادين بجيش بلغ ما يقرب من اثنين وثلاثين ألف رجل، ويشير البلاذري إلى أن الروم حشدوا زهاء مئة ألف، بينما يذكر الواقدي أن الروم كانوا تسعين ألفاً والذي يهمنا أن الروم كانوا ثلاثة أضعاف جيش المسلمين. وكان المسلمون بقيادة خالد بن الوليد، بينما كان الروم بقيادة (وردان) حاكم حمص، وكان يعاونه قائد آخر يدعى (القبقلار).

وينقل لنا الواقدي وصية خالد لجيشه قبيل المعركة، حيث قال لهم: (اعلموا أن هؤلاء أضعافكم، فطاولوهم إلى وقت العصر فإنها ساعة يرزق فيها النصر وإياكم أن تولوا الأدبار فيراكم الله منهزمين. ازحفوا على بركة الله) واقترب الجيشان، وبدأ القتال، ويتضح من وصف المعركة بإسهاب ودقة لدى الواقدي أنها كانت لا تخلو من روح المبارزة، وأنه قتل من جيش الروم خلق كثير، ولما جاء العصر تفرق الروم، إلا أن قائدهم (وردان) استطاع جمعهم، وأشار عليهم باستمرار القتال وفضلوا الموت على الهزيمة، ولكن واحداً منهم قال لوردان: اعلم أنك قد بليت بقوم لا تقوم لقتالهم وقد رأيت الواحد منهم يحمل على عسكرنا ولا يبالي من أحد ولا يرجع حتى يقتل منهم، وقد قال لهم نبيهم: إن من قتل منكم صار إلى الجنة. وانتهى النقاش باتفاق البطارقة على مكيدة تمكنهم من قتل خالد بن الوليد، وذلك بأن يطلبوا الصلح في اليوم التالي، وعندما يتقدم خالد ينقض عليه كمين فيفتك به، إلا أن المكيدة كشف أمرها فقد كان رسولهم إلى خالد بن الوليد رضي الله عنه من متنصرة العرب وهكذا انقلبت المكيدة على مدبرها، وفي اليوم التالي قتل قائدهم (وردان) وحمل خالد على جيش الروم، وكان القتال عنيفاً حتى الغروب، ثم انهزم الروم. وكانت من جموعهم من تتجه نحو طريق غزة ومنها من انهزم إلى دمشق وقيسارية، وكتب الله النصر للمسلمين.

مابعد أجنادين

كانت معركة أجنادين المعركة الكبرى على أرض فلسطين ولكنها لم تكن الأخيرة، حيث سار المسلمون شمالاً حتى وصلوا إلى منطقة بيسان، والتقوا هناك مع الروم في معركة فحل، فهزموهم وتحصن أهل فحل، فحاصرهم أبو عبيدة حتى سألوا الأمان مع أداء الجزية عن رؤوسهم والخراج عن أرضهم، فأمنهم على أنفسهم وأموالهم، وأن لا تهدم حيطانهم وكانت وقعة فحل في السنة الثالثة عشرة للهجرة.

وبعد معركة فحل توجه أبو عبيدة وخالد بن الوليد إلى حمص بينما عاد عمرو بن العاص وشرحبيل بن حسنة إلى بيسان، فحاصروها أياماً ثم رغب أهلها في الصلح، فصالحهم المسلمون. وكان فتحها على ما أورد الطبري سنة خمس عشرة للهجرة، وفي هذه الأثناء كان المسلمون يحاصرون طبريا فلما سمع أهلها بالصلح بين المسلمين وأهل بيسان، طلبوا الصلح فصالحهم شرحبيل بن حسنة على (أن يشاطروا المسلمين المنازل في المدائن، وما أحاط بها مما يصلها فيدعون لهم نصفاً ويجتمعون في النصف الآخر، وعلى كل رأس دينار كل سنة، وعن كل جريب أرض جريب بر وشعير).

وبعد فتح طبريا تتحدث الروايات التاريخية عن فتح باقي المدن الفلسطينية، ولعل أهم الروايات في ذلك ما أورده البلاذري حيث ذكر أن عمرو بن العاص فتح سبسطية، ونابلس بأمان على الجزية، وفتح يافا على أن أعطاهم الأمان على أنفسهم، وأموالهم، ومنازلهم، وعلى أن الجزية على رقابهم والخراج على أرضهم، ثم فتح مدينة لد، ثم فتح يبنا، وعمواس، وبيت جبرين. ومع مطلع السنة الخامسة عشرة للهجرة كانت فلسطين في معظمها قد دانت لجيوش الفتح الإسلامي، باستثناء قيسارية، وبيت المقدس.


فتح بيت المقدس



تختلف المصادر التاريخية فيما بينها في بعض تفاصيل فتح بيت المقدس ولكنها تتفق في الأحداث الكبرى للفتح، وفي النتيجة، حيث أصبحت بيت المقدس بأيدي المسلمين كلياً بعد الفتح العمري لها. بعد أن استتب الأمر في سوريا بفتح دمشق سنة (15هـ/636م) كتب أبو عبيدة إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب يستشيره في التوجه إلى قيسارية أو إلى بيت المقدس، وجمع عمر المسلمين واستشارهم، فقال علي بن أبي طالب (ت40هـ/660م) يا أمير المؤمنين مر صاحبك ينزل بجيوش المسلمين إلى بيت المقدس فإذا فتح الله بيت المقدس، صرف وجهه إلى قيسارية، فإنها تفتح بعد إن شاء الله تعالى.
وينقل لنا الواقدي نص جواب كتاب عمر إلى أبي عبيدة: (بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله عمر بن الخطاب إلى عامله بالشام أبي عبيدة، أما بعد فإني أحمد الله الذي لا إله إلا هو وأصلي على نبيه، قد ورد عليَّ كتابك وفيه تستشيرني إلى أي ناحية تتوجه، وقد أشار ابن عم رسول الله بالمسير إلى بيت المقدس، فإن الله يفتحها على يديك، والسلام).
وتقدم المسلمون في الشتاء وحاصروا المدينة اربعة أشهر
ولما رأى أهل إيلياء أنهم لاطاقة لهم على هذا الحصار ، كما رأوا كذلك صبر المسلمين وجلدهم وأشاروا على (البطريرك) أن يتفاهم معهم ، فأجابهم إلى ذلك ، فعرض عليهم أبو عبيدة بن الجراح إحدى ثلاث: الإسلام أو الجزية أو القتال ، فرضوا بالجزية ، والخضوع للمسلمين ، مشترطين أن يكون الذي يتسلم المدينة المقدسة هو أمير المؤمنين عمر بن الخطاب نفسه رضى الله عنه !! .
وقد أرسل أبو عبيدة بن الجراح إلى أمير المؤمنين عمر بما اتفق عليه الطرفان ، فرحب عمر بحقن الدماء ، وسافر إلى بيت المقدس ، واستقبله المسلمون في الجابية وهي قرية من قرى الجولان شمال حوران ، ثم توجَّه إلى بيت المقدس ، فدخلها سنة 15هـ- - 636م، وكان في استقباله "بطريرك المدينة صفرونيوس" وكبار الأساقفة ، وبعد أن تحدثوا في شروط التسليم انتهوا إلى إقرار تلك الوثيقة التي اعتبرت من الآثار الخالدة الدالّة على عظمة تسامح المسلمين في التاريخ ، والتي عرفت باسم العهدة العمرية .
وكان قد اشترط بطريرك المدينة للتسليم الا يدخل المدينة يهودي
وتم التسليم علي ماسبق من الشروط
صورة للعهدة العمرية المعلقة علي باب المسجد العمري بالقدس
دخول عمر بن الخطاب المدينة
توجه عمر للمدينة مع من حضر وتوجه إلي مكان المسجد وأخذ يزيح القازورات عنه وعن الصخرة ويحملها في طرف ثوبه وتعاون معه كل من حضر من المسلمين فقد كان أتخذ مكانهم مزبلة نكاية من أهل المدينة في اليهود لما أصابهم من ضر علي يد اليهود

وهكذا حتي تم تطهير المكان وقام امير المؤمنيين عمر بن الخطاب -رضوان الله عليه- بتجديد بناء المسجد الاقصى حوالي 15 هجرية وقد أعاد بناء المسجد من خشب تمشيا مع سياسة التقشف التي كان يسير بها وما قام عمر ببناؤه هو المصلي العمري في أقصي المسجد والذي يطلق عليه الان المسجد الاقصي والحقيقة أن الساحة بأكملها بما فيها المصلي العمري ومصلي قبة الصخرة جزء من المسجد الأقصى ، فالمسجد الاقصي غير مسقوف ماعدا المصلين فالساحة بما فيها كلها مسجد اقصي

وكان بناءً متواضعاً تم بناؤه من عروق خشبية موضوعة على الجدران مباشرة دون عقود، ويقال أن هذا المسجد كان يتسع لثلاثة آلاف مصلي.

وهنا يخطر لنا سؤال :
كيف تعرف عمر بن الخطاب رضي الله عنه علي مكان المسجد بعد تهدمه مع مرور الزمن ؟؟؟

حيث قام سيدنا عمر بعد زيارته لكنيسة القيامة بجولة للحفر والتنقيب عن المعالم المعمارية المرتبطة بالأصول الدينية لبيت المقدس، وذلك على هدى ما ذكره الرسول صلى الله عليه وسلم عن تلك الأصول في حديثه عن الإسراء به إلى بيت المقدس، وكانت تلك المناطق مليئة بأكوام من الأتربة، وقد علاها الزبل والتراب والمخلفات الكثيرة التي غطت المعالم الهامة بسبب الإهمال الشديد لشئونها من جانب الروم قبل الفتح الإسلامي، واستشار سيدنا عمر رضي الله عنه بعض المسلمين من اليهود السابقين والذين صحبوه في الزيارة وعلى رأسهم كعب الأحبار فقد سأله سيدنا عمر قائلاً: يا أبا إسحاق أتعرف موضع الصخرة؟ قال أذرع من الحائط الذي يلي وادي جهنم، وهو السور الشرقي لبيت المقدس، ثم احفر فإنك تجدها، وأخذ سيدنا عمر يتابع أعمال التنقيب في تلك المنطقة عن مكان الصخرة والمسجد الذي صلى به النبي صلى الله عليه وسلم بالأنبياء واضعًا نصب عينيه الرواية التي سمعها من الرسول الكريم ليلة أُسري به إلى المسجد الأقصى، وكان سيدنا عمر يراجع المرافقين له ومعهم البطريرك "صفرنيوس" حين يدلونه على مكان لا يجد أوصافه تنطبق على ما لديه من دراية قائلا: لقد وصف لي رسول الله المسجد بصفة ما هي عليه هذه(1).


واستطاع سيدنا عمر بن الخطاب أن يصل بعد جهد إلى باب مسجد بيت المقدس وكان مطمورا بالأتربة التي تكاد تخفي معالمه ثم وصلوا حبوًا لكثرة الأتربة التي غطت المكان، حتى وصلوا إلى صحن المسجد، فنظر سيدنا عمر، وتأمل مليًّا في المكان ثم قال: هذا والذي نفسي بيده وصفه لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم طلب سيدنا عمر من خلفائه القائمين على شئون تلك المدينة من المسلمين بإعلاء قواعد وأسس المسجد؛ تأكيدًا للسيادة [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]، كما أمر بإقامة مسجد في موضع المسجد الأول، كما أمر بإقامة ظلة من الخشب فوق الصخرة، وغدا سيدنا عمر بذلك أول من رفع قواعد المسجد الأقصى في الإسلام(2).


وصف مسجد عمر (المسجد الأقصى) عند بنائه


وصف عمارة هذا المسجد العمري الذي شيده سيدنا عمر بن الخطاب أحد الحجاج المسيحيين في غرب أوروبا ويسمى اركولف؛ حيث زار بيت المقدس في ظل السيادة [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] وذلك سنة 670م أي بعد 34 عامًا من استلام سيدنا عمر لتلك المدينة المقدسة فقال اركولف: يتردد الآن على مبنى مربع الشكل للعبادة وهو مبنى متواضع أنشأه من عروق خشبية ضخمة مرفوعة فوق مخلفات الخرائب، ويقال إن هذا المسجد يتسع لثلاثة آلاف من المصلين في وقت واحد(3) ويذكر العالم الأثري كريزويل أن مسجد عمر بُنِي من الخشب في أول عهده(4).



بقي المسجد الاقصى في عهد باقي الخلفاء كما هو عليه إكتفوا بالحفاظ عليه وتركوه كما أعاد بناؤه عمر بن الخطاب رضي الله عنه والذي امتاز بناؤه بالبساطة المتناهية .

الأمويون وإعادة بناء المسجد الاقصى

بدأ التجديد في عمارة المسجد الأقصى في العهد الأموي في خلافة عبد الملك بن مروان وابنه الوليد بن عبد الملك..
في الفترة الواقعة ما بين (86-96 هجرية/ 705-715ميلادية) و90-96 هجرية/ 709-714 ميلادية) فقد أكدت ذلك وثائق البردى (أوراق البردى) التي احتوت على مراسلات بين قرة بن شريك عامل مصر الأموي (90-96هجرية/ 709-714ميلادية) وأحد حكام الصعيد، حيث تضمنت كشفاً بنفقات العمال الذين شاركوا في بناء المسجد الأقصى،حيث تكلف بناؤه تقريبا خراج مصر لمدة سبع سنوات

وأصبح الشكل العام للمسجد هو

رواق أوسط كبير يقوم على أعمدة رخامية ممتدة من الشمال إلى الجنوب، يغطيه جملون مصفح بألوان الرصاص وينتهي من الجنوب بقبة عظيمة الهيئة والمنظر، كروية الشكل تقوم على أربعة دعامات حجرية تعلوها أربعة عقود حجرية، نتج عنها أربعة مثلثات ركنية لتكون بمثابة القاعدة التي تحمل رقبة القبة والقبة نفسها والتي تتكون من طبقتين (قبتين: مثل قبة الصخرة المشرفة) داخلية وخارجية، زينت من الداخل بالزخارف الفسيفسائية البديعة.

وأما من الخارج فقد تم تغطيتها بصفائح النحاس المطلية بالذهب (مثل قبة الصخرة)، ولكنها استبدلت حديثاً بألواح من الرصاص، وذلك للزوم أعمال الترميم التي تمت فيها على يدي لجنة إعمار قبة الصخرة والمسجد الأقصى المبارك . ويحف الرواق الأوسط من كلا جانبيه الغربي والشرقي، ثلاثة أروقة في كل جانب جاءت موازية له وأقل ارتفاعاً منه.
ولأن منطقة الشام منطقة باردة جداً في الشتاء ويسقط عليها الثلوج والأمطار الغزيرة، نجد أن المعمار لم يقم بعمل صحن مكشوف يتوسط المسجد، فنجد المسجد كله مسقوفا بسقف مائل حتى لا تتراكم عليه الأمطار والثلوج وتفسده.. وفي أواخر العهد الأموي عام 130 هـ حدث زلزال سقط بسببه شرقي المسجد وغربيه..
أما الأروقة الواقعة في القسم الغربي، فقد غطيت بالأقبية المتقاطعة المحمولة على العقود والدعامات الحجرية والتي تم إنشاؤها في الفترة المملوكية. وأما القسم الشرقي فقد غطي بسقوف خرسانية تقوم على أعمدة وعقود حجرية، تم ترميمها وإعادة بنائها على يدي المجلس الإسلامي الأعلى (1938-1943م) .

ويدخل إلى المسجد الأقصى من خلال أبوابه السبعة التي فتحت في واجهته الشمالية والذي يؤدي كل منها إلى إحدى أروقة المسجد السبعة، هذا ويتقدم الواجهة الشمالية المذكورة، واجهة أخرى عبارة عن رواق تمت إضافته في الفترة الأيوبية والذي يمتد من الشرق إلى الغرب، يتألف من سبعة عقود حجرية تقوم على دعامات حجرية. وعوضاً عن تلك الأبواب السبعة، فقد فتح بابان آخران في كل من الجهة الغربية والشرقية للمسجد، وباب واحد في الجهة الجنوبية وذلك في فترات متأخرة .

وفي ضوء الحفريات التي جرت في الجهة الجنوبية للمسجد الأقصى ، والتي كشفت النقاب عن المخطط المعماري لدار الإمارة الأموية في بيت المقدس ، من خلال البقايا المعمارية والأثرية لخمسة مبان ضخمة عبارة عن قصور وقاعات كبيرة، دلت وأكدت تاريخ الأمويين العريق في بيت المقدس.

ولقد غيرت هذه الاكتشافات الجديدة، نظريات وأراء عديدة فيما يخص تاريخ بعض المعالم الأثرية في الحرم الشريف، مثل الأثر الذي يعرف بإسطبل سليمان وباب الرحمة وغيرها، وكان قد علق في أذهان العديد من الباحثين والمختصين على أن تاريخ تلك المعالم يعود لفترات سبقت الفتح الإسلامي لبيت المقدس، ولكن ما أن ظهرت هذه المكتشفات الجديدة، حتى غيرت هذه الآراء والمفاهيم مما اضطر الباحثين إلى إعادة بحوثهم ودراساتهم في ضوء (دار الإمارة) الأموية.

وكانت مساحة المسجد الأقصى المبارك في العهد الأموي أكبر بكثير مما هي عليه الآن، وقد ظل المسجد قائماً بتخطيطه الأصلي الأموي حتى سنة 130هجرية/ 746 ميلادية، حيث تهدم جانبيه الغربي والشرقي جراء الهزة الأرضية التي حدثت في تلك السنة.

المسجد الاقصي في العصر العباسي

تعرض المسجد للترميم علي يد عدد من الخلفاء أمثال المأمون والهادي وغيرهم
حيث تم تم ترميم المسجد الأقصى لأول مرة في عهد الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور (136-158 هجرية/ 754-775ميلادية)، ولكنه ما لبث وأن تعرض لهزة أرضية عنيفة ثانية وذلك في سنة 158 هجرية/ 774 ميلادية، مما أدى إلى تدمير معظم البناء، الأمر الذي جعل الخليفة العباسي المهدي (158-169 هجرية/ 775-785 ميلادية)، أن يقوم بترميمه وإعادة بنائه من جديد في سنة 163هجرية/ 780 ميلادية. وذهب بنفسه إلى بيت المقدس لافتتاح المسجد الأقصى، وقد كان المسجد الأقصى في عهده يتألف من خمسة عشر رواقاً، وذلك حسب ما جاء في وصفه عند المقدسي .

وأصبح المسجد الأقصى يبلغ 102 متراً في الطول، و60 متراً في العرض، وأصبح المسجد يتكون من خمسة عشر رواقا تسير عقودها عموديا على جدار القبلة، وللمسجد أسقف خشبية مغطاة من الخارج ببلاطات من الرصاص، والرواق الأوسط يغطيه سقف جمالوني (مائل) يرتفع عن بقية أسقف المسجد وينتهي أمام المحراب بقبة عالية من الخشب مغطاة ببلاط من الرصاص، وكان للمسجد خمسة عشر باباً..
وكانت جدران المسجد الداخلية مغطاة بالفسيفساء لا تزال بقاياها فوق صنية المحراب الرئيسي.. وظل المسجد الأقصى تحت رعاية الدولة العباسية حتى انتهت على يد المغول عام 656 هـ.
المسجد الاقصي تحت حكم الطولونيين والاخشيديين


ولما ضعفت الدولة العباسية بضعف خلفائها وضعف قبضتهم على ما تحت أيديهم؛ ظهرت نزعات انفصالية أقامت دويلات وإمارات مستقلة تدين اسماً للخلافة، وتتحكم بالفعل فيما تحت أيديها من البلاد، وتتقاتل فيما بينها على الحكم والإمارة، وقد ترتب على ذلك تفكك الأمة وتفرق أجزائها فطمع فيها أعداؤها.


فكانت الدولة "الطولونية" ثم الدولة "الأخشيدية" في مصر حتى دخلها الفاطميون
و استمرت القدس في أمان واستقرار تحت الحكم الطولوني منذ تولى الحكم أحمد بن طولون حتى انتهاء عصر الدولة الطولونية ثم الدولة الإخشيدية.. ثم وقعت المدينة تحت حكم الفاطميين حيث احتل القائد جوهر الصقلي فلسطين عام 969 هـ


الاقصي تحت الحكم الفاطمي


وفي عام 406 هـ تعرض المسجد الأقصى وقبة الصخرة لزلزال شديد تهدمت على إثره أجزاء كبيرة منها، وكان ذلك في عهد الخليفة الحاكم بأمر الله، إلا أن أعمال الترميم والإصلاح لم تتم إلا في عهد الخليفة الظاهر وقام باختصاره على شكله الحالي، أي بأربعة أروقة بدلاً من سبعة، وعمل على ترميم القبة وزخارفها من الداخل.
ومن بعده الخليفة المستنصر لدين الله عام 448 هـ.
ويذكر الهروي الذي زار بيت المقدس سنة خمسمئة وتسع وستين للهجرة ،نص كتابة تفيد قيام الظاهر بتجديد القبة وتذهيبها سنة أربعمئة وست وعشرين للهجرة ،إي بعد عامين من وقوع الزلزال.

ولم يقدم الرحالة الآخرون وصفا دقيقا للمسجد وعدد بلاطاته ،لكن حديثهم عن أعمدته يفيد في أن الأقصى ظل كبيرا ، وبذا لا يمكن الحسم بشأن الزمن الذي تقلصت فيه مساحة المسجد في العهد الفاطمي على نحو ما تقدم.


ولاننسي هنا سيطرة السلاجقة علي القدس ثم إستعادة السيطرة الفاطمية وطرد السلاجقة فيما عرف بالعصر الفاطمي الثاني


هؤلاء الحكام الفاطميين الذين تبنوا المذهب الشيعي عملوا على تقريب اليهود و[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] في فلسطين وتزوجوا منهم واتخذوا منهم الوزراء والمستشارين والأطباء..وفي عهد الخليفة الظاهر والمستنصر أبرمت المعاهدات بين الدولة الفاطمية والدولة الروسية [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] وأدى هذا إلى رواج وانتعاش الوجود النصراني في مدينة القدس، وفتح ذلك أعين [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] على الاستيلاء على هذه المدينة فيما بعد.. فكانت الحروب الصليبية.


المسجد الاقصى تحت سيطرة الصليبيين


ثم احتل الصليبيون المسجد الأقصى الشريف عام 493 هـ / 1099م، وذالك في عهد الخليفة المستعلي الفاطمي،
بدأت الحملات الصليبية على الشام من عام "490هـ -1096م"، بتحريض من الباباوات واستجابة من ملوك أوروبا، وقد استطاع الأوربيون حشد الجموع الكبيرة والتوجه بها إلى بلاد المسلمين الذين انشغل أمراؤهم بالصراع بينهم، وعجز الخليفة العباسي عن توحيد صفوفهم.
يقول المؤرخ البريطاني "مونتجمري وات":

"إنه في نهاية القرن الحادي عشر لم يكن هناك حكم مسلم قوي في المناطق التي هاجمها الصليبيون، بل كان هناك عدد من الحكام المحليين الصغار الذين أنفقوا الشطر الأول من وقتهم وطاقتهم في قتال جيرانهم وقد كان المسلمون -لو تكاتفوا- قادرين على إبادة هذه الجيوش الصليبية القادمة من أماكن بعيدة ومتفرقة، وقد انتصر المسلمون قديماً على أضعاف هذه الأعداد، ولكن ميراث الشك والعداوة بين حكام المنطقة والتي غرسته وأنبتته طوال القرن السابق حروب ودسائس ومنازعات سادت المنطقة جعل المسلمون عاجزين عن مواجهة قوات الصليبيين".

لقد حشدت أوروبا جموعها وزحفت إلى الشام علناً ولم يتحرك المسلمون لذلك، ويعدوا له العدة اللازمة فبدوا وكأنهم فوجئوا بالصليبيين الغزاة، وتركوا كل صاحب بلد يقف بمفرده أمامهم، وقد خبت روح الجهاد فيهم، وتعلقوا بما في أيديهم من حطام الدنيا، حتى ظهر فيهم من يتألف هؤلاء الصليبيين بعد ذلك، ويستعين بهم في قتال إخوانه المسلمين، ونجح الصليبيون الغزاة في تكوين إمارات لهم بالشام في "الرها" و"أنطاكية" و"طرابلس" واتخذوها مراكز ينقضون منها على بلاد المسلمين حولهم، واستطاعوا فتح بيت المقدس في عام "492هـ - 1909م"، وارتكبوا يوم فتحه فظائع وشنائع يندى لها الجبين فأبادوا أهلها، لم يرحموا طفلاً أو امرأة أو عجوزاً، وأصبحت دماء المسلمين أنهاراً، وظلت الجثث مطروحة في الطرقات لا تجد من يواريها حتى تعفنت وفاحت رائحتها، وأبيحت المدينة للسلب والنهب عدة أيام.


يقول ابن كثير -رحمه الله-:

"لما كان ضحى يوم الجمعة لسبع بقين من شعبان سنة ثنتين وتسعين وأربعمائة أخذت الفرنج -لعنهم الله-، بيت المقدس -شرفه الله-، وكانوا في نحو ألف ألف مقاتل، وقتلوا في وسطه أزيد من ستين ألف قتيل من المسلمين وجاسوا خلال الديار وتبروا ما علوا تتبيرا".

ونقل عن ابن الجوزي قوله: "وذهب الناس على وجوههم هاربين من الشام إلى العراق مستغيثين على الفرنج إلى الخليفة العباسي والسلطان".

"فلما سمع الناس ببغداد هذا الأمر الفظيع هالهم ذلك وتباكوا".

"وندب الخليفة الفقهاء إلى الخروج إلى البلاد ليحرضوا الملوك على الجهاد فخرج ابن عقيل وغير واحد من أعيان الفقهاء فساروا في الناس فلم يفد ذلك شيئاً، فإنا لله وإنا إليه راجعون".

واتخذ الملك جودفري الصليبي من مدينة القدس قاعدة حربية لقواته، وحوّل المسجد الأقصى إلى كنيسة، ووضع على قبته صليباً كبيراً بدلا من الهلال،وقاموا بتغيير معالم المسجد الأقصى المبارك، واستخدموه لأغراضهم الخاصة، مثل السكن كما أضافوا إليه من الناحية الغربية بناء استخدموه مستودعاً لذخائرهم، وزيادة في انتهاك حرمته استخدموا الأروقة الواقعة أسفل المسجد كإسطبلات لخيولهم، وعرفت منذ ذلك الحين بإسطبلات سليمان.
4، 5، 6، 7) "البداية والنهاية لابن كثير" طـ. دار الغد العربي، المجلد السادس: ص:649- 650.
الحروب الصليبية لسعيد عاشور جـ1/ ص:176.
الطريق إلى بيت المقدس" د. جمال عبد الهادي، د. وفاء محمد رفعت، دار التوزيع والنشر [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] -القاهرة- ط. الثانية جـ1/ ص:68.

مُساهمةموضوع: صلاح الدين الأيوبي وطرد الصليبيين من القدس وصولا للعهد المملوكي الثلاثاء يناير 04, 2011 5:38
المسجد الاقصى تحت رعاية صلاح الدين الايوبي وخلفاؤه

وفي سنة (583هـ/1187م)،تم طرد الصليبيين و إستعادة القدس الشريف علي يد صلاح الدين الأيوبي وقد إهتم صلاح الدين فور دخوله مدينة القدس بإعادة إعمار المسجد الشريف وإصلاح ماخربه الصليبيين وكان الصليبيون قد عبثوا بالمسجد الأقصى وبنوا منبراً ومذبحاً فوق الصخرة كما أنهم حجبوا جدرانه الأصلية وبنوا عليها حوائط جديدة، فأمر بهدم هذه الحوائط وحمل معه إلى المسجد العديد من المصاحف وأوقف عليه أوقافاً لإصلاحه وترميمه، وسجل هذه الأعمال على المحراب الأصلي للمسجد.
ومن أهم مافعله هو تجديد وتزيين محراب المسجد، كما أمر بإحضار المنبر الخشبي بهي الصنعة، والذي صنع خصيصاً في عهد السلطان نور الدين زنكي وكان الفنانون المهرة من أبناء حلب قد أنجزوه على أروع مثال، في عام 564 هجرية، واستمر بناؤه عاما كاملا، فأمر بإحضاره وإقامته في المسجد، ويبدو على جانبه عبارات تتعلق بمنشئه وصانعيه وتاريخ الصنع، وقد صلى صلاح الدين في المسجد الأقصى وخطب منه الناس.


وصف المنبر

استعمل الصناع لبناء المنبر الخشب المأخوذ من أشجار السرو الروماني، الذي كان ينتشر بكثرة في البساتين المحيطة بحلب، واستخدمت له دهانات مصنوعة من الصباغات المحلية المعجونة بصمغة الفستق الحلبي وماء الذهب، لطلاء التاج والأقسام المذهّبة، كما استورد له خشب الأبنوس لملء الزخارف الهندسية بالحشوات، وجلب العاج من أفريقيا وبلاد الهند لصنع لوحات رقيقة تنزّل فوق الحشوات، وتتميّز صناعة المنبر بانعدام المسامير فيه، ويجمع إلى بعضه بطريقة التعشيق، وزخرف المنبر القدسي في نوعين من الخطوط (النسخ والكوفي) كتبت فيها بعض الآيات القرآنية ولفظ الجلالة وسيرة الملك العادل.

وظل هذا المنبر شاهداً على روعة وجمال الفن الإسلامي حتى تاريخ (21/8/1969م) عندما أحرق المسجد الأقصى الإرهابي مايكل دوهان، وهو سائح استرالي من أصل يهودي، وادعت في حينه سلطات الاحتلال الإسرائيلي بأنه مجنون، لإخفاء حقيقة كون الحادث مدبراً فكان بمثابة خروف الاضحية لذلك العمل الفظيع .

وفي 23/1/2007 عاد منبر صلاح الدين إلى المسجد الأقصى المبارك، بعد أن أعيد بناؤه في الأردن في جامعة البلقاء التطبيقية وعلى نفقة ملك الأردن عبدالله الثاني، وقال متخصصون إن المنبر الحديد مؤلف من 16500 قطعة بعضها لا يتعدى طوله المليمترات، حيث يتم تجميع هذه القطع في بناء طوله ستة أمتار من دون استخدام مواد تثبيت من صمغ أو مسامير أو براغٍ أو غراء، وإنما باستخدام طريقة التعشيق.
وقد استمر إعادة بنائه ثلاثة عشر عاماً،

أقام الأيوبيون الكثير من الأبنية والقباب والمآذن والقناطر في منطقة المسجد المبارك.
أسس الأيوبيون في القدس عشر مدارس منها المدرسة الصلاحية والمدرسة الختنية. كما أسسوا المستشفيات ومنها البيمارستان الصلاحي. أما الإنفاق على هذه الأماكن فكان عن طريق الأوقاف العديدة التي خصصت لها في القدس وخارجها.

اهتم صلاح الدين والسلاطين الأيوبيون من بعده بتعمير المدينة، فقد حفر صلاح الدين خندقاً عميقاً وبنى أبراج حربية من باب العمود الى باب الخليل وانفق على ذلك أموالاً طائلة لتقوية دفاعات المدينة أمام أي محاولة صليبية لاحتلالها
وقد سار خلفاء صلاح الدين علي منهاجه في رعاية المسجد الاقصى الشريف .

المسجد في عهد المماليك


عرفت دولة المماليك الفتية بغيرتها الشديدة علي الإسلام وحميتها لدين الله فكان إنعكاس هذا بالإهتمام الشديد المنصب علي الاماكن المقدسة فقد ساهم المماليك في المحافظة على المسجد في شكل منقطع النظير، حيث تعاقب سبعة من ملوكهم على ترميم المسجد الأقصى ولكنهم لم يغيروا من معالمه.
وقد حظيت فيه المدينة بمظاهر التقدير بوصفها المدينة الثالثة في الإسلام بعد مكة والمدينة .


ومن أعمال المماليك بالمدينة


كان الاهتمام بتعمير المدينة والأماكن الدينية فيها، فمعظم الآثار الباقية في القدس اليوم التي تعطي للمدينة صورتها التاريخية هي آثار مملوكية. فمن بين 153 أثر تضمنها الفهرس الذي أعدته المدرسة البريطانية للآثار في القدس هناك 81 أثراً ترجع الى عهد المماليك هذا فضلاً عن أعمال الترميم الكثيرة للاماكن الدينية المقدسة ولا سيما لمسجدي قبة الصخرة والأقصى.
اهتم المماليك بتزويد القدس بالماء فعمروا قناة السبيل التي كانت تنقل المياه للقدس من عين العروب.
أنشأ المماليك البرك والاسبلة والخانات والربط والزوايا والخوانق في المدينة منها:
اكثر من عشرين خاناً في القدس.
12 رباط في المدينة.
40 زاوية.
بنوا 6 خوانق.
قام الملك الناصر محمد بتعمير قلعة القدس سنة 710هـ/ 1310م.
اهتم المماليك ببناء المدارس في القدس وبلغ عدد المدارس التي كانت موجودة في القدس في عهدهم حوالي 57 مدرسـة من بينها 10 مدارس انشأها الأيوبيون. وهذا يعني ان المماليك أنشأوا حوالي 47 مدرسة منها المدرسة الدوادارية والتنكزية والجوهرية والاشـرفية السلطانية بحيث أصبحت القدس في العصر المملوكي مزاراً للعلماء من مختلف أنحاء العالم الإسلامي، فأمها العلماء من المغرب والأندلس ومصر والعراق وإيران وبلاد الشام واستقر عدد كبير منهم فيها، ولذلك كانت القدس أحد المراكز الثقافية والعلمية المهمة في البلاد الاسلامية في العصر المملوكي. وقد خصص المماليك الأوقاف في فلسطين وخارج وخارجها للأنفاق على هذه الأماكن. فمثلاً أوقف الظاهر بيبرس قرية العوجا للأنفاق على المسجد الأقصى .

اهتم السلاطين المماليك بزيارة القدس. فقد زارها الظاهر بيبرس أربع مرات كما زارها كل من السلطان الناصر محمد وبرقوق والناصر فرج بن برقوق وغيرهم.
ومن ذلك ما قام به السلطان الظاهر بيبرس البندقداري حينما زار القدس عام 661 هـ وأمر بترميم كل ما تهدم من حرم المسجد وأوقف عليه خاناً وعقارات يصرف عليه من دخلها، كما اهتم السلطان قايتباي المحمودي بالمسجد الأقصى وبنى بالحرم القدسي سبيلاً لا يزال موجوداً للآن بحالة جيدة كما أنشأ مدرسة لتدريس الفقه الإسلامي.. وفي عهد السلطان الناصر محمد بن قلاوون عام 729 هـ تم وضع الرخام في صدر المسجد على يد الأمير ناصر الدين ناظر الحرم القدسي، ثم جددت أبواب المسجد الأقصى الخشبية عام 778 هـ على يد السلطان شعبان والسلطان حسن، وكان آخر تجديد للمسجد الأقصى في العصر المملوكي على يد السلطان الغوري..
المسجد الأقصي تحت سيطرة آل عثمان
بعد سقوط دولة المماليك وسيطرة العثمانيين عليها صارت لهم السيادة المطلقة علي القدس الشريف فكان أول مافعله العثمانيين هو
إحكام تحصين المدينة و ذلك لقدسيتها ليس فقط عند المسلمين بل وعند الديانات الأخرى

وقد ترك السلطان سليمان القانوني بصمات واضحة في بيت المقدس عام 969 هـ ـ 1561 م،
أمر السلطان سليمان القانوني بترميم أسوار القدس و بناء أبواب تتخلل تلك الأسوار، منها باب المغاربة، و أمر كذلك بإصلاح قبة الصخرة من الخارج، و رممت الفسيفساء التي كانت تغطي القبة.

كما وضع الرخام الأبيض من الداخل في نصفها السفلي و القاشاني الزرق في نصفها العلوي الذي كتب فيه سورة يس بالأبيض و عمر الباب الغربي للقبة. كما أمر السلطان بتعمير جدران و أبواب المسجد القدسي الشريف و إغلاق الباب الذهبي للمسجد و استبداله بباب العذراء مريم. و عام 1538 م بنى محراب النبي داود غربي الصخرة من جهة الشمال بينها و بين قبة المعراج، و أمر بإزالة الأوساخ من أسفل حائط البراق و زاد من ارتفاعه
و في عهد السلطان محمد الرابع أنشئ المصلى الواقع إلى جانب السبيل المسمى بسبيل شعلان في ساحة الحرم القدسي الشريف عام 1651 م
فقد انفق السلطان عثمان الثالث ( 25 ألف جنيه ) لإصلاح القصدير الذي يكسي سقوف المسجد الأقصى وكذا قبة الصخرة وذلك ( سنة 1752م ) .

كما قام كل من السلطان محمود الثاني والسلطان عبد العزيز بإجراء إصلاحات وترميمات عامة امتدت من سنة 1817 حتى سنة 1840 م ) ، كما زود السلطان عبد العزيز نوافذ المسجد الأقصى بالزجاج الملون سنة 1874م .

وفرش السلطان عبد الحميد المسجد بالبسط من صناعة فارس ، كما احضر له سجاجيد صلاة من آسيا الصغرى سنة 1876م .

أما السلطان عبد الحميد الثاني فانه وضع شمعدانا كبيرا من الفضة في قبة الصخرة لكنه نقل إلى المسجد الأقصى ، وجدد عمارة سبيل قايتباي .

وكان السلطان عبد الحميد الثاني هو من من رفض بيع أراضي فلسطين لتأسيس دولة قومية لليهود مقابل أموال طائلة.
وربما لم تنل المدينة حظها الكافي من الإهتمام والرعاية بسبب بعض الثورات التي كانت تحدث و خصوصا الفوضى التي وقعت بين [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] الأرثوذكس و اللاتينيين، مما أدى إلى إهمال بعض الخلفاء العثمانيين للاهتمام بشؤون المدينة والمسجد


نهاية الخلافة وليست نهاية الأمر


كان سقوط الدولة العثمانية بعد هزيمتها في الحرب العالمية الاولي مما فرض عليها قبول معاهدة سيفر والتي أخذت كثيرا من أراضي الدولة لتكون تحت السيطرة البريطانية والفرنسية فيما عرف بإسم الأنتداب فكانت تلك نهاية الدولة العثمانية
سقطت الدولة العثمانية في في صبيحة الثامن والعشرين من رجب سنة 1342هـ الموافق للثالث من مارس (آذار) من سنة 1924م بعد إعلان الجمهورية ونهاية الخلافة على يد اليهودي المتمسلم مصطفى كمال عميل الإنكليز وصنيعتهم .
وأسباب نهاية الدولة العثمانية كثيرة لم أرد الخوض فيها لبعدها عن موضوعنا وهو الاقصى بداية ونهاية
الانتداب البريطاني وسقوط القدس في يد اليهود
حتى جاء الأنجليز عام 1917
واعلنوا انتدابهم على فلسطين
بعد اتفاق سايكس-بيكو والذي قسم البلاد العربية التابعة للخلافة العثمانية قبل ذلك بعام

واحضروا اليهود إلى فلسطين
وكان قد مٌنعوا من ذلك في العهد العثماني

في 11 سبتمبر 1922 أقرت عصبة الأمم الانتداب بشكل رسمي على أساس وعد بلفور. غطت منطقة الانتداب فلسطين
كانت مدينة القدس عاصمة الانتداب حيث سكن الحاكم البريطاني ومؤسسات حكومة الانتداب.

عند بداية فترة الانتداب أعلنت بريطانيا هدفا له تحقيق وعد بلفور ، أي فتح الباب أمام اليهود الراغبين في الهجرة إلى فلسطين وإقامة "بيت وطني" يهودي فيها.
العهد الجديد في فلسطين بوصول المندوب السامي البريطاني هربرت صمويل

وتم فتح باب الدخول لليهود وتم دعم عصاباتهم المسلحة لتقوم بأعمال القتل والترويع والمذابح أمثال دير ياسين وكفر قاسم علي سبيل المثال لا الحصر

وفي عام 48 ألغى الأنجليز انتدابهم عن فلسطين
فأعلن على الفور اليهود قيام دولتهم (اسرائيل)
ديفيد بن جوريون أثناء إعلان قيام دولة إسرائيل 14 مايو 1948
ولازال اليهود يمارسون ما هو معروف عنهم من وحشية ودموية ضد شعبنا البطل منذ دخولهم القدس حتي هذه اللحظات
ومن يومها وهم يعملون على هدم المسجد الأقصى
وبناء الهيكل مكانه
يقول اول رئيس وزراء للكيان الصهيوني الغاصب ديفيد بن جوريون: لا معنى لإسرائيل بدون القدس، ولا معنى للقدس بدون الهيكل .
وقال ايضا إن شعب إسرائيل الذي يقف على أعتاب الهيكل الثالث، لا يمكن أن يتحمل الصبر الذي كان عليه أجداده .

مناحم بيغن (رئيس الوزراء الصهيوني): آمل أن يعاد بناء الهيكل في أقرب وقت، وخلال فترة هذا الجيل .

مائير كاهانا (زعيم حركة كاخ): إن أكبر خطأ ارتكبه جيش الدفاع، أنه لم يهدم المسجد الأقصى يوم دخول القدس عام 1967م، ونحن مهمتنا أن نصحح هذا الخطأ ونهدم الأقصى
إسحاق رابين (رئيس الوزراء الصهيوني) قال في المؤتمر الاقتصادي الدولي الذي عقد في العاصمة الأردنية عمان عام 1995م، قال أمام كل الوفود العربية المشاركة في المؤتمر –ولم يرد عليه أحد-: جئتكم من القدس، العاصمة الأبدية الموحدة لدولة (إسرائيل) .


ولازال أقصانا الاسير حتي هذه اللحظات تحت السيطرة اليهودية ولا زال أبطال شعبنا الفلسطيني يبذلون كل غالي ونفيس في سبيل مسري نبينا في صفحات سطرت بالدم أبهى من ضوء الشمس وأبقى من الزمن وأغلى من الروح فهنيئاُ لمن كان الآقصى قرة عينه وسبب شهادته فتلك صحائف من ضياء لايبغون عليها أجراُ إلا من رب العالمين


منقول بتصريف يسير

ابوعبد الرحمن
  • 0
  • 0
  • 1,834

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً