معركة الجماعة والفصائل (2) • التجميع والتحزّب كما في كلّ التجمّعات البشريّة، فإن التجمّعات ...

منذ 4 ساعات
معركة الجماعة والفصائل (2)

• التجميع والتحزّب

كما في كلّ التجمّعات البشريّة، فإن التجمّعات المقاتلة في العراق التي كانت أكثر قابلية للبقاء، هي الأقوى فكراً وعقيدةً، والأفضل تنظيماً، والأكثر إمداداً بالموارد، والأقدر على اغتنام الفرص وتجنب الكوارث، ولكن في جانب الجه،اد في سبيل الله تبقى القاعدة الأساسيّة في البقاء والانتصار هي قوله تعالى (والعاقبة للمتّقين).

وعلى أساس القواعد البشريّة السابق ذكرها، بدأت عملية الاصطفاء للفصائل والأحزاب، حيث بدأت المجاميع الصغيرة تذوب في تجمّعات أكبر على أسس عشائريّة (في المناطق الريفيّة خاصّة)، أو مناطقيّة كالأحياء والمجمّعات السكنيّة (في المناطق الحضريّة عموماً)، أو على أسس دينيّة (الاجتماع حول أحد المشاهير من الدعاة والخطباء وأئمة المساجد بل وحتى أصحاب الطرق والزوايا الصوفيّة)،أو على أسس حزبيّة، ولو كان هذا الجانب ضيّقاً بحكم ضعف الوجود الحزبي في فترة حكم (صدّام)، كما نشأت في الوقت نفسه تجمّعات على أساس جهادي حقيقي قادها في الغالب شباب لهم تجارب جهاديّة سابقة سواء في العراق (ضد الطاغوت صدّام حسين، أو ضد طواغيت الأحزاب الكرديّة)، أو خارجه (في الشام وخراسان على وجه الخصوص).

وشيئاً فشيئاً بات التوجّه السائد على الفصائل والجماعات هو الارتباط بأسماء أو شعارات توحي بأنّها فصائل "إسلاميّة" رغم أن معظمها أطلق على قتاله للأمريكيين لقب "مقاومة عراقية" بدلاً من تسميته "جهاداً في سبيل الله"، وباتت هذه الفصائل تمثّل صورة مصغّرة عن الأحزاب الشائعة الانتشار في كل مناطق المسلمين الأخرى، فالإخوان بشقّيهم (الدولي والعراقي) وجدوا لأنفسهم تيّاراً من الفصائل يقاتل الأمريكيين تحت رايتهم، وينطقون باسمه، طالبين بذلك التمثيل السياسي لأهل السنّة في لعبة الديموقراطيّة الأمريكيّة وتقاسم الحكم مع الرافضة وعلمانيّي الأحزاب الكرديّة، والسروريّة (بوصفهم نسخة معدّلة من الإخوان) تمكّنوا بعد تحصيلهم للدعم من بعض الشخصيّات والجمعيات في جزيرة العرب من حشد كمٍّ كبير من المجاميع تحت جناحهم، يقاتلون باسمهم لقاء الدعم والتمويل، وإن كان تيّارهم مقسّماً بارتباط كل قسم بأحد الشخصيّات التي تحصّلت على الشهرة قبل الاحتلال أو بعده، كما استطاع الصوفيّون من تجميع أنفسهم نوعاً ما وارتبطوا بزعماء طرقهم أو بقيادات من حزب البعث.

وقد تمكن المجاهدون القدماء أيضاً من تجميع صفوفهم نوعاً ما، مرتبطين بالمجاهدين في ساحات أخرى وعلى رأسها آنذاك خراسان وجزيرة العرب، حاشدين إليهم المهاجرين على وجه الخصوص، بالإضافة إلى كمٍّ من الأنصار الذين دُعوا إلى الجهاد لتكون كلمة الله هي العليا.

لقد كانت هذه الأحزاب والتجمّعات نتاج أسباب عديدة منها الاختلاف العقائدي والفكري، والنزعات الوطنيّة والعشائريّة، وحب الإمارة وتقديس الزعماء، والتدخّلات الخارجيّة التي تشرف عليها - ولا شك - أجهزة مخابرات الطواغيت في دول الجوار، بالإضافة لاختلاف الغايات والرؤى حول مستقبل الجهاد في العراق وما يراد منه.

مقتطف من مقال:
معركة الجماعة والفصائل (2) - صحيفة النبأ - العدد 3

66f5ab8439f0e

  • 0
  • 0
  • 5

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً