مهاجر الجزائري نِعم حامل القرآن أنت • وهو يغادر وقف مودعا أصحابه المقربين في المطار قائلا ...
منذ 2024-11-08
مهاجر الجزائري نِعم حامل القرآن أنت
• وهو يغادر وقف مودعا أصحابه المقربين في المطار قائلا لهم:
أنا مهاجر الآن وسألتقي بكم بإذن الله في ربوع دولة الخلافة لنغزو معا إن يسر الله لي ولكم الوصول والنفير أو يكون موعدنا الجنة إن رزقني الله الشهادة قبلكم
وحينما وطئت قدمه أرض الخلافة قادما إليها من الجزائر كان أول ما فعله الدخول على صفحته في الإنترنت ليكتب عبارة واحدة: "الله أكبر الله أكبر حلم تحقق"
مهاجر ذو التسعة والعشرين ربيعا والذي كان أصغر إخوته كان باسِم الثغر سريع الدمعة لا يعرف الحقد طريقا إلى قلبه وإذا اختلف مع إخوانه يلوذ بالصمت فلا تسمع له صوتا وإذا تبين له أنه أخطأ في حق أحد إخوانه فسرعان ما يتراجع ويعتذر دون تردد أو خجل
من أبناء المساجد وحافظ للقرآن منذ صباه أكمل دراساته الجامعية في تخصص الشريعة الإسلامية في جامعة خروبة وفي الوقت ذاته كان يدرس القرآن الكريم لأكثر من مائتي طالب في أحد المساجد فتخرج على يديه عشرات الفتيان ممن حفظوا القرآن الكريم بكامله وكان يؤم المصلين في التراويح في شهر رمضان وهو في سن مبكر لما حباه الله من حفظ كتابه العزيز ومن عذوبة صوت في تلاوته
عمل في التجارة بائعا للمواد الغذائية فكان في نظر أبناء مدينته مثالا للصدق والأمانة والتعامل الطيب مع الناس جميعهم كيف لا وقد كان سمحا إذا باع سمحا إذا اشترى
تعلق قلبه بالجهاد ورغم أن الجميع كان يخشى نشر العقيدة السليمة أو التحدث بها خوفا من الطواغيت وأجهزة العسكر القمعية في الجزائر إلا أن مهاجرا كان يستغل الرحلات المدرسية والمخيمات ليقوم بإلقاء محاضرات للطلاب يحدثهم فيها عن المجاهدين ويسمعهم الأناشيد الجهادية التي تشيد ببطولات المجاهدين لتكون تلك الأناشيد هي ملح رحلاتهم ومخيماتهم غير عابئ بالنتائج التي قد تترتب على اجتهاداته تلك
من المفارقات تلميذه من سهل له أمر الهجرة إلى أرض الخلافة
كان همه دائما وأبدا النفير لسوح الجهاد فقد هم بالنفير إلى العراق قبل عقد من الزمن لكن اعتقال صاحبه الذي سبقه والذي كان من المفترض أن ينسق له أمر هجرته أضاع عليه الفرصة فأصابه بعد ذلك هم شديد وحزن عميق حتى فتح الله له أبواب رحمته بعد قيام الخلافة حيث هاجر أحد طلبته ممن حفظ القرآن على يديه إلى أرض الخلافة وراح الطالب يتواصل مع أستاذه ليساعده في أمر الهجرة والترتيب لها ورغم أن مهاجرا كان ينوي الزواج إلا أنه ترك كل شيء حينما حانت ساعة الهجرة فغادر داره موهما من حوله أنه ذاهب في رحلة سياحية لن تطول لكن الوجهة كانت دولة الخلافة التي فشل مرتين في اجتياز عقبات الوصول إليها نتيجة التشديد الأمني من قبل الطواغيت ليتمكن في المرة الثالثة من دخولها بعد سنين عجاف حاول فيها الالتحاق بالمجاهدين
تغيرت حياة مهاجر بالكامل فالشاب قد تخلى عن أحلام مستقبله تجارته بيته سيارته أصدقائه عروسه فهو قد رمى الدنيا وما فيها وراء ظهره وأصبح جل همه أن يكون مجاهدا في سبيل نصرة دينه لتكون كلمة الله هي العليا وليمسي حلمه الوحيد أن يكون جنديا في جيش الخلافة
حين وصوله أراضي الدولة الإسلامية أقام في إحدى دور الضيافة والتي تعد أولى محطات دخول المهاجرين إلى أرض الخلافة فشهد له الجميع بكثرة قيامه وسجوده فكان لا يفتر من عبادته تلك ولا يغادر المصحف يده إلا حينما يأوي إلى فراشه فكان القرآن الكريم أقرب المقربين إليه بل كان صاحبه الذي لا يفارقه أبدا
طال انتظاره في دار الضيافة لأيام رأى فيها الشباب منشغلين بالتذمر لتأخر التحاقهم بالمعسكرات التي كانت ملأى بالمتدربين مما يوجب عليهم الانتظار حتى يأتيهم الدور بينما كان مهاجر منشغلا بذكر الله وقراءة القرآن كعادته
حين أزف موعد التحاقه بالمعسكر الشرعي تأهب وكأنه داخل إلى ساحة معركة همة تسابق السحاب علوا وفارس في مضمار خيل يسابق الريح سرعة ونشاطا
في التدريبات الصباحية الخاصة بالمعسكر الشرعي كان يتوجب على المتدربين قطع مسافة عدة كيلومترات في دقائق معدودة والتي تعدّ نوعا من التدريب الخاص بالسرعة والقوة والمطاولة وكانت المسافة كل يوم تزداد والوقت ينقص في تحد كبير للزمن لكن مهاجر كان دائما ممن يحلون في المراكز الثلاثة الأولى فقد أعد جسده وبدنه لمثل هذا اليوم منذ أمد بعيد فقد كان قبل الهجرة سباحا ماهرا ورياضيا متميزا
صلى إماما لإخوته في المعسكر فمهارته وحسن تلاوته القرآن في الصلاة جعل من يصلي خلفه من إخوانه يتمنون لو أنه يطيل فلا ينتهي إلا بختم كتاب الله وكان كثيرا ما يتوقف بسبب البكاء الذي يقطع قراءته ثم اختير ليكون مسؤولا عن جميع حلقات تحفيظ القرآن والتي تعدّ من أساسيات المعسكر الشرعي
وفي معسكره التدريبي العسكري القاسي وكلما جمع أمير المعسكر المتدربين وألقى فيهم خطبة يحثهم فيها على بذل المزيد أو يزجرهم فيها أو يستنكر تقصيرهم في التدريب يبدأ مهاجر بالبكاء الشديد وحينما يُسأَل عن سبب البكاء يرد عليهم: حياء من الله
• المصدر: قصة شهيد – صحيفة النبأ – العدد 17
مهاجر الجزائري نِعم حامل القرآن أنت
• طال انتظاره في دار الضيافة لأيام رأى فيها الشباب منشغلين بالتذمر لتأخر التحاقهم بالمعسكرات التي كانت ملأى بالمتدربين مما يوجب عليهم الانتظار حتى يأتيهم الدور بينما كان مهاجر منشغلا بذكر الله وقراءة القرآن كعادته
حين أزف موعد التحاقه بالمعسكر الشرعي تأهب وكأنه داخل إلى ساحة معركة همة تسابق السحاب علوا وفارس في مضمار خيل يسابق الريح سرعة ونشاطا
في التدريبات الصباحية الخاصة بالمعسكر الشرعي كان يتوجب على المتدربين قطع مسافة عدة كيلومترات في دقائق معدودة والتي تعدّ نوعا من التدريب الخاص بالسرعة والقوة والمطاولة وكانت المسافة كل يوم تزداد والوقت ينقص في تحد كبير للزمن لكن مهاجر كان دائما ممن يحلون في المراكز الثلاثة الأولى فقد أعد جسده وبدنه لمثل هذا اليوم منذ أمد بعيد فقد كان قبل الهجرة سباحا ماهرا ورياضيا متميزا
صلى إماما لإخوته في المعسكر فمهارته وحسن تلاوته القرآن في الصلاة جعل من يصلي خلفه من إخوانه يتمنون لو أنه يطيل فلا ينتهي إلا بختم كتاب الله وكان كثيرا ما يتوقف بسبب البكاء الذي يقطع قراءته ثم اختير ليكون مسؤولا عن جميع حلقات تحفيظ القرآن والتي تعدّ من أساسيات المعسكر الشرعي
وفي معسكره التدريبي العسكري القاسي وكلما جمع أمير المعسكر المتدربين وألقى فيهم خطبة يحثهم فيها على بذل المزيد أو يزجرهم فيها أو يستنكر تقصيرهم في التدريب يبدأ مهاجر بالبكاء الشديد وحينما يُسأَل عن سبب البكاء يرد عليهم: حياء من الله
في أحد الأيام حصلت له خصومة مع أحد المتدربين، مع أنه ليس من محبي الخصومات، ولكن أحد الإخوة المتدربين غضب منه لرفضه أن يخطب الجمعة حينما طلب منه ذلك، لأنه خشي أن يخطب في مجاهدين، يراهم خيرا منه، رغم أنه أعلمهم وأحفظهم للقرآن، وكان يتردد ويتذلل لذلك المتدرب طالبا منه العفو والصفح، رغم أنه لم يسئ إليه، وبقي يلاحقه ويكثر من الاعتذار له، حتى قبل ذلك الأخ اعتذاره وتعانقا، فكانت فرحته لا تعادلها فرحة يوم ذاك.
كان متمكنا من اللغة العربية وقواعدها ومن علوم الشرع، لهذا فقد كان مقررا له حين الانتهاء من التدريب أن يتفرغ في المعسكرات معلما وداعيا، فالحاجة لأمثاله ليست بالقليلة، والمجاهدون من أصحاب العلم الشرعي لهم مكانتهم، وهو ممن دعاهم الخليفة أبو بكر البغدادي -حفظه الله- للهجرة إلى أرض الخلافة مع العلماء والمشايخ والكفاءات وغيرهم ممن يحتاج المسلمون دورهم وخدماتهم في أرض الخلافة، لكن كان يتوجب عليه أن يذهب للرباط وسوح المعارك أولا قبل أن يتفرغ لمهمته الدعوية التعليمية.
جلس في مقر الكتيبة التي فُرز إليها، وتم تحديد أولى الغزوات التي سيشترك فيها، وفيما انشغل رفاق جهاده بكتابة وصاياهم، انشغل هو بقراءة القرآن وتجهيز سلاحه.
كان سعيدا بأن والده ووالدته راضيان عنه، فرغم أنهما كانا يعاتبانه بشدة لأنه سافر ولم يخبرهما بأنه كان قاصدا أرض الجهاد، إلا أنهما أخبراه أنهما راضيان عنه كل الرضى، وأن الموعد الجنة، إن لم يكن هناك لقاء في دنياهما هذه.
أوصى قبل مقتله أن يُبشّر أهله بخبر استشهاده
حمّل (مهاجر) أصحابه وصية شفوية، فأوصى أن يصل خبر استشهاده لأهله كبشارة، وأن تفرح له والدته حين سماعها نبأ مقتله، وأن توزع الحلوى والعصائر، وأن تسعد لما انتهى إليه، شهيدا عند رب العالمين، إن شاء الله، وكان يكثر من دعاء الله أن يتقبله شهيدا، ويشفعه في أمه وأبيه وإخوانه وأخواته وأصدقائه.
وبعد أيام قليلة فقط من وصوله إلى أرض المعركة قُتل (مهاجر) بصاروخ طائرة صليبية، فتناثر الجسد أشلاء، حتى ما كاد يبقى منه شيء يستدل به عليه، تناثر الجسد وتقطع في سبيل الله، أما الروح فقد سمت وارتفعت لباريها، لا أمنية لها إلا أن تعود بجسد صاحبها إلى هذه الدنيا ليقتل مرة أخرى في سبيل الله، وهكذا نحسبه، ونحسبها.
أيها المهاجر، يا من تركت القرب من أمك وأبيك وإخوانك وأهلك، هنيئا ما ظفرت به، ونسأل ربنا الأعلى أن يتقبلك في عليين، وأن يرزقك جنان الخلد، وأن يبدلك عروس الدنيا بحور عين، هي خير من نساء العالمين.
• المصدر: صحيفة النبأ – العدد 17
السنة السابعة - الثلاثاء 29 ربيع الآخر 1437 هـ
قصة شهيد:
مهاجر الجزائري.. نِعم حامل القرآن أنت
• وهو يغادر وقف مودعا أصحابه المقربين في المطار قائلا لهم:
أنا مهاجر الآن وسألتقي بكم بإذن الله في ربوع دولة الخلافة لنغزو معا إن يسر الله لي ولكم الوصول والنفير أو يكون موعدنا الجنة إن رزقني الله الشهادة قبلكم
وحينما وطئت قدمه أرض الخلافة قادما إليها من الجزائر كان أول ما فعله الدخول على صفحته في الإنترنت ليكتب عبارة واحدة: "الله أكبر الله أكبر حلم تحقق"
مهاجر ذو التسعة والعشرين ربيعا والذي كان أصغر إخوته كان باسِم الثغر سريع الدمعة لا يعرف الحقد طريقا إلى قلبه وإذا اختلف مع إخوانه يلوذ بالصمت فلا تسمع له صوتا وإذا تبين له أنه أخطأ في حق أحد إخوانه فسرعان ما يتراجع ويعتذر دون تردد أو خجل
من أبناء المساجد وحافظ للقرآن منذ صباه أكمل دراساته الجامعية في تخصص الشريعة الإسلامية في جامعة خروبة وفي الوقت ذاته كان يدرس القرآن الكريم لأكثر من مائتي طالب في أحد المساجد فتخرج على يديه عشرات الفتيان ممن حفظوا القرآن الكريم بكامله وكان يؤم المصلين في التراويح في شهر رمضان وهو في سن مبكر لما حباه الله من حفظ كتابه العزيز ومن عذوبة صوت في تلاوته
عمل في التجارة بائعا للمواد الغذائية فكان في نظر أبناء مدينته مثالا للصدق والأمانة والتعامل الطيب مع الناس جميعهم كيف لا وقد كان سمحا إذا باع سمحا إذا اشترى
تعلق قلبه بالجهاد ورغم أن الجميع كان يخشى نشر العقيدة السليمة أو التحدث بها خوفا من الطواغيت وأجهزة العسكر القمعية في الجزائر إلا أن مهاجرا كان يستغل الرحلات المدرسية والمخيمات ليقوم بإلقاء محاضرات للطلاب يحدثهم فيها عن المجاهدين ويسمعهم الأناشيد الجهادية التي تشيد ببطولات المجاهدين لتكون تلك الأناشيد هي ملح رحلاتهم ومخيماتهم غير عابئ بالنتائج التي قد تترتب على اجتهاداته تلك
من المفارقات تلميذه من سهل له أمر الهجرة إلى أرض الخلافة
كان همه دائما وأبدا النفير لسوح الجهاد فقد هم بالنفير إلى العراق قبل عقد من الزمن لكن اعتقال صاحبه الذي سبقه والذي كان من المفترض أن ينسق له أمر هجرته أضاع عليه الفرصة فأصابه بعد ذلك هم شديد وحزن عميق حتى فتح الله له أبواب رحمته بعد قيام الخلافة حيث هاجر أحد طلبته ممن حفظ القرآن على يديه إلى أرض الخلافة وراح الطالب يتواصل مع أستاذه ليساعده في أمر الهجرة والترتيب لها ورغم أن مهاجرا كان ينوي الزواج إلا أنه ترك كل شيء حينما حانت ساعة الهجرة فغادر داره موهما من حوله أنه ذاهب في رحلة سياحية لن تطول لكن الوجهة كانت دولة الخلافة التي فشل مرتين في اجتياز عقبات الوصول إليها نتيجة التشديد الأمني من قبل الطواغيت ليتمكن في المرة الثالثة من دخولها بعد سنين عجاف حاول فيها الالتحاق بالمجاهدين
تغيرت حياة مهاجر بالكامل فالشاب قد تخلى عن أحلام مستقبله تجارته بيته سيارته أصدقائه عروسه فهو قد رمى الدنيا وما فيها وراء ظهره وأصبح جل همه أن يكون مجاهدا في سبيل نصرة دينه لتكون كلمة الله هي العليا وليمسي حلمه الوحيد أن يكون جنديا في جيش الخلافة
حين وصوله أراضي الدولة الإسلامية أقام في إحدى دور الضيافة والتي تعد أولى محطات دخول المهاجرين إلى أرض الخلافة فشهد له الجميع بكثرة قيامه وسجوده فكان لا يفتر من عبادته تلك ولا يغادر المصحف يده إلا حينما يأوي إلى فراشه فكان القرآن الكريم أقرب المقربين إليه بل كان صاحبه الذي لا يفارقه أبدا
طال انتظاره في دار الضيافة لأيام رأى فيها الشباب منشغلين بالتذمر لتأخر التحاقهم بالمعسكرات التي كانت ملأى بالمتدربين مما يوجب عليهم الانتظار حتى يأتيهم الدور بينما كان مهاجر منشغلا بذكر الله وقراءة القرآن كعادته
حين أزف موعد التحاقه بالمعسكر الشرعي تأهب وكأنه داخل إلى ساحة معركة همة تسابق السحاب علوا وفارس في مضمار خيل يسابق الريح سرعة ونشاطا
في التدريبات الصباحية الخاصة بالمعسكر الشرعي كان يتوجب على المتدربين قطع مسافة عدة كيلومترات في دقائق معدودة والتي تعدّ نوعا من التدريب الخاص بالسرعة والقوة والمطاولة وكانت المسافة كل يوم تزداد والوقت ينقص في تحد كبير للزمن لكن مهاجر كان دائما ممن يحلون في المراكز الثلاثة الأولى فقد أعد جسده وبدنه لمثل هذا اليوم منذ أمد بعيد فقد كان قبل الهجرة سباحا ماهرا ورياضيا متميزا
صلى إماما لإخوته في المعسكر فمهارته وحسن تلاوته القرآن في الصلاة جعل من يصلي خلفه من إخوانه يتمنون لو أنه يطيل فلا ينتهي إلا بختم كتاب الله وكان كثيرا ما يتوقف بسبب البكاء الذي يقطع قراءته ثم اختير ليكون مسؤولا عن جميع حلقات تحفيظ القرآن والتي تعدّ من أساسيات المعسكر الشرعي
وفي معسكره التدريبي العسكري القاسي وكلما جمع أمير المعسكر المتدربين وألقى فيهم خطبة يحثهم فيها على بذل المزيد أو يزجرهم فيها أو يستنكر تقصيرهم في التدريب يبدأ مهاجر بالبكاء الشديد وحينما يُسأَل عن سبب البكاء يرد عليهم: حياء من الله
• المصدر: قصة شهيد – صحيفة النبأ – العدد 17
مهاجر الجزائري نِعم حامل القرآن أنت
• طال انتظاره في دار الضيافة لأيام رأى فيها الشباب منشغلين بالتذمر لتأخر التحاقهم بالمعسكرات التي كانت ملأى بالمتدربين مما يوجب عليهم الانتظار حتى يأتيهم الدور بينما كان مهاجر منشغلا بذكر الله وقراءة القرآن كعادته
حين أزف موعد التحاقه بالمعسكر الشرعي تأهب وكأنه داخل إلى ساحة معركة همة تسابق السحاب علوا وفارس في مضمار خيل يسابق الريح سرعة ونشاطا
في التدريبات الصباحية الخاصة بالمعسكر الشرعي كان يتوجب على المتدربين قطع مسافة عدة كيلومترات في دقائق معدودة والتي تعدّ نوعا من التدريب الخاص بالسرعة والقوة والمطاولة وكانت المسافة كل يوم تزداد والوقت ينقص في تحد كبير للزمن لكن مهاجر كان دائما ممن يحلون في المراكز الثلاثة الأولى فقد أعد جسده وبدنه لمثل هذا اليوم منذ أمد بعيد فقد كان قبل الهجرة سباحا ماهرا ورياضيا متميزا
صلى إماما لإخوته في المعسكر فمهارته وحسن تلاوته القرآن في الصلاة جعل من يصلي خلفه من إخوانه يتمنون لو أنه يطيل فلا ينتهي إلا بختم كتاب الله وكان كثيرا ما يتوقف بسبب البكاء الذي يقطع قراءته ثم اختير ليكون مسؤولا عن جميع حلقات تحفيظ القرآن والتي تعدّ من أساسيات المعسكر الشرعي
وفي معسكره التدريبي العسكري القاسي وكلما جمع أمير المعسكر المتدربين وألقى فيهم خطبة يحثهم فيها على بذل المزيد أو يزجرهم فيها أو يستنكر تقصيرهم في التدريب يبدأ مهاجر بالبكاء الشديد وحينما يُسأَل عن سبب البكاء يرد عليهم: حياء من الله
في أحد الأيام حصلت له خصومة مع أحد المتدربين، مع أنه ليس من محبي الخصومات، ولكن أحد الإخوة المتدربين غضب منه لرفضه أن يخطب الجمعة حينما طلب منه ذلك، لأنه خشي أن يخطب في مجاهدين، يراهم خيرا منه، رغم أنه أعلمهم وأحفظهم للقرآن، وكان يتردد ويتذلل لذلك المتدرب طالبا منه العفو والصفح، رغم أنه لم يسئ إليه، وبقي يلاحقه ويكثر من الاعتذار له، حتى قبل ذلك الأخ اعتذاره وتعانقا، فكانت فرحته لا تعادلها فرحة يوم ذاك.
كان متمكنا من اللغة العربية وقواعدها ومن علوم الشرع، لهذا فقد كان مقررا له حين الانتهاء من التدريب أن يتفرغ في المعسكرات معلما وداعيا، فالحاجة لأمثاله ليست بالقليلة، والمجاهدون من أصحاب العلم الشرعي لهم مكانتهم، وهو ممن دعاهم الخليفة أبو بكر البغدادي -حفظه الله- للهجرة إلى أرض الخلافة مع العلماء والمشايخ والكفاءات وغيرهم ممن يحتاج المسلمون دورهم وخدماتهم في أرض الخلافة، لكن كان يتوجب عليه أن يذهب للرباط وسوح المعارك أولا قبل أن يتفرغ لمهمته الدعوية التعليمية.
جلس في مقر الكتيبة التي فُرز إليها، وتم تحديد أولى الغزوات التي سيشترك فيها، وفيما انشغل رفاق جهاده بكتابة وصاياهم، انشغل هو بقراءة القرآن وتجهيز سلاحه.
كان سعيدا بأن والده ووالدته راضيان عنه، فرغم أنهما كانا يعاتبانه بشدة لأنه سافر ولم يخبرهما بأنه كان قاصدا أرض الجهاد، إلا أنهما أخبراه أنهما راضيان عنه كل الرضى، وأن الموعد الجنة، إن لم يكن هناك لقاء في دنياهما هذه.
أوصى قبل مقتله أن يُبشّر أهله بخبر استشهاده
حمّل (مهاجر) أصحابه وصية شفوية، فأوصى أن يصل خبر استشهاده لأهله كبشارة، وأن تفرح له والدته حين سماعها نبأ مقتله، وأن توزع الحلوى والعصائر، وأن تسعد لما انتهى إليه، شهيدا عند رب العالمين، إن شاء الله، وكان يكثر من دعاء الله أن يتقبله شهيدا، ويشفعه في أمه وأبيه وإخوانه وأخواته وأصدقائه.
وبعد أيام قليلة فقط من وصوله إلى أرض المعركة قُتل (مهاجر) بصاروخ طائرة صليبية، فتناثر الجسد أشلاء، حتى ما كاد يبقى منه شيء يستدل به عليه، تناثر الجسد وتقطع في سبيل الله، أما الروح فقد سمت وارتفعت لباريها، لا أمنية لها إلا أن تعود بجسد صاحبها إلى هذه الدنيا ليقتل مرة أخرى في سبيل الله، وهكذا نحسبه، ونحسبها.
أيها المهاجر، يا من تركت القرب من أمك وأبيك وإخوانك وأهلك، هنيئا ما ظفرت به، ونسأل ربنا الأعلى أن يتقبلك في عليين، وأن يرزقك جنان الخلد، وأن يبدلك عروس الدنيا بحور عين، هي خير من نساء العالمين.
• المصدر: صحيفة النبأ – العدد 17
السنة السابعة - الثلاثاء 29 ربيع الآخر 1437 هـ
قصة شهيد:
مهاجر الجزائري.. نِعم حامل القرآن أنت