الزاد في الحث على الجهاد • الباب الثاني: فضل الجهاد والمجاهدين في سبيل الله (الجزء ...
منذ 2024-12-03
الزاد في الحث على الجهاد
• الباب الثاني: فضل الجهاد والمجاهدين في سبيل الله (الجزء الرابع)
يقول الإمام ابن النحاس رحمه الله قال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} [الحجرات:١٥]، فقرن الله عز وجل الإيمان بالجهاد، وفي ذلك تنبيه على أنّ التقاعس عن الجهاد بالنفس والمال ينافي حقيقة الإيمان.
فالجهاد وهو من أعمال الجوارح دليلٌ على صدق ما في القلب وصدق اللسان من الإيمان، لذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى تعليقاً على هذه الآية: "وَالْجِهَادُ تَمَامُ الْإِيمَانِ وَسَنَامُ الْعَمَلِ"، وقال في موضع آخر تعليقاً على نفس الآية: "وَأَخْبَرَ فِي كِتَابِهِ أَنَّ الصَّدْقَ فِي الْإِيمَانِ لَا يَكُونُ إِلَّا بِالْجِهَادِ فِي سَبِيلِهِ".
وقال ابن القيم -رحمه الله- تعليقاً على هذه الآية: ثُمَّ ذَكَرَ أَهْلَ الْإِيمَانِ الَّذِينَ ذَاقُوا طَعْمَهُ، وَهُمُ الَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَبِرَسُولِهِ، ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا فِي إِيمَانِهِمْ، وَإِنَّمَا انْتَفَى عَنْهُمُ الرَّيْبُ: لِأَنَّ الْإِيمَانَ قَدْ بَاشَرَ قُلُوبَهُمْ، وَخَالَطَتْهَا بَشَاشَتُهُ، فَلَمْ يَبْقَ لِلرَّيْبِ فِيهِ مَوْضِعٌ.
وَصَدَّقَ ذَلِكَ الذَّوْقَ: بَذْلُهُمْ أَحَبَّ شَيْءٍ إِلَيْهِمْ فِي رِضَا رَبِّهِمْ تَعَالَى، وَهُوَ أَمْوَالُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ.
وَمِنَ الْمُمْتَنِعِ: حُصُولُ هَذَا الْبَذْلِ مِنْ غَيْرِ ذَوْقٍ طَعْمِ الْإِيمَانِ، وَوُجُودِ حَلَاوَتِهِ، فَإِنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا يَحْصُلُ بِصِدْقِ الذَّوْقِ وَالْوَجْدِ" انتهى كلامه رحمه الله تعالى.
وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَىٰ تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ١٠ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ١١ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ۚ ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ١٢ وَأُخْرَىٰ تُحِبُّونَهَا ۖ نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ ۗ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ١٣ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ ۖ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ ۖ فَآمَنَتْ طَائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَتْ طَائِفَةٌ ۖ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَىٰ عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ} [الصف:١٠-١٤].
قال الإمام الشوكاني -رحمه الله تعالى-: "جَعَلَ العَمَلَ الْمَذْكُورَ بِمَنْزِلَةِ التِّجَارَةِ لِأَنَّهُمْ يَرْبَحُونَ فِيهِ كَمَا يَرْبَحُونَ فِيهَا، وَذَلِكَ بِدُخُولِهِمُ الْجَنَّةَ وَنَجَاتِهِمْ مِنَ النَّارِ".
وقال صاحب الظلال: "فَالَّذِي يُتاجر بِالدِّرْهَم فَيَكْسِبُ عَشْرَةَ يَغْبِطُهُ كُلُّ مَنْ فِي السُّوقِ. فَكَيْفَ بِمَنْ يَتَّجِرُ في أَيَّامٍ قَلِيلَةٍ مَعْدُودَةٍ فِي هَذِهِ الْأَرْضِ، وَمَتَاعٍ مَحْدُودٍ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا، فَيَكْسِبُ بِهِ خُلُودًا لَا يُعْلَمُ لَهُ نِهَايَةٌ إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ، وَمَتَاعًا غَيْرَ مَقْطُوع وَلَا مَمْنُوع؟"
والله نعم التجارة تلك التجارة وما أربحها من تجارة.
نسأل الله عز وجل أن يمتّعنا بالجهاد ما حيينا، وأن يختم لنا بشهادة في سبيله خالصةً لوجهه الكريم، إنّه ولي ذلك والقادر عليه، وهو نعم المولى ونعم النصير، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
• مقتطفات من سلسلة الزاد في الحث على الجهاد الصادرة عن إذاعة البيان التابعة للدولة الإسلامية بتصرف يسير - السلسلة / 30
جمادى الأولى 1446 هـ
• الباب الثاني: فضل الجهاد والمجاهدين في سبيل الله (الجزء الرابع)
يقول الإمام ابن النحاس رحمه الله قال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} [الحجرات:١٥]، فقرن الله عز وجل الإيمان بالجهاد، وفي ذلك تنبيه على أنّ التقاعس عن الجهاد بالنفس والمال ينافي حقيقة الإيمان.
فالجهاد وهو من أعمال الجوارح دليلٌ على صدق ما في القلب وصدق اللسان من الإيمان، لذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى تعليقاً على هذه الآية: "وَالْجِهَادُ تَمَامُ الْإِيمَانِ وَسَنَامُ الْعَمَلِ"، وقال في موضع آخر تعليقاً على نفس الآية: "وَأَخْبَرَ فِي كِتَابِهِ أَنَّ الصَّدْقَ فِي الْإِيمَانِ لَا يَكُونُ إِلَّا بِالْجِهَادِ فِي سَبِيلِهِ".
وقال ابن القيم -رحمه الله- تعليقاً على هذه الآية: ثُمَّ ذَكَرَ أَهْلَ الْإِيمَانِ الَّذِينَ ذَاقُوا طَعْمَهُ، وَهُمُ الَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَبِرَسُولِهِ، ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا فِي إِيمَانِهِمْ، وَإِنَّمَا انْتَفَى عَنْهُمُ الرَّيْبُ: لِأَنَّ الْإِيمَانَ قَدْ بَاشَرَ قُلُوبَهُمْ، وَخَالَطَتْهَا بَشَاشَتُهُ، فَلَمْ يَبْقَ لِلرَّيْبِ فِيهِ مَوْضِعٌ.
وَصَدَّقَ ذَلِكَ الذَّوْقَ: بَذْلُهُمْ أَحَبَّ شَيْءٍ إِلَيْهِمْ فِي رِضَا رَبِّهِمْ تَعَالَى، وَهُوَ أَمْوَالُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ.
وَمِنَ الْمُمْتَنِعِ: حُصُولُ هَذَا الْبَذْلِ مِنْ غَيْرِ ذَوْقٍ طَعْمِ الْإِيمَانِ، وَوُجُودِ حَلَاوَتِهِ، فَإِنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا يَحْصُلُ بِصِدْقِ الذَّوْقِ وَالْوَجْدِ" انتهى كلامه رحمه الله تعالى.
وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَىٰ تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ١٠ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ١١ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ۚ ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ١٢ وَأُخْرَىٰ تُحِبُّونَهَا ۖ نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ ۗ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ١٣ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ ۖ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ ۖ فَآمَنَتْ طَائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَتْ طَائِفَةٌ ۖ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَىٰ عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ} [الصف:١٠-١٤].
قال الإمام الشوكاني -رحمه الله تعالى-: "جَعَلَ العَمَلَ الْمَذْكُورَ بِمَنْزِلَةِ التِّجَارَةِ لِأَنَّهُمْ يَرْبَحُونَ فِيهِ كَمَا يَرْبَحُونَ فِيهَا، وَذَلِكَ بِدُخُولِهِمُ الْجَنَّةَ وَنَجَاتِهِمْ مِنَ النَّارِ".
وقال صاحب الظلال: "فَالَّذِي يُتاجر بِالدِّرْهَم فَيَكْسِبُ عَشْرَةَ يَغْبِطُهُ كُلُّ مَنْ فِي السُّوقِ. فَكَيْفَ بِمَنْ يَتَّجِرُ في أَيَّامٍ قَلِيلَةٍ مَعْدُودَةٍ فِي هَذِهِ الْأَرْضِ، وَمَتَاعٍ مَحْدُودٍ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا، فَيَكْسِبُ بِهِ خُلُودًا لَا يُعْلَمُ لَهُ نِهَايَةٌ إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ، وَمَتَاعًا غَيْرَ مَقْطُوع وَلَا مَمْنُوع؟"
والله نعم التجارة تلك التجارة وما أربحها من تجارة.
نسأل الله عز وجل أن يمتّعنا بالجهاد ما حيينا، وأن يختم لنا بشهادة في سبيله خالصةً لوجهه الكريم، إنّه ولي ذلك والقادر عليه، وهو نعم المولى ونعم النصير، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
• مقتطفات من سلسلة الزاد في الحث على الجهاد الصادرة عن إذاعة البيان التابعة للدولة الإسلامية بتصرف يسير - السلسلة / 30
جمادى الأولى 1446 هـ