بيت المقدس.. قضية شرعية أولاً • لعشرات السنين هيمنت قضية فلسطين واحتلال اليهود لها على مجمل حياة ...
منذ 2024-12-04
بيت المقدس.. قضية شرعية أولاً
• لعشرات السنين هيمنت قضية فلسطين واحتلال اليهود لها على مجمل حياة المسلمين في كل أنحاء العالم، فغلا فيها الغالون، وتاجر بها المتاجرون، حتى راج عند معظم الناس أن فلسطين هي قضية الإسلام الأولى، بعدما أعلن القوميون أنها قضية العرب الأولى، فلا يصح أن تطرح أي قضية أخرى ما لم تحرر فلسطين، لكي لا تتشتت الجهود وتضيع الإمكانيات، بل ولا يصح في نظر الكثيرين أي جهاد ما لم يكن في فلسطين، وبات دعاة الفتنة وعلماء السلاطين في كل مكان يستنكرون على المجاهدين في كل الساحات، ويلبسون على الجهلة بالسؤال: لماذا لا يجاهد هؤلاء في فلسطين؟
وتعدى الأمر بهؤلاء المنحرفين ليدخل في باب الولاء والبراء، إذ لم يعد هناك عدو للأمة المسلمة غير اليهود المحتلين لفلسطين، وحتى من أراد أن يوسع الدائرة لتشمل الصليبيين النصارى، انحرف عن الشريعة بإعلانه أن السبب الوحيد لعدائه لهم هو دعمهم لليهود، ولا عدو من الطواغيت إلا من صالح اليهود، أو تحالف معهم.
ومن جانب آخر صار كل من يعادي الدولة اليهودية بطلا محبوبا ترفع راياته، وتعلق صوره، بغض النظر عن دينه وعقيدته، وبهذا تعلقت قلوب الناس بالشيوعيين من أمثال مقاتلي الجبهتين الشعبية والديموقراطية لتحرير فلسطين وحلفائهم من الحركات الماركسية العالمية لفترة من الزمن، ومُجّدوا، وسُمّي قتلاهم شهداء، رغم أنهم ملاحدة كفار، لا يؤمنون بالله ربّا، ولا بالإسلام دينا، ولا بمحمد -صلى الله عليه وسلم- رسولا، ولكن كان يكفي عند أصحاب «قضية العرب الأولى» أنهم يقاتلون اليهود في فلسطين.
ثم تعلقت قلوبهم بالروافض الأنجاس من أمثال حزب اللات، وحركة أمل، لقتالهم لليهود في جنوب لبنان في السنوات الماضية، حتى وصل الأمر بالناس في حرب عام «2006» المعروفة بحرب تموز أن ارتفعت رايات الرافضة، وصور المرتد حسن نصر اللات في منازل الملايين من الناس.
وعلاوة على ذلك تعلقت قلوب عشرات الملايين من الناس بشرار الطواغيت العرب من أمثال جمال عبد الناصر، وحافظ الأسد، ومعمر القذافي، وصدام حسين، بسبب متاجرتهم بقضية فلسطين، وبيعهم الأوهام للمتعلقين بهم من خلال الخطابات الحماسية عن إلقاء اليهود في البحر، أو إحراق دولتهم بالصواريخ.
- الأحزاب المنحرفة
قضية المتاجرة بفلسطين تعدّت القوميين واليساريين والرافضة، حيث دخلت منذ زمن في صلب مناهج العمل للأحزاب والفصائل والجماعات التي تنتسب كذبا للإسلام، باعتبارها وسيلة لحشد الناس، وتوحيد الصف، حيث لم يجدوا في الساحة أمامهم قضية يُجمع عليها الناس غير قضية فلسطين التي تاجر بها الجميع دون استثناء، واستسهلوا بناء مناهجهم الحركية على أساس «قضية فلسطين» الذي أشرف على بنائه القوميون لعقود، وذلك لما وجدوه من بُعد للناس عن الدين، فسولت لهم أنفسهم أن يجمعوا الناس حولهم على هذا الأصل الفاسد وينطلقوا بهم -بزعمهم- لتحقيق الأهداف المعلنة لجماعاتهم في إقامة الدين وتطبيق الشريعة، دون أن يلتفتوا لاختلاف طبائع الناس ممن تجذبه الدعوات لاستنقاذ فلسطين وأنهم خليط من المسلمين والكفرة، من القوميين واليساريين، والنصارى، فهل يمكن أن يتم حشد هؤلاء جميعا لإنجاح أي مشروع «إسلامي» حقيقي؟.
وبعدما يقارب سبعة عقود من الشعارات الفارغة، لا زالت فلسطين تحت حكم اليهود، ولا زال الرافضة وحلفاؤهم من الأحزاب الضالة يتاجرون بالقضية، بعد أن انقسمت فلسطين القديمة إلى ثلاثة أقسام، كل منها يحكم بحكومة طاغوتية تزعم العداء للأخرى.
- الجهاد لاستنقاذ بيت المقدس يخضع لضوابط الشريعة
• إن وضع قضية فلسطين في إطارها الشرعي الصحيح، وكسر وثن «قضية المسلمين الأولى» الذي تم تعبيد الناس له لعقود، يجب أن يكون الأساس الذي ينبني أي عمل حقيقي باتجاه تلك البقعة المباركة من الأرض.
فقضية المسلمين الأولى هي إقامة التوحيد، قال تعالى: {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون}، ولأجلها أرسل الله الرسل وشرع الجهاد، لتطهير كل الأرض من الشرك، وتعبيدهم لرب العالمين عز وجل، كما قال تعالى: {وقاتلوهم حتىٰ لا تكون فتنةٌ ويكون الدين كله لله}، وينطبق على بيت المقدس وأكنافها في ذلك ما ينطبق على باقي الأرض، بل إن الجهاد لاستنقاذ بيت المقدس من أيدي اليهود لا يجوز إلا إذا كان في سبيل إزالة حكم الطاغوت عنها، وإقامة الدين فيها كاملا غير منقوص، أما أن يستبدل بحكم اليهود، حكم الطواغيت من أمثال من يحكم حاليا في غزة والضفة الغربية، فالجهاد في سبيل ذلك باطل، وهو قتال في سبيل الطاغوت، لا جهاد في سبيل الله.
ولو نظرنا إلى واقع الأرض اليوم لوجدناها تحكم كلها بالشرك وقوانينه، خلا بقاعا منها مكن الله الدولة الإسلامية من إقامة الدين فيها، والجهاد لدفع الكفار عن أراضي المسلمين المغصوبة واجب على المسلمين، ومنها بيت المقدس وأكنافها، وأرض الحرمين، وباقي ديار المسلمين، وبالتالي يتساوى الحكم على الجهاد في فلسطين مع غيره دون تمييز، ولو كان فضل الأرض يقدم خيار الجهاد فيها، فالجهاد لاستنقاذ مكة والمدينة من أيدي الطواغيت من آل سعود مقدم ولا شك على سائر بقاع الأرض.
ومن باب آخر فإن الله عز وجل أمر عباده أن يقاتلوا المشركين كلهم، دون استثناء لبعضهم دون بعض، أو تخصيصه ببعضهم دون بعض، فقال تعالى: {وقاتلوا المشركين كافةً كما يقاتلونكم كافةً واعلموا أن الله مع المتقين}، فما الذي أعطى لليهود الميزة من بين كل أصناف المشركين كي يحصر المنحرفون الجهاد بهم دون غيرهم، فالطواغيت المرتدون الحاكمون لديار الإسلام أشد كفرا منهم، وقتالهم مقدم على قتال المشركين الأصليين، فالجهاد المشروع يكون بقتال اليهود في فلسطين وبقتال الطواغيت وأتباعهم من المرتدين في كل مكان في الوقت نفسه، وكذلك الصليبيين، وكل المشركين في العالم، أما حصر الجهاد باليهود فقط فهو تبديل لشرع الله، واتباع لأهواء الطواغيت الذين يريدون منع المسلمين من جهاد المشركين والمرتدين في البلدان التي يحكمونها.
وكذلك فإن الله تعالى أمر المؤمنين أن يتوجهوا في جهادهم إلى الأقرب إليهم من الكفار، في إطار قتالهم للمشركين كافة، فقال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار}، وبالتالي فإن على المسلمين في كل مكان أن يقاتل كل منهم الأقرب إليه من الكفار، فيبدأ المسلمون تحت حكم اليهود بقتالهم، ويبدأ أهل الشام بقتال الطاغوت النصيري وغيره من أصناف المرتدين كالصحوات والـ PKK، ويبدأ المسلمون في العراق بقتال مرتدي الرافضة والبيشمركة والصحوات، والمسلمون في مصر وسيناء بقتال الطاغوت الحاكم لمصر، وهكذا في كل ديار الإسلام، حتى إذا انتهى المسلمون في أي قطر من الأقطار من قتال الكفار الذين يلونهم وأخضعوا أرضهم لحكم الله، انتقلوا إلى الكفار الذين يلونهم، وهكذا حتى تطهر الأرض من الشرك والكفر.
وتتأكد هذه الحقيقة إذا أخذنا بالحسبان أن الطواغيت في جوار بيت المقدس، يشكلون هم وجيوشهم خط الدفاع الأول عن دولة يهود، وبالتالي لا يمكن بحال التوصل إلى قتال اليهود إلا بالتخلص من هؤلاء الطواغيت وإزالة حكمهم، وتدمير جيوشهم، وبالتالي الوصول إلى تخوم دولة اليهود والاشتباك مع جيشهم بشكل مباشر.
إن الجهاد لاستنقاذ بيت المقدس وأكنافه من أيدي اليهود والذي نسأل الله أن يكون قريبا، هو مسألة شرعية، تخضع لضوابط الشريعة في كل أجزائها، ولا يصح بحال أن يغلو أحد فيها فيرفعها فوق توحيد الله، مثلما لا يصح أن يتهاون فيها أحد ممن يؤمن بالله ربا وبالإسلام دينا، فهو واجب شرعي، يجب على كل المسلمين العمل عليه، لكونه من ديار المسلمين التي استولى عليه الكفار اليهود، وحولوه إلى دار حرب، وحكموه بشريعة الطاغوت، ومنعوا فيه شعائر الإسلام، وقتلوا المسلمين، ونهبوا أموالهم، وأخرجوهم من أرضهم، فقتال هؤلاء اليهود واجب على كل مسلم، ولكن هذا الواجب أوكد على أهل بيت المقدس لكونهم أقرب إليهم، على أن تكون غاية هذا القتال هي إقامة دين الله لا مجرد استعادة الأرض والمال، أو لمجرد الثأر من اليهود على جرائمهم طيلة العقود الماضية، وواجب على كل المسلمين في العالم إعانتهم في ذلك بما يستطيعون إيصاله إليهم من المال والرجال، وكذلك التخفيف عنهم، والنكاية في عدوهم عن طريق استهداف اليهود وحلفائهم أينما ثقفوهم، وقتلهم، وإتلاف أموالهم، وتعطيل مصالحهم ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا.
والجهاد لاستنقاذ بيت المقدس من أيدي اليهود لا يبرر الانتساب إلى الفصائل والأحزاب المرتدة، مثل حزب اللات الرافضي، وحركة «الجهاد الإسلامي» المرتبطة بها، أو الحركات العلمانية والشيوعية، كحركة فتح والجبهتين الشعبية والديموقراطية، ولا الحركات المنتسبة للإسلام اسما، الممتنعة عن تنفيذ شرع الله حكما، المطبقة لشرك الديموقراطية واقعا كحركة حماس المرتدة.
فقتال الكفار تحت راية كفرية لا يجوز بحال، وإنما يجاهد المسلم تحت راية جماعة المسلمين فإن لم يستطع الالتحاق بالخلافة، فبيعتها وجهاده وحده أبرّ له عند الله من أن يهلك نفسه في سبيل إزالة حكم اليهود وإحلال حكم الأحزاب والفصائل الطاغوتية المرتدة.
• المصدر: صحيفة النبأ – العدد 22
السنة السابعة - الثلاثاء 5 جمادى الآخرة 1437 هـ
مقال:
بيت المقدس.. قضية شرعية أولاً
• لعشرات السنين هيمنت قضية فلسطين واحتلال اليهود لها على مجمل حياة المسلمين في كل أنحاء العالم، فغلا فيها الغالون، وتاجر بها المتاجرون، حتى راج عند معظم الناس أن فلسطين هي قضية الإسلام الأولى، بعدما أعلن القوميون أنها قضية العرب الأولى، فلا يصح أن تطرح أي قضية أخرى ما لم تحرر فلسطين، لكي لا تتشتت الجهود وتضيع الإمكانيات، بل ولا يصح في نظر الكثيرين أي جهاد ما لم يكن في فلسطين، وبات دعاة الفتنة وعلماء السلاطين في كل مكان يستنكرون على المجاهدين في كل الساحات، ويلبسون على الجهلة بالسؤال: لماذا لا يجاهد هؤلاء في فلسطين؟
وتعدى الأمر بهؤلاء المنحرفين ليدخل في باب الولاء والبراء، إذ لم يعد هناك عدو للأمة المسلمة غير اليهود المحتلين لفلسطين، وحتى من أراد أن يوسع الدائرة لتشمل الصليبيين النصارى، انحرف عن الشريعة بإعلانه أن السبب الوحيد لعدائه لهم هو دعمهم لليهود، ولا عدو من الطواغيت إلا من صالح اليهود، أو تحالف معهم.
ومن جانب آخر صار كل من يعادي الدولة اليهودية بطلا محبوبا ترفع راياته، وتعلق صوره، بغض النظر عن دينه وعقيدته، وبهذا تعلقت قلوب الناس بالشيوعيين من أمثال مقاتلي الجبهتين الشعبية والديموقراطية لتحرير فلسطين وحلفائهم من الحركات الماركسية العالمية لفترة من الزمن، ومُجّدوا، وسُمّي قتلاهم شهداء، رغم أنهم ملاحدة كفار، لا يؤمنون بالله ربّا، ولا بالإسلام دينا، ولا بمحمد -صلى الله عليه وسلم- رسولا، ولكن كان يكفي عند أصحاب «قضية العرب الأولى» أنهم يقاتلون اليهود في فلسطين.
ثم تعلقت قلوبهم بالروافض الأنجاس من أمثال حزب اللات، وحركة أمل، لقتالهم لليهود في جنوب لبنان في السنوات الماضية، حتى وصل الأمر بالناس في حرب عام «2006» المعروفة بحرب تموز أن ارتفعت رايات الرافضة، وصور المرتد حسن نصر اللات في منازل الملايين من الناس.
وعلاوة على ذلك تعلقت قلوب عشرات الملايين من الناس بشرار الطواغيت العرب من أمثال جمال عبد الناصر، وحافظ الأسد، ومعمر القذافي، وصدام حسين، بسبب متاجرتهم بقضية فلسطين، وبيعهم الأوهام للمتعلقين بهم من خلال الخطابات الحماسية عن إلقاء اليهود في البحر، أو إحراق دولتهم بالصواريخ.
- الأحزاب المنحرفة
قضية المتاجرة بفلسطين تعدّت القوميين واليساريين والرافضة، حيث دخلت منذ زمن في صلب مناهج العمل للأحزاب والفصائل والجماعات التي تنتسب كذبا للإسلام، باعتبارها وسيلة لحشد الناس، وتوحيد الصف، حيث لم يجدوا في الساحة أمامهم قضية يُجمع عليها الناس غير قضية فلسطين التي تاجر بها الجميع دون استثناء، واستسهلوا بناء مناهجهم الحركية على أساس «قضية فلسطين» الذي أشرف على بنائه القوميون لعقود، وذلك لما وجدوه من بُعد للناس عن الدين، فسولت لهم أنفسهم أن يجمعوا الناس حولهم على هذا الأصل الفاسد وينطلقوا بهم -بزعمهم- لتحقيق الأهداف المعلنة لجماعاتهم في إقامة الدين وتطبيق الشريعة، دون أن يلتفتوا لاختلاف طبائع الناس ممن تجذبه الدعوات لاستنقاذ فلسطين وأنهم خليط من المسلمين والكفرة، من القوميين واليساريين، والنصارى، فهل يمكن أن يتم حشد هؤلاء جميعا لإنجاح أي مشروع «إسلامي» حقيقي؟.
وبعدما يقارب سبعة عقود من الشعارات الفارغة، لا زالت فلسطين تحت حكم اليهود، ولا زال الرافضة وحلفاؤهم من الأحزاب الضالة يتاجرون بالقضية، بعد أن انقسمت فلسطين القديمة إلى ثلاثة أقسام، كل منها يحكم بحكومة طاغوتية تزعم العداء للأخرى.
- الجهاد لاستنقاذ بيت المقدس يخضع لضوابط الشريعة
• إن وضع قضية فلسطين في إطارها الشرعي الصحيح، وكسر وثن «قضية المسلمين الأولى» الذي تم تعبيد الناس له لعقود، يجب أن يكون الأساس الذي ينبني أي عمل حقيقي باتجاه تلك البقعة المباركة من الأرض.
فقضية المسلمين الأولى هي إقامة التوحيد، قال تعالى: {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون}، ولأجلها أرسل الله الرسل وشرع الجهاد، لتطهير كل الأرض من الشرك، وتعبيدهم لرب العالمين عز وجل، كما قال تعالى: {وقاتلوهم حتىٰ لا تكون فتنةٌ ويكون الدين كله لله}، وينطبق على بيت المقدس وأكنافها في ذلك ما ينطبق على باقي الأرض، بل إن الجهاد لاستنقاذ بيت المقدس من أيدي اليهود لا يجوز إلا إذا كان في سبيل إزالة حكم الطاغوت عنها، وإقامة الدين فيها كاملا غير منقوص، أما أن يستبدل بحكم اليهود، حكم الطواغيت من أمثال من يحكم حاليا في غزة والضفة الغربية، فالجهاد في سبيل ذلك باطل، وهو قتال في سبيل الطاغوت، لا جهاد في سبيل الله.
ولو نظرنا إلى واقع الأرض اليوم لوجدناها تحكم كلها بالشرك وقوانينه، خلا بقاعا منها مكن الله الدولة الإسلامية من إقامة الدين فيها، والجهاد لدفع الكفار عن أراضي المسلمين المغصوبة واجب على المسلمين، ومنها بيت المقدس وأكنافها، وأرض الحرمين، وباقي ديار المسلمين، وبالتالي يتساوى الحكم على الجهاد في فلسطين مع غيره دون تمييز، ولو كان فضل الأرض يقدم خيار الجهاد فيها، فالجهاد لاستنقاذ مكة والمدينة من أيدي الطواغيت من آل سعود مقدم ولا شك على سائر بقاع الأرض.
ومن باب آخر فإن الله عز وجل أمر عباده أن يقاتلوا المشركين كلهم، دون استثناء لبعضهم دون بعض، أو تخصيصه ببعضهم دون بعض، فقال تعالى: {وقاتلوا المشركين كافةً كما يقاتلونكم كافةً واعلموا أن الله مع المتقين}، فما الذي أعطى لليهود الميزة من بين كل أصناف المشركين كي يحصر المنحرفون الجهاد بهم دون غيرهم، فالطواغيت المرتدون الحاكمون لديار الإسلام أشد كفرا منهم، وقتالهم مقدم على قتال المشركين الأصليين، فالجهاد المشروع يكون بقتال اليهود في فلسطين وبقتال الطواغيت وأتباعهم من المرتدين في كل مكان في الوقت نفسه، وكذلك الصليبيين، وكل المشركين في العالم، أما حصر الجهاد باليهود فقط فهو تبديل لشرع الله، واتباع لأهواء الطواغيت الذين يريدون منع المسلمين من جهاد المشركين والمرتدين في البلدان التي يحكمونها.
وكذلك فإن الله تعالى أمر المؤمنين أن يتوجهوا في جهادهم إلى الأقرب إليهم من الكفار، في إطار قتالهم للمشركين كافة، فقال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار}، وبالتالي فإن على المسلمين في كل مكان أن يقاتل كل منهم الأقرب إليه من الكفار، فيبدأ المسلمون تحت حكم اليهود بقتالهم، ويبدأ أهل الشام بقتال الطاغوت النصيري وغيره من أصناف المرتدين كالصحوات والـ PKK، ويبدأ المسلمون في العراق بقتال مرتدي الرافضة والبيشمركة والصحوات، والمسلمون في مصر وسيناء بقتال الطاغوت الحاكم لمصر، وهكذا في كل ديار الإسلام، حتى إذا انتهى المسلمون في أي قطر من الأقطار من قتال الكفار الذين يلونهم وأخضعوا أرضهم لحكم الله، انتقلوا إلى الكفار الذين يلونهم، وهكذا حتى تطهر الأرض من الشرك والكفر.
وتتأكد هذه الحقيقة إذا أخذنا بالحسبان أن الطواغيت في جوار بيت المقدس، يشكلون هم وجيوشهم خط الدفاع الأول عن دولة يهود، وبالتالي لا يمكن بحال التوصل إلى قتال اليهود إلا بالتخلص من هؤلاء الطواغيت وإزالة حكمهم، وتدمير جيوشهم، وبالتالي الوصول إلى تخوم دولة اليهود والاشتباك مع جيشهم بشكل مباشر.
إن الجهاد لاستنقاذ بيت المقدس وأكنافه من أيدي اليهود والذي نسأل الله أن يكون قريبا، هو مسألة شرعية، تخضع لضوابط الشريعة في كل أجزائها، ولا يصح بحال أن يغلو أحد فيها فيرفعها فوق توحيد الله، مثلما لا يصح أن يتهاون فيها أحد ممن يؤمن بالله ربا وبالإسلام دينا، فهو واجب شرعي، يجب على كل المسلمين العمل عليه، لكونه من ديار المسلمين التي استولى عليه الكفار اليهود، وحولوه إلى دار حرب، وحكموه بشريعة الطاغوت، ومنعوا فيه شعائر الإسلام، وقتلوا المسلمين، ونهبوا أموالهم، وأخرجوهم من أرضهم، فقتال هؤلاء اليهود واجب على كل مسلم، ولكن هذا الواجب أوكد على أهل بيت المقدس لكونهم أقرب إليهم، على أن تكون غاية هذا القتال هي إقامة دين الله لا مجرد استعادة الأرض والمال، أو لمجرد الثأر من اليهود على جرائمهم طيلة العقود الماضية، وواجب على كل المسلمين في العالم إعانتهم في ذلك بما يستطيعون إيصاله إليهم من المال والرجال، وكذلك التخفيف عنهم، والنكاية في عدوهم عن طريق استهداف اليهود وحلفائهم أينما ثقفوهم، وقتلهم، وإتلاف أموالهم، وتعطيل مصالحهم ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا.
والجهاد لاستنقاذ بيت المقدس من أيدي اليهود لا يبرر الانتساب إلى الفصائل والأحزاب المرتدة، مثل حزب اللات الرافضي، وحركة «الجهاد الإسلامي» المرتبطة بها، أو الحركات العلمانية والشيوعية، كحركة فتح والجبهتين الشعبية والديموقراطية، ولا الحركات المنتسبة للإسلام اسما، الممتنعة عن تنفيذ شرع الله حكما، المطبقة لشرك الديموقراطية واقعا كحركة حماس المرتدة.
فقتال الكفار تحت راية كفرية لا يجوز بحال، وإنما يجاهد المسلم تحت راية جماعة المسلمين فإن لم يستطع الالتحاق بالخلافة، فبيعتها وجهاده وحده أبرّ له عند الله من أن يهلك نفسه في سبيل إزالة حكم اليهود وإحلال حكم الأحزاب والفصائل الطاغوتية المرتدة.
• المصدر: صحيفة النبأ – العدد 22
السنة السابعة - الثلاثاء 5 جمادى الآخرة 1437 هـ
مقال:
بيت المقدس.. قضية شرعية أولاً