غراس التوحيد تثمر.. ولو بعد حين • يمنّي الصليبيون وأذنابهم من الطواغيت والمنافقين أنفسهم أن ...

منذ 2024-12-13
غراس التوحيد تثمر.. ولو بعد حين

• يمنّي الصليبيون وأذنابهم من الطواغيت والمنافقين أنفسهم أن يناموا يوما ما ليستيقظوا وقد اختفت الدولة الإسلامية من الوجود، وأن عقيدتها ومنهجها قد انتزعا من صدور المسلمين، رغم أنهم باتوا يعلمون علم اليقين أن أحلامهم هذه مستحيلة التحقّق بإذن الله، حتى باتوا لا يخفون يقينهم بأن معركتهم العقدية مع الدولة الإسلامية أصعب بكثير من معاركهم العسكرية.

فالمشركون قد جربوا سابقا العمل على هزيمة الدولة الإسلامية في ساحات المعارك، مستخدمين كل ما أوتوا من قوة ومكر، وجندوا كل ما توفر لديهم من مرتزقة وصحوات، وأمعنوا قتلا وأسرا في كل من شكّوا في ارتباطه بالمجاهدين، وضيقوا الأرض عليهم ما أمكنهم ذلك، حتى لم يبق في العراق كله من المجاهدين العاملين سوى ثلة من المؤمنين، ولكن العقيدة التي ثبت عليها قادة الدولة الإسلامية وجنودها، ودفعوا من دمائهم وأشلائهم أثمانا باهظة لثباتهم عليها، ورفضهم التنازل عنها، أثمرت - بفضل الله - عشرات الألوف من المجاهدين الجدد الذين فتح الله بهم البلاد، وهدى بهم العباد، حتى باتت راية الخلافة الإسلامية تخفق في أرجاء الأرض.

فعقيدة التوحيد إذا ما قامت في قلب فإنها تحيله إلى شعلة من نار لا تنطفئ حتى تحرق المشركين، وهذا هو الانتصار الأكبر الذي منّ الله به على الدولة الإسلامية، والذي يفوق في أهميته كل الانتصارات العسكرية التي تحققت على الأرض، إذ زرعت في قلوب الملايين من الناس بذور هذه العقيدة، فمنها ما برعم، ومنها ما نبت، ومنها ما استوى على سوقه، ومنها ما أزهر ثم أثمر جهادا واستشهادا.

وقد بتنا - بفضل الله - نرى النتائج على الأرض في الآونة الأخيرة على وجه الخصوص، والتي زاد فيها الصليبيون والمرتدون من شدة حملتهم ضد دولة الخلافة، حيث بلغت أعداد الاستشهاديين والانغماسيين أرقاما قياسية، ففي كل شهر تبلغ أعداد المنغمسين في أعداء الله بأجسادهم، وسياراتهم المفخخة، وأحزمتهم الناسفة ما يقارب المائتين بفضل الله، عدا عن المئات من الشهداء المقتحمين في الصفوف الأولى، وفي كل شهر نجد أن أعداد الاستشهاديين والانغماسيين من عشاق الشهادة في ازدياد والحمد لله، فبأي شيء يتوعدنا الصليبيون والمرتدون، إن كان إخواننا يتسابقون إلى الموت، وكلما فني منهم جيل، مضت على آثار خطواتهم أجيال من أهل التوحيد وأصحاب الجهاد.

إن الأحداث الماضية أظهرت للناس جميعا أن ما يمكن لجنود الخلافة أن يأخذوه في أيام قليلة، وبأقل الأعداد من المجاهدين الصادقين، سيحتاج أعداءُ الله شهورا طويلة لاستعادته، إن تمكنوا من ذلك، بعد أن يخسروا الآلاف من جنودهم، والعالم كله يعرف أن عودة الدولة الإسلامية لاستعادتها مرة أخرى ليس بعسير إذا ما يسّره الله، وأن امتدادها لأي من أطراف محيطها الهش هو أسهل من ذلك بكثير، وما قصص الرمادي وتدمر عنا ببعيد، فبأي شيء يتفاخر الصليبيون والمرتدون، إن كان اكتسابنا للأرض سهلا علينا، بفضل الله، عسيرا على أعدائنا، وما ينحاز جنودنا من جهة من الجهات إلا واقتحمنا عليهم جهة أخرى هي أعز على نفوس أعدائنا مما انحزنا عنه من الأرض.

إن الأرض لله كلها، وإنما نحن مستخلفون فيها لا أكثر، لنعمل فيها بما أمرنا، من إقامة شرعه، والدعوة إلى عبادته، وما دمنا نقوم بذلك في كل أرض يفتحها الله علينا، فإنا لا نبالي بأسماء الأماكن التي يسخرنا الله لفتحها، والتي لن ننحاز منها إلا بعد أن نعمر القلوب بتوحيد الله، فنخرج منها بالموحدين، ولا يستطيع هو أن يدخلها بمن معه من المشركين والملحدين إلا وهو خائف يترقب.

لقد أثبتت تجارب التاريخ، أن عقيدة التوحيد إن تمكنت من الظهور في أرض ما ولو لسنوات قليلة فإن أثرها يبقى في هذه الأرض لقرون، وإن البذور التي تزرع فيها، تنتج أجيالا من الموحدين، كلما فني جيل أورث الذي يليه حبا لدين الله ونقمة على أعداء الله، وتربصّا بهم، وجهادا لهم، وإن كل المناطق التي دخلتها الدولة الإسلامية اليوم في مشارق الأرض ومغاربها، ستبقى غصة في حلوق المشركين لقرون عديدة ولو تمكنوا من قتل كل هذا الجيل من جنود الخلافة وحراس التوحيد، فليتربّصوا إنا معهم متربّصون.


◽ المصدر: صحيفة النبأ – العدد 23
السنة السابعة - الثلاثاء 12 جمادى الآخرة 1437 هـ

المقال الافتتاحي:
غراس التوحيد تثمر.. ولو بعد حين

66827433edad6

  • 0
  • 0
  • 2

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً