قتال أمريكا.. قضية شرعية أوَّلاً • إن التوحيد يقوم على ركني عبادة الله وحده والكفر بالطاغوت، ...
منذ 2024-12-13
قتال أمريكا.. قضية شرعية أوَّلاً
• إن التوحيد يقوم على ركني عبادة الله وحده والكفر بالطاغوت، وبدون تحقيق هذين الركنين معاً لا يمكن تحقيق التوحيد، فمهما زاد العبد من عبادته لله فإنّه مطالب بالكفر بالطواغيت والبراءة منها هي وأوليائها، ومهما بلغت درجة عدائه للطواغيت فإنه لا يحقق التوحيد إلا بعبادة الله وحده، ولا يكتفى منه بإعلان البراءة من طواغيت دون آخر، وإنما بالكفر بها جميعا لأن الطاغوت الذي أمر الله باجتنابه في قوله {وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} هو اسم لجنس، فالأمر باجتناب كل ما حمل صفة الطغيان بأن يجعل نفسه ندّا لله في صفة من صفاته أو حق من حقوقه، كتعبيد الناس له بأن يدعوهم إلى طاعته من دون الله أو يفرض عليهم ذلك، أو يعبّدهم لأي نوع من الطواغيت، كدعوة الناس إليها، أو الدفاع عنها، أو الرضى بصرف أي نوع من العبادات له.
فكل ما وقع عليه وصف الطاغوت وجب على المسلم اجتنابه، والكفر به، ومعاداته، وتكفير من يعبده، والبراءة منهم، ومعاداتهم، وقتالهم، حتى يتوبوا من شركهم ويخلصوا العبادة لله العزيز الحميد.
ولا يصح تخصيص نوع من الطواغيت بالكفر به دون آخر، أو صنف من المشركين بالبراءة دون آخر، وإن كان الأولى في قتالهم أن يبدأ المسلم بقتال الأقرب إليه منهم، ثم الذين يلونهم، فالذين يلونهم، إلى أن يشمل القتال كل المشركين في الأرض، قال تعالى {قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِّنَ الْكُفَّارِ}، وهكذا كان منهج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في قتال المشركين في جزيرة العرب، وهي طريقة أصحابه من بعده، فبعد أن أنفذ أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- وصية رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في إرسال بعث أسامة بن زيد لقتال الروم، تفرغ والمسلمون معه لقتال من ارتد عن دين الله من قبائل العرب لسنوات، مؤجلا قتال المشركين من الفرس والروم حتى أعاد كل جزيرة العرب إلى الإسلام، ولم يُذكر أن صحابة رسول الله -عليه الصلاة والسلام- حاولوا الاستفادة من عصبية المرتدين من العرب وكرههم للروم في حشد القبائل لقتالهم تحت لواء جيش أسامة بن زيد، والسكوت في سبيل ذلك عن تكفيرهم.
ولكن ما نراه في زماننا هذا الذي سيطرت فيه أمم الشرك على الأرض كلها باستثناء الأراضي الواقعة تحت سلطان الخلافة، ظهور دين جديد يقدم قتال بعض المشركين على توحيد الله عز وجل، ويقول بأسلمة طوائف من المشركين لتبرير عدم قتالهم، بل والتحالف معهم، وموالاتهم ضد المسلمين، وذلك بزعم عدم الانشغال بمقاتلتهم عن قتال رأس الكفر أمريكا، حتى بات في أذهان الكثيرين من هؤلاء أن دين الإسلام ينحصر في مقاتلة أمريكا، وأن القرب والبعد عن الإسلام يقاس بمقدار العداء لأمريكا لا بمقدار موافقة الشريعة، وأن الولاء يكون على أساس العداء لأمريكا، لا على أساس تحقيق التوحيد، حتى لكأن الدين عند هؤلاء صار الكفر بأمريكا دون سائر الطواغيت، ودون تحقيق التوحيد.
إن العداء لأمريكا وقتالها، ينطبق عليه ما ينطبق على سائر أفعال العباد، فلا بد أن ينبع من الشريعة ويستقي منها أحكامه، وإلا فإن أكثر من يعادي أمريكا اليوم يزعم أن قتاله لها جهاد في سبيل الله، وبدون أن يعرف حكم الشريعة في جهاد أمريكا، فإن قتاله لها قد يتحول إلى محض قتال جاهلي، على عصبية أو على منفعة دنيوية محضة لا أكثر.
فأمريكا اليوم طاغوت يُعبد من دون الله، من حيث أنها حكومة كافرة تحكم شعبها بغير ما أنزل الله، وتدين بدين الديموقراطية الشركي، وتحارب الله تعالى في حكمه باستباحة كل المحرمات، من الكفر بالله بدعوى الحرية إلى الزنا واللواط والخمر والميسر والربا وغيرها، وهي رأس الطواغيت في العالم، من حيث فرضها للأحكام الشركية على العالم كله، سواء باسم ميثاق الأمم المتحدة الشركي، أو بنصبها للطواغيت الحاكمين بغير ما أنزل الله، ودعمهم وتمويلهم وتسليحهم في حربهم على الإسلام والمسلمين، والدفاع عنهم وعن شرائع الشرك إذا ما خرج المسلمون عليها، ومن هذا المنطلق يكون جهاد هذا الطاغوت، وبهذا المنطلق يفترق أولياء الرحمن عن سواهم في قتالهم لأمريكا، بأن يكون القتال لإزالة هذا الطاغوت لإقامة حكم الإسلام مكانه، سواء داخل أمريكا ذاتها أو في العالم الذي تحكمه بجبروتها وطغيانها.
◽ المصدر: صحيفة النبأ – العدد 23
السنة السابعة - الثلاثاء 12 جمادى الآخرة 1437 هـ
مقتطف من مقال:
قتال أمريكا.. قضية شرعية أوَّلاً
• إن التوحيد يقوم على ركني عبادة الله وحده والكفر بالطاغوت، وبدون تحقيق هذين الركنين معاً لا يمكن تحقيق التوحيد، فمهما زاد العبد من عبادته لله فإنّه مطالب بالكفر بالطواغيت والبراءة منها هي وأوليائها، ومهما بلغت درجة عدائه للطواغيت فإنه لا يحقق التوحيد إلا بعبادة الله وحده، ولا يكتفى منه بإعلان البراءة من طواغيت دون آخر، وإنما بالكفر بها جميعا لأن الطاغوت الذي أمر الله باجتنابه في قوله {وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} هو اسم لجنس، فالأمر باجتناب كل ما حمل صفة الطغيان بأن يجعل نفسه ندّا لله في صفة من صفاته أو حق من حقوقه، كتعبيد الناس له بأن يدعوهم إلى طاعته من دون الله أو يفرض عليهم ذلك، أو يعبّدهم لأي نوع من الطواغيت، كدعوة الناس إليها، أو الدفاع عنها، أو الرضى بصرف أي نوع من العبادات له.
فكل ما وقع عليه وصف الطاغوت وجب على المسلم اجتنابه، والكفر به، ومعاداته، وتكفير من يعبده، والبراءة منهم، ومعاداتهم، وقتالهم، حتى يتوبوا من شركهم ويخلصوا العبادة لله العزيز الحميد.
ولا يصح تخصيص نوع من الطواغيت بالكفر به دون آخر، أو صنف من المشركين بالبراءة دون آخر، وإن كان الأولى في قتالهم أن يبدأ المسلم بقتال الأقرب إليه منهم، ثم الذين يلونهم، فالذين يلونهم، إلى أن يشمل القتال كل المشركين في الأرض، قال تعالى {قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِّنَ الْكُفَّارِ}، وهكذا كان منهج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في قتال المشركين في جزيرة العرب، وهي طريقة أصحابه من بعده، فبعد أن أنفذ أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- وصية رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في إرسال بعث أسامة بن زيد لقتال الروم، تفرغ والمسلمون معه لقتال من ارتد عن دين الله من قبائل العرب لسنوات، مؤجلا قتال المشركين من الفرس والروم حتى أعاد كل جزيرة العرب إلى الإسلام، ولم يُذكر أن صحابة رسول الله -عليه الصلاة والسلام- حاولوا الاستفادة من عصبية المرتدين من العرب وكرههم للروم في حشد القبائل لقتالهم تحت لواء جيش أسامة بن زيد، والسكوت في سبيل ذلك عن تكفيرهم.
ولكن ما نراه في زماننا هذا الذي سيطرت فيه أمم الشرك على الأرض كلها باستثناء الأراضي الواقعة تحت سلطان الخلافة، ظهور دين جديد يقدم قتال بعض المشركين على توحيد الله عز وجل، ويقول بأسلمة طوائف من المشركين لتبرير عدم قتالهم، بل والتحالف معهم، وموالاتهم ضد المسلمين، وذلك بزعم عدم الانشغال بمقاتلتهم عن قتال رأس الكفر أمريكا، حتى بات في أذهان الكثيرين من هؤلاء أن دين الإسلام ينحصر في مقاتلة أمريكا، وأن القرب والبعد عن الإسلام يقاس بمقدار العداء لأمريكا لا بمقدار موافقة الشريعة، وأن الولاء يكون على أساس العداء لأمريكا، لا على أساس تحقيق التوحيد، حتى لكأن الدين عند هؤلاء صار الكفر بأمريكا دون سائر الطواغيت، ودون تحقيق التوحيد.
إن العداء لأمريكا وقتالها، ينطبق عليه ما ينطبق على سائر أفعال العباد، فلا بد أن ينبع من الشريعة ويستقي منها أحكامه، وإلا فإن أكثر من يعادي أمريكا اليوم يزعم أن قتاله لها جهاد في سبيل الله، وبدون أن يعرف حكم الشريعة في جهاد أمريكا، فإن قتاله لها قد يتحول إلى محض قتال جاهلي، على عصبية أو على منفعة دنيوية محضة لا أكثر.
فأمريكا اليوم طاغوت يُعبد من دون الله، من حيث أنها حكومة كافرة تحكم شعبها بغير ما أنزل الله، وتدين بدين الديموقراطية الشركي، وتحارب الله تعالى في حكمه باستباحة كل المحرمات، من الكفر بالله بدعوى الحرية إلى الزنا واللواط والخمر والميسر والربا وغيرها، وهي رأس الطواغيت في العالم، من حيث فرضها للأحكام الشركية على العالم كله، سواء باسم ميثاق الأمم المتحدة الشركي، أو بنصبها للطواغيت الحاكمين بغير ما أنزل الله، ودعمهم وتمويلهم وتسليحهم في حربهم على الإسلام والمسلمين، والدفاع عنهم وعن شرائع الشرك إذا ما خرج المسلمون عليها، ومن هذا المنطلق يكون جهاد هذا الطاغوت، وبهذا المنطلق يفترق أولياء الرحمن عن سواهم في قتالهم لأمريكا، بأن يكون القتال لإزالة هذا الطاغوت لإقامة حكم الإسلام مكانه، سواء داخل أمريكا ذاتها أو في العالم الذي تحكمه بجبروتها وطغيانها.
◽ المصدر: صحيفة النبأ – العدد 23
السنة السابعة - الثلاثاء 12 جمادى الآخرة 1437 هـ
مقتطف من مقال:
قتال أمريكا.. قضية شرعية أوَّلاً