الإِسْلاَمُ دِينٌ وَاقِعِيٌّ، لاَ يُحَلِّقُ فِي أَجْوَاءِ الخَيَالِ، بَلْ يَنْزِلُ بِتَشْرِيعَاتِهِ ...

منذ 2017-04-07
الإِسْلاَمُ دِينٌ وَاقِعِيٌّ، لاَ يُحَلِّقُ فِي أَجْوَاءِ الخَيَالِ، بَلْ يَنْزِلُ بِتَشْرِيعَاتِهِ لِيُرَاعِيَ طِبَاعَ النَّاسِ واختِلاَفَ النُّفُوسِ، وَقَدْ شَرَعَ الزَّوَاجَ لِيَتَحقَّقَ بِهِ الاستِقْرَارُ وَالأَمْنُ فِي الأُسْرَةِ وَالمُجتَمَعِ، قَالَ تَعَالَى: ((وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً))(1)، غَيْرَ أَنَّ الحَيَاةَ لاَ تَسِيرُ بِوَتِيرَةٍ وَاحِدَةٍ، وَلاَ تَمُرُّ الأَيَّامُ عَلَى نَسَقٍ وَاحِدٍ، وَكَذَلِكَ الطِّبَاعُ وَالنُّفُوسُ، فَهُناكَ نُفُوسٌ تَتَعَايَشُ مَعَ بَعْضِهَا وَتَتَواءَمُ، وَهُنَاكَ نُفُوسٌ لاَ تَقْوَى عَلَى العَيْشِ مَعاً، إِمَّا لِعَدَمِ التَّوَافُقِ، أَو لاختِلاَفِ الطِّبَاعِ وَالنُّفُوسِ، مِمَّا يُؤدِّي إِلَى نُفُورٍ يَصْعُبُ مَعَهُ العَيْشُ المُشْتَركُ فِي أُسْرَةٍ وَاحِدَةٍ، ومُرَاعَاةً مِنَ الإِسْلاَمِ لِطَبِيعَةِ البَشَرِ شَرَعَ الطَّلاَقَ، وَهُوَ انْتِهَاءُ المِيثَاقِ الغَلِيظِ الذِي بَيْنَ الزَّوجَيْنِ، فَإِمَّا مُعَاشَرَةٌ بِالمَعْروفِ، وإِمَّا تَسْرِيحٌ بإِحْسَانٍ. وَالطَّلاَقُ لَيْسَ شَرَّاً فِي كُلِّ حَالاَتِهِ، بَلْ هُوَ فِي بَعْضِ الأَحْيَانِ عِلاجٌ لِدَاءٍ استَعْصَى عَلَى العِلاَجِ، وَإِنْهَاءٌ لِمُشكِلَةٍ يَصْعُبُ مَعَهَا حَلٌّ غَيْرُهُ، وَقَدْ يَكُونُ فِيهِ رَاحَةٌ لِلطَّرَفَيْنِ، وإِعْطَاءُ كلٍّ مِنْهُمَا فُرْصَةً لِلْبَحْثِ عَنِ السَّعَادَةِ الزَّوجِيَّةِ مَعَ طَرَفٍ آخَرَ يَكْتُبُ اللهُ إِكْمَالَ مَسِيرَةِ الحَيَاةِ مَعَهُ، يَقُولُ تَعَالَى: ((فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً))(2)، وَالطَّلاَقُ آخِرُ مَرْحَلَةٍ فِي عِلاَجِ الشِّقَاقِ وَعَدَمِ الوِفَاقِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ، فَآخِرُ الدَّوَاءِ الكَيُّ، وَهُوَ الأَمْرُ الذِي لاَ بُدَّ مِنْهُ إِذَا عَجَزَتْ كُلُّ مُحَاوَلاَتِ الحَلِّ عَنْهُ.
  • 0
  • 0
  • 40

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً