خطبة مكتوبة 👤للشيخ/عبدالله رفيق السوطي عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين. ...

منذ 2025-01-11
خطبة مكتوبة

👤للشيخ/عبدالله رفيق السوطي عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
للاستماع للخطبة اضغط واشترك بقناة الشيخ يوتيوب👇
https://youtu.be/FzoMZDUL5yQ?si
NTH_0w3p5W_zTrv
*📆 تم إلقاؤها: بمسجد الخير / المكلا / 3/ رجب /1446هـ ↶
👤ـ للشيخ/عبدالله رفيق السوطي.

الخــطبة الأولــى: ↶

ـ إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾، ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾، ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾.

أمــــــا بــــعـــــد:

- فلو لم تُصب هذه الأمة من المصائب، والنكبات، والأحزان، والهموم، والغموم، والألآم، والصراعات، والفتن، والقتل، والدمار، والجوع، والنزوح، والهلاك، والغلاء، والفتن بشكل عام إلا هذه الفتنة العمياء البكماء الصماء سواء كانت على الأفراد، أو على المجتمعات، أو على الشعوب، أو على الدول، أو على العموم، إنها فتنة لا تميز بين صغير وكبير، ولا بين ذكر وأنثى، تموج هذه الأمة موج البحر، وتتقاذفها الأمواج من كل جانب، وأصبحت الأمة تعيش في حالة مزرية، في حالة فقر وإفقار، في حالة جهل وتجهيل، في حالة تهميش وقتال وصراع، في حالة يرثى لها لا تدري أين تتجه، ومتى تنتهي…

إنها ترى على أن كل شيء عليها لا لها، ولا يخدم مصلحتها، ولا شيء يمكن أن ينقذها…. تنتظر للخلاص، تنتظر لعل قائدًا يقودها، لعل إنسانٌا يفطن لها، لعل مثل صلاح الدين وعمر بن عبدالعزيز يخرج فيها، لعل فلانًا وفلانً يأتيها لإنقاذها، لعل الرجل الرشيد لم يخلق بعد، وهكذا في كل ساعة تأمل الفرج، وتنتظر المخرج، لكن تتيه الأمة، وتزداد في تيهها، وفي غيها، وفي همها، وفي صراعها، وفي قتلها، وفي غلائها، وفي أوبائها، وفي فتنها، ولا حل يمكن أن يلوح في الأفق من البشر…: ﴿وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذينَ خُلِّفوا حَتّى إِذا ضاقَت عَلَيهِمُ الأَرضُ بِما رَحُبَت وَضاقَت عَلَيهِم أَنفُسُهُم وَظَنّوا أَن لا مَلجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلّا إِلَيهِ ثُمَّ تابَ عَلَيهِم لِيَتوبوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوّابُ الرَّحيمُ﴾ والأخير هو الذي ينقصنا…


- لقد قُطعت أوصالها، وأصبح الناس في هم أكبر مما هم فيه من فقر أفقر مما هم فيه، ولعل فقر البطون أيسر من فقر العقول والقلوب والكثير يعاني من هذا وذاك، لقد أصبحت هذه الأمة لا تعرف الاتجاه الصحيح بالرغم على أن معها الدين الصحيح، بل أصبح حتى الدين مهاجمًا فيها، وحتى الدين منبوذًا عند شرذمة خبيثة منها، وحتى الدين مأسورًا، وحتى الدين مشردًا مطاردًا هنا وهناك…!.

- أيها الإخوة هكذا حال الناس اليوم وكأن لا مخرج بين أيديهم، وليس كتاب الله معهم، وليس النور يحملونه في صدورهم، وفي صحفهم، وكأنهم لم يعلموا على أن في هذا المخرج خروج من كل أزمة، وورطة، وغمة، وعسر، وضيق، وصراع ودمار، وأحزان، وآلام، وأن فيه الحل كله ولكن أعمى لا يبصر وإن كان قريبًا منه، وأصم لا يسمع وأن كان بجانبع وعند أذنيه، وكفيف مريض أليم ضعيف مكسور لا يستطيع الحراك لأجل أن يتناول ذلك الداء الذي قُرب إليه، أصبحت هكذا الأمة للأسف الشديد هذا هو الحال، وإلا فإن الله عز وجل يقول: {وَإِن تَصبِروا وَتَتَّقوا لا يَضُرُّكُم كَيدُهُم شَيئًا... }…


- لا يضركم كيد الكائدين، ولا مكر الماكرين، ولا تربص المجرمين ولا تسلط المتآمرين، والعملاء الخائنين، ولا أي شيء من هذا أبدًا ما دمتم معتصمين برب العالمين: ﴿وَمَن يَعتَصِم بِاللَّهِ فَقَد هُدِيَ إِلى صِراطٍ مُستَقيمٍ ﴾ ..

- والله عز وجل في الأثر القدسي يقول: "وعزتي وجلالي ما استعاذ بي عبد من عبادي، فكادت له السماوات والأرض إلا جعلت له ما بينهما فرجًا ومخرجًا"، والمخرج هو عندنا، وبين أيدينا، ومننا وفينا;
نعيب زماننا والعيب فينا
وما لزماننا عيب سوانا
﴿إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَومٍ حَتّى يُغَيِّروا ما بِأَنفُسِهِم...﴾، ﴿ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَم يَكُ مُغَيِّرًا نِعمَةً أَنعَمَها عَلى قَومٍ حَتّى يُغَيِّروا ما بِأَنفُسِهِم ...﴾…

- إذن نحن السبب وعندنا الحل: ﴿وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذينَ خُلِّفوا حَتّى إِذا ضاقَت عَلَيهِمُ الأَرضُ بِما رَحُبَت وَضاقَت عَلَيهِم أَنفُسُهُم وَظَنّوا أَن لا مَلجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلّا إِلَيهِ ثُمَّ تابَ عَلَيهِم لِيَتوبوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوّابُ الرَّحيمُ﴾، ﴿وَمَن يَعتَصِم بِاللَّهِ فَقَد هُدِيَ إِلى صِراطٍ مُستَقيمٍ ﴾، ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَومٍ حَتّى يُغَيِّروا ما بِأَنفُسِهِم...﴾، ﴿ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَم يَكُ مُغَيِّرًا نِعمَةً أَنعَمَها عَلى قَومٍ حَتّى يُغَيِّروا ما بِأَنفُسِهِم ...﴾… ولكن من يتناول هذا الحل، ومن يقرر يأخذ هذا الحل بقوة؛ إذ من أخذ به ينجح ويفوز، ولا ينتظر من الآخر إن يعمل به…

- نعم نهلك وفينا الصالحون كما قيل للنبي صلى الله عليه وسلم: أنهلك وفينا الصالحون؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "نعم إذا كثر الخبُث". لكن عندما يزداد الصلاح، وعندما يعم الخير ينزل الخير أيضًا، ينزل الأمن ينزل النصر حتمًا، ينزل ذلك بكله من الله عز وجل، ولقد قال الله ﴿ إِن يَعلَمِ اللَّهُ في قُلوبِكُم خَيرًا يُؤتِكُم خَيرًا﴾ آية جامعة مانعة شاملة…

- إذا وُجد الخير عندنا، وانبعث من قلوبنا، وصدقنا في الخير، وفي طلب الخير أتانا من ربنا إذا كنا نستحق أن ينزل علينا النصر، أن ينزل علينا الفرج، أن تنزل علينا البركة، أن تنزل علينا الرحمة، أن ينزل علينا الفضل من ربنا تبارك وتعالى فإنه لن يتأخر عنا: ﴿وَلَو أَنَّ أَهلَ القُرى آمَنوا وَاتَّقَوا لَفَتَحنا عَلَيهِم بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالأَرضِ ...﴾، نعم إذا آمنوا وسبقت الآية: {وَإِن تَصبِروا وَتَتَّقوا لا يَضُرُّكُم كَيدُهُم شَيئًا... }…

- فيحتاج منا ربنا إلى عاملين، وإلى سببين، وأملين يرتفعان الإيمان والصبر إلى ربنا تبارك وتعالى فينزل من الله ما ينزل من ما وعدنا من خير، وإن لم نفعل يحل علينا ما يحل من غضب وسخط إن تماهينا فيما نحن فيه: ﴿وَلَو أَنَّ أَهلَ القُرى آمَنوا وَاتَّقَوا لَفَتَحنا عَلَيهِم بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالأَرضِ وَلكِن كَذَّبوا فَأَخَذناهُم بِما كانوا يَكسِبونَ أَفَأَمِنَ أَهلُ القُرى أَن يَأتِيَهُم بَأسُنا بَياتًا وَهُم نائِمونَ أَوَأَمِنَ أَهلُ القُرى أَن يَأتِيَهُم بَأسُنا ضُحًى وَهُم يَلعَبونَ أَفَأَمِنوا مَكرَ اللَّهِ فَلا يَأمَنُ مَكرَ اللَّهِ إِلَّا القَومُ الخاسِرونَ﴾ .

-أمِنّا مكر الله، واستمرينا في معاصي الله، وذهبنا هنا وهناك في ما يخالف منهج الله، وأصبحنا في بعد بعيد عن الله، وفي ظلام دامس، وفي هم عميق يزداد فينا وعلينا كل يوم؛ لأننا لم نبصر الطريق، ولم نخط نحوه كثيرًا…

- وإن مسافة الألف ميل تبدأ بخطوة إنها خطوة القرار، وخطوة الانطلاقة، إنها خطوة التغيير، إنها خطوة إرادة الخير، إنها خطوة الاتجاه نحو رب العالمين: ﴿فَفِرّوا إِلَى اللَّهِ إِنّي لَكُم مِنهُ نَذيرٌ مُبينٌ﴾، فنحتاج إلى فرار حقيقي إلى رب العالمين؛ فإن النذارة عندنا، وإن البشارة بين أيدينا إذا نحن صدقنا مع ربنا، إذا نحن اتجهنا إلى خالقنا، إذا نحن تعرفنا على من بيده كل أمرنا، على من: ﴿إِنَّما أَمرُهُ إِذا أَرادَ شَيئًا أَن يَقولَ لَهُ كُن فَيَكونُ﴾…

- كم مريضًا شفاه، وكم مهمومًا عافاه وأغناه وأعطاه، وكم فقيرًا يسر له ومنحه واجتباه، وكم مذنبًا مقصرًا منتكسًا ضالًا مضلًا استهداه فهداه، وكم خائبًا بئيسًا حقيرًا معكوسًا مركوسًا دعا الله فاستجاب له وأغاثه بعد أن ناجاه: ﴿أَمَّن يُجيبُ المُضطَرَّ إِذا دَعاهُ...﴾ وكلنا مضطر، وكلنا مهموم، وكلنا مغموم، وكلنا في حسرة، وكلنا قد نزل به البأس، ونزل به الهم، قد نزل به الغم، بل لعل البعض نزلت به الغموم كلها تراكمت عليه من كل جانب، وأصبح يمسي عليها، ويصبح عليها، وينطلق بها، ويتجه فيها، ولا يجد إلا أكثر منها؛ لأنه لا زال في غيه، لا زال في الاتجاه الخاطئ الذي يسير فيه، وبالتالي كيف ينطلق، وكيف ينتشل نفسه، وكيف يخرجها من ما هي فيه…

- ولا والله لو كانت الدنيا نستطيع أن نتناولها أن نعمل ونبذل ونجتهد ونسهر الليل والنهار لفعلنا وما ترددنا، أما رأيتم الزارع كيف يعمل حتى يكل، ويصبح على عمل، ويمسي على أمثاله ويعمل كل عمل من أجل انتظار حصاد لأنه يأمن ثمرة قادمة، ولا يهمه التعب، ألم تروا إلى طالب العلم كيف يدخل في الصف الأول في المدرسة، ثم يتخرج من الثانوية ويصل إلى الجامعية، ثم يدخل إلى المراحل الأخرى العلمية، ويترقى في سلمه العلمي، ويصبر لسنوات طوال يتحمل الغربة، يتحمل هم المذاكرة، يتحمل تقديم المال لأكله وشربه وسكنه ومنهج دراسته… ويتحمل انتكاسات الدرجات، يتحمل الرسوب، يتحمل الهموم والغموم، يتحمل طول الطريق، والسهر على الكتب، يتحمل هذا وذاك لكنه يصبر ويصابر من أجل أنه ينتظر لفرج من شهادة، ثم وظيفة، أو من رفعة أو من هذا وذاك، وكذلك انظروا إلى ذلك الذي فيه المرض كيف ينطلق من دكتور لآخر، ومن مشفى لآخر، ومن طبيب لطبيب، ومن معالج

لمعالج، ومن صيدلية لأخرى؛ لأنه ينتظر الشفاء؛ لأنه يأمن المعافاة…

-أوليس الدين أحق بهذا من كل ذلك، أوليس ديننا، أوليس ربنا، أليست آخرتنا، أحق بهذا كله من عمل نعمله؛ لعله ينجينا عند ربنا، ألم يقل الله عز وجل في كتابه الكريم: ﴿وَتِلكَ الجَنَّةُ الَّتي أورِثتُموها بِما كُنتُم تَعمَلونَ﴾، تكدون، وتسهرون، وتجتهدون، تأتون إلى المساجد، وتستمعون لكتاب الله ترتلون كتاب الله تعملون بآيات الله تتحرون منهج الشرع في أنفسكم، في أهلكم، في تجارتكم، في معاملاتكم، في عملكم، أين اتجهتم، فكتاب الله، وبالتالي تستحقون ما عند ربكم؛ لأنكم عملتم بما يجب عليكم.

- أيها الإخوة إن النبي صلى الله عليه وسلم قد دلنا على علاج قريب ولعلنا لا نعلم .... فإن السماء إذا منعت قطرها، وإن الأرض إذا أجدبت فلم تنبت شيئًا، والأمور إذا اختلطت وتعقدت واحتار المسلم في اختيارها، فإن يتجه للصلاة إما الاستسقاء لينزل الغيثذ أو يتجه لصلاة الكسوف لترتفع ما بالشمس من ما نزل بها من كسوف، أو في القمر من خسوف، أو حار في أمر دنيوي فإنه يتجه إلى صلاة الاستخارة، وهكذا أنواع كثيرة من صلوات متعددة يتجه إلى رب البرية بها؛ لأنها المدخل والمخرج، ولذا كان صلى الله عليه وسلم كما جاء عنه وصح ذلك يقول: "يا بلال أرحنا بها أقم الصلاة"، وإذا حزبه أمر صلى، وإذا نزل عليه شيء من ذلك فزع إلى الصلاة، بل تراه صلى الله عليه وسلم في بدر مصليًا مناشدًا ربه عز وجل؛ حتى يبكي ويتضرع ويخشى، حتى رفع يديه ورفعهما بشدة حتى سقط الرداء من على منكبيهد وقال له رحمة به أبو بكر رضي الله عنه: "كفاك مناشدتك ربك يا رسول الله؛ فإنه سينزل عليك ولك ما وعدك به" رحمة برسول الله صلى الله عليه وسلم: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا استَعينوا بِالصَّبرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصّابِرينَ﴾ فنحن نحتاج إلى ذلك بكله، اختصاره في قوله ﷻ: ﴿فَفِرّوا إِلَى اللَّهِ....﴾، ﴿لَيسَ لَها مِن دونِ اللَّهِ كاشِفَةٌ﴾،زإن الكاشف لها هو الله إن المخرج لنا هو الله، إن الذي بيده الحل كل الحل هو ربنا عز وجل فلنتجه إليه: ﴿إِنَّما أَمرُهُ إِذا أَرادَ شَيئًا أَن يَقولَ لَهُ كُن فَيَكونُ﴾…

أقول ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم ..

الــخـــطــبة الثانــــية: ↶

ـ الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده...: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنوا بِرَسولِهِ يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ وَيَجعَل لَكُم نورًا تَمشونَ بِهِ وَيَغفِر لَكُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾… وأما بعد:

- فإن قوم موسى عليه السلام لما نزل بهم هم من الهموم، وضج عليه أمر من الأمور، ولم يجدوا مخرجًا لذلك مع أنهم آلآف مؤلفة من الناس، وفوق هذا فبينهم موسى كليم الله، وحبيب الله، وصفي الله، ومن رعاه من صغره، وحفظه في شبابه، ورباه ﷻ واصطفاه على عينه، ومع ذلك نزل بهم ما نزل ولم يجدوا الحل، فدلهم الله عليه بأن يتجهوا جميعًا في صعيد واحد، ويجتمع الرجال والنساء، والصغار والكبار، وحتى البهائم في صعيد واحد، فكل أحد مطلوب منه أن يرجع إلى الله، مطلوب منه أن يستغيث بالله، مطلوب منه أن يتوب إلى الله، مطلوب منه أن يعلنها صراحة مع الله، مطلوب منه أن يدعو الله في سره، ويستمع لدعاء موسى في جهره.

- فبينما موسى عليه السلام يدعو ويتضرع إذا برب العالمين سبحانه وعالى ينزل إليه وحيا ويقول: "يا موسى كيف أسقيكم وفيكم فلان ابن فلان قد عصاني منذ كذا وكذا"، قد بارزني بالذنوب كثيرًا، قد انتكس في ذنبه طويلاً، ولم يخرج منه، "يا موسى مره فليخرج من بينكم؛ لعلي أن أغيثكم"، كشرط أساسي شرطه رب العالمين سبحانه وتعالى، وفي نفس اللحظة ذلك الرجل عندما رأى أن موسى سكت عن خطبته، وكف عن دعائه، راجع نفسه وعلم على أنه يجب أن يراجع نفسه، وإنه هو السبب من بين هؤلاء جميعاً فقرر التوبة والعودة، والذل والمسكنة بين يدي من عصاه كثيرًا، وفي نفس اللحظة أدخل رأسه في جيب ثوبه من أعلى ثم راجعها وتحسر على ما مضى، و إذا به يقرر توبة صادقة في نفس مجلسه…

- ولما أراد موسى أن يصرخ في الناس يا فلان ابن فلان إن الله قد منعنا القطر من السماء بسببك فاخرج من بيننا فلم يبدأ بها موسى حتى نزل إليه الوحي من السماء يقول له "يا موسى بالذي منعتكم سقيتكم؛ لأنه قرر توبة وعودة إلي، لأنه صدق معي، لأنه رجع إلي".

- وقصته قصة كل واحد منا، هي قصتي، وقصتك، وقصة هذا وذاك وهؤلاء وأولئك وتلك وهن وهؤلاء جميعاً قصته قصة الجميع، فنحتاج إلى مراجعة، نحتاج إلى ذل وانكسار، نحتاج إلى افتقار، نحتاج إلى توبة، نحتاج إلى أوبة؛ لعل ذنبي، ولعل ذنبك، ولعل ذنب هذا وذاك هو السبب الذي أدى بنا إلى ما نحن فيه، أدى بالأمة إلى ما هي عليه، زاد العناء الذي هي فيه، زادت الفتن والصراعات التي حلت عليها منذ سنوات طوال….

- فإذا كل واحد منا راجع نفسه، وبدأ بالتغيير من ذاته فإن التغيير سيحدث في المجتمع بكله، أما أن كل واحد كما يقال يلعن الظلام الذي حل ولم يوقد شمعة يستضيء بها لبقي في الظلام يلعن الظلام، بل يلعن نفسه؛ لأن الحل معه أن يقوم فيوقد شمعه وإذا بالشموع قد أوقدت عند الجميع، وأصبح يرى النور.

- فكذلك نحن نلعن ما نحن فيه، ونعيب ما نحن عليه لكن السبب هو منا وفينا، ولو أن رجلًا مسؤولا أمر كل واحد منا أن يغرس شجرة باب بيته فتقاعس الجميع، وكل واحد تراكن على الآخر أن يغرسها لما غُرست شجرة في المدينة، ولو أن كل واحد بادر بنفسه فغرس شجرة باب داره ما جاءت أشهر يسيرة إلا وقد أصبحت المدينة خضراء جميلة؛ لأنها تفاعل الناس معها وكل واحد منها قدم سببًا وفعل شيئًا وغيّر أمرًا فكذلك نحن إن تكاتفنا جميعا فإننا سننهض…

- ولو رأينا إلى الدول التي كانت سواء كانت في إفريقيا، كانت في أوروبا، في آسيا، كانت في أي مكان كانت لو رأيناها قبل سنوات يسيرة كيف كانوا وكيف أصبحوا الآن لأن الكل قرر أن يغير شيئًا في نفسه، وفي مجتمعه، وأن يصنع شيئًا لبلده، وأن يكون ذلك الشعلة الذي يشتعل بها ويوقدها لغيره فالكل قرر ذلك فكان التغيير عم الجميع، وما سنغافورا عنا ببعيدة، وما كثير من دول العالم بل أوروبا المحتدمة التي دامت حروبها ودام دمارها وعاشت أشد وأقسى أوقاتها على الإطلاق ومع هذا خرجت من ركام هي فيه. لأن أن يغير شيئًا فنحن متى..

فالواجب على أبناء الامة أن يحملوا هذه المسؤولية والأمانة، أنها أمانة التغيير لأنفسهم لأجل أن يغير الله ما بهم: ﴿وَالَّذينَ كَفَروا بَعضُهُم أَولِياءُ بَعضٍ إِلّا تَفعَلوهُ تَكُن فِتنَةٌ فِي الأَرضِ وَفَسادٌ كَبيرٌ﴾، وأختم بما به بدأت: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَومٍ حَتّى يُغَيِّروا ما بِأَنفُسِهِم...﴾، ﴿وَاتَّقوا فِتنَةً لا تُصيبَنَّ الَّذينَ ظَلَموا مِنكُم خاصَّةً وَاعلَموا أَنَّ اللَّهَ شَديدُ العِقابِ﴾…

- وصلوا وسلموا على من أمرتم بالصلاة والسلام عليه لقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾.
┈┉┅ ━━❁ ❃ ❁━━ ┅┉┈
❁- روابط لمتابعة الشيخ على منصات التواصل الاجتماعي:

*❈- الحساب الرسمي الخاص فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty1
*❈- الحساب الرسمي الخاص الاحتياطي فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty3
*❈- الصفحة العامة فيسبوك:*
https://www.facebook.com/Alsoty2
*❈- الموقع الإلكتروني:*
https://www.alsoty1.com
*❈- القناة يوتيوب:*
https://www.youtube.com//Alsoty1
*❈- حساب تويتر (إكس):*
https://mobile.twitter.com/Alsoty1
*❈- حساب انستقرام:*
https://www.instagram.com/alsoty1
*❈- المدونة الشخصية:*
https://Alsoty1.blogspot.com/
*❈- حساب سناب شات:*
https://www.snapchat.com/add/alsoty1
*❈- حساب تيك توك:*
http://tiktok.com/@Alsoty1
*❈- الحساب الرسمي الخاص تليجرام:*
https://t.me/alsoty
*❈- مجموعة #يستفتونك اطرح سؤال تليجرام:*
https://t.me/alsoty11
*❈- إيميل:*
[email protected]
*❈- قناة الفتاوى تليجرام:*
http://t.me/ALSoty1438AbdullahRafik
*❈- رابط كل كتب الشيخ في مكتبة نور:*
https://www.noor-book.com/u/عبدالله-رفيق-السوطي-العمراني-اليمني/books
*❈- رابط قناة الشيخ على واتساب*:
https://whatsapp.com/channel/0029Va8n0MlAojYrNgT80m2A

61979ea27ccc8

  • 1
  • 0
  • 7

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً