الرِّفقُ خُلُق الأنبياء (2/2) وإلى كل مجاهد في سبيل الله، نخصه بالتذكير ونقول له: يا قرة ...

منذ 2025-01-16
الرِّفقُ خُلُق الأنبياء
(2/2)

وإلى كل مجاهد في سبيل الله، نخصه بالتذكير ونقول له:

يا قرة العين، وتاج الرأس، يا من اعتليت ذروة سنام الإسلام، يا بائعا نفسك لربك: أشفق بالناس لأنك أحق بالشفقة من غيرك، فما نذرت نفسك ومالك إلا لإقامة شرع الله ونصرة المستضعفين ونشر التوحيد وإنقاذ الناس من الضلال وتعليمهم أمر دينهم، فكيف يتأتى ذلك منك بغير الرفق والحلم والرحمة والشفقة!

واحذر -أخا الجهاد- من أن تغتر بجهادك وعلمك وعملك، ولا تقل إن الله اصطفاني لأني كذا وكذا، وقد أوتيت ذلك على علم عندي!

لا، بل تذكر دائما أن هدايتك وجهادك نعمة من الله مـنّها عليك برحمته، فاشكر هذه النعمة بالتواضع للناس ولا تكفرها بالتعالي عليهم، واحفظ هذه الآية الكريمة ورددها: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا} [سورة النساء: 94].

فالله الله في رعايا الخلافة، فإن لهم عليك حق الإحسان إليهم، والرفق بهم، ونصيحتهم، ورعاية مصالحهم، وليكن شعارك ما وصاك به الشيخ المجاهد أبو حمزة المهاجر -رحمه الله- حيث قال: «فترفقوا بالناس وأشعروهم حلاوة الإسلام وعزته، وإياكم أن تشعروهم الخوف من الإسلام وأحكامه، وإن كان ثمة أمر مُرٌّ على أهلنا، فاعملوا له من الحلو والطيب من القول والفعل ما يتقبل الناس مُرَّه، وعلى الجملة: حببوا للناس دينه وأحكامه ودولة الإسلام» [الوصية الثلاثينية لأمراء وجنود الدولة الإسلامية].

هذا، ومما ينبغي التنبيه عليه: أنه وكما أن للرفق مواضعه المحمودة، فإنّ للشدّة والغلظة مواضعها المحمودة أيضا، كما قال تبارك وتعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ} [سورة التوبة: 73]، وقال تعالى: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ} [سورة الفتح: 29]، وقال تعالى: {فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ} [سورة محمد: 4]، وقال تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ} [سورة النور: 2].

وقال صلى الله عليه وسلم: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله)، وقال: (وايم الله لو أن فاطمة ابنة محمد سرقت، لقطعت يدها) [متفق عليهما]، وقال صلى الله عليه وسلم: (يا معشر قريش! أما والذي نفسي بيده لقد جئتكم بالذبح) [صحيح رواه أحمد وغيره].

وقال أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- في نقاش الصحابة له في قتال مانعي الزكاة: «والله لأقاتلن من فرّق بين الصلاة والزكاة، والله لو منعوني عناقا كانوا يؤدونها إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لقاتلتهم على منعها» [متفق عليه]، وللفاروق عمر وسيف الله خالد وأسد الله حمزة وغيرهم من الصحابة، مواقف مشهودة في الشدة حربا لأعداء الله، وزجرا للعصاة والمبتدعين، فليراجعها من يريد الاستئناس بها في سيرهم العطرة، رضوان الله عليهم.

اللهم إنا نسألك قلبا واسعا ولسانا طيبا ووجها باسما، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.


◽ المصدر: صحيفة النبأ - العدد 32
شعبان 1437 ه‍ـ

66827433edad6

  • 2
  • 0
  • 4

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً