*[طرائف ونوادر أهل الحديث] (المجموعة الأخيرة)* *41 -* عن ابن شهاب: أنه كان يسمع العلم من عروة ...

منذ 2025-01-16
*[طرائف ونوادر أهل الحديث] (المجموعة الأخيرة)*

*41 -* عن ابن شهاب: أنه كان يسمع العلم من عروة وغيره فيأتي إلى جارية له وهي نائمة فيوقظها فيقول: اسمعي، حدثني فلان كذا، وفلان كذا. فتقول: مالي وما لهذا الحديث؟ فيقول: قد علمت أنك لا تنتفعين به، ولكن سمعته الآن فأردت أن أستذكره.
قال زياد بن سعد: ذهبنا مع الزهري إلى أرضه بالشعب، قال: وكان الزهري يجمع الأعاريب فيحدثهم، يريد الحفظ.
[الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع: 2/268]

*42 -* قال الأعمش: كان إسماعيلُ بنُ رَجَاء يجمعُ صبيانَ الكُتَّاب يحدِّثهم، يتحفَّظُ بذلك.
[مسند الدارمي: 1/481 رقم (629)، وعيون الأخبار لابن قتيبة الدينوري: 2/150]

*43 –* جاء في ترجمة عبد الله بن فروخ الفارسي القيرواني أن قال: كنت يوماً عند أبي حنيفة، فسقطت آجرة من أعلى داره على رأسي فدمي، فقال لي: اختر، إن شئت أرش الجرح، وإن شئت ‌ثلاثمائة حديث. فقلت: الحديث خير لي، فحدثني ‌ثلاثمائة حديث.
[رياض النفوس لأبي بكر المالكي: 1/181]

*44 –* قال عبد الله بن فروخ أيضاً: لما أتيت الكوفة، وأكثر أملي السماع من سليمان بن مهران الأعمش فسألت عنه، فقيل لي: غضب على أصحاب الحديث، فحلف ألا يسمعهم مدة. فكنت أختلف إلى باب داره، لعلي أصل إليه، فلم أقدر على ذلك، فجلست يوماً على بابه، وأنا متفكر في غربتي وما حرمته من السماع منه، إذ فتحت جارية بابه يوماً وخرجت منه، فقالت لي: ما بالك على بابنا؟
فقلت: أنا رجل غريب، وأعلمتها بخبري.
قالت: وأين بلدكم؟
قلت: إفريقية، فانشرحت إلي، وقالت: تعرف القيروان؟
قلت: أنا من أهلها.
قالت: تعرف دار ابن فروخ؟
قلت: أنا هو؟! فتأملتني، ثم قالت: عبد الله؟
قلت: نعم، وإذا هي ‌جارية ‌كانت ‌لنا ‌بعناها ‌صغيرة، فسارعت إلى الأعمش، وقالت له: إن مولاي الذي كنت أخبرك بخبره بالباب. فأمرها بإدخالي، فدخلت وأسكنني قبالة بيته، فسمعت منه وحدثني، وقد حرم سائر الناس إلى أن قضيت أربي منه.
[ترتيب المدارك للقاضي عياض: 3/110]

*45 –* ومن الطرائف المحفزة للهمم والتي تدعو إلى العجب ما جاء في ترجمة الحافظ أبي عبد الرحمن بقي بن مخلد الأندلسي رحمه الله (ت 276 هـ) فقد نقل بعض العلماء من كتاب حفيده قوله: سمعت أبي يقول: رحل أبي من مكة إلى بغداد، وكان رجلا بغيته ملاقاة أحمد بن حنبل.
قال: فلما قربت بلغتني المحنة، وأنه ممنوع، فاغتممت غمًا شديدًا، فاحتللت بغداد، واكتريت بيتًا في فندق، ثم أتيت الجامع، وأنا أريد أن أجلس إلى الناس، فدفعت إلى حلقة نبيلة، فإذا برجل يتكلم في الرجال، فقيل لي: هذا يحيى بن معين، ففرجت لي فرجة، فقمت إليه، فقلت: يا أبا زكريا ـ رحمك الله ـ رجل غريب، ناء عن وطنه، أردت السؤال فلا تستخفني.
فقال: قل. فسألت عن بعض من لقيته فبعضًا زكى، وبعضًا جرح، فسألته عن هشام بن عمار، فقال لي أبو الوليد: صاحب صلاة دمشق ثقة وفوق الثقة، لو كان تحت ردائه كبر أو متقلدًا كبرًا ما ضره شيئًا لخيره وفضله.
فصاح أصحاب الحلقة: يكفيك ـ رحمك الله ـ غيرك له سؤال.
فقلت: ـ وأنا واقف على قدم اكشف عن رجل واحد ـ أحمد بن حنبل .
فنظر إليَّ كالمتعجب فقال لي: ومثلنا نحن نكشف عن أحمد، ذاك إمام المسلمين وخيرهم وفاضلهم.
فخرجت أستدل على منزل أحمد بن حنبل، فدللت عليه، فقرعت بابه فخرج إليَّ فقلت: يا أبا عبد الله، رجل غريب، نائي الدار، هذا أول دخولي هذا البلد، وأنا طالب حديث، ومقيد سنة، ولم تكن رحلتي إلا إليك.
فقال: ادخُل الأسطوان ـ يعني به الممر إلى داخل الدار ـ ولا يقع عليك عين. فدخلت فقال لي: وأين موضعك؟! قلت: المغرب الأقصى.
فقال لي: إفريقية؟ قلت: أبعد من إفريقية، أجوز من بلدي البحر إلى إفريقية بلدي الأندلس.
قال: إن موضعك لبعيد، وما كان شيءٌ أحب إليَّ من أن أحسن عون مثلك على مطلبه، غير أنِّي في حيني هذا ممتحن بما لعله قد بلغك.
فقلت: بلى قد بلغني، وأنا قريب من بلدك، مقبل نحوك.
فقلت له: يا أبا عبد الله، هذا أول دخولي، وأنا مجهول العين عندكم، فان أذنت لي أن آتي كل يوم زي السؤال، فأقول عند الباب ما يقولونه، فتخرج إلى هذا الموضع، فلو لم تحدثني في كل يوم إلا بحديث واحد لكان لي فيه كفاية.
فقال لي: نعم على شرط أن لا تظهر في الحِلق، ولا عند المحدثين.
فقلت: لك شرطك.
فكنت آخذ عصا بيدي، وألف رأسي بخرقة مدنسة، وأجعل كاغدي ـ أي … ورقي ـ ودواتي في كمي، ثمَّ آتي بابه، فأصيح: الأجر ـ رحمك الله ـ والسؤال هناك كذلك، فيخرج إلي ويُغلق باب الدار، ويحدثني بالحديثين والثلاثة والأكثر، فالتزمت ذلك حتى مات الممتحن له، وولي بعده من كان على مذهب السنة، فظهر أحمد، وعلت إمامته، وكانت تضرب إليه آباط الإبل، فكان يعرف لي حق صبري، فكنت إذا أتيت حلقته فسح لي، ويقص على أصحاب الحديث قصتي معه، فكان يناولني الحديث مناولة، ويقرؤه عليَّ، وأقرؤه عليه...
[سير أعلام النبلاء: 13/292، وتاريخ الإسلام: 6/526]

*46 –* قال السمعاني سمعت إسماعيل الحافظ بأصبهان يقول: رحل أبو سعد البغدادي [وعمره ست عشرة سنة] إلى أبي نصر الزينبي، فدخل بغداد، ولم يلحقه، فحين أخبر بموته خرق ثوبه، ولطم، وجعل يقول: ‌من ‌أين ‌لي ‌علي ‌بن ‌الجعد، ‌عن ‌شعبة؟ فسألت إسماعيل عن الزينبي، فقال زاهد، صحيح السماع، آخر من حدث عن المخلص.
[طبقات علماء الحديث: 4/58، وتذكرة الحفاظ: 4/54، والسير: 18/444]

*47 –* قال أبو العباس البكري- من ولد أبي بكر الصديق رضي الله عنه-: ‌جمعت ‌الرحلة بين مُحَمَّد بْن ‌جرير، ومحمد بن إسحاق بن خزيمة، ومحمد بن نصر المروزي، ومحمد بْن هارون الروياني بمصر، فأرملوا ولم يبق عندهم ما يقوتهم، وأضربهم الجوع، فاجتمعوا ليلة في منزل كانوا يأوون اليه، فاتفق رأيهم على أن يستهموا ويضربوا القرعة، فمن خرجت عليه القرعة سأل لأصحابه الطعام، فخرجت القرعة على محمد بن إسحاق بن خزيمة، فقال لأصحابه: أمهلوني حتى أتوضأ وأصلي صلاة الخيرة، قَالَ: فاندفع في الصلاة فإذا هم بالشموع وخصي من قبل والى مصر يدق الباب، ففتحوا الباب، فنزل عن دابته، فَقَالَ: أيكم مُحَمَّد بْن/ نصر؟ فقيل: هو هذا، فأخرج صرة فيها خمسون دينارا فدفعها إليه، ثم قَالَ: أيكم مُحَمَّد بْن جرير؟ فقالوا: هذا، فأخرج صرة فيها خمسون دينارا فدفعها إليه، ثم قَالَ: أيكم مُحَمَّد بْن هارون؟ فقالوا: هو هذا، فأخرج صرة في خمسون دينارا فدفعها إليه، ثم قَالَ: أيكم مُحَمَّد بْن إسحاق بْن خزيمة، فقالوا: هو هذا يصلي، فلما فرغ دفع إلَيْهِ صرة فيها خمسون دينارا، ثم قَالَ: إن الأمير كَانَ قائلا بالأمس فرأى في المنام خيالا قَالَ: إن المحامد طووا كشحهم جياعا. فأنفذ إليكم هذه الصرر وأقسم عليكم إذا نفدت فابعثوا إليّ أحدكم.
[تاريخ بغداد: 2/552، وتاريخ دمشق: 52/193، والمنتظم لابن الجوزي: 13/235].

*48 -* سئل الإمام أبو علي صالح بن محمد الأسدي البغدادي عن سبب تسميته بصالح جزرة فقال: قدم علينا بعض الشيوخ من الشام وكان عنده عن حريز بن عثمان، فقرأت أنا عليه: حدثكم حريز بن عثمان قال: " كان لأبي أمامة خرزة يرقي بها المريض، فصحفت أنا الخرزة، فقلت: وكان لأبي أمامة ‌جزرة، وإنما هو خرزة ".
قال الإمام الذهبي: قد كان صالح صاحب ‌دعابة، ولا يغضب إذا واجهه أحد بهذا اللقب.
[سير أعلام النبلاء: 14/25، والجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع: 1/294]

*50 –* من طريف ما يُذكر في حرص السلف على مجالس الحديث، والتبكير والسباق إليه، ما حكاه جَعْفَرُ بْنُ دُرُسْتَوَيْهِ قال: كُنَّا نَأْخُذُ الْمَجْلِسَ فِي مَجْلِسِ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ وَقْتَ الْعَصْرِ، الْيَوْمَ لِمَجْلِسِ غَدٍ، فَنَقْعُدُ طُولَ اللَّيْلِ مَخَافَةَ أَنْ لَا نَلْحَقَ مِنْ الْغَدِ مَوْضِعًا نَسْمَعُ فِيهِ، فَرَأَيْت شَيْخًا فِي الْمَجْلِسِ ‌يَبُولُ فِي طَيْلَسَانِهِ، وَيُدْرِجُ الطَّيْلَسَانَ مَخَافَةَ أَنْ يُؤْخَذَ مَكَانُهُ إنْ قَامَ لِلْبَوْلِ.
[الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع: 2/138، والآداب الشرعية لابن مفلح: 2/139]

وكتبه: محمد علي حميسان، غفر الله له ولوالديه وأهله ومشايخه وأحبابه والمسلمين.. اللهم آمين.
  • 0
  • 0
  • 12

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً