كيف نستقبل رمضان؟ (2/2) رابعا: التوبة الصادقة النصوح، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ...
منذ 2025-01-17
كيف نستقبل
رمضان؟
(2/2)
رابعا: التوبة الصادقة النصوح، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا} [سورة التحريم: 8]، وقال سبحانه: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [سورة النور: 31]، وقال جل جلاله: {وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ} [سورة هود: 3]، وقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (إنه ليغان على قلبي، وإني لأستغفر الله في كل يوم مئة مرة) [رواه مسلم]، وحث -صلى الله عليه وسلم-على التوبة، بقوله: (يا أيها الناس توبوا إلى الله) [رواه مسلم].
ورمضان شهر التوبة، فلا تفوِّت الفرصة، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: صعد النبي -صلى الله عليه وسلم- المنبر يوما، فقال: (آمين، آمين، آمين) قيل له: يا رسول الله، ما كنت تصنع هذا؟! فقال: (قال لي جبريل: رغم أنف عبد دخل عليه رمضان لم يغفر له. فقلت: آمين...) الحديث [حديث حسن رواه البخاري في الأدب المفرد]، وعنه أيضا –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، مكفرات ما بينهن إذا اجتنب الكبائر) [رواه مسلم].
فتب إلى الله -عبد الله- يَكُ خيرا لك في الدنيا والآخرة، قال تعالى: {فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْرًا لَهُمْ} [سورة التوبة: 74]، تب فإن الله يحب التوابين، تب إلى ربك ليتوب ربك عليك، فقد قال سبحانه الذي هو أرحم بك من والدتك: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} [سورة البقرة: 160].
تدارك ما استطعت من الخطايا ... بتوبة مخلص واجعل مدارك
على طلب السلامة من جحيم ... فخير ذوي الجرائم من تدارك
خامسا: البدء بأعمال رمضان في شهر شعبان، فإن كان رمضان موسما للتقوى، فإن شعبان مرحلة لا بد من النجاح فيها قبل دخول رمضان، وإن العبادة في شعبان بمثابة تدريب مهم يسبق الدخول لمضمار التنافس في عبادات رمضان.
وإننا نجد من تتبع سيرة النبي، عليه الصلاة والسلام، أنه لم يكن يصوم من الشهور نافلة كما كان يفعل في شعبان.
وكما أن صوم شعبان توطئة (تهيئة) لصوم رمضان، كذلك فإن قراءة القرآن وقيام الليل والصدقات وصلة الرحم، وغيرها من العبادات في شعبان بمثابة إعداد واستعداد لأمثالها في رمضان، قال ابن رجب الحنبلي: «ولما كان شعبان كالمقدمة لرمضان شُرع فيه ما يُشرع في رمضان من الصيام وقراءة القرآن ليحصل التأهب لتلقي رمضان، وترتاض النفوس بذلك على طاعة الرحمن»، وقال أيضا: «كان المسلمون إذا دخل شعبان انكبّوا على المصاحف، فقرؤوها وأخرجوا زكاة أموالهم تقوية للضعيف والمسكين على صيام رمضان، وقال سلمة بن كهيل: كان يقال شهر شعبان شهر القرّاء» [لطائف المعارف].
سادسا: تنظيم الوقت وقطع الشواغل وإنجاز المتعلقات وتفريغ الذهن، فاقض جميع حوائجك -أخي المسلم- من مواد غذائية وملابس الأطفال للعيد وغيرها من الأمور، اقضها في شعبان، بحيث لا يشغلك شاغل عن العبادة في رمضان.
وإياك إياك والإسراف في المباحات، كالطعام والشراب والملبس، كما يفعل كثيرٌ من الناس، فيتزوّدون في شعبان لرمضان بأنواع المأكولات والمشروبات! فكأن رمضان موسم للأكل والشرب! فيتزوّدون بزاد الدنيا، ولا يتزوّدون بزاد الآخرة، قال تعالى: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ} [سورة البقرة: 197].
فأين هؤلاء من السلف الصالح الذين كانوا يقطعون مجالس العلم للتفرغ لرمضان، كما كان يفعل الإمام مالك بن أنس -رحمه الله- فإنه إذا دخل رمضان يفرّ من الحديث ومجالسة أهل العلم ويقبل على تلاوة القرآن.
فيا أخي الحبيب:
أمامك شهر عظيم، أحسن استقباله، وعظّم شعائره، بالكف عن الغيبة والنميمة وحفظ السمع والبصر واللسان عن الحرام وغيرها من المعاصي، فإن لم تغتنم هذه الفرصة ولم تستعد لها، فهذا يعني أن رمضان سيدخل عليك وينقضي كما انقضى رمضان الذي قبله، ولن تخرج منه إلا بالحسرة والندامة، كما أنك لا تدري أتبلغ رمضان الذي بعده أم لا؟! فكم تعرف من أناس أدركوا رمضان الفائت ولن يدركوا رمضان القادم!
◽ المصدر: صحيفة النبأ - العدد 33
الثلاثاء 24 شعبان 1437 هـ
مقال:
كيف نستقبل رمضان؟
رمضان؟
(2/2)
رابعا: التوبة الصادقة النصوح، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا} [سورة التحريم: 8]، وقال سبحانه: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [سورة النور: 31]، وقال جل جلاله: {وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ} [سورة هود: 3]، وقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (إنه ليغان على قلبي، وإني لأستغفر الله في كل يوم مئة مرة) [رواه مسلم]، وحث -صلى الله عليه وسلم-على التوبة، بقوله: (يا أيها الناس توبوا إلى الله) [رواه مسلم].
ورمضان شهر التوبة، فلا تفوِّت الفرصة، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: صعد النبي -صلى الله عليه وسلم- المنبر يوما، فقال: (آمين، آمين، آمين) قيل له: يا رسول الله، ما كنت تصنع هذا؟! فقال: (قال لي جبريل: رغم أنف عبد دخل عليه رمضان لم يغفر له. فقلت: آمين...) الحديث [حديث حسن رواه البخاري في الأدب المفرد]، وعنه أيضا –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، مكفرات ما بينهن إذا اجتنب الكبائر) [رواه مسلم].
فتب إلى الله -عبد الله- يَكُ خيرا لك في الدنيا والآخرة، قال تعالى: {فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْرًا لَهُمْ} [سورة التوبة: 74]، تب فإن الله يحب التوابين، تب إلى ربك ليتوب ربك عليك، فقد قال سبحانه الذي هو أرحم بك من والدتك: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} [سورة البقرة: 160].
تدارك ما استطعت من الخطايا ... بتوبة مخلص واجعل مدارك
على طلب السلامة من جحيم ... فخير ذوي الجرائم من تدارك
خامسا: البدء بأعمال رمضان في شهر شعبان، فإن كان رمضان موسما للتقوى، فإن شعبان مرحلة لا بد من النجاح فيها قبل دخول رمضان، وإن العبادة في شعبان بمثابة تدريب مهم يسبق الدخول لمضمار التنافس في عبادات رمضان.
وإننا نجد من تتبع سيرة النبي، عليه الصلاة والسلام، أنه لم يكن يصوم من الشهور نافلة كما كان يفعل في شعبان.
وكما أن صوم شعبان توطئة (تهيئة) لصوم رمضان، كذلك فإن قراءة القرآن وقيام الليل والصدقات وصلة الرحم، وغيرها من العبادات في شعبان بمثابة إعداد واستعداد لأمثالها في رمضان، قال ابن رجب الحنبلي: «ولما كان شعبان كالمقدمة لرمضان شُرع فيه ما يُشرع في رمضان من الصيام وقراءة القرآن ليحصل التأهب لتلقي رمضان، وترتاض النفوس بذلك على طاعة الرحمن»، وقال أيضا: «كان المسلمون إذا دخل شعبان انكبّوا على المصاحف، فقرؤوها وأخرجوا زكاة أموالهم تقوية للضعيف والمسكين على صيام رمضان، وقال سلمة بن كهيل: كان يقال شهر شعبان شهر القرّاء» [لطائف المعارف].
سادسا: تنظيم الوقت وقطع الشواغل وإنجاز المتعلقات وتفريغ الذهن، فاقض جميع حوائجك -أخي المسلم- من مواد غذائية وملابس الأطفال للعيد وغيرها من الأمور، اقضها في شعبان، بحيث لا يشغلك شاغل عن العبادة في رمضان.
وإياك إياك والإسراف في المباحات، كالطعام والشراب والملبس، كما يفعل كثيرٌ من الناس، فيتزوّدون في شعبان لرمضان بأنواع المأكولات والمشروبات! فكأن رمضان موسم للأكل والشرب! فيتزوّدون بزاد الدنيا، ولا يتزوّدون بزاد الآخرة، قال تعالى: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ} [سورة البقرة: 197].
فأين هؤلاء من السلف الصالح الذين كانوا يقطعون مجالس العلم للتفرغ لرمضان، كما كان يفعل الإمام مالك بن أنس -رحمه الله- فإنه إذا دخل رمضان يفرّ من الحديث ومجالسة أهل العلم ويقبل على تلاوة القرآن.
فيا أخي الحبيب:
أمامك شهر عظيم، أحسن استقباله، وعظّم شعائره، بالكف عن الغيبة والنميمة وحفظ السمع والبصر واللسان عن الحرام وغيرها من المعاصي، فإن لم تغتنم هذه الفرصة ولم تستعد لها، فهذا يعني أن رمضان سيدخل عليك وينقضي كما انقضى رمضان الذي قبله، ولن تخرج منه إلا بالحسرة والندامة، كما أنك لا تدري أتبلغ رمضان الذي بعده أم لا؟! فكم تعرف من أناس أدركوا رمضان الفائت ولن يدركوا رمضان القادم!
◽ المصدر: صحيفة النبأ - العدد 33
الثلاثاء 24 شعبان 1437 هـ
مقال:
كيف نستقبل رمضان؟